حزب الله وما
يسمى بالمقاومة
22
يونيو/ حزيران 2008
قد تكون نهج وأسلوب وروح لكنها قطعاً ليست ركيزة أساسية في الديمقراطية
اللبنانية!
ليسمح لنا، فخامة الرئيس، أن نعارضه الرأي فيما أُعْلِن عن لسانه من أن:
"المقاومة هي نهج واسلوب وروح، والمقاومة هي التي حاربت العدو وتصدت له بسبب
ظلمه، ويجب أن تشارك لتكون ركيزة أساسية في الديمقراطية اللبنانية".
قد تكون المقاومة ذات نهج خاصة بها ولها اسلوبها المنبثق من روحها الخاصة
التي لا تقارن.. هذا ما نوافقك عليه تماماً لكن، أن تكون وتصبح ركيزة أساسية
من ركائز الديمقراطية اللبنانة فهذا ما نرفض حتى افتراضه.. لكننا، في
النهاية، نعتبر هذا الاعلان رأياً سياسياً خاصاً بأصحابه إن لم يكن مقبولاً
منّا [ ديمقراطياً ] أو يلتزم به اللبنانيون قاطبةً..
إن ما وصفتَ به المقاومة، من محاربة العدو والتصدي له، أمرٌ يخالفك الرأي
فيه العدد الأكبر من اللبنانيين القيّمين على حقيقة الملف إذ يعتبعرونه كان
تأخيرا للانسحاب الاسرائيلي لمدة 15 عشرة سنة .. وبالتالي يعتبرونه تحيُّزا
فاضحاً لفريقٍ من اللبنانيين يُبْعِدُ عنك صفة الحَكَم بينهم إذ بهذا
التوصيف، تقدم للجميع حوافز الانفضاض من حولك وتسهيل مهامك الرئاسية التي لم
تبدأ فعلياً بعد.. وهذا ما نربأ أن تقع في شباكه..
أمّا عن حربها مع إسرائيل وتصديها لعدوانها فهو اعتراف ضمني بأن هذه
المقاومة لم تتسبب في استدراج العدو الاسرائيلي إلى شن حربها وتدمير لبنان
وقتل أهله وبينهم عدد لا يستهان به من أفراد الجيش اللبناني أثناء حرب تموز
المشئومة..
أمّا عن الديمقراطية اللبنانية التي تتغنى بها ما يسمى مقاومة حزب الله ،
التي لم تقلع إلى اليوم عن الانقضاض عليها والاستيلاء على مؤسساتها والمساهمة
بتعطيلها، بل ورفضت التخلي عن سلاحها الهام لصالح الجيش الوطني اللبناني الذي
أثبت، في معارك نهر البارد أنه، رغم قلة عتاده، كفاءةً قل نظيرها لدى غير
جيوش في دول الصمود والتصدي.. وعلينا ألاّ ننسى شعاراً رفعه حسن نصرالله امين
عام حزب الله : المخيم خط أحمر! كما علينا ألاّ ننسى اعتداءاتها المتتالية
وتهديداتها المستمرة في وضع سلاحها في خدمة المعارضة غير الديمقراطية بل
وتنفيذها لهذه التهديدات..
إن توصيف هذه المقاومة ووضعها ركيزة أساسية في الديمقراطية اللبنانية يتعارض
تماماً مع ما تؤمن به دول العالم الحر بأنها مجرد حزب إرهابي يهدد، ليس السلم
الأهلي اللبناني وحسب بل، يقض مضاجع العالم كله وها نحن نرى ونسمع عن قرار
البرلمان الأوروبي أعلان ذلك.. فكيف بالله تستقيم الديمقراطية في وجود
دكتاتورية حزب مسلح..
الديمقراطية اللبنانية ، لم تعد تتناسب وحرية اللبنانيين وسيادة الوطن
اللبناني بعد أن حولتها هذه المنظمة الارهابية وحلفاؤها إلى ديمقراطية
طوائفية بامتياز أخذت تباشير تفتيتها للكيان تظهر منذ أن طردت هذه المقاومة
من جنوب الوطن ليتسلمه جيشنا اللبناني.. أليسَ علينا إجراء مقارنة بسيطة بين
السلم الذي يتمتع به أهل الجنوب الآن في حماية الجيش اللبناني وبين أيامٍ
ليست بعيدة سيطر الرعب القاتل على ذاك الجنوب المهمل منذ أكثر من ثلث قرن
بفضل وجود ما يسمى بمقاومة حزب الله وقبلها المنظمات الفلسطينية..
كنا نتمنى من فخامة الرئيس أن يعلن قراراً ما يضم قوات حزب الله بعد اعادة
تأهيلها (باستثناء القياديين منهم الذي يجب فصلهم نهائيا) إلى عديد الجيش
اللبناني وليس أن يُفضّله عليه.. فالوطن لا يقوم على استقراره على قوى رديفة
للجيش بل يرتكز على معاضدة جميع القوى، مسلحة وغير مسلحة، لهذا الجيش.. وبهذا
فقط يستعيد الوطن ديمقراطيته المفقودة منذ اتفاق الطائف..
وعلى ذكر الطائف، علينا ألاّ ننسى أن قرار الطائف في إبقاء سلاح المقاومة،
ما كان سوى بحصة تسند خابية سوريا كي تستمر واقفة على أرجل المطالبة بالسلام
مع إسرائيل، بعد أن خلعت " بساطير" جنودها وتركتها على أرض الجولان وأبقت
المقاومة الاسلامية ( نعتها هنا: اللبنانية ) ودعمتها بالسلاح، كي تقوم
مقامها وتضحي بأبناء لبنان وخاصةً الجنوبيين، كرمى خواطر رؤساء سوريا..
ها إن سوريا، وبعد أن أفلست بإفلاس المقاومة وتخليها عن نهجها اضطراراً،
تهرع، في العلن، إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع العدو المفترض... إسرائيل! ألَم
يحن الأوان بعد إلى اعتكاف هذه المقاومة وتسليمها بالأمر الواقع قبل أن تجر
لبنان مجدداً إلى المجهول أم أن المعلوم لم تتضح صورته بعد أمام قيادات
لبنان! وهل علينا أن نبقى كبش محرقة الأغراب بعد انكفاء الأقرباء!
إن ما ورد عن لسان الرئيس من توصيف لهذه المقاومة لا يخدم عملية تشكيل حكومة
العهد الجديدة و سوف يشكل حوافز لصراعات كبرى لدى محاولة وضع البيان الوزاري
المرتقب بحسب خطاب القَسَم الذي نعتبره نبراساً لتثبيت أقدام العهد الرئاسي
واستكمال سيادة الوطن في ظل نظام ديمقراطي لا طائفي!
صانك الله لبنان
لاحظ حداد |