ضياع المسيحي المشرقي بين القداسة و الهوية الآرامية التاريخية!

لقد أعجبت بفن الراهب بولس و لكنني أستغربت كثيرا بما ردد من معلومات تاريخية خاطئة عن السريان الآراميين و لغتهم السريانية.

أتمنى من الإخوة أن يسمعوا ما ذكره هذا الراهب السرياني ويتحققوا من النقاط التي انتقدها.

أولا - ألف شكرا لهذه الإعلامية و لقناة الفلسطينية لأنها اهتمت بتعريف مشاهديها بالشعب السرياني و تاريخهم و لغتهم و شكرا للإعلامية لأن أسئلتها كانت واضحة و إيجابية بمعنى أنها تركت هذا الراهب يعرف  بنفسه عن السريان و حضارتهم.

المشكلة هي أن هذا الراهب الغيور العاشق للخط السرياني و للهوية السريانية أنه قد فشل في الدفاع عن
الهوية السريانية الآرامية!

ثانيا - ترديد عدد كبير من المفاهيم الخاطئة حول السريان:

أ - عندما يتكلم عن السريان فهو - لا شعوريا - يتكلم فقط عن السريان الأرثوذكس !

فهو ينطلق من إنتماء طائفي و يتكلم عن تاريخ السريان و لغتهم كما و لو أنه " فقط السريان الأرثوذكس " هم آراميون أو هم وحدهم يتكملون اللغة السريانية اليوم!

ب - عدد السريان في العالم؟

إنه يعتبر ٣ ملايين مسيحي في الهند من" السريان " بينما في الحقيقة شعب هندي ينتمي الى الكنيسة السريانية!

كان من الأفضل لنا أن يؤكد أن جميع مسيحيي الشرق ينتمون الى الشعب السرياني الآرامي!

إخوتنا من السريان المشارقة (أبناء الكنيستين الكلدانية و الأشورية) هم سريان آراميون و يتكلمون اللغة السريانية!

إخوتنا من السريان الملكيين (أبناء كنيسة الروم و الموارنة) هم أيضا سريان آراميون و إن كانوا اليوم لا يتكلمون اللغة السريانية!

ج - يردد هذا الراهب الفاضل بأن السريان هم آراميون و هذا رائع لأنه حقيقة تاريخية رددها العلماء السريان مئات السنين في مصادرهم و لكنه يؤكد أن التسمية السريانية تعني المسيحي منذ مجيئ المسيح؟

أي أنه لا يزال يردد نظرية خاطئة لا يؤمن بها إلا بعض رجال الدين السريان الذين لم يتحققوا في صحة هذه النظرية!

د - التسمية السريانية لا تعني مسيحي عندما إنتشرت الديانة المسيحية بين الآراميين و أن العلماء السريان من مار افرام الى ابن العبري قد أكدوا بأننا آراميون.

 الهوية السريانية الآرامية ليست حكرا للمسيحيين المشارقة فهنالك نسبة كبيرة من المسلمين في الشرق يتحدرون من الآراميين أو الأنباط الآراميين و لا يزال بعض مسلمي القلمون يتكلمون اللغة الآرامية حتى اليوم!

ه - الأبجدية السريانية الآرامية هي من ٢٢ حرف و ليس من ٢٨!

و قدمها هو ٣٠٠٠ سنة و ليس ٥٠٠٠ كما ذكر هذا الراهب!

التسمية الآرامية لا تعني " الأراضي المرتفعة " و إن كان هذا الراهب قد تعلم هذه الفكرة (الخاطئة) من أحد رجال الدين السريان!

ثالثا - هل الشماس يعقوب شاهين هو عربي أم سرياني آرامي؟

الإعلامية تهنئ بنجاح النجم يعقوب شاهين بدون أن تصفه بالعربي أو الفلسطيني و لا شك أن يعقوب شاهين هو مواطن فلسطيني من جذور سريانية آرامية واضحة مثل الشمس و لكن هذا الراهب السرياني العاشق للغة السريانية يقول "النجم العربي؟ "

أ- لقد ذكر الراهب بولس بانه شاهد الزيت يفوح من إحدى اللوحات التي رسمها بخط يده:

 إنني لا أشكك بكلامه و لكن أن يقول أن يعقوب شاهين هو عربي فإنني و كل سرياني غيور لا نقبل بهذا الكلام.

ب - عدد كبير من رجال الدين المسيحيين خاصة في فلسطين و الأردن قد استعربوا مع الزمن - و ربما لم يشاهدوا حرفا سريانا طوال عمرهم- و هم اليوم يتكلمون اللغة العربية و يدعون -لجهلهم لجذورهم و ربما من أجل مصالحهم- بأنهم " عرب أقحاح " و نحن نسامحهم و لكن "راهب سرياني " يفتخر بأن لغتنا هي مقدسة و يفتخر بتاريخ السريان
يدعي بأن الشماس يعقوب هو "عربي "؟

فهذه غلطة كبيرة جدا!

لأنها تعني -أمام المشاهدين الفلسطينيين- أن السريان هم عرب!

ج - السريان هم الآراميون: تسميتان لشعب واحد!

يقال بأن غلطة الشاطر تعتبر ألف غلطة و للأسف أن هذا الراهب الغيور الذي وصل الى قناة الفلسطينية بفضل فنه و تعلقه بتاريخ السريان قد ذكر أن يعقوب هو "عربي" بدل أن يؤكد بأنه مواطن فلسطيني من جذور سريانية آرامية ... كم من السريان المستعربين الذين ابتعدوا من هوية أجدادهم السريان الآراميين سوف ينتقدوننا "أن رجال الدين السريان أنفسهم يؤكدون بأنكم عرب !"

كلمة أخيرة

نحن السريان أحفاد الآراميين شعب مؤمن و يحتل رجل الدين عندنا مركزا كبيرا و نعتبرهم رجال قديسون و لكن المشكلة هي أنهم يرددون معلومات تاريخية خاطئة حول الهوية السريانية و في كثير من الأحيان يخلطون بين الإنتماء الطائفي و الإنتماء الوطني (أي الإنتماء الى دولة معينة) و الإنتماء التاريخي !

النجم الصاعد يعقوب شاهين ينتمي الى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية و هو مواطن فلسطيني مخلص ولكن هويته التاريخية هي السريانية الآرامية!

إن نجاحه الباهر قد أفرح مئات الألوف من الإخوة الفلسطينيين و من السريان الآراميين!