بقلم: جان جبران لحدو
فهو الاديب العريق،
والشاعر اللامع، والصحافي الشهير، والخطيب المنبري،
والمحاور
المبدع، والمدافع الجري
عن التاريخ والهوية واللغة والحضارة الآرامية الله
يرحمه ويسكنه فسيح جناته.
سوريا
الغاصبة
تهرول وراء قرار
هيئة الامم المتحدة رقم 1559
العالم المتمدن الحّر، بكافة
مؤسساته الشرعية العالمية والاقليمية،
يعرف جيداً أنه منذ
اكثر من ثلاثين عاماً حتى اليوم، و الجمهورية العربية السورية المحصّنة
بنظامها البعثي الارهابي الحاكم... تستعمر لبنان الصغير الجميل، بعدما اذلّت
شعبه المسالم، وصادرت قراره الحّر، والتهمت خيراته، وقوضت نظامه البرلماني
الدستوري، وهدمّت بنيته التحتية، وسحقت اقتصاده المتين، ومزّقت وحدته
الوطنية، واحكمت قبضتها الحديدية العسكرية والاستخباراتية، على سائر مرافقه
الحياتية، ونصّبت فئة لبنانية صغيرة مهمّشة، حاكمة على السواد الاعظم من
اللبنانيين المخلصيين لوطنهم ودستوره وعلمه واستقلاله.
وكان لبنان الحضارة والهوية
المنيعة، قبلما اغتصبتة "شقيقته" الجمهورية العربية السورية، وطناً للنور
والفكر والاشعاع، ورمزاً للوحدة الوطنية والتعايش الاخوي، بين كافة الاديان
والمذاهب والطوائف والانتماءات الحزبية والسياسية والمحفلية، ودرّة للجمال
والطبيعة الخلاّبة، وموئلاً للمظلومين والمقهوّرين، ومنبراً للديبلوماسية
الدولية والمحلّية، وجسراً لالتقاء الحضارات والتطوّرات المدنية الشرقية
والغربية، ومجمعاً اقتصادياً وتجارياً ً وزراعياً ومعلوماتياً لا يُبارى في
الشرق كله، مدافعاً – عن طيبة قلب و قصر نظر و غشمنة في آن واحد - عن "قضايا"
العربان، وصديقاً للشعوب المحبة للسلام والمؤمنة بحقوق الانسان والاحترم
المتبادل. غير أن الاغتصاب السوري الأخطبوطي للبنان، وارغام "حكوماته"
المتعاقبة، على القبول "بوحدة" المصير والمسار، جعل من لبنان عدواً للجميع و
رأس حربة للصراع السوري الاسرائيلي، دفاعاً عن جولان الجمهورية العربية
السورية ، وذلك "بتسخين" الجبهة الجنوبية اللبنانية، عوضاً عن تسخين "جبهة"
الجولان،.. عفواً... لاجبهة في الجولان، لأن سوريا "البطلة" والتي ترفض
"الضيم" وتشجب "الاحتلال الاسرائيلي" تبغي تحرير الجولان، من حدود لبنان
الجنوبية، وليس من حدودها الباردة... ياهكذا تكون "الوطنية" يالا!.
و في كل مرة، عندما كانت
الولايات المتحدة الامريكية، او هيئة الامم المتحدة، او الاتحاد الاوربي،
يصدر قراراً عالمياً، شرعياً، يطالب الجمهورية العربية السورية بانسحابها من
لبنان، كانت "الشقيقة" ، تبادر الى تعكير صفو الامن في لبنان، بواسطة
السيارات المفخخة... والقنابل الموقوتة... و احياناً بواسطة الاغتيالات مثل
اغتيال القضاة الاربعة في الجنوب.. والصدامات الدامية مثل تصادم الشيخ
الطفيلي و انصاره بضباط و عناصر الجيش اللبناني في البقاع.. كما توعز الى
عملائها وزبانيتها من النواب و الوزراء و الحزبيين و النقابيين و الصحافيين
اللبنانيين الخونة، كي يبدأوا بالتطبيل والتزمير دفاعاً عن "الوجود السوري
الشرعي" في لبنان... و تبدأ تصريحاتهم الصفراء بتصدر كافة وسائل الاعلام
المرئية و المسموعة و المقروءة، دفاعاً عن هذا التواجد المسخ لتعطيل مفعول
قرارات المنظمات الدولية الدستورية في انصاف لبنان
واللبنانيين وانقاذهم من
براثن الثعلب التيمورلنكي الحاكم في الجمهورية العربية السورية و لبنان...
كيف تخرج هذه من لبنان؟ و ماذا سيحلّ بعملائها بعدئذٍ؟ بعدما جعلتهم سلطات
الاحتلال العربي السوري نواباً و وزراء... هل يمكنهم الحصول على وظيفة
"حاجب" او "بلانطون" بعد خروجها منه؟ كيف تخرج "الشقيقة"ا من لبنان، و قد
وجدت فيه نبع المال و الماء و الكهرباء و حشد اليد العاملة... كما وجدت فيه
سوقاً "مبحبحاً" لتصريف منتوجاتها الزراعية.. و بؤرة لقبض "الخوّة" من سارقي
السيارات و الادوات الكهربائية و الصناعية الباهظة الاثمان ... بعد توفير
الحماية لهم؟؟ و هكذا تمكنت "قلب العروبة النابض"، صاحبة الشعارات " القومية
والاخوية" الطنّانة الجوفاء... من شرذمة لبنان، و تقسيمه و الايقاع بين أهله
وذلك "لتفجي" الساحة الامنية، وابقاء الشعب اللبناني المقّسّم على نفسه، تحت
"رحمه" الارهاب السوري، واشعار العالم كله، ان لبنان لا يمكن له ان ينعم
بالامن والاستقرار، الاّ بوجود " الشقيقة".. هذه المهزلة ما عادت تنطلي على
عاقل فوق الكرة الارضية، و إن الرب، يا "أبطال الصمود و التصدي"، يمهل و لا
يهمل.
بعد قرار هيئة الامم المتحدة
رقم 1559، و فيما كانت جحافل الجيش العربي السوري ومخابراته العسكرية، تنسحب
من لبنان تحت اجنحة الظلام.. بدأ عملاء هذة الدولة المذعورة، يصّرحون بان
الانسحاب العربي السوري من لبنان، هو تنفيذ لاتفاقية الطائف، و ليس خوفاً من
مفعول القرار الاممي.. ياخونة.. لماذا لم تنفذ "الشقيقة" اتفاقية الطائف خلال
اكثر من عشر سنوات على ابرامها؟ لماذا تنفذها بعد صدور القرار الاممي، و ليس
قبل صدوره؟ وهل ينسى احد في الكون، ان "الشقيقة"، هي التي صرعت رئيس
الجمهورية البطل الشيخ بشير الجميّل، ورئيس حزب الوطنيين الاحرار الاستاذ
داني شمعون و الاستاذ رينيه معوّض و خدّامها الأوفياء كمال جنبلاط والمفتي
حسن خالد و رشيد كرامي و ايلي حبيقة.. كما ضربت الجيش اللبناني والقوات
اللبنانية بالطيران الحربي و البوارج البحرية، ثم نفت قائد الجيش و رئيس مجلس
الوزراء الجنرال ميشال عون و رفاقه الى فرنسا، ثم سجنت قائد القوات اللبنانية
الدكتور سمير جعجع، ومازال ... بعدما البسته الف جريمة وجريمة كذباً و بهتانا
... كما اختطفت اكثر من مئتي ضابط وقيادي لبناني مسيحي، و زجّتهم في سجن
المزة بدمشق، و بعد اكثر من عشر سنوات، نفت وجود اي سجين لبناني في سوريا..
وهل ينسى أحد، ما قامت به مخابراتها في ضرب الجامعيين
والطلبة اللبنانيين
المسيحيين، الرافضين للاستعمار العربي السوري لوطنهم لبنان، و اغتيالها لعدة
قياديين لبنانيين مسيحيين في الحركة الطلابية امثال المرحومين رمزي عيراني و
بيار بولس. ومن ينسى
تهديداتها، للنواب و الوزراء والشخصيات الرافضة
احتلالها للبنان؟.
ان اللبنانيين الواصلين الى
الحكم في لبنان، بواسط "الحماية" و "العمالة" العربية السورية، سيلقون مصير
حكومة "فيشي" الفرنسية، المتعاونة مع المحتلين النازيين الألمان ضدّ فرنسا
والفرنسيين ابان الحرب العالمية الثانية.. وان مهزلة "الحج " الى الجمهورية
العربية السورية لتلقي كافة الاوامر، عبر المرور "بعنج" لنيل بركة "غازي
كنعان" و بعده "الغزالي" لن تتكررّ باذن الله!
|