عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

 

 

     فيس بوك

الفكر الاشوري المزيف

ردود و تعليقات

   متفرقات

تاريخ الكنيسة السريانية   

      تاريخ الشرق

علم الآثار

    الهوية الآرامية

اللغة الآرامية

 

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

 الاختصاصي في تاريخ الآراميين

الألف و التاء: منذ البداية ولدنا آراميين و سنبقى آراميين حتى النهاية.
نعيش معا و نموت معا و من الأفضل ألا نبقى مجرد متفرجين: دافعوا
معا عن هويتكم و تراثكم من أجل الحفاظ على وجودكم!

English

الهوية الآرامية                            

البحث التاريخي وحماية الحقوق التراثية للشعب السرياني الآرامي

1991

نشرت مجلة " بهرو سوريويو " بحثاً للسيد الياس حنا بعنوان "الحقيقة الضائعة والادعاء الباطل " (1), أكدّ فيه الباحث أن مدينة ابلا هي مدينة آرامية سريانية. ومن البراهين الضعيفة التي اعتمدها ادعائه الخاطئ أن السومريين هم فئة الشعب الكلداني الآرامي.

 غاية السيد الياس حنا المعلنة هي حماية الحقوق التراثية للشعب السرياني الآرامي, لكن مقاله يكشف لنا ضعفه في المعلومات التاريخية وافتقاده إلى الاثباتات لتأكيد نظرياته. إن ارتكابه الأخطاء التاريخية العديدة وابتعاده عن المنهجية التاريخية العلمية سوف يؤديان إلى اضعاف الحقوق التراثية والقومية للشعب السرياني الآرامي .

مواقع النقد :

أولاً : المضمون : أخطاء تاريخية عديدة .

ثانياُ : الأسلوب : سطحي خالِ من المنهجية العلمية .

ثالثاً : خطورة البحث .

رابعاً : هل ينجح البحث غير العلمي في الدفاع عن الحقوق التراثية والقومية للشعب السرياني الآرامي ؟

أولاً : المضمون : أخطاء تاريخية عديدة .

أ-كتب السيد الياس حنا : " السومريون هم فئة من الشعب الكلداني الآرامي " . هذا الكلام يرفضه كل من له إلمام في تاريخ الشرق القديم , إذ هل نستطيع القول أن الأرمن مثلاً هم فئة من الشعب التركي ؟

مع العلم أن وجود الأرمن وهم شعب هندو أوروبي وأحفاد شعب الأورارتو الشهير يعود إلى ألألف الأول قبل المسيح بينما الأتراك وهم شعب من أصل مغولي دخولوا إلى الشرق في بداية الألف الثاني الميلادي أي بعد حوالي ألفي عام من دخول الأرمن إليه .

-2-

أغلب المؤرخين يعتبر السومريين من الشعوب الهندو الاوروبية , سكنوا جنوب العراق في أواخر الألف الرابع ق.م وأنشأوا حضارتهم المشهورة .

الاراميون شعب شرقي (سامي ) وأقدم ذكر للتسمية الآرامية يعود إلى القرن الثالث والعشرين ق.م إذا اعتبرنا القبائل السوتي والأخلامو من القبائل الآرامية ( وهذا صحيح تاريخياً وعلمياً ) نستطيع أن نرجع بداية التاريخ الارامي إلى القرن التاسع عشر ق.م.

 إذن من المستحيل أن يكون الشعب السومري الهندو أوروبي منتمباً إلى الشعب الكلداني الآرامي السامي الشرقي وذلك لأن السومريين ليسوا شرقيين وتاريخيهم أقدم من الآراميين بأكثر من ألف سنة0 وطبعاً لا يوجد أي علاقة لغوية بين اللعة السومرية ولغتنا الآرامية.

أخيراً لا يوجد أي مؤرخ مختص في تاريخ الشرق القديم يؤكد هذا الإدعاء الخاطئ الذي ذكره السيد الياس حنا.

ب- ويقول " ... إن أقدم خط في العالم هو الخط المسماري الكلداني الآرامي. " ليس هناك أي علاقة بين الكتابة السومرية وبين الأبجدية الآرامية.

 صحيح أن الكتابة المسمارية تعتبر أقدم كتابة في العالم وهي تعود إلى أواخر الألف الرابع ق.م بينما الأبجدية الآرامية تعود إلى الألف الأول ق.م وهي متطورة عن الأبجدية الفنيقية .

 ليس هناك أي مؤرخ يدعي أن الخط الآرامي هو تكملة للكتابة المسمارية السومرية .

ج-ويقول " الفنيقيون هم الشريحة الشعبية التجارية الغنية والأرستقراطية ومن الأمة الآرامية السريانية " من المعلوم أن التسمية الفينيقية أطلقت على الكنعانيين سكان الساحل ولا يزال المؤرخون مختلفين حول مصدر التسمية الفينيقية .

المختصون في التاريخ الفينيقي يعتقدون أن التسمية الفينيقية هي تسمية يونانية أطلقت على كنعانيي الساحل ولا يعتبرونهم منتمين إلى القبائل الآرامية كما يدعي السيد الياس حنا , أما استناده إلى كتاب السيد موسى غزال فهو مردود لأن الاستاذ موسى غزال – مع إحترامنا الشديد له – مختص في الأدب العربي وليس في التاريخ الفينيقي .

3

د-كتب السيد الياس حنا أيضاً : " هذا ما جاء في موسوعة الاستاذ اندريه بارو : سومر , فنونها وحضارتها (ص 47) : " وفيها نصب العقبان للسومريين ( الذين وصفوا بالكلدانيين وهو اللقب الذي ما يزال يدهشنا أن نجده مستعملاً ... بصفة عريضة لدى الكتّاب المتخصصين في الوقت الحاضر ).

لقد فهم السيد الياس حنا من هذا النص أن المؤرخ أندره بارو " يندهش " من وصف السومرين بالكلدانيين. ولكن في الحقيقة هناك بعض الأخطاء في الترجمة فالنص الفرنسي هو (2) :

" Pour les Sumériens appels ici “ Chaldéens ” terminologie impropre … " كان من الأصح الترجمة على الشكل التالي : ... مثال مسلة العقبان للسومريين الذي سمّوا بالكلدانيين وهي تسمية غير صالحة ( غير علمية ).

خطأ المترجم لا يشفع بضعف البحث التاريخي في مقال السيد الياس حنا. لأن المؤرخ أندره بارو المختص في تاريخ الشرق القديم لم يكتب مطلقاً أن السومريين هم فئة من الشعب الكلداني الآرامي على العكس يحذر من استعمال التسمية الكلدانية (3) :

" الكلدانيون تسمية أطلقت على الشعب الساكن في بلاد كلدو . أستعملت هذه التسمية بطريقة غير صحيحة في الكثير من الكتب للإشارة فعلاً إلى السومريين. يحب ان لا تستعمل إلا لإشارة إلى الأقوام التي استولت على الجزء الجنوبي من بلاد ما بين النهرين (4) من القرن الثامن حتى القرن السادس ق.م ".

ثانياً : الأسلوب سطحي بدون منهجية علمية .

أ-تأكيدات عديدة فارغة من المعنى قوله : " من الواضح تماماً وبإتفاق جميع الباحثين والمكتشفين والمؤرخين إن أقدم خط في العالم هو الخط الكلداني الآرامي ".

-من المفروض بعد الجملة الأولى أن تكون الفكرة الثانية مقبولة فعلاً من معظم المؤرخين مثلاً قولنا " السريان نقلوا العلوم اليونانية إلى العرب " أو " الفينقيون أوجدوا الكتابة الأبجدية " ... ولكن الفكرة الثانية في قول الباحث هي نظرية جديدة لا يؤمن بها في الواقع إلا الكاتب نفسه .

4

كتب أيضاً كلمة " دوبوحو " تعلن عن نفسها بوضوح وبدون التباس ( لا بالأحرف ولا بالمعنى ) , على أنها سريانية " مائة بالمائة " .

سوف نرى لاحقاً أن السيد الياس حنا يعتبر أن اللغة السريانية أقدم لغة في العالم وبما أن كلمة " دوبوحو " تشبه الكلمة السريانية في الشكل والمعنى " فهي سريانية مائة بالمائة " .

لقد استعمل الشعب الأرمني اللغة السريانية في القديم ولا تزال بعض الكلمات السريانية مستعملة في اللغة الأرمنية حتى اليوم , منها (سخل – نيشا – نمق : بمعنى : غلط – علامة – رسالة ). فهل يحق للشعب الآرمني الإدعاء بأن هذه الكلمات هي أرمنية مائة بالمائة؟

ب-تحليل بعيد عن المنطق ( العلمي ). قوله سليمان البصري ... من آدم إلى بناء برج بابل لم يكن في العالم إلا اللغة السريانية, وزعم بعضهم انها كانت العبرية ... وبما أن التوراة كتبت بعد سبي اليهود الذي حصل عام 586 ق م ومدينة ابلا بنيت حوالي ( 2400 ق م) اذن ليس لليهود علاقة بها البتة ... فمدينة ابلا هي مدينة آرامية سريانية مائة بالمائة..."

-هنا ينطلق الباحث من فكرة خاطئة في قوله " اللغة السريانية الآرامية هي أقدم لغة في العالم " وهذا غير صحيح مطلقاً, فالسومرية والأكادية والأمورية والفينيقية هي كلها لغات أقدم الآرامية. إن عدم وجود علاقة بين اللغة العبرية ومدينة ابلا لا يعني " منطقياً " أن لغة ابلا هي سريانية آرامية . نؤكد للقراء الكرام عدم وجود أي مؤرخ له مكانته العلمية يدّعي بأن ابلا هي مدينة آرامية.

ج-هناك تشابه بين الأسلوب الذي اعتمده السيد الياس حنا في بحثه والاسلوب الذي يعتمده القوميون بشكل عام. غلاة القوميين العرب ادعوا بأن العرب بنوا الأهرامات في مصر وأن المجتمع العربي هو الوريث الوحيد لحضرات الشرق القديم. أما أخوتنا السريان الشرقيون الذين ينادون بالانتماء الاشوري فإنهم لا يزالون يرددون الأخطاء التاريخية نفسها منذ أكثر من ستين سنة

5

فالبحث التاريخي عندهم يهدف إلى إيجاد تفسيرات جديدة تسمح لهم بالتأكيد بأن الشعب الآشوري لم ينقرض وأن اللغة السريانية الآرامية هي آشورية. علماً أنه لا يوجد أي معهد علمي يقبل بإطلاق التسمية الآشورية على الشعب السرياني – الآرامي أو على اللغة السريانية – الآرامية .

إن رغبة السيد الياس حنا في التأكيد بأن السومريون الفينيقيون وسكان مدينة ابلا هم من السريان – الآراميين سوف تفرغ التسمية السريانية – الآرامية من محتواها العلمي .

ثالثاً : خطورة البحث.

لقد فقدت التسمية السريانية – الآرامية مع بحث السيد الياس حنا محتواها القومي أيضاً. وهذا ما يتأكد لنا من خلال ما نشر في مجلة بهرو سوريويو (5) :

أ-يقول : " ... وشبه الجزيرة العربية التي نحن الآراميون من سمّى سكانها بالعرب لأول مرة في تاريخهم وذلك عام 853 ق.م".

من المعلوم أن كتابات الملوك الآشوريين هي التي ذكرت العرب لأول مرة وذلك خلال معركة قرقر الشهيرة فهل يعتبر السيد الياس حنا الملوك الآشوريين من الشعب الآرامي ؟

ب-ويورد في كلامه " والشعب بالأمة الآرامية التي كانت تتألف من قبائل عديدة ومنها الكلدانيين , السوتو , الآشورية الاحلامو أو الأخلامو, والكنعانية التي تفرّع منها القبيلة الفينيقية , وبعد أن دخلت هذه القبائل إلى الديانة المسيحية, وأمنت بها, عرفت هذه الأمة بالسريانية... " .

نعم ان السيد الياس حنا يعتبر " القبائل الآشورية " القديمة آرامية وطبعاً لا يقدم براهين علمية لتأكيد هذه المقولة.

وكان المطران أوجين منّا قد ذكر في مقدمته أن القبائل الآشورية تنتمي إلى الأمة الآرامية.

وقد قدمّنا في العدد الآول من مجلة آرام البراهين العديدة التي تثبت ان القبائل الآشورية لم تكن آرامية. ومن المؤسف أن السيد الياس حنا لم يتعلم من أخطاء المطران منّا التاريخية. ومن الغريب أن يستعمل تعبير " القبائل " الآشورية مع أن الشعب الآشوري قد ترك حياة البداوة والترحال قبل الآراميين بمئات السنين.

ليس هناك أي نص تاريخي يتحدث عن دخول القبائل الآشورية في الديانة المسيحية أخيراً أن التسمية السريانية كانت مرادفة للتسمية الآرامية (6) ولم تكن مرادفة للمسيحية كما يتوهم البعض .

-6-

رابعاً : هل ينجح البحث غير العلمي في الدفاع عن الحقوق التراثية للشعب السرياني – الآرامي ؟

أ-على الصعيد العلمي ليس هناك أي معهد علمي يقبل بالادعاءات الباطلة التي ذكرها السيد الياس حنا. فما من مؤرخ يقبل بتلطيخ سمعته بالادعاء بأن السومريين هم فئة من الكلدانيين الآراميين. أو القول بأن القبائل الآشورية القديمة كانت آرامية...

ب-على الصعيد التاريخي : إن كتابات الملوك الآشوريين سمحت لنا اذن نتعرف على القبائل الآرامية. علينا أن ندرس هذه المصادر بطريقة علمية وليس إطلاق التسمية الآرامية على كل سكان الشرق القديم.

ج-إن التعصب القومي الأعمى للقومية السريانية الآرامية ومحاولة سرقة حضارات الشعوب القديمة يبعدنا عن جذورنا الآرامية الحقيقية ( العلمية ).

د- عودة السريان اليوم إلى جذورهم الآرامية هي بفضل النصوص التاريخية والبراهين العلمية وليس بفضل بعض السياسيين (7) غير العلميين الذين يتحمسون للفكرة الآرامية , دون الاعتماد على الوثائق الصحيحة والتأكيدات العلمية.

هـ- قد يستغل البعض الأخطاء الواردة في الأبحاث غير العلمية مثلاً الحديث عن قبائل آشورية دخلت الديانة المسيحية وصارت تسمى بالسريان.

ومن هنا نستنج فشل السيد الياس حنا في تحقيق أهدافه ( النبيلة ) وهي الدفاع عن التراث السرياني الآرامية وذلك لأن الحقيقة (السريان هم الآراميون ) قد تضيع بين الادعاءات الباطلة (نحو: السومريون هم آراميون , الآشوريون هم آراميون...).

7

المصادر :

(1) مجلة بهرو سريويو العدد 185 السنة 1994 ص 35.

(2) Parrot Andre : Sumer 10 p ( 1960 ).

(3) 344 p : Ibid.

(4) بلاد ما بين النهرين يقصد بها العراق وهي مصطلح حديث. تاريخياً وجغرافياً كانت هذه التسمية تشير إلى الجزيرة.

(5) مجلة بهرو سريويو العدد 190 السنة 1994 ص 43.

(6) مجلة آرام , العددان الثالث والرابع , راجع مقالتنا " الرد ".

(7) نتمنى على السياسيين أن يهتموا بتقوية الروابط بين النوادي السريانية , وخلق المناسبات العديدة ( الثقافية والرياضية والترفيهية... ) لجميع أفراد الشعب السرياني , وأخيراً ترك الأبحاث التاريخية إلى المختصين.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها