الآراميون و لغتهم الآرامية
أقدم كتابة آرامية تعود الى القرن التاسع ق٠م
بينما أقدم كتابة كنعانية تعود الى القرن
الحادي عشر ق٠م و لذلك أغلب العلماء يذكرون أن
الأبجدية الآرامية قد تطورت من الأبجدية
الكنعانية
.أما
" اللغة الآرامية " نفسها فهي لغة شرقية
(سامية) قريبة جدا من اللغة العمورية حسب بعض
المؤرخين المتخصصين في تاريخ اللغات الشرقية
مثل كوفمان
.
هنالك عدة كتابات تؤكد تواجد الشعب الآرامي في
الشرق القديم منذ أواسط الألف الثالث ق٠م تحت
تسميات مختلفة (قبائل السوتو / الأحلامو /
الآراميين) و لكن منذ القرن الحادي عشر ق٠م
بدأت التسمية الآرامية تنتشر في الكتابات
بينما إختفت رويدا رويدا التسميتين السوتية و
الأحلامو..
أغلب المؤرخين و العلماء اللغويين يعتبرون
اللغة الآرامية لغة مستقلة عن الأكادية و
العمورية و الكنعانية بالرغم من انها جميعا
تتحدر من "لغة
أم " مشتركة و هي الأقدم و طبعا لا أحد يعرف
إسمها..
بعد هجوم " شعوب الآراميين: الشرق استطاعت
القبائل الآرامية أن تنتشر في كل الشرق القديم
و أن تؤسس عددا كبيرا من الممالك في الجزيرة
السورية / بيت نهرين و في بلاد آرام / سوريا
القديمة.
أهم مشكلات تاريخ الآراميين
:
أ - إن أبجديتهم المتطورة كانت سهلة و من ٢٢
حرف و كانت تكتب على جلود الحيوانات بعكس
الكتابة الأكدية الصعبة (٦٠٠ نقش) و كانت تكتب
على لوحات الاجر الفخار .
هذه اللوحات
الفخارية صمدت بينما تلفت جميع الكتابات
الآرامية ما عدا التي نقشت على الصخر
!
ب - إن أهم مصادر تاريخ الآراميين هو الكتابات
الأكادية و تقريبا٧٠
بالمئة من معلوماتنا حول إنتشار الآراميين هو
بفضل هذه الكتابات الأكادية
.
ج - لا شك أن سوريا و الجزيرة و وسط العراق و
شرقي الأردن و مناطق عديدة في شمال فلسطين و
سهل البقاع و شمال لبنان كانت آرامية أي
إستوطنها الآراميون و هنالك براهين تاريخية
.
د - صهر بقايا الشعوب القديمة
:
*الجزيرة
السورية : لقد أسس الشعب الميتني إمبراطورية
واسعة وصلت غربا الى حلب و جنوبا الى بلاد
أشور بين ١٦٠٠ و ١٢٠٠ ق٠م و لكن بعد إنتشار
الآراميين ١٢٠٠ ق٠م إختفى ذكر الشعب الميتني
الهندو أوروبي! لقد ذابت بقاياه ضمن الآراميين
.
*سوريا
: لقد إنتشر الشعب الحثي في حماة و قرب مدينة
سمأل ( لواء الإسكندرون المغتصب ) و هنالك عدة
كتابات حثية تؤكد تواجدهم خاصة في حماة و لكن
بعد إنتشار الآراميين إختفت الكتابات الحثية و
الأسماء الحثية و هذا برهان أن الآراميين قد
صهروا بقايا الحثيين
!
*بلاد
أشور:
لقد
إنتشرت القبائل الآرامية في جميع المناطق
المحيطة في بلاد أشور .
و بعد إنتصارات الأشوريين على القبائل
الآرامية الثائرة عمد ملوك أشور الى سياسة سبي
و نقل تلك القبائل الى بلاد أشور و هذا مما
أدى الى تفوق عدد الآراميين على الأشوريين في
بلاد أشور نفسها
...
السؤال هل كل
من تكلم اللغة الآرامية هو آرامي؟
أ - إن اللغة الآرامية مع أبجديتها كانت ثورة
حقيقية في التاريخ القديم لأنها سمحت للفرد أن
يدون بشكل مبسط و أن ينقل للأجيال اللاحقة ما
كتبه و ترك له .
اللغة الأكادية كانت محكية و منتشرة في كل
الشرق القديم و لكنها كانت صعبة التدويين و
عدد قليل جدا كانوا يجيدون تدوينها و فهم
كتاباتها
.
ب - الأشوريون و رغم إنتشار اللغة الآرامية
ظلوا محافظين على اللغة الأكادية كلغة رسمية !
نفس الملاحظة الى الكلدان فإنهم و بالرغم من
أن لغتهم الأم هي الآرامية فإنهم هم ايضا قد
حافظوا على إستخدام اللغة الأكادية كلغة رسمية
!
ج - لقد سبى الكلدان قسما كبيرا من الشعب
اليهودي سنة ٥٨٧ ق٠م و بدأ اليهود يستخدمون
اللغة الآرامية التي تعلموها في بلاد أكاد
و بعد قرنين نرى إنهم يترجمون أسفار التوراة
من العبرية الى اللغة الآرامية .
ليس فقط سيدنا يسوع المسيح قد تكلم باللغة
الآرامية و لكن الشعب اليهودي بأكمله و لمدة
زمنية طويلة جدا:
بعض العلماء اليهود قد كتبوا باللغة الآرامية
في الأندلس في القرن الحادي عشر الميلادي!
و جميع اليهود العراقيين كانوا يتكلمون اللغة
الآرامية في القرن العشرين
!
د - بعد إحتلال الفرس للشرق القديم سنة ٥٣٨
ق٠م سوف يختارون اللغة الآرامية كلغة رسمية في
جميع أنحاء إمبراطوريتهم الواسعة
.
*نلاحظ
أن ملوك الشعب الأرمني قد دونوا أخبارهم
باللغة الآرامية و هذا لا يعني أن اللغة
الآرامية كانت محكية عند الشعب الأرمني
!
*لقد
وجدنا عددا كبيرا من الكتابات الآرامية في
أفغانستان:
هذا لا يعني أن الآراميين كانوا
منتشرين في أفغانستان أو أن الشعب الأفغاني
كان يتكلم اللغة الآرامية : هذا يؤكد لنا أن
الفرس قد استخدموا اللغة الآرامية كلغة رسمية
و لتدوين العقود التجارية
.
تحية الى العلماء السريان الذين عاشوا في
العصور الوسيطة و تركوا لنا مئات النصوص
السريانية يؤكدون فيها هويتهم الآرامية و أن
لغتهم الأم هي السريانية المرادفة للآرامية .
للأسف لنا أن علماء اللغة السريانية في القرن
التاسع عشر و بداية القرن العشرين قد خصصوا
تعبير"
اللغة الآرامية " للغتنا القديمة و تعبير "
اللغة السريانية " للغة الآرامية التي كانت
منتشرة في الرها .
و هذا مما نشر بعض "المفاهيم الخاطئة " فصار
البعض يتوهم أن اللغة السريانية هي غير
الآرامية
.
الخاتمة
طبعا ليس كل من تكلم اللغة الآرامية فهو آرامي
بالهوية : الشعب الأرمني قد إستخدم اللغة
الآرامية مثل الشعب الفارسي و لكنهم ليسوا
آراميين .
جميع مسيحيي الشرق يتحدرون بشكل رئيسي من
الآراميين و من بعض الشعوب القديمة التي
إنصهرت كليا بالآراميين:
لا أحد علماء السريان قد إدعى في مصادرهم
بجذور ميتنية أو حثية أو أشورية أو كنعانية أو
عربية
! |