هل إطلقت التسمية السريانية على شعب واحد أم على عدة شعوب؟
أو بعبارة أخرى هل يتحدر السريان من
جذور عديدة أم جذور واحدة؟
090306
نحن لا نعرف إذا طرح أحد الباحثين هذا الموضوع الحساس
أو
إذا أجاب أحد الباحثين على هذا الموضوع بشكل علمي أو كموضوع
رئيسي ، لذلك أحببت أن أطرح هذا الموضوع بكل جرأة و أترك
للمثقف السرياني أن يحكم إذا كانت معالجتي للموضوع كانت علمية
نزيهة أو حتى إذا كانت مفيدة و خطوة جبارة نحو
"
الوحدة"
!
ملاحظة مهمة :
لقد أجبت على جوانب عديدة و بشكل مباشر
في العديد من المقالات التي نشرتها سابقا ، إنني أشكر المسؤولين في
فضائية سوريويو سات اللذين أعطوني هذه الفرصة كي نتناقش و نصحح بعض
الأخطاء التي لا تزال منتشرة بين أفراد شعبنا الآرامي السرياني .
غايتنا هي الدفاع عن تاريخنا و هويتنا الحقيقية لأنها
"
فعلا"
توحدنا و تحثنا على العمل و النضال من أجل أن نحافظ على وجودنا
لأننا من أقدم شعوب العالم و لغتنا الآرامية/السريانية لا تزال من
أقدم
اللغات المحكية
.
اولا - هل أطلقت التسمية السريانية على الآراميين المسيحيين
في"
الأجيال الأولى " ؟
أ - نظرية المطران يعقوب أوجين منا المنقولة بطريقة غير مباشرة
عن المؤرخ الفرنسي
QUATREMERE .
ب - هل يوجد براهين أو نصوص سريانية تثبت هذه النظرية ؟
ج - هل كان السريان القدامى يطلقون التسمية السريانية على المسيحيين
منهم و التسمية الآرامية على الوثنيين
الآراميين ؟
د - ما هي أسباب إنتشار هذه النظرية بين المثقفين السريان مع أنها
نظرية حديثة و غير مبرهنة ؟
ه - هل يوجد رجال دين سريان لا يزالون يؤمنون بهذه النظرية ؟
و - إستغلال بعض الأحزاب المتطرفة لهذه النظرية : التسمية السريانية
قد أطلقت على " الاشوريين " بعد إنتشار الديانة المسيحية
بينهم
!
نص المطران اسحق ساكا الموقر من كتاب كنيستي السريانية
ص24"
نستنتج من هذا كله
أولا أن السريانية و السريان حلت محل الآرامية بفضل المسيحية
فأضحت السريانية مرادفة للمسيحي
...
ثانيا السريان الذي هو الاسم الديني للكنيسة الانطاكية لا يحمل أي
مدلول سياسي أو قومي.
و
لم يكن يوما ما الاسم السرياني يشير الى أمة
بل الى الديانة المسيحية لا غير
.
وان ايليا مطران نصيبين النسطوري (975-1046) فسر
لفظة سرياني بلفظة
نصراني
..."
ثانيا - هل أطلقت التسمية السريانية على الشعوب البائدة أو شعوب قديمة ؟
أ - بعض الأحزاب تتطرف في تفسير التسمية السريانية فهم يدعون
بدون براهين أن التسمية " سورايا " تعني " الاشوري " و بالتالي
فإنهم يدعون أن كتابة " أسورايا " أو
"
ܐܣܘܪܝܝܐ
"
هي كتابة
صحيحة علما إن لغتنا السريانية تستخدم كلمة
"
ܐܬܘܪܝܐ"
للإشارة
الى الشعب الاشوري القديم
.
ب - لا يحق لسرياني أن يحرف إسمنا التاريخي من
ܣܘܪܝܝܐ
الى
ܐܣܘܪܝܝܐ
.
لقد ألقى د. دافيد تايلور محاضرة
مهمة في المؤتمر
الذي أقيم في السويد بمناسبة الذكري 1700 سنة لولادة مار أفرام السرياني أو
الآرامي
،
ذكر
فيها أنهم في
صدد إعداد برنامجا خاصا يستطيع من خلاله الباحث في السريانيات أن يعرف كم
مرة وردت
كلمة
ܣܘܪܝܝܐ;
في كتاب معين .
يعتقد
بعض الإخوة إن لمجرد أن
المطران منا قد ذكر في قاموسه"
ܣܘܪܝܝܐ;
:
سرياني.
آرامي. نصراني ( اختصار
ܣܘܪܝܝܐ
أيܐܣܘܪܝܝܐ
).
يسمح لهم الإدعاء أن السريان هم أشوريون
و أن من حقهم
أن يكتبوا - و أن يعلموا الآخرين - أن
ܐܣܘܪܝܝܐ
هي التسمية الأصيلة
التي أطلقت على شعبنا السرياني .
علما
أن المطران منا بالذات قد ذكر في قاموسه ص
487 "
إعلم إن السريان لم يكونوا من قديم الزمان يسمون بهذا الإسم لكنهم كانوا
يسمون قديما آراميين سوآء كانوا شرقيين أم غربيين...
"
لقد
أخطأ المطران منا في زيادة حرف الألف على إسمنا
السرياني
ܣܘܪܝܝܐ
أنا لم أجد إسمنا السرياني مكتوبا
بزيادة حرف الألف
إلا في نص واحد للعالم يعقوب الرهاوي و قد ترجمه من اللغة اليونانية أما
بقية
النصوص و هي بالألاف تكتب إسمنا
ܣܘܪܝܝܐ
.
إن
ܐܬܘܪܝܐ
فهي
التسمية
السريانية التي كان يطلقها أجدادنا على الشعب الأشوري
القديم
.
ج - للأسف الشديد بعض الغيورين السريان يؤمنون أن التسمية السريانية
قد أطلقت على الشعوب القديمة لأنهم يعتبرون نظرية المطران
منا"
صحيحة
" .
السيد
روبير غابرييل ، رئيس جمعية اصدقاء اللغة السريانية ، في
برنامج الصحافي زافين " سيرة و إنفتحت " يقول " السريان هم سليلة حضارة
بلاد ما بين النهرين , أحفاد
السومريين والآكاديين والآشوريين والكلدانيين
البابليين والفينيقيين والآراميين الذين اعتنقوا الديانة المسيحية في القرن
الاول
للميلاد.
هؤلاء جميعا شكلوا الأمة السريانية ... ".
أي أن السريان هم خليط عجيب
غريب من شعوب
إنقرضت و لم يعد يذكرها التاريخ مثل الشعب السومري و الأكادي و
الأشوري و الفينيقي
!
د - بعض رجال الدين السريان ، إستنادا الى نظرية المطران منا ،
تبنوا
أفكارا غير صحيحة تاريخيا .
كتب سيادة المطران جورج صليبا الموقر
في كتابه " مائدة انطاكيا " صفحة
42"
"
وحل ألإسم ألسرياني محل ألإسم ألأرامي بعد ألمسيح إذ أضحت
ألسريانية مرادفة للمسيحية و قاسما مشتركا
للمنتمين إلى ألأرومة من آكاديين و
سومريين و
آشوريين و بابليين و كلدانيين و فينيقيين و كنعانيين... و هكذا غدت
ألسريانية إسما و علما للمسيحية".
ه - إن " آراء " الإخوة اللذين يؤمنون أن التسمية السريانية قد
أطلقت
على الشعوب القديمة هي مبنية على نظرية المطران منا غير العلمية ،
أحب أن أشير أن نظرية المطران منا
/ QUATREMERE
تتكلم
عن الآراميين و ليس
الشعوب البائدة
!
و - النصوص السريانية العديدة التي تركها أجدادنا السريان المشارقة
و المغاربة تثبت لنا أنهم كانوا يفتخرون
بجذورهم الآرامية و ليس
السومرية أو الإسبانية
!
ثالثا - الهوية السريانية في تاريخنا الحديث
يقظة القوميات في أوروبا كان في أواسط القرن التاسع عشر ولم ينتشر في
شرقنا إلا بين أوساط المثقفين الأرمن في نهاية القرن التاسع عشر .
لقد تحول
"
الإنتماء الطائفي " عند إخوتنا الأرمن الى " إنتماء قومي" خاصة بعد تعرضهم
للمذابح
في أواخر القرن التاسع عشر و "حرب الإبادة " خلال الحرب الكونية
الأولى
.
بدأ
الفكر القومي يسري بين بعض الأوساط السريانية التي تعيش بالقرب من
إخوتنا الأرمن
:
أمد
، أورهاي ، ماردين ، مديات و غيرها وإنتشرت بعض الجرائد التي تدعو
الى وحدة السريان القومية و لكن للأسف الشديد لم يبن الرعيل الأول من
القوميين
السريان طروحاتهم على معلومات صحيحة فخلطوا بين السريان و الاشوريين .
لقد
ترك لنا
المفكر نعوم فائق قصائد و كتب عديدة فتارة يدعو لغتنا اللغة الآرامية و
طورا يدعوها
اللغة الاشورية و صارت هويتنا
السريانية/الآرامية ضحية لمفاهيمهم
الخاطئة.
يجدر بنا أن نذكر أن الفكر القومي لم ينتشر بقوة بين السريان و ظل
الإنتماء الطائفي هو الغالب حتى بداية السبعينات من القرن العشرين .
يعود إنتشار
الفكر القومي الاشوري بين إخوتنا من السريان النساطرة لأسباب عديدة أهمها
تجمعهم
حول بطريركهم في مناطق منعزلة ( جبال حكاري ) و دورهم خلال الحرب الكونية
الأولى
حيث إستخدمهم الإنكليز في محاربة السلطنة العثمانية و ما تبعها من تشتيتهم
.
أخيرا
وجود أحزاب اشورية عديدة تناضل سياسيا و تطالب بإقامة دولة أشورية في
العراق
.
أخيرا
بدأت بعض الأحزاب و الشخصيات السريانية الغربية تعمل منذ أواسط
الخمسينات من القرن الماضي من أجل نشر الفكر الاشوري بين السريان متذرعين
بحجج
واهية مثل التسمية السريانية مشتقة من التسمية الاشورية أو الإنتماء
السرياني هو
مذهبي أما الإنتماء الاشوري فهو قومي أو أن التسمية الاشورية هي تسمية
موحدة لكل
المسيحيين في الشرق أو أن
للتسمية الاشورية حسنات لأنها مذكورة في تقارير عصبة
الامم و غيرها من الأفكار البعيدة عن هويتنا السريانية/
الآرامية.
لقد تصدى بعض رجال الدين لمحاولات تزوير الهوية السريانية الآرامية
(
قداسة البطريرك افرام برصوم ، المطران جيجك رحمهما الله) كذلك عمدت بعض
المجلات
السريانية مثل بهرو سوريويو و شوشوتو و مجلة آرام الى نشر الفكر القومي
الآرامي
الصحيح بين أوساط المثقفين السريان فإنتشرت بعض الأحزاب و المؤساسات
الآرامية خاصة
في أوروبا
.
تتجاذب اليوم عدة تيارات فكرية الشعب
السرياني
-
التيار الطائفي الذي لا يزال يخلط بين الإنتماء المذهبي و الإنتماء
القومي.
-
التيار القومي الاشوري و هو الأسبق في العمل القومي ولكنه أسير الأخطاء
التاريخية المتوارثة
.
-
التيار القومي الآرامي و هو الأصدق لأنه يطالب بالعودة الى الجذور
لتنقية تاريخنا من المفاهيم الخاطئة.
-
التيار المستعرب اللذي يؤمن بالعروبة و بعض الأحيان يدعي بجذور عربية
صافية
.
-
التيار المتقلب شعاره المصلحة السياسية و هو من أخطر هذه التيارات لأنه
في بعض الأحيان يدعي بالهوية
السريانية و لكنه لا يعمل شيئا من أجل إحيائها و شعاره
"
إذا حشرنا نتسرين
"
رابعا - هل تخلى أجدادنا السريان عن إسمهم الآرامي ؟ هل نكر
أجدادنا جذورهم الآرامية ؟
بعد الاضطلاع على كتاباتهم نرى بانهم كانوا يعرفون جذورهم حق معرفة، كما
انهم حافظوا على هويتهم الآرامية
وتمسكوا فيها، وتاكيدًا لذلك نعطي بعض
الامثلة:
*
قال مار يعقوب السروجي عن مار افرام السرياني (توفي 521م)
(1)
"هذا
الذي صار اكليلاً للآراميين كلّهم - هذا الذي صار بليغًا كبيرًا عند
السريان"
*
ورد في احدى كتابات مار فيلوكسينوس المنبجي (توفي 523م)
(2)
"ان
تعبير، اختلاط، يوجد في معظم كتب ابائنا ان كان عند الأراميين او عند
اليونان"
*
يؤكد مار يعقوب الرهاوي في احد ميامره (القرن الثامن)
(3)
"وهكذا
عندنا نحن الأراميون اي السريان"
*
وفي تاريخ مار ديونوسيوس التلمحري (القرن التاسع)
(4)
"ومنذ
ذلك الوقت، بدأ ابناء هاجر (العرب المسلمون) يستعبدون الأراميين
استعبادًا مصريًا"
*
في تاريخ ايليا مطران نصيبين السرياني الشرقي (القرن العاشر)
(5)
"أمر
الحجاج ألا يقوم بطريرك للمسيحيين. وبقيت الكنيسة الأرامية (او
كنيسة بلاد الأراميين) بدون بطريرك الى وفاة الحجاج"
*
كتب البطريرك ميخائيل السرياني 6)
"
)
بمساعدة من الله سوف نذكر أخبار الممالك التي اقيمت في القديم، بفضل
امتنا الأرامية، اي ابناء آرام، الذين اطلقت عليهم تسمية سريان
(سوريَيا("
*
كتب ابن العبري (القرن الثالث عشر) 7)
"
)
لم يرغب الأراميون (اي السريان) ان يختلطوا مع الأراميين
الوثنيين"
السريان اللذين يناضلون اليوم من أجل هويتهم الآرامية يحافظون
على هوية أجدادهم التاريخية . عودة السريان الى جذورهم الآرامية
تستند على نصوص واضحة من تراثنا و ليس بسبب وجود أحزاب
و مؤسسات تؤمن بالهوية الآرامية
.
الخاتمة
أ - التسمية السريانية لم تطلق على الآراميين المسيحيين في الأجيال
الأولى كما ذكر المطران أوجين منا
.
ب - قد تكون التسمية السريانية مثل التسمية الأرمنية في العصور
المتأخرة صارت تعني المسيحي و لكن هذا لا يؤكد نظرية المطران
منا
.
ج - التسمية السريانية لم تطلق على الشعوب البائدة : السريان ليسوا
خليطا من عدة شعوب
.
د - يتحدر السريان من الشعب الآرامي بشكل رئيسي و من بقايا بعض
الشعوب القديمة التي إنصهرت و ذابت ضمن الأمة
السريانية/الآرامية.
ه - التسمية السريانية هي مرادفة للتسمية الآرامية : التسمية
السريانية
هي تسمية قومية قبل أن تكون دينية و هي تعني الشعب الآرامي وحده
و لا تعني الشعب " الاشوري" أو الإسباني
!
و - التسمية السريانية /الآرامية هي تسمية تاريخية موحدة ، و
هي"
أملنا " الوحيد لتوحيد كل أبناء الكنائس السريانية في شرقنا
الحبيب.
ز - قداسة البطريرك دلي الثالث ، يؤكد " أننا الكلدان الآشوريين السريان
شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي.
ليعش العراق بكافة قومياته عربا وكردا وأراميين وأيزيديين وصابئة
وشبك."
|