اللغة
السريانية الآرامية هل هي عقبة ام مقبرة للفكر الأشوري ؟
لقد إنتشر الفكر الأشوري خاصة بين السريان الشرقيين النساطرة في
بداية القرن العشرين .
في عام 1935 , صدر ليوسف مالك كتاب بالإنكليزية هو " الخيانة
البريطانية للآشوريين " , جاء فيها : " رغم أن الآشوريين يمثلون "
أمـة " واحدة , وإنهم الورثة الحقيقيون للإمبراطورية العتيدة , إلا
أنهم منقسمون مذهبياً إلى خمس طوائف دينية ... هي النساطرة –
الكلدان – السريان الكاثوليك – الموارنة – اليعاقبة " . ثم يذكر :
" ... إن ملاحظة بسيطة تكفي لتدل على ما سبق, إن السلطات فيما إذا
تناول حديثها طائفة اليعاقبة أو كنيسة اليعاقبة مثلاً , فأنها لم
تكن توحي بوجود قومية يعقوبية "( يوسف مالك, الخيانة البريطانية
للآشوريين , ترجمة يونان ايليا يونان سنة 1981 ص 13 ).
لقد
مرت اكثر من ٧٥ سنة على صدور هذا الكتاب و لا يزال إخوتنا السريان
المشارقة يرددون هذه الأفكار السياسية التي لا تتطابق مع تاريخ
السريان المشارقة الذين كانوا يؤمنون بهوية سريانية آرامية . رغم
عدم صحة الطروحات التاريخية في الفكر الأشوري فإنه ينتشر في اواخر
القرن العشرين بين بعض السريان الغربيين لأنه كان يروج فكرا قوميا
ينادي بالوحدة بين الطوائف السريانية . و لكن هنالك عقبة كبيرة
تعترض المنادين بالفكر الأشوري و هو إسم لغتنا الأم ! من جهة
السريان المغاربة متمسكون بإسم لغتهم السريانية و من جهة أخرى
السريان النساطرة كانوا يجهلون ان الشعب الأشوري القديم لم يكن له
لغة خاصة به و لكنه كان يتكلم اللغة الأكادية التي كانت منتشرة في
كل الشرق القديم . هذه العقبة قد تتحول الى مقبرة للفكر الأشوري في
السنين القادمة للأسباب التالية ...
أولا - هل الكنيسة
السريانية الأرثودكسية تعترف بوجود لغة "أشورية"؟
إتصل بي صديق من السويد متذمرا لأن أحد المدعين بالهوية الأشورية
قد حشره و قال له " إن البطريرك الراحل يعقوب الثالث قد ذكر أن
السريان يتحدرون من الأشوريين و الآراميين و أن مطران حلب يوحنا
إبراهيم يعترف بوجود اللغة الأشورية " . هدأت من روع صديقي و ذكرت
له أن الأراء في المواضيع التاريخية و اللغوية اذا لم تكن مسنودة
ببراهين علمية فهي مجرد أقاويل لا وزن لها.
أ - ما مدى صحة
رأي قداسة البطريرك الراحل يعقوب الثالث ؟
ترك
لنا هذا البطريرك عدة دراسات لغوية حول اللغة السريانية و هو فعلا
قد ذكر ان السريان يتحدرون من الآراميين و الأشوريين و قد نقل هذه
الفكرة الخاطئة من مقدمة " اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية"
للمطران إقليمس داود . و كان هذا المطران قد ذكر في مقدمته " "فينتج
من ذلك ان الامة السريانية جمعاء شرقا و غربا كانت قبل المسيح تدعى
عند اهلها ارامية او آثورية كما ورد اسمها دائما في الكتاب المقدس
و ان اسم السريانية لم يكن الا اختصار اثورية اختصره اليونانيون
الذين كثروا في بلاد الارامية بعد الاسكندر ذي القرنين و قلبوا
ثاءه الى السين لسهولة اللفظ .
ثم لما اعتنق الاراميون الديانة النصرانية اهملوا اسمهم القديم و
تسموا باسم السريانيين تمييزا لهم من الاراميين الوثنيين فلم يكن
اسم السرياني اسما للملة بل للديانة و ناهيك ان الباقين من
الآراميين القدمآء في اثور و اذربيجان و جبل عبدين الى يومنا هذا
لا يتخذون لفظة السرياني ... للملة بل للديانة فان هذه اللفظة عنهم
مرادفة للفظة المسيحي و النصراني ." إن البطريرك الراحل قد أخذ هذه
الفكرة من مقدمة المطران داود" "فينتج من ذلك ان الامة السريانية
جمعاء شرقا و غربا كانت قبل المسيح تدعى عند اهلها ارامية او
آثورية ..." فهو لم يبحث في مصادرنا السريانية و لا يقدم أية
براهين تسند رأيه .
ملاحظة صغيرة :
إن
التسمية الأشورية في المصادر السريانية الشرقية و الغربية لم تكن
مستحبة و كان اجدادنا يستخدمونها للإشارة الى الظلم و القسوة .
ب - هل المطران
يوحنا إبراهيم يعترف بوجود لغة " أشورية" ؟
سيادة المطران يوحنا إبراهيم هو باحث في السريانيات و ناشر لعدد
كبير من الكتب حول تراثنا السرياني. لا احد يعتقد ان سيادته قد
جامل الأحزاب الأشورية المتطرفة و رضي بأن تسمى لغتنا " أشورية" او
لمح ان اللغة السريانية متحدرة من " الأشورية" ! سيادة المطران
جورج صليبا قد ذكر في مقدمة كتابه " معلم اللغة السريانية " ...لهجة
طور عبدين هي أكدية عتيقة . و هذه نظرية جديدة لا يؤمن بها احدا من
علماء اللغات الأكادية و الآرامية . إنني لا أعتقد ان سيادة
المطران إبراهيم يرى بأن يزور إسم لغتنا الى " أشورية" ، و قد وجدت
في أحد المواقع الذي يخلط بين هويتنا السريانية الآرامية و التسمية
الأشورية كلمة تشجيعية لذلك الموقع تجدونها على الرابط
http://www.a-olaf.com/home/viewtopic.php?f=16&t=69
و
قد ورد فعلا في كلمته " لقد أسعدنا جدا المشروع الرائع الذي أقدمتم
على تنفيذه وهو دليل كنائس وأديرة أبناء اللغة السريانية ، مكتبة
الألحان السريانية والآشورية , دليل أبناء اللغة السريانية
الاقتصادي و مكتبة الكتب السريانية .." من يدقق يلاحظ أن سيادة
المطران إبراهيم يعدد المنتديات الموجودة في ذلك الموقع فهنالك
منتدى او مكتبة الألحان السريانية والآشورية . نحن كنا نتمنى من
سيادته ألا يستخدم تعبير " الأشورية" لأن بعض رجال الدين السريان
لا يزالون يصدقون الطروحات الأشورية التي تزيف تاريخ و هوية
السريان الآراميين و لأن البعض يستغلون بعض التعابير و يحملونها
معاني لم يقصدها كاتبها .
لقد شرحت لصديقي أن سيادة المطران لم يعترف بوجود لغة " أشورية" و
أنه إذا غامر احد رجال الدين السريان و اعترف بوجود لغة " أشورية"
فهذا لا يعني أن الكنيسة السريانية تعترف بوجود لغة " أشورية" و
لكن هذا الإعتراف يعني أن رجل الدين هذا لا يدافع عن إسم لغتنا
العلمي و أنه غير مطلع على تاريخ اللغات القديمة .
ثانيا - بعض
محاولات الفكر الأشوري اليائسة !
أ- يردد بعض المناضلين للفكر الأشوري
أن اللغة الآرامية قد ماتت و بعضهم يدعون انها لا تزال تحتضر في
جبال القلمون في ضيع معلولا و بخعة و جبعدين و هم يقصدون ان
التسمية الآرامية - إذا صحت - تطلق على سكان هذه الضيع ! و هذا
يعني - في احلامهم وسط النهار - ان اللغة السريانية هي غير
الآرامية و كما يردد السيد أشور شليمون( بدون براهين) أن اللغة
السريانية هي مزيج من عدة لغات سامية قديمة ( نظرية جديدة بدون
براهين و من يهمه الأمر فليسأل السيد شليمون لما ينف الإسم
السرياني و يردد اللغة " الأشورية")
ب- السيد شليمون يستخدم كل الطرق كي
يثبت تسمية اللغة " الأشورية" فهو - كما يقال - ملكي أكثر من الملك
: الأشوريون القدامى كانوا يسمون لغتهم أكادية و هو السرياني
الشرقي الذي يتكلم اللغة السريانية يريد ان يسميها " أشورية" !
في مقال له - عنوان رنان - " مختارة سد البوشرية " أشطر" من الباحث
هنري بدروس كيفا!"
و
لكن المضمون كلام فارغ كالعادة . تجدونه على الرابط
http://www.samaalkamishli.com/ma/viewtopic.php?f=43&t=8510
* - أولا إنني لا أدير موقع التنظيم
الآرامي و لست مسؤولا فيه .
* - إن المختارة ليلى لطي هي " أشطر"
مني و لكنها " أمينة" على إسم لغتها الأم أكثر منك !
* - السيدة ليلى لطي هي مختارة الحي
الذي ولدت فيه و كان يسمى " حي السريان" بسبب الوجود المكثف
لإخوتنا من السريان المشارقة النساطرة و لكنهم بعد سنة ١٩٧٦ قلبوه
الى " حي الأشوريين" !
*- لقد تحدثت عدة مرات مع السيدة
ليلى لطي و هي تؤمن بالتاريخ الأكاديمي و ليس التاريخ المسيس .
في
المقال الذي تستشهد به و هو على الرابط
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Artikel/Layla_Latte.htm
فهي تقول حرفيا " ليش بدنا نمحي حضارة آلاف السنين ولغة جدودنا لغة
الشرق كلو( بنقصد هون اللغة الآرامية-السريانية)".
ج - ما هو هدف السيد شليمون المبطن ؟
كتب السيد شليمون " حيث تقول ليس كل من ينطق لغة لأمة يصبح في
تعداد تلك الأمة وأتت بمثال حيث قالت الشعب الأميركي يتكلم باللغة
الإنكليزية ولكنه ليس بأنكليزي الهوية. "
* يتوهم السيد شليمون أن د. أسعد
صوما او أنا شخصيا او كل باحث متخصص في تاريخنا السرياني يستطيع أن
" يساوم" حول الحقائق التاريخية !
* إن الولايات المتحدة تتكلم اللغة
الإنكليزية و هم لا يدعون انهم إنكليز و لكنهم أمة أميركية و يسمون
لغتهم " أميركية" !
* السريان المشارقة يتكلمون اللغة
السريانية الآرامية و بالرغم من ان كنيستهم صارت مؤخرا تسمى أشورية
و أن رجال الدين فيها يسمون لغتهم زورا " أشورية" فنحن لا نعتقد أن
اي باحث أكاديمي يقبل بهذا التزوير الفاضح !
* إذا كان عندكم احلام سياسية و
طروحات تاريخية خاطئة فنحن عندنا أمانة للعلم و لتراث اجدادنا .
* الفرس تكلموا اللغة الآرامية و
الأرمن ايضا تكلموها و لكنهم حافظوا على هويتهم التاريخية .
* السريان المشارقة من كلدان و
نساطرة هم سريان بالجنس و ليس باللغة . كتب السيد شليمون " شيئا
نريد إفهام هذين الأخوين منذ زمان وحتى لو قبلنا أن كل الهلال
الخصيب مرة من المرات استخدم اللغة التي يحلو لهما تسميتها
الآرامية وذلك لا يعني بأنهم آراميون."
* السيد شليمون المحترم - انت لا
تستطيع ان تعلم احدا في مواضيع تاريخية انت لا تملك الشجاعة كي
تتحقق فيها - فنصائحك احتفظ بها !
* نحن لا ننتظر منك ان تقبل أن اللغة
الآرامية كانت محكية في شرقنا في فترة ما : قبولك او رفضك لا يؤثر
في تاريخ إنتشار لغتنا الآرامية .
* أيها " الفهمان" لسنا نحن من
يسميها " اللغة الآرامية" و لكن كل المصادر القديمة و المراجع
العلمية . أخيرا صحيح أن المختارة ليلى لطي هي أشطر مني و لكنها
مثقفة و غيورة و تعرف بأنني باحث متخصص في التاريخ السرياني و هي
لن تقبل ان تسمى لغتنا " أشورية" حسب رغبتك اليائسة .
ثالثا - لما يتشبث
الفكر الأشوري بتسمية " اللغة الأشورية " ؟
هنالك أسباب عديدة:
أ - البعض منهم قد تعلم منذ ولادته
بأنه يتكلم " اللغة الأشورية" و كثيرون منهم يؤمنون أنها فعلا "
أشورية" .
ب - في مقال سابق عنوانه "قاموس
شيكاغو " ألأشوري " و أللغة ألأكادية" موجود على الرابط
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/Dr.Henyi/20.htm
ذكرت فيه العالم I.J GELB بنفسه يسمي اللغة في المقدمة باللغة
الأكادية. و ان كل القواميس الجديدة و كل العلماء المتخصصين في
تاريخ الشرق القديم يستخدمون الإسم العلمي و هن اللغة الأكادية .
ج - السريان المشارقة الذين يؤمنون
بالفكر الأشوري يريدون ان يجدوا حلا يسمح لهم بتسمية لغتنا
السريانية باللغة " الأشورية"!
د - لا يريدون الإسم الحقيقي للغتهم
الأم و هو اللغة السريانية الآرامية لأن هذه التسمية العلمية تفضح
بقية طروحاتهم الكاذبة .
ه - لا يريدون الإعتراف بإسم لغتنا
العلمي مخافة ان يبتعد عنهم بعض الضالين من السريان و الكلدان.
و - لقد رفعوا شعارات عديدة منها "
لغة واحدة شعب واحد" متوهمين أن إسم لغتنا هو " الأشورية" فرددوا
مرارا هذه الشعارات و اليوم حيث يستطيع كل مثقف ان يتابع و يتأكد
من صحة الطروحات بواسطة النت : إسم لغتنا العلمي هو السريانية
الآرامية !
الخاتمة
إن تطرف الفكر الأشوري في الإدعاء بوجود لغة " أشورية" و محاولات
مشبوهة تسمح له ان يطلق التسمية " الأشورية" على اللغة السريانية
سوف تلقي الشك في بقية طروحات الفكر الأشوري ! المقالات غير
العلمية التي تحاول الدفاع عن " اللغة الأشورية" تدفع القارئ الى
الرجوع الى الدراسات الأكاديمية . و بما ان الجامعات العالمية تسمي
لغتنا سريانية أرامية فإن القارئ المثقف يفهم ان التطرف الأشوري
يركض وراء قضية خاسرة . كلما تطرف المدافعون عن " اللغة الأشورية"
تتحول اللغة السريانية الآرامية من عقبة الى مقبرة للفكر الأشوري !
تخاذل بعض معلمي اللغة السريانية في الماضي القريب قد زاد فيكم روح
التعصب و التطرف فصرتم تنكرون وجود لغة سريانية و تؤكدون موت اللغة
الآرامية. نحن نراهن اليوم إن المؤسسات السريانية الآرامية ستدافع
عن إسم لغتنا. |