عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية

 

 

     فيس بوك

الفكر الاشوري المزيف

ردود و تعليقات

   متفرقات

تاريخ الكنيسة السريانية   

      تاريخ الشرق

علم الآثار

    الهوية الآرامية

اللغة الآرامية

 

هنري بدروس كيفا باريس – فرنسا

 الاختصاصي في تاريخ الآراميين

الألف و التاء: منذ البداية ولدنا آراميين و سنبقى آراميين حتى النهاية.
نعيش معا و نموت معا و من الأفضل ألا نبقى مجرد متفرجين: دافعوا
معا عن هويتكم و تراثكم من أجل الحفاظ على وجودكم!

English

الهوية الآرامية                            

هل كانت هوية لبنان القديم فينيقية أم آرامية؟

القسم الأول

20120505

سؤال لا يتبادر الى ذهن اللبنانيين المسيحيين الرافضين للعروبة إذا كانوا  عن حق لا يتحدرون من العرب فهذا لا يعني أنهم فينيقيين !

و قد إنتشرت فكرة غير دقيقة مفادها أن جبل لبنان يقع في فينيقيا و أن لبنان الحالي هو فينيقيا القديمة !

موضوع شيق سأتطرق الى جغرافية لبنان التاريخية و لكن أحب ألا يتسرع القارئ و يحكم علي بأنني قومي سوري فقط لأنني أعتمد على الجغرافية التاريخية لجبل لبنان أو تاريخ تسمية فينيقيا و مدلولاتها الجغرافية و التاريخية و الإتنية .

أولا- إسم لبنان

 أ-   على القارئ أن يعرف أن إسم لبنان قد ورد في إسطورة غلغامش الشهيرة و كان دائما مقرونا بصفة جبل لبنان أو غابة الأرز.

 إسم جبل لبنان قد يعود الى حوالي ٢٥٠٠ سنة قبل الميلاد و هو بكل تأكيد أقدم من التسمية الآرامية و الفينيقية!

و سوف نرى لاحقا- خلاف ما تعتقد أكثرية من اللبنانين- أن إسم لبنان لا يدل على شعب أو إتنية لبنانية قديمة كانت تسكن فيه.

 أن إسم لبنان قد أطلق على جبل أشتهر في التاريخ القديم لوجود غابات الأرز فيه .

نحن نعلم من خلال كتابات ملوك أشور و بعض الملوك الكلدان أن شجر الأرز كان مهما جدا لبناء القصور و المعابد.

و لكننا من خلال أسفار التوراة نعرف أن سليمان الحكيم أرسل عبيده ليتعاونوا مع عبيد ملك صور لقطع خشب الأرز.

سفر الملوك الأول , الفصل الخامس " والآن فأمر أن يقطعوا لي أرزا من لبنان، ويكون عبيدي مع عبيدك، وأجرة عبيدك أعطيك إياها حسب كل ما تقول، لأنك تعلم أنه ليس بيننا أحد يعرف قطع الخشب مثل الصيدونيين".

هذه الأية تؤكد لنا أن الفينيقيين سكان الساحل كانوا يقطعون أشجار الأرز التي كانت تغطي جبال لبنان.

أن جبال لبنان كانت شبه مهجورة في التاريخ اللقديم و المكتشفات الآثرية تثبت لنا ندرة الأبنية القديمة فيه .

و حتى فراعنة مصر كانوا بحاجة الى خشب الأرز وهنالك وثائق مصرية عديدة تظهر مدى حاجة الفراعنة لخشب الأرز .

ب - لبنان الحالي كان مقسما الى ثلاث مناطق

  *الساحل و قد سكنه بقايا الكنعانيين الذي أطلق عليهم اليونانيون  التسمية الفينيقية .

 *جبل لبنان و كانت تغطيه غابات الأرز و لم يكن مسكونا في  الألف الأول قبل الميلاد و طبعا لا يوجد " شعب لبناني قديم سكن في الجبال ثم إنتقل الى الساحل أو السهول الداخلية !الهجرات القديمة خاصة بعد إنتشار الديانة المسيحية كانت تتوجه  " الى" جبل لبنان و ليس " منه " !

 *المناطق الداخلية - سهل البقاع أغلب اللبنانيين يعتقدون أن سهل البقاع كان كنعانيا أو فينيقيا .و لكننا من خلال أسفار التوراة نعلم أن سكان سهل البقاع كانوا من الآراميين و قد إشتهرت مملكة بيت رحوب و لا نعرف مكانها بالتحديد .

و قد إنطلق الآراميون من البقاع ليؤسسوا مملكة دمشق الآرامية التي ستشتهر بحروبها ضد اليهود . كما أن قسما كبيرا من شمال لبنان كان يؤلف جزءا من مملكة حماة الآرامية !

ج - هل تسمية لبنان هي سريانية ؟

  بعض السريان يعتقدون أن إسم لبنان هو سرياني و يحاولون إيجاد معنى لإسم لبنان في اللغة السريانية .

هنالك إدعاء غير علمي يفسر أن إسم لبنان يعني باللغة السريانية "لب نون" قلب السمكة و طبعا هذا التفسير هو غير علمي لأن إسم لبنان كان موجودا قبل اللغة السريانية بحوالي ألف سنة!

لا شك أن إسم لبنان هو بلغة سامية شرقية و لكنه ليس باللغة السريانية و الإدعاء أن إسم لبنان هو سرياني قد يثير الريبة و الشك في حقيقة أن أكثر من ٨٠ بالمئة تقريبا من أسماء عيون و أنهار و قرى لبنان هي فعلا باللغة السريانية !

ثانيا - من هم الكنعانيون أو الفينيقيون ؟

القسم الثاني

 أ - إن الشعب الكنعاني القديم لم يطلق على نفسه التسمية الفينيقية و من المعلوم أن اليونانيين هم الذين سموا الكنعايين بالفينيقيين. لا يوجد اي نص كنعاني وردت فيه التسمية " فينيقيا " .

ب - إذا ألقينا نظرة على المواقع العربية لوجدناها تتسرع بالإدعاء أن الكنعانيين الفينيقيين قد قدموا من شبه الجزيرة العربية و بالتالي هم عرب و يقدمون حجج واهية مثل وجود أسماء مدن كنعاية في شبه الجزيرة العربية أو أن العالم  اليوناني سترابون من القرن الأول ق٠م قد أكد أن أصلهم من شبه الجزيرة العربية!

سوف نرى لاحقا أن العلماء المتخصصين في التاريخ الفينيقي لا يعرفون من أين جاء الكنعانيون و طبعا ما كتبه سترابون حول الفينيقيين لا يعتبر مصدرا موثوقا لأنه يكتب عن أحداث يعود تاريخها الى أكثر من ٢٥٠٠ سنة قبله !

ج - إن أقدم ذكر للتسمية الكنعانية هو في رسائل تل العمارنة و هي تعود الى القرن الرابع عشر ق٠م و هذه الرسائل مكتوبة بالكتابة المسمارية اللغة الأكادية.

هذه الرسائل تثبت لنا إنتشار الكنعانيين في الساحل و المنطقة التي ستعرف فيما بعد بإسرائيل. لا شك أن الكنعانيين كانوا متواجدين منذ بداية الألف الثاني و بعض المؤرخين يذكرون إن قدمهم يعود الى الألف الثالث ق٠م !

ه - بعض العروبيين يتهمون إسرائيل بشكل عام أنها تزيف تاريخ الوجود اليهودي في إسرائيل و يرددون أن الكنعانيين كانوا متواجدين قبل اليهود بأكثر من ١٠٠٠ سنة.

إن أسفار التوراة تخبرنا أن الملك داوود قد بنى مدينة أورشليم و قد إنتشرت الفكرة أن  أورشليم هي مدينة قد بناها اليهود و لكن من يتابع دراسات العلماء اليهود يجد أنهم يصححون الأخطاء التاريخية التي وردت في أسفار التوراة  و هم يؤكدون أن مدينة أورشليم كانت مدينة كنعانية و كات مبنية قبل تاريخ الملك داوود بأكثر من قرنين !

 بإختصار

معلوماتنا عن الكنعانيين في الألفين الثالث و الثاني ق٠م هي قليلة لندرة الكتابات عنهم .

هنالك نظريات (سياسية) تدعي أن الكنعانيين هم من العرب القدامى ليس محبة بالكنعانيين و لكن للإدعاء أمام الرأي العام أن إسرائيل القديمة قد إحتلت بلاد كنعانية/عربية !

لقد كانت بلاد كنعان (إسرائيل و فلسطين) و مدن الساحل حتى مدينة جبيل خاضعة للنفوذ المصري و كانت مدن الساحل الواقعة شمال جبيل خاضعة للنفوذ الحثي.

جوم شعوب البحر في حوالي ١٢٠٠ ق٠م سيقضي على الحثيين و يضعفهم و سيبعد النفوذ المصري مما سيسمح للمدن/ الممالك الكنعانية  أن تستقل و تهتم في التجارة في حوض البحر المتوسط.

ثالثا - الإنتشار الآرامي في الشرق و الكنعاني في حوض المتوسط

أ - للأسف بعض اللبنانيين الذين يؤمنون بالهوية الفينيقية يتوهمون أن الكنعانيين (الفينيقيين) كانوا سكان جبل لبنان القديم.

 أغلبية اللبنانيين بصرف النظر عن مفهوهم لهويتهم التاريخية لا تعرف أن جبال لبنان كانت فارغة غير مسكونة و كان سهل البقاع مملكة آرامية ذكرتها أسفار التوراة و هي مملكة بيت رحوب !

ب - هنالك علاقة قربى قوية بين الشعوب العمورية و الكنعانية و الآرامية و اليهود . و بالنسبة الى الآراميين و الكنعانيين فهنالك تشابه كبير في التاريخ :

 *الآراميون و الكنعانيون يعيشون في الشرق منذ الألف الثالث و الثاني ق٠م و لكنهما في أواخر الألف الثاني كانا خاضعين للنفوذ الحثي في الشمال و المصري في الجنوب (حماة و جبيل تحت السيطرة الحثية و بيروت و دمشق تحت النفوذ المصري(.

*هجموم " شعوب البحر " في حوالي ١٢٠٠ ق٠م سيدمر  إمبراطورية الحثيين و يطرد النفوذ المصري من جنوب سوريا. و كان شعب "الفلستو" من ضمن " شعوب البحر " الذين سيسكنون منطقة العريش و غزة الحالية .

 *القبائل الآرامية ستؤسس عدة ممالك قبلية ستستقر في الجزير ) بيت نهرين) و سوريا (بلاد  آرام) و الملك داود سيوحد العبرانيين في مملكة واحدة بينما سيؤسس الفلستو عدة مدن ممالك مستقلة في العريش و سيستقل الكنعانون في عدة مدن ممالك على طول الساحل .

ج - من يدرس تاريخ الآراميين في القرن العاشر ق٠م سيلاحظ أن الآراميين كانوا متأثرين جدا بالحضارة الكنعانية :

 *الأبجدية الآرامية مأخوذة من الكنعانية و لكنها ستتطور و تتميز عن الأبجدية الفينيقية و كانت مملكة سمأل الآرامية تستخدم الأبجدية الكنعانية ثم أبجدية متطورة عن الكنعانية تعرف بالأبجدية السمألية و أخيرا الأبجدية الآرامية القديمة.

 *لقد تعبد الآراميون لألهة الكنعانيين فالإله " إيل " كان يعبد في مملكة سمأل و الإله بعل شميم في مملكة حماة الآرامية و الإله قدموس عند آراميي دمشق...

د - بعد إندحار الإمبراطورية الحثية و إنحسار النفوذ المصري ستتمتع المدن الكنعانية الساحلية بإستقلال تام و ستهتم هذه المدن في التجارة في حوض بحر عمورو (البحر الأبيض المتوسط) و سيبنون عدة مراكز تجارية على شواطئه و ستنال قرطاجة شهرة كبيرة بسبب صراعها مع الرومان ! هذا رابط مفيد حول الكنعانيين (الفينيقيين (.

http://en.wikipedia.org/wiki/Phoenicia

أما الآراميون فإنهم سينتشرون في كل الشرق القديم و سيؤسسون عدة ممالك آرامية و ستلعب مملكة دمشق الآرامية دورا كبيرا في جمع الآراميين و الكنعانيين و اليهود لصد الهجمات الأشورية : معارك قرقر ٨٥٣ ق٠م

رابعا - نهاية الإستقلال السياسي الآرامي و الكنعاني

أ -  يعتبر الملك الأشوري تغلت فلأسر الثالث ٧٤٥ - ٧٢٧ ق٠م المؤسس الحقيقي للإمبراطورية الأشورية, لأنه بعد إستيلائه على العرش عمد الى تبديل جذري في معاملة المناطق الخاضعة للسيطرة الأشورية إذ لم يعد الأشوريون يكتفون بفرض كميات من الذهب و الفضة على الملوك الحاكمين من آراميين و كنعانيين و يهود و فلسطينين فإنهم صاروا يحتلون تلك المناطق و يفرضون عليها حاكما أشوريا .

سقطت مملكة دمشق سنة ٧٣٢ ق٠م ثم تلتها مملكة حماة ثم سمأل و المدن الكنعانية على الساحل .

و هكذا فقد الآراميون و الكنعانيون إستقلالهم .

ب - بعد سقوط الإمبراطورية الأشورية سنة ٦١٢ ق٠م على يد الكلدانيين و الميديين و قع الشرق القديم تحت الحكم الكلداني و هذا ما يعرف بطريقة خاطئة بالحكم البابلي الجديد ٦٢٦- ٥٣٨ ق.م .

و في عهدهم تم تدمير مدينة أورشليم و معبدها الشهير سنة ٥٨٧ ق٠م ثم تم سبي اليهود الى بابل.

ج- الفرس سيقضون على الإمبراطورية الكلدانية سنة ٥٣٨ ق٠م و سيؤسسون إمبراطورية واسعة جدا .

الفرس يحتلون أسيا الصغرى ثم سيهاجمون بلاد و جزر اليونان مما دفعهم الى مطالبة الكنعانيين الى بناء السفن الحربية و قيادتها تحت الإشراف الفارسي.

 إهتمام الفرس ببناء أساطيل بحرية سيعطي المدن الكنعانية نوعا من الإستقلال الذاتي.

د - الفرس هم أول دولة غير آرامية تستخدم اللغة و الأبجدية الآرامية كلغة رسمية للمراسلات و للعقود التجارية منذ قضائهم على الكلدانيين سنة ٥٣٨ ق٠م .

 الجدير بذكره أن الكلدانيين و بالرغم الى إنتمائهم الآرامي ظلوا يستخدمون اللغة الأكادية مع الكتابة المسمسارية كلغة رسمية .

 إختيار الفرس للغة و الأبجدية الآرامية سوف يؤدي الى محي اللغات الشرقية (السامية) من أكادية و كنعانية و عبرية في الشرق القديم .

 تاريخ اليهود القديم يلقي الأضواء على تاريخ إنتشار اللغة الآرامية بينهم :

لقد تعلموا هذه اللغة في بابل في القرن السادس ق٠م و في القرن الثالث تترجم أسفار التوراة من العبرية الى الآرامية و المكتشفات الحديثة في قمران (البحر الميت) تثبت لنا أن كتبهم و شروحاتهم كانت باللغة الآرامية .

 و كان من الطبيعي أن يكون سيدنا يسوع المسيح قد نطق باللغة الآرامية !

السؤال متى زالت اللغة الكنعانية ؟

 الجواب عند العلماء المتخصصين بالتاريخ الفينيقي و الذين يعرفون  تواريخ أجدد نصوص كنعانية .

)يتبع(

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها