عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

   الأب جورج رحمه الراهب السرياني الماروني من بلدة عيناتا-الأرز


أقدّم هذا الكتاب

إلى إخواني السريان المنتشرين اليوم في العالم

أقدّم هذا الكتاب

لنكون على مثال آبائنا وجدودنا

الشهداد القدّيسين

المتصوّفين المتزهّدين

المعلّمين اللاهوتيّين والفلاسفة

أسياد بلاغة المنابر

ورسل بشارة الإنجيل في العالم

الذين غيّروا وجه الشرق ووجه الكنيسة الجامعة

بمثلهم الصالح وبشهادتهم للكلمة الإلهيّ

المسيح الأقنوم الثاني من الثالوث

الروحانيّة السريانيّة الأنطاكيّة

مدخل

إن الذي يميّز المسيحيّة، جوهريّاً، عن الديانتين التوحيديّتين، اليهوديّة والإسلاميّة، ثلاثة مبادىء أساسيّة هي: سرّ التحسدّ الإلهيّ، وسرّ الثالوث الأقدس، وشريعة المحبّة. فسرّ التجسّد يعلّمنا أنّ للمسيح طبيعتين، إلهيّة وإنسانيّة، متّحدتين في أقنوم واحدٍ، هو الأقنوم الثاني من الثالوث. ولاهوت سرّ الثالوث الأقدس يشرح لنا كيف أنّ الله الواحد الأحد له ثلاثة أقانيم: الأقنوم الأوّل هو الله الآب، والأقنوم الثاني هو الله الأبن، والأقنوم الثالث هو الله الروح القدس، بدون انقسام ولا تجزئة ولا تفكّك، بل في وحدة أزليّة- أبديّة- سرمديّة، لا تُفصم عراها. وهذا الثالوث يوجّه مخلوقاته ويسهر عليها، في وحدةٍ كاملة بحيث

أنّ ما يصنعه الآب يصنعه مع الأبن والروح القدس، وما يصنعه الابن يصنعه مع الآب والروح القدس، وما يصنعه الروح القدس، يصنعه مع الآب والابن، دون أن يتفرّد واحدّ من الثلائة أقانيم بأمر ما، حتّى ولو كنّا نقول في تعالتمنا الدينيّة إنّ الله الآب هو الخالق، وإنّ الله الابن هوالفادي، وإنّ الله الروح القدس هو البارقليط المعزّي. مالحضور الثالوثيّ هو في كلّ أمر لأنّ الله واحدٌ أحد لا تجزئة فيه. أمّا شريعة المحبّة، التي تُميّز أيضاً المسيحيّة، فلقد أعطاها المسيح حين قال، " هذه هي وصيّتي: أحبّوا بعضكم بعضاَ مثاما أحببتكم" المسحيّون لم يفهموا مياشرةً هذا التعليم. لقد بقي الأمر صعب الفهم عليهم ما يزيد على ثلاثماية وخمسين سنة تقريباً، لغاية انتقالهم من الأمر الإنجيليّ وهو: "إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوه باسم الآب والابن والروح القدس" إلى إعلان قانون إيمان مجمع نيقيا سنة 325م، الذي حدّد العقيدة بما نسميّه النؤمن:

 "نؤمن بإلهٍ واحدٍ، آبٍ ضابط الكلّ، خالق كلّ ما هو منظور وغير منظور، وبربَّ  واحدٍ يسوع المسيح، ابنِ اللهِ الوحيد، مولودٍ غير مخاوق، مساوٍ للآب في الجوهر، إله من إله، نورٍ من نور، إله حقّ من إله حقّ، الذي به كان كلّ شيء، ما في السماء وما في على الأرض، الذي نزل من السماء من أجل خلاصنا، وتجسّد، وصار إنساناً، وتألّم وقام في اليوم الثالث وصعد إلى السماء وسيعود ليحاكم الأحياء والأموات، ونؤمن بالروح القدس.

كذلك كان لا بُدَّ من الانتظار لغاية سنة 381م لكي يُكمل المجمع المسكونيّ في القسطنطينيّة قانون الإيمان ويؤكّد على أنّ الابن حُبل به من الروح القدس ومن العذراء مريم، مُثبتاً بذلك عقيدة سرّ التجسّد، ومؤكّداً بوضوح ألوهيّة الروح اقدس:

 "ونؤمن بالروح القدس الذي هو الله وواهب الحياة، والمنبثق من الآب، والذي هو معبود مع الآب والابن ممجّد، والذي تكلّم بالأنبياء".

 هنا لا بُدَّ من التأكيد هلى أنّه، بالرغم من وضوح قانون الإيمان، من قبل الآباء الماية والخمسين المجتمعين في المجمع المسكونيّ الثاني في القسطنطينيّة، الذي أكملوا ما بدأ به الآباء الثلاثماية والثمانية عشر الذين اجتمعوا في مجمع نيقيا سنة 325م، الذي ترأّسه الأمبراطور فسطنطين الكبير، والذي افتتحه البطريرك الأنطاكيّ القدّيس أوسطاطيوس، الذي أعلنه الأمبراطور قسطنطين الحَكَم في الإيمان المسيحيّ، فإنّ بعض الكنائس المسيحية، وخصوصاً في الغرب المسيحيّ، كانوا يعتيرون أنّ الروح القدس لم يكن مساوياً للآب والابن، بل كان له دور ثانويّ، تابع للآب والابن. لكنّ موقف الكنيسة السريانيّة الأنطاكيّة كان مميّزاً في هذا الأمر.

ملاحظة: يمكن حجز الكتاب مباشرة من السيد اسطفان. هاتف:91425 -531 08 -0046

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها