بيث تهرين
تسميتها - موقعها - حدودها
1993
أولاً : موقعها الجغرافي
ثانياً : التسمية الأكادية القديمة
ثالثاً : التسمية اليونانية
Mesopotamia
رابعاً : التسمية السريانية
ܒܝܬܢܗܪܝܢ
"بيث
نهرين"
خامساً:
اشكالات المصطلح الجغرافي الحديث لتسمية بيث نهرين لقد درجت العادة على
ترجمة بيث نهرين الآرامية إلى بلاد ما بين النهرين باللغة العربية. ويقصد
بالنهرين طبعاً، دجلة والفرات، وقد أخذ العرب بهذا المفهوم من العلماء
الأوروبيين الذين اصطلحوا ، في أوائل هذا القرن، على استعمال تسمية:
بمعنى
يشمل العراق الحالي ومحافظة الجزيرة في سوريا وقسماً من تركيا الشرقية.
كتب العالم
contenau
(1) عن التسمية:
"هذه التسمية
mesopotamia
هي بفضل
pottier
الذي كان يدرس في معهد اللوفر في بداية هذا القرن. وكان قد تبناها خلال
محاضراته ، بسبب ما وجده من مشترك بين حضارة السومريون وحضارة الساميين
الذين جاؤوا بعدهم، ونشرها بقصد التسمية في كتاباته....."
وفي بحثنا هذا سنتعرف إلى القرائن الثابتة التي
تؤكد عدم وجود أي علاقة (2) ما بين سومر وآكاد وبيث نهرين على الفرات.
وأن
هذا الأصطلاح الجديد قد أدى إلى أخطاء تاريخية وجغرافية وقومية، سوف
نعالجها في هذا البحث.
أولاً : موقعها الجغرافي
قد يتعجب القارئ من أن تسمية بيث نهرين قد أطلقت على المنطقة الواقعة ما
بين نهري الفرات ورافده الخابور.وفعلاً فان المصادر السريانية واليونانية
تذكر دائماً المدن التالية:
أورهاي،
حران، بطنان، الرقة، ضمن بيث نهرين.
وفي المقابل لا يوجد أي نص يذكر بلاد بابل
وآكاد بأنها تقع في بيث نهرين.
وهذا ما دفع بعض العلماء الى الأعتقاد
بأن بيث نهرين هي البلاد الواقعة ما بين نهر الفرات ورافده البليخ ، والبعض
الآخر ما بين نهر الفرات ورافده نهر الخابور .
أي المنطقة التي عرفت
بآرام نهرين التي ورد ذكرها مراراً بالتوراة.
نشر العالم
r.o.callaghan
سنة 1948، كتاباً بعنوان:
aram
nhraim،
كتب فيه عن جغرافية 3misopotamiaبأنها
تقع بين نهري دجلة والفرات ، ويحدها جنوباُ الخليج العربي.
والغريب في الأمر ان هذا العالم استشهد بالآثار والكتابات المصرية القديمة
(4)حيث وردت مرات عدة تسمية
nhrn
المصرية وهي تشير الى البلاد الواقعة شرقي نهر الفرات الأوسط حيث كانت
دولة الميتاني .
وطبعاً فان تسمية
nhrn
المصرية لم تكن تعني بلاد سومر واكاد.
ربما لهذه الأسباب يضع العالم :r.o.callaghan
في اسفل عنوان كتابه هذا الشرح :
"محاولة لدراسة تاريخ
mesopotamia
العليا في الألف الثاني قبل الميلاد " .
يعتقد:r.o.callaghan
أن التسمية الكنعانية
nahraim
والتسمية العبرية ---nahraim
nahraim
تعني ازدواجية الأنهر(5) ، إلا أنه لم يقدم
براهين قاطعة في هذا الشأن . غير أننا نرى لاحقاً أن العالم
finkelstein
يؤكد بأن هذه الأسماء تعني نهراً مفرداً (الفرات) .
نشأت في بيث نهرين عدة دويلات آرامية ومن
أشهرها:
بيث زماني وعاصمتها آمد على نهر دجلة ، بيث بخياني في القسم الأعلى من نهر
الخابور ، بيث حالوبي على مصب نهر الخابور ، وأخيراً بيث عديني(6) على
الفرات الأوسط.
وقد لعبت هذه الدولة الأخيرة دوراً كبيراً في الصمود أمام الجيش الآشوري
سنة
855
ق.م حين سقطت المنطقة بأكملها تحت الأحتلال الآشوري.
لكن
هذه المنطقة بيث نهرين ظلت بأكثريتها الساحقة من الشعب السرياني - الآرامي
وذلك واضح في النصوص التاريخية وخاصةً الدور الكبير الذي لعبته بيث نهرين
في ميادين العلم والأدب بين السريان الآراميين.
ورد في تاريخ مار يعقوب الرهاوي(7) :
"قدم من ارمينيا قادة إلى آمد مدينة أو عاصمة بيث نهرين"
ومن المعلوم أن مدينة آمد أو ديار بكر اليوم
تقع على نهر دجلة. فهل كانت حدود بيث نهرين الجغرافية تمتد الى نهر دجلة ؟
ثانياً : التسمية الأكادية القديمة
للإجابة على السؤال الأخير ، سوف نحاول معرفة التسميات القديمة ل بيث نهرين
ومدلولها الجغرافي. في مقالته المهمةmesopotamia
اعتمد العالم
j.j.finkelstein
علىالكتابات الآكادية القديمة وذلك لمعرفة التسمية الآكدية التي أطلقت على
بيث نهرين .
وقد عثر على لوحات فخارية تذكر بأسماء بعض العبيد الذين قدموا إلى بابل من
مدن(8) تقع في بلاد
mat
biritim ki
وفي كتابة أخرى
birit
narim
. وقد اثبت
العالم
finkelstein
في بحثه أن هذه التسمية
mat biritim
والتسمية الثانية
birit narim
هما التسميتان الآكاديتان اللتان اطلقتا على بيث نهرين (9) قديماً.
ومن المعلوم أن كلا التسميتان
mat
biritim
و
birit
narim
في اللغة الآكادية تعني
"شبه جزيرة نهرية" أي الأرض التي يحيط بها
النهر من
ثلاث
جهات.
وقد استنتج العالم
finkelstein
الخلاصة التالية:"
وفي النهاية ان تسمية
mat biritim
و
birit narim
أي
mesopotamia
في الأصل ..... كانت تشمل المنطقة المحاطة بنهر الفرات من ثلاث جهات:
وبالتالي فان هذه التسمية لا تشير الى نهر او رافد آخر"
اذن نهر دجلة لم يكن يؤلف حدودا جغرافية مع بيث
نهرين .(انظر
الى الخارطة وهي من رسم
J. Finkelstehn)
ولتأكيد هذه الحقائق الجغرافية والتاريخية نلفت نظر القارئ الى انه مقابل
هاتين التسميتين اللتين اطلقتا على على بيث نهرين ، كانت تقابلهما تسميتان
آكاديتان اطلقتا على سوريا القديمة وهما:
mat
ebirtim
و
eber
narim
وقد تم كشف تسمية
ebirtim
في الكتابات الملكية لمدينة ماري ،اما تسمية
eber
narim
فهي مذكورة في التوراة والكتابات الفارسية القديمة.
وقد أفادنا مؤخراً البحاثة السرياني "باسيل عكولا" (والمقيم في فرنسا) ،
الى أن مدينة
ܒܝܪܬܐ
،
التي كانت المعبر الوحيد في التاريخ القديم على نهر الفرات .(تعرف اليوم
باسم بيراجك) ، تتقارب اسماً ولفظاً مع التسمية الآكادية
birtim
. أكد العالم
finkelstein
في بحثه:
أ- أن تسمية بيث نهرين قد أطلقت على شرقي نهر الفرات الأوسط. ب- ان تسمية
بيث تهرين تكون قد امتدت (11) الى نهر دجلة في أيام الآراميين أو بعد دخول
اليونان إلى الشرق. ج- ان التسميات الكنعانية والمصرية والعبرية لبيث نهرين
كانت تعني نهرا واحداً(12).
وأخيراً
فان ملاحظات
finkelstein
تناقض النتيجة والخلاصة التي ذكرها
o,callaghan
بأن تسمية بيث نهرين قد شملت كل المناطق الواقعة مابين نهرى دجلة والفرات ,
وأنها أطلقت على المنطقة بأكملها منذ الألف الثالث ق.م(1
ثالثاً: التسمية اليونانية
mesopotamia
بعد الانتصارات الباهرة التي حققها
الاسكندر المقدوني على الفرس سنة 332 ق.م ، عمد
إلى تقسيم امبراطوريته إلى عدة ولايات منها ولاية
mesopotamia
. بعد مئتي سنة تقريباً من دخول الاسكندر إلى الشرق، كتب
المؤرخ
arrien (14):
عن هذه التسمية ما يلي:
"بالفعل ، من هذين النهرين الفرات ودجلة اللذين يحدان الجزء السوري بينهما
قد جاءت تسميةmesopotamia
التي يطلقها السكان على هذا الجزء". وفي كتاب
آخر للمؤرخ نفسه 15arrien
نجد ما يلي :
" ينبع نهر دجلة من أرمينيا ، يجتاز مدينة نينوى التي كانت كبيرة وعظيمة في
الماضي البعيد، ثم يشكل مع الفرات المنطقة الواقعة بينهما والتي تسمى لهذا
السبب
mesopotamia
". لعل أقدم ذكر للتسمية اليونانية نجده في
كتابات
arrien
نستنتج منها :
أ- ان التسمية اليونانية مأخوذة من سكان المنطقة الآراميين.
ب- ان سكان المنطقة الآراميين كانوا يستعملون ، بلغتهم السريانية الآرامية
، تسمية تعني (بين النهر). ج- ان تسمية
mesopotamia
اليونانية تعني المنطقة الواقعة بين وضمن النهر . وهذه التسمية لا تعني
بالضرورة وجود نهر ثان.
د- ذكر
arrien
حرفياً : "ان نهر دجلة والفرات يؤلفان منطقة
mesopotamia
".
ه- هنالك بعض التناقض : التسمية اليونانية تعني "بين النهر " بينما المؤرخ
يسمي نهري دجلة والفرات؟
مما لا شك فيه أن
arrien
في ذكره نهر دجلة انما يقصد الجزء الأعلى منه، وهذا واضح في خارطة الجغرافي
بطليموس المرفقة (16) تحت رقم 2. اذ نلاحظ بكل وضوح ان بطليموس قد وضع
mesopotamia
في شرق الفرات الأوسط (محافظة الجزيرة في سوريا اليوم) ووضع سوريا في بلاد
آرام القديمة.
على اثر دخول الرومان الى الشرق واستيلائهم عليه ، اصبحت
mesopotamia
واقعة ضمن ممتلكاتهم ، رغم حروبهم الداشرة مع الفرس . والمقصود ب
mesopotamia
، المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات الاوسط . كتب العالم 17GAge
ما يلي :
" بقدر ما كانت سوريا الرومانية راسخة بالعادات السامية ( الشرقية) ، تحت
الستار اليوناني ، فانها مهدت للامبراطورية الرومانية في مجال التوسع نحو
الشرق. وبمعنى آخر،اصبح اقليم
mesopotamia
يمتد بين الفرات الأوسط ودجلة... ووصلت (حدودmesopotamia)
الى مدينة نصيبين العجيبة،حيث الشعب الآرامي يتعايش مع اليهود..." لا شك
ايضاً ان نشوء دولةالأباجرة الآراميين بين نهري الفرات والبليخ في المنطقة
التي عرفت ب "اسوهين" قد خلق ارباكات جديدة بالنسبة الى تسمية
mesopotamia
:
اذا
كانت منطقة اسروهين على الفرات (بيث نهرين) فأين أصبح اقليم
mesopotamia؟
؟
يظهر بان الرومان بعد نهاية حكم الأباجرة في اوائل القرن الثالث الميلادي
قد قسموا
mesopotamia
ادراياً الى قسمين اثنين:
أ- اسروهين على نهر البليخ.
ب-
mesopotamia:
على نهر الخابور.
غير ان التسمية الجغرافية
mesopotamia
ظلت تطلق على القسمين. وهذا واضح في كتابات
procope
من القرن السادس الميلادي . اذ يذكر اورهاي والرقة وحران ضمنmesopotamia
. ان مصادر المعلومات وفيرة جداً عن
mesopotamia
في عهد الرومان .
وهنالك
عشرات المؤلفات عن الحدود الشرقية لـ
mesopotamia
وهي تقترب احياناً من نهر دجلة وتبتعد أحياناً كما حدث في اواسط القرن
الرابع م . حيث
أُجبر قسم من السكان السريان على النزوح ومن ضمنهم مار افرام السرياني .
ان كتاب
dill man
عن
mesopotamia
زاخر بالمعلومات عن العهد الروماني وهو بعنوان
"mesopotamia
العليا الشرقية" وهو يحدد هذه المنطقة (18)
جغرافياً في الشرق بين ديار بكر والموصل، وفي الجنوب جبل سنجار ،
وفي الشمال جبل طور عبدين.
وقد عاش
dill man
في هذه المنطقة وذكر أسماء الجبال والأنهار والمدن واطلع على ما دونه
المؤرخون والجغرافيون اليونان عن هذه المنطقة .
صحيح انه أخطأ عندما ذكر في كتابه عن طور عبدين بأنها تسمية مركبة
(19) من كلمة سريانية تعني الجبل وكلمة عربية تعني الخادم او العبد.
كتابه يتضمن العديد من الخرائط التاريخية
والجغرافية.
و أخيراً فان تسمية
mesopotamia
في عهدي الرومان والبيزنطينيين كانت تطلق على المنطقة الواقعة على شرقي نهر
الفرات الأوسط. (انظر الى الخارطة رقم 3 ورقم
4وهما من رسم
dill man
) و طبعاً فان هذه التسمية لم تطلق على العراق الحالي .
رابعاً: التسمية السريانية
ܒܝܬܢܗܪܝܢ
:
ان المصادر السريانية لا تسمح لنا بمعرفة فيما اذا كانت هذه التسمية اقدم
عهداً من التسمية اليونانية، لكونها لم تطرق هذا المجال. لا شك ان
الآراميين قد سكنوا هذه المنطقة بأكثر من ألف سنة . قبل دخول اليونان
اليها.ان أقدم ذكر لتسمية
ܒܝܬܢܗܪܝܢ
في
اللغة السريانية ربما نجده في وثيقة سينشرها البحاثة السرياني باسيل عكولا
، في العدد الأخير من مجلة
syria
. وهي بمعنى :
مدينة
الرها أم المدن في بيث نهرين. وهي من القرن الثالث الميلادي. لا شك ان
علامة الجمع
ܣܝ݃ܡܶܐ
.
قد وضعت على تسمية
بيث نهرين في القرن الثاني الميلادي . وقد وجدنا بالفعل، في قاموس حسن بن
بهلول في العمود 1222 ما يلي :
ܢܗܪܝܢ
ܒܝܬ
ܢܗܪܘܬܐ
الأنهار. أي بنقطة واحدة فوق حرف الراء،
وتفسيرها بالأنهار. وفي قاموس(20)
payne smith
نجده :
ܐ
ܠܩ
ܒܝܬ
ܢܗܪܝܬܐ
الأبجدية السريانية
ܣܦܪܐ
ܢܗܪܝܐ
ܐܘܟܝܬ
ܐܘܪܗܝܐ.
كتاب سرياني أورهاوى. وبالطبع فان المقصود هو نهر الفرات وحده.
ان تسمية بيث نهرين ، ترد بكثرة في المصادر السريانية ويقصد بها في أغلب
الاحيان ، منطقة الجزيرة. يذكر حسن بن بهلول ما يلي:
"ܒܝܬܢܗܪܝܢ
بلد الرها وما يليه من سوريا وأقول الجزيرة". وفي تاريخ الرهاوي المجهول
(21):
ܘܐܦ
ܕܐܬܪܘܬܳܐ
ܕܚܕܪܝ
ܐܘܪܗܝ
:
ܗܢܘܢ
ܕܥܡܪܝܢ
ܒܝܢܬ
ܬܪܝܢ
ܢܗܪܘܬܐ
ܕܝܠܢ
ܘܒܗܿ
ܕܡܘܣܦܘܛܡܝܐ
ܘܕܒܝܬ
ܢܗܪܝܢ
ܐܝܬܘܗܝ
ܕܗܘ
ܡܝܬܝܢܢ
ܥܘܗܕܢܐ
ܕܓܙܪܬܐ.
وهنا أيضاً فان تسمية
mesopotamia
هي بيث نهرين اي الجزيرة . أي شرق نهر الفرات الأوسط . ومن المعلوم ان
تسمية
ܒܝܬ
ܐܪܡܝܐ
قد أطلقت على جنوب ووسط العراق الحالي.
وفي الترجمة العربية لتاريخ ايليا مطران نصيبين ، نجد النص التالي :
ܘܒܗ
ܐܫܠܛ
ܡܘܥܐܘܝܗ
ܙܝܐܕ
ܒܪ
ܐܒܘܗܝ
ܥܠ
ܐܬܪܘܬܐ
ܕܒܝܬ
ܐܪ̈ܡܝܐ.
وفيها ان معاوية ولى زياد بن ابيه ولاية العراق(22).
"ܘܒܗ
ܥܒܕܘ
ܝܗܘܕ̈ܝܐ
ܕܒܝܬ
ܢܗܪܘܬܐ
ܐܣܛܣܝܢ"
وفيها قام يهود الجزيرة بفتنة(23) ".
نلاحظ بذلك ان تسمية
ܒܝܬ
ܐܪ̈ܡܝܐ
قد ترجمت الى العراق ومن ثم تسمية
ܒܝܬ
ܢܗܪܘܬܐ
بالجزيرة.
لذا من الخطأ استعمال بيث نهرين بمعنى يشمل العراق.
ب -
ܒܝܬ
ܢܗܪܐ
بما ان غاية البحث التاريخي العلمي هي كشف الحقائق الغامضة ، فسوف أعرض بعض
الأقتراحات التي قد تساعد في ازالة الغموض والتناقضات في تسمية بيث نهرين :
لقد ذكرنا سابقاً ، ان الكتابات الآكادية القديمة قد استعملت
birit narim
للجزيرة وeber
narim
لسوريا. اننا نرجح بأن الآراميين قد ترجموا هاتين التسميتين الى اللغة
الآرامية
ܒܝܬܢܗܪܐ
ܘܥܒܪ
ܢܗܪܐ
.
ان الملاحظات التالية تقودنا وتدفعنا الى هذا الإعتقاد:
1- ان تسمية "عبر النهر" اي سوريا محفوظة في التوراة والكتابات والآثار
الفارسية.
2- ان التسمية اليونانية
mesopotamia
هي قريبة في تركيبها ومعناها من
ܒܝܬܢܗܪܐ
و
birit narim
الآكادية. 3-
ܒܝܬܢܗܪܐ
قريبة من التسمية المصرية القديمة
nhrn
التي كان يقصد بها نهر الفرات وحده.
لعله من المهم جداً ، الإطلاع على الترجمة اليونانية للتوراة ، والتي تمت
بحدود اوائل القرن الثالث قبل الميلاد والمعروفة بالترجمة السبعينية.
وخاصة في كيفية ترجمة التسمية العبرية
aram naharayim
اننا نرجح ان التسمية الآرامية
ܒܝܬܢܗܪܐ
أصبحت في اواخر القرن الثالث قبل الميلاد وأوائل القرن الثاني قبل الميلاد
، تشمل نهر دجلة وذلك بسبب اتساع وكبر ولاية
mesopotamia
اليونانية.
وصارت تكتب
ܒܝܬܢܗܪܝܢ
ويقصد بها المنطقة الواقعة بين النهرين.
كتب
arrien
: " ومن هنا تسمية
mesopotamia
التي يعطيها السكان لهذا الجزء" وأخيراً رغم النصوص السريانية التي وردت
فيها التسمية
ܒܝܬܢܗܪܝܢ
بمعنى المنطقة العليا الواقعة بين نهري دجلة والفرات ، فان المدلول
الجغرافي لهذه التسمية ظل في حدود الجزيرة الحالية .
وهذا واضح في النص
التالي من قاموس ابن علي (24) :
"
ܒܟܠܗ܁
ܒܝܬܢܗܪ̈ܝܢ:
ܐܘܪܗܘܝ
:ܐܡܝܕ
ܘܬܠܐ
ܕܡܘܙܠܬܐ
في كل بلاد ما بين النهرين : الرها وآمد وتل موزل " وهذه المدن تقع في
الجزيرة وليس العراق.
خامساً : اشكال المصطلح الجغرافي الحديث لتسمية " بيث نهرين"
توجد حالياً ، عشرات الكتب والمقالات العلمية التي تعتمد تسمية
mesopotamia
كمصطلح جغرافي يقصد به البلدان الواقعة ما بين نهري دجلة والفرات ، اي
العراق الحالي ومحافظة الجزيرة وقسماً من جنوب شرق تركيا .
انه
لمن المؤسف حقاً ،ان بعض العلماء صار يأخذ بهذا المصطلح وكأنه تسمية علمية
(25) أطلق فعلاً على كل البلدان الواقعة بين نهري دجلة والفرات. وهذا مما
خلق بالطبع بعض الإشكالات حول هذه التسمية:
أ- الإشكالات التاريخية :
أقام الأرمن مؤخراً ، معرضاً لهم في مبنى السوربون في باريس عن ملوك
كيليكيا الأرمن . وقد علقوا عدة خرائط من القرن الثالث عشر والسابع عشر
ميلادي ، وظهرت فيها
mesopotamia
في موقعها الجغرافي الصحيح " الجزيرة" .
لكن في الخرائط التي رسموها لتوضيح
حدود دولتهم الأرمنية ، نراهم يضعون
mesopotamia
في وسط العراق .(وهذا مخالف للحقائق العلمية).
عندما
احتل المصريون منطقة
nhren
، فانهم قد احتلوا المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات الأوسط وليس العراق
الحالي. وكذلك فان الرها عاصمة بيث نهرين اي الجزيرة وليس كل المناطق
الواقعة في العراق .
و كذلك أيضاً فقد كان لمطران آمد ، السلطة الدينية على
ولاية
mesopotamia
الرومانية أي المنطقة الواقعة بين نهري الخابور ودجلة وليس على كل المناطق
التي تسمى اليوم بلاد ما بين النهرين.
ب- الإشكالات الجغرافية :
لم تكن هنالك وحدة جغرافية في الواقع ، للمناطق الواقعة ما بين نهري دجلة
والفرات حيث لم ترد ولا اشارة واحدة الى تسمية
mat biritim
أو
birit narim
أو
ܒܝܬܢܗܪ̈ܝܢ
في الكتابات الآكادية ، كمصطلح يقصد به العراق الحالي.
لأن التسميات
الجغرافية، في ذلك الوقت ، كانت تطلق على بلاد سومر وآكاد وفيما بعد بابل
وآشور.
بعد دخول اليونان الى الشرق ، ظلت تسمية
mesopotamia
وبيث نهرين ، تطلق على الجزيرة وتسمية "بيث آراماييܙ
ܒܝܬ
ܐܪ̈ܡܝܐ
" على العراق. ان ادخال صفة " العليا" على تسمية
mesopotamia
في كتاب
o,callaghan
وكتاب
dill mann
هي محاولة فاشلة للتهرب من الواقع التاريخي والجغرافي . ان تسمية
mesopotamia
السفلى تعبير خاطئ
ج- الإشكالات القومية:
يردد العراقيون بأن بلاد ما بين النهرين هي العراق الحالي . ومن المؤسف أن
القسم الأعلى من الجزيرة الموجود حالياً ضمن تركيا ، قد غابت عنه التسمية
الجغرافية بيث نهرين، بعد أن تقررت حدود دول منطقة الشرق الأوسط ، في بداية
هذا القرن ، طبقاً لمعاهدة "سايكس - بيكو" عام 1916 .
وقد ترك الجزء العلوي
من الجزيرة الى تركيا.
وكان الأتراك(26) قد فتكوا بالشعب الأرمني والسرياني في هذه المنطقة ، حيث
قدر عدد ضحايا السريان فقط بأكثر من مئة ألف قتيل . وقد أجبر أهالي هذه
المنطقة على النزوح تحت ضغط الأتراك السفاحين ، بعد انسحاب الفرنسيين. لقد
استفاد الأتراك ولا شك ، من تعميم تسمية
mesopotamia
على العراق ، بأن استطاعوا "تتريك "المنطقة بكل سهولة .
الغريب
ان الكثير من السريان اليوم يظن بأن
ܒܝܬܢܗܪ̈ܝܢ
هي بلاد "ما بين النهرين" أي العراق. اننا نلاحظ عند السريان الشرقيين
المنادين بالقومية الآشورية فأناشيدهم القومية تمجد "بيث نهرين" وان لديهم
أحزاباً ومجلات بهذه التسمية أيضاً وصاروا يعتقدون بأن تسمية بيث نهرين هي
تسمية آشورية لبلادهم .
وخلاصة هذه الحقائق هي:
- ان تسمية "بيث نهرين
ܒܝܬܢܗܪ̈ܝܢ
" هي تسمية آرامية سريانية ، دون أي شك لبلاد آرامية سريانية صرفة ، لعبت
دوراً كبيراً في حضارة الشرق .
- نأمل من العلماء والباحثين أن يدركوا هذا كله ، وأن يعمدوا الى استعمال
تسمية " بيث نهرين
ܒܝܬܢܗܪ̈ܝܢ
و
mesopotamia
" دائماً كمرادف للجزيرة وليس كمصطلح عام يقصد به العراق .
وأخيراً ، نأمل من الشعب السرياني الآرامي ، عدم التخلي عن التسمية
الآرامية " بيث نهرين
ܒܝܬܢܗܪ̈ܝܢ
" لأنها جزء رئيسي منه ، حيث تربطه بإحدى أهم مناطق تاريخه الحضاري وجذوره
الحقيقية.......
------------------------------------------------------------------
المراجع والمصادر :
1-
contenau(g), les religions de i , asie oxidentala ancienne,p.77.
2-نقصد أن تسمية "بيث نهرين " لم تكن تعني تاريخياً أو جغرافياً بلاد سومر
وآكاد.
3-
o, callaghan(r), aram naharaim in:analecta orientalia,t-26,p.5
4-
lbid,p.136
5-
lbid,p.143.
6-
bordrevil(p), les poyaumes arameens de syrie, dans: syrie ,memoire et
civilisation.p.252.
7- تاريخ مار يعقوب الرهاوي. النص السرياني في
c.s.c.o,t-5 syr,5.ed.brooks,p.315
.
8-
finkelstein(j.j), mesopotamia,in:journal of near eastern studies,
vol.12,1962,p.77.
9-
lbid.p.78.
10-
lbid.p.82.
11-
lbid.p.88.
12-
lbid.p.79.
13-
o,callaghan,p.147.
14-
arrien,l,anabase d alexandre le grand-livre vll,7.
15-
arrien,L inde, livre XLII,3.
16- هذه الخارطة موجودة في مكتبة الفاتيكان .وقد نشرت مجلة "Le
figarro"في
العدد 11998صورة عن هذه الخارطة.
17-
Gage(j), La montee des sassanides.paris1964,p.93
18-
Dillmann(L), Haute Mesopotamie orientale,1962,p.23.
19-
lbid.p.31.
20-
payne smith, thesaurus syriacus,T-II,col.2301.
21- النص السرياني ورد في
c.s.c.oص
112.
22-
Elie,Enque de nisibe chronologie,p.142.
24- قاموس"بابن سميث" العامود (470)نقلا عن "ابن علي 25- لقد اتضح لنا ،من
خلال هذه الدراسة ، كيف بدأ العلماء في استعمال تسمية "مسوبوتاميا" كصفة
مشتركة للشعوب التي سكنت العراق. حالياً هناك بعض العلماء الذين يعتمدون
هذه التسمية،كتسمية تاريخية وجغرافية أطلقت بالفعل على العراق. من المؤسف
جداً أن تسمية مسوبوتاميا تكاد تصبح مرادفة لتسمية العراق الحالي مع ان
البراهين التاريخية والجغرافية على السواء ,تثبت بجلاء وبوضوح ان هذه
التسمية اطلقت على الجزيرة فقط دون غيرها.
26- كان عدد السريان في منطقة مسوبوتاميا المحتلة حالياً من
قبل
الاتراك ، في بداية هذا القرن من مئتي ألف نسمة. ولولا المذابح التي تعرضوا
لها وحركات التهجير القسرية ، لكان عدد السريان الاراميين فيها اليوم أكثر
من مليوني نسمة. انه من المؤسف حقاً ، ان الاوروبيون "المتمدنين" لا يريدون
ان يعرفوا لماذا كنائس: الرها وآمد وحران مغلقة
!!!.
|