أهمية نصب سرجون الجديد المكتشف في حماة
لقد ظهرت بعض صور هذا النصب في أواخر السبعينات من القرن الماضي.
و قد إهتم العالم J.D.HAWKINS
في جمع معلومات حول
هذا النصب و خاصة قد قام بترجمة النص الأكادي و التعليق عليه و ذلك في
دراسة عنوانها : THE NEW SARGONSTELE FROM HAMA.
و هذا العالم يخبرنا أن السيد فؤاد علوف من لبنان كان قد
أرسل بعض الصور لهذا النصب للمتحف البريطاني و يبدو أن متحف
BOROWSKI
قد إشترى هذا النصب و هذا مما سمح للعالم
HAWKINS
أن يتفحصه و يتأكد من كتابته عن قرب .
أولا - ما هو إسم سوريا القديم ؟
لا شك إن القارئ المثقف يعرف أن بلاد سوريا القديمة لم تكن محددة
تاريخيا و جغرافيا:
اليوم الجزيرة السورية هي جزء من بلاد سوريا و لكنها
في التاريخ القديم و الوسيط كان منطقة منفصلة عن سوريا و كان إسمها
القديم نهريما و بيت نهرين باللغة السريانية و الجزيرة باللغة
العربية .
هنالك أسماء عديدة قديمة قد أطلقت على سوريا القديمة أشهرها بلاد
عمورو و هذا واضح من الكتابات الأكادية العديدة .
و قد لاحظنا أن
الكتاب الأشوريين كانوا يستخدمون في أكثر الأحيان تسمية " بلاد عمورو"
أو " بلاد حاثي " للإشارة الى سوريا القديمة
.
لقد إستغربت الباحثة هيلين صادر المتخصصة في تاريخ الشرق القديم
و إستغربت لما الأشوريون يحاربون الممالك الآرامية و لكنها تذكر أنهم
في بلاد عمورو أو بلاد حاثي و ليس في بلاد آرام كما هو مذكور في
أسفار التوراة ؟
في دراستها القيمة Les états Arameens de Syrie depuis leur fondation jusqu'à leur
transformation en province .
سنة ١٩٨٣ عرضت الفكرة التالية و هي أن الأشوريين لم يرغبوا
إستخدام تعبير " بلاد آرام " لأحد هاذين السببين
:
أ -
هنالك منطقة في بلاد أكاد اسمها " مات أريمي " أي بلاد الآراميين
و لهذا لم يطلقوا على سوريا القديمة تسمية بلاد آرام لعدم الخلط بين
منطقتين جغرافيتين بنفس الإسم.
ب -
أن ملوك أشور كانوا يعرفون أن مملكة آرام دمشق هي الأقوى
و هي المتزعمة للممالك الآرامية و لهذا السبب لم تستخدم تسمية بلاد
آرام !
ثانيا - التسمية الآرامية لبلاد سوريا القديمة
.لقد وجدنا تعبير " كل آرام " في نصوص سفيرة المشهورة و قد شرحنا في
أبحاث عديدة بأنه الإسم الآرامي المرادف لتعبير " سوريا كولن
"
اليوناني . و هنالك عدة كتابات آرامية تسمي سوريا القديمة ببلاد آرام
فهنالك نص ذكور ملك حماة الشهير حيث يذكر حرفيا
:
"
ووجد علَّي برهدد بن خزئيل ملك آرام "
و حزائيل هنا هو ملك آرام الشهير٨٤٣- ٨٠٣ ق٠م
إن الأراميين كانوا في القرون التاسع و الثامن قبل المسيح يشكلون
أكثرية
ساحقة في سوريا القديمة و صبغوعا بلغتهم و حضارتهم حتى اليوم
!
هؤلاء الأراميين لم يستخدموا تعابير " بلاد عمورو " و " بلاد حاثي "
أي بلاد العموريين و بلاد الحثيين و هذا واضح من الكتابات الآرامية
التي تركوها لنا . و هم كانوا يستخدمون كما وجدنا في كتابات سفيرة:
آرام العليا و آرام السفلى و كل آرام ...
ثالثا - هل صحيح أن الأشوريين لم يستخدموا تعبير بلاد آرام ؟
لقد وجدت عدة كتابات أكادية وردت فيها تسمية بلاد آرام و لكن الكتابة
الأكادية الموجودة على نصب الملك سرجون تذكر التسمية الآرامية
و تعني بشكل واضح مملكة آرام دمشق :
نصب سرجون هو من أربعة أجزاء : إثنان مفقودان و لذلك العالم
HAWKINS
يسمي الجزئين ب A
و B
و ما يهمنا هو ما ورد في
الجزء
B
فهو يخبرنا أن الملك سرجون أدخل في جيشه عددا كبيرا من
آرامي حماة و قد وضع حاكما جديدا عليهم أي على " بلاد حاثي و بلاد
آرام و سكان بيت أغوشي و بلاد عنقي بأكملها "
لقد وردت تسمية بلاد آرام في السطر السابع ...و هي بدون شك آرام
دمشق
.
الخاتمة
صحيح أن الأشوريين لم يستخدموا " تسمية بلاد آرام " في القرنين العاشر
و التاسع ق.م كما لاحظت الباحثة هيلين صادر و لكنهم إستخدموا هذه
التسمية لاحقا لأن الآراميين كانوا متواجدين في جميع مناطق سوريا
و ليس العموريين و لا الحثيين فهذان الشعبان قد زال وجودهم في سوريا
و إنصهرت بقاياهم ضمن الآراميين . البرهان الساطع هو أن جميع آباء
الكنيسة في شرقنا قد أكدوا بأنهم سريان آراميين و لم يذكر أحد منهم
بأنه عموري أو حثي ! |