السريان الموارنة و العودة الى الجذور؟
2010
02 10
نحن سعيدون جدا عندما نسمع إخوتنا الموارنة يرددون هذه الكلمات
البراقة " العودة الى الجذور"!
و لكن علينا أن نكون واقعيين إخوتنا
الموارنة لا يزالون ضائعين بين عدة هويات
العربية
الفينيقية
اللبنانية
المارونية
السريانية
.
كثيرون من إخوتنا الموارنة يعتقدون أنه من الحكمة السياسية أن
يسايروا التيار العربي و العروبي طالما هم في السلطة و صرنا نسمع
نغمة جديدة بين الموارنة الذين يعيشون مناطق جبلية سريانية لم يصل
لها المد العربي حتى اليوم
.
الهوية الفينيقية هي في مخيلة بعض الموارنة " الوسيلة" للتهرب من
التعريب القسري و كان من الأفضل العودة الى جذور الموارنة الحقيقية
فهم ليسوا عربا و لا فينيقيين
!
الدولة اللبنانية و بعض الأحزاب المسيحية اللبنانية لم تميز بين الهوية
القومية و الإنتماء الوطني : في سويسرا يعيش الالمان و الفرنسيون
و الإيطاليون في دولة محددة و هم مواطنون سويسريون
.
في لبنان يتعايش المسلمون العرب و الأكراد الى جانب المسيحيين و هم
أحفاد السريان الآراميين مع قسم من الشعب الأرمني . من المؤسف أن
المنهج التعليمي في لبنان يدعي بوجود قومية و شعب لبناني منذ التاريخ
القديم و بعض الأحزاب المسيحية تؤيد هذا المفهوم الخاطئ على حساب
جذورها الحقيقية الواضحة
.
بعد إعلان نشوء دولة لبنان الكبير ، إنتشر بين الموارنة بعض الأفكار
الخاطئة مثل " الشعب الماروني" و " الأمة المارونية" و صار بعض
الموارنة يعتقد أنه " ينتمي" الى شعب مغاير عن السرياني الملكي أو
السرياني الأرثودكسي.
الماروني تاريخيا هو سرياني ملكي أي خلقيدوني و قد مرت هذه
الكنيسة في عدة مراحل تاريخية و جغرافية
*
المراحل التاريخية
أ - البداية : دير مار مارون قبل أن تتحول الكنيسة المارونية الى شجرة أرز
قوية كانت بدايتها
في دير مشهور لتلاميذ القديس مارون . لعب هذا الدير دورا كبيرا في
تأييد تعاليم مجمع خلقيدنيا سنة 451 م . تلاميذ هذا الدير هم بأكثريتهم
الساحقة من السريان الآراميين سكان سوريا الأصيلين
.
ب
-
القديس يوحنا مارون ( نهاية القرن السابع (هو المؤسس الحقيقي لهذه الكنيسة السريانية المارونية و قد إستفاد
من دخول العرب المسلمين و طردهم للبيزنطيين من سوريا و من ضمنهم
بطريرك إنطاكيا و أصبح مطرانا (بطريركا ؟) على أتباعه . و قد هجر
من
سوريا الى جبال لبنان الشمالية حيث إنتشرت تعاليم الموارنة بين
سكانه
.
و بالرغم من إختلاط السريان الموارنة مع المردة فإن عددهم
كان أقل من السريان النساطرة و السريان المناهضين لمجمع خلقيدونيا
.
ج - الفرنج ( الصليبيون) في الساحل
لقد أسس الفرنج الدخلاء عدة دويلات على الساحل السوري اللبناني
أي في مناطق إنتشار السريان الموارنة . و قد تمت علاقات كنسية قوية
بين هذه الكنيسة و باباوات روما الذين أرسلوا الإرساليات من أجل كثلكة
السريان .
و كان السريان الأرثودكس منتشرين في كل مناطق جبل لبنان
و قد إنضموا الى الكنيسة المارونية
د - الحماية الفرنسية
إستفاد السريان الموارنة من الحماية الفرنسية و من دعم الإرساليات
الكاثوليكية في التاريخ الحديث (المطابع
المدارس - المجلات
–
الجامعة
اليسوعية - المكتبات....(
*
المراحل الجغرافية
أ - نشوء الكنيسة المارونية كان في منطقة سريانية بشعبها و لغتها
و تراثها من أيام القديس مارو
)
أواخر القرن الرابع) الى البطريرك
يوحنا مارون (أواخر القرن السابع) . القديس مارون و يوحنا مارون
هما سريانيان آراميان بالهوية و اللغة و الجغرافية
.
ب
-
جبل لبنان : اذا كان الساحل اللبناني فينيقيا في تاريخه القديم فإن
الداخل اللبناني و منها الجبال كانت آرامية . لقد بدأت الكنيسة المارونية
في بوتقة آرامية (سوريا الشمالية او سوريا العليا حسب النصوص الآرامية و
اليونانية القديمة) و إنتشرت في بوتقة آرامية جبال لبنان
وأسماء قراه تشهد بآراميته و ليس بكنعانيته أو فينيقيته
!
ج - السريان الموارنة في بلاد الإغتراب بدأ الموارنة في الهجرة منذ نهاية
القرن التاسع عشر . لقد أصبح عدد
الموارنة في بلاد الإغتراب أكثر من الموارنة الذين يعيشون في أوطانهم
التاريخية
.
هذه الحقيقة المؤلمة تدفعنا الى طرح الملاحظات التالية:
*إن
عودة الموارنة الى جذورهم الحقيقية هو ضرورة لهم قبل بقية
المسيحيين المشارقة.
*الجذور
الحقيقية ليست شعارا يردد في بعض المناسبات بل هي
حقيقة تاريخية و جغرافية و لغوية و تراثية.
*عودة
الموارنة الى جذورهم التاريخية الآرامية السريانية يعمق تاريخهم
و يوسع جغرافيتهم لأنهم قسم مهم من الأمة الآرامية
.
*يجب
أن تتم عودة الموارنة الى جذورهم عبر النقد الذاتي لكل الطروحات المنتشرة
بينهم
.
*
نحن نتمنى أن
"
يكتشف" أو " يكشف" المثقفون الموارنة عن جذورهم
بأنفسهم و كلما تعمقت جذورهم في الشرق زادت فرص صمودهم في
بلاد الإغتراب
.
*
أخيرا إن عودة الموارنة الى جذورهم الآرامية الصريحة لا يتعارض
مع وضع الموارنة الخاص
.
|