الفكر الأشوري و سياسة " كذب العلماء و لو صدقوا
"
يتعرض المسيحيون المشارقة من أقباط و أرمن و سريان آراميين الى
أبشع عمليات الإرهاب : بعض الأصوليين ضحوا في حياتهم لقتل
المسيحيين المشارقة و هم يصلون أمينين في كنائسهم . " العروبيون"
ينهبون تاريخنا و الأصوليون يحاولون بكل الوسائل إقتلاع البقية
من المسيحيين الأصيلين من أوطانهم
!
الأكثرية الساحقة من المسلمين العرب هم معتدلون و لهم علاقات
طيبة و ودية مع المسيحيين المشارقة . إن بعض الأصوليين (عددهم
قليل جدا) يرتكب هذه العمليات ضد المسيحيين المشارقة مما يسيئ
الى الحكومات العربية و الشعب العربي الأصيل
.
هدفي من هذا المقال هو إظهار الفكر الأشوري الذي يردد
ان السريان ينتمون الى الشعب الأشوري و بالتالي من حق احزابهم
ان تكون " ممثلة"
لكل السريان الآراميين في الشرق
!
اولا - " كذب المنجمون و لو صدقوا
"
كان المنجمون و العرافون و السحرة يحتلون مكانة مرموقة في
تاريخ الشعوب القديمة. كان اباطرة الرومان في أوج عز الإمبراطورية
الرومانية يلجئون الى المنجمين لمعرفة رأي الألهة في الأعمال و
الحروب المزمعين على خوضها . رأي الألهة عبر الذبائح المقدمة
لن يغير مصير المعركة فالغلبة في أكثر الأحيان هي للجيش الأكثر
عدد و الأكثر استعداد للحرب!
قصيدة أبي تمام في فتح عمورية مشهورة جدا لأن المنجمين كانوا
قد نصحوا الخليفة المعتصم بإنتظار فصل الصيف و لكن الخليفة لم
يسمع لهم و بادر الى مهاجمة البيزنطيين و الإنتصار عليهم .
مطلع
القصيدة
:
"السيف
أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب"
إن الديانات السماوية قد حاربت المنجمين و السحرة لأنهم من
رموز الديانات الوثنية و لأنهم لا يعرفون إرادة الله الحقيقية . لا
تزال
المجتمعات في أقصى أسيا تؤمن ان رهبان بوذا يستطيعون
معرفة الغيب
و يقصدونهم - حتى اليوم - قبل عقد الزواج لمعرفة
اذا سيكون موفقا و حتى قبل القيام بالسفر من اجل العمل
!
المنجمون لا يعرفون مسبقا نتائج المعارك و هم " كذابون منافقون"
حتى و إن صدقت توقعاتهم!
إخوتنا من السريان المشارقة الذين " يؤمنون / يدعون" بهوية أشورية
حديثة يحكمون على دراسات العلماء المتخصصين بأنها " كاذبة" بدون
التحقق بصحتها
!
ثانيا - الفكر الأشوري الحديث
أ- هو الفكر القومي الذي بدآ ينمو
بين السريان المشارقة في نهاية
القرن التاسع عشر الميلادي بعد التنقيبات الآثرية في العراق و
إنتشار
تسمية
ASSYRIOLOGY
و إهتمام العلماء بتاريخ الشعب الأشوري
القديم . السريان المشارقة حسب مصادرهم التاريخية باللغة السريانية
هم احفاد الآراميين و لغتهم الأم هي السريانية الآرامية و لكن
الفكر
الأشوري يدعي أن السريان ينتمون الى الأشوريين القدامى و يحاول
بكل الطرق الملتوية في تأكيد الهوية الأشورية الغريبة عن السريان
و هويتهم الحقيقية
.
ب - هنالك عوامل عديدة ساعدت في
الماضي في إنتشار الفكر
الأشوري بين السريان سوف أذكر بعضها:
*
الإكتشافات الآثرية في العراق و فك رموز الكتاببة المسمارية
و إهتمام الغرب في القرن التاسع عشر في تاريخ و حضارة الأشوريين
القدامى قد خلق بين السريان الشرقيين فكرة الإنتماء الأشوري
.
*الصراع
السياسي في أوروبا و سياسة الإستعمار قد دفعت هذه الدول الى تشجيع
الإرساليات خاصة البروتستنتية في تواجدها في
الشرق . لقد شرح العالم جان فيه كيف ان التعبير باللغة الإنكليزية
"إرسالية
للمسيحيين في ( بلاد) أشور" سيتحول الى" إرسالية للمسيحيين
الأشوريين"
.
*سياسة
الإنكليز الخداعة : كتب ويغرام كتابا حول السريان النساطرة سنة
1910 و عنوانه
" THE ASSYRIAN CHURCH "
و
لكنه
يؤكد في المقدمة أن التسمية الأشورية هنا لا تشير الى هوية تاريخية
او حرفيا
"
there is no historical authority for this name
"و
لكنه سيكتب كتابا أخر بعد عشرين سنة يؤكد
فيه - بدون براهين علمية - ان النساطرة يتحدرون من الشعب
الأشوري
القديم ربما لأن السريان النساطرة كانوا " متحالفين" مع الإنكليز
في
العراق.
*بعد
مأساة سيميل سنة
١٩٣٣ و هرب عدد كبير من إخوتنا السريان النساطرة الى أميركا و عالم
الإغتراب و تأسيسهم لأحزاب و نوادي ثقلفية و مجلات تحت شعار الإسم
و الهوية و اللغة الأشورية.
نشأت عدة أجيال تؤمن انها تنتمي فعلا الى
الآشوريين القدامى و انها تتكلم اللغة الأشورية الأم
!
*عبر
تاريخها الطويل كانت الكنيسة النسطورية تعرف بالكنيسة الشرقية
القديمة او الكنيسة السريانية الشرقية و لكنها سنة ١٩٧٦ بدلت
إسمها الى الكنيسة الأشورية و صار رجال الدين في هذه الكنيسة
يرددون أنهم ينتمون الى الأشوريين و يتكلمون لغتهم الأم " الأشورية"
!
*إنتماء
السريان المشارقة الى عشائر كانت تعيش في معزلة في جبال حكاري قبل
الحرب العالمية الأولى و محاطة بشعوب هندو اوروبية سوف تساعدهم على
الحفاظ على تقاليدهم و لغتهم السريانية الأم بعكس السريان الذين
كانوا يعيشون مختلطين مع العرب مما سمح لهم بالتكلم باللغة العربية
.
ج- أشوريون قدامى أم سريان آراميون ؟
*لا
احد ينكر او يستطيع ان ينكر تاريخ الشعب الأشوري القديم و لكن
إخوتنا من السريان المشارقة الذين يؤمنون بالتسمية و الهوية
الأشورية يرددون ان كل السريان ( المشارقة و المغاربة ) ينتمون الى
الشعب الأشوري العظيم
.
*بالرغم
من أن علماء السريان النساطرة القدامى كانوا يؤكدون في مصادرهم
التاريخية على انهم سريان آراميون و بالرغم ان بعض اشهر علماء
الكنيسة الكلدانية المعاصرة
يعترفون بهوية آرامية تاريخية موحدة
فإننا نرى الفكر الأشوري متمسكا بطروحاته التاريخية الخاطئة.
*تجاهل
متعمد لتاريخنا و هويتنا السريانية الآرامية : عندما
السرياني الشرقي ( المؤمن/ المدعي) بالهوية الأشورية يعرف عن
هويته باللغة السريانية يقول " سورايا" اي سرياني و لكن الفكر
الأشوري المسيس لا يحترم قواعد اللغة السريانية و بكل جسارة
يضعون حرف الألف امام الإسم السرياني و يحولونه الى" أسورايا"
و يدعون انه إسمنا التاريخي باللغة السريانية : و يا للعار لأساتذة
اللغة السريانية الجبناء الذين - لأسباب مجهولة ؟ - لم يصححوا
هذا التزوير الفاضح . كلمة " أسورايا" غير موجودة في اللغة
السريانية
و التسمية السريانية التي تعني الأشوري هي " أتورايا" اي بحرف
التاء
!
من
يرغب بالإطلاع على تاريخ الآراميين في العراق ارجو ان يطلع
على " إنتشار القبائل الآرامية في العراق القديم " على الرابط
http://www.nesrosuryoyo.com/forums/viewtopic.php?f=182&t=2449
*إن
أغلب العلماء المتخصصين في تاريخ السريان المشارقة يسمونهم "
السريان المشارقة" و يسمون لغتهم اللغة السريانية و ليس اللغة
الأشورية كما تروج كنيستهم او بعض المناضلين المتطرفين
!
ثالثا - الفكر الأشوري و التاريخ الأكاديمي خطان
متوازيان لا يلتقيان.
أ-
لقد
تطور الفكر الأشوري في السنين الأخيرة و قد بدل الكثير من شعاراته
و طروحاته . بعض الأحزاب تعترف أن لغتنا الأم هي اللغة السريانية و
بعض المواقع المهمة مثل موقع عنكاوا تسمي لغتنا سريانية و لكنها
تسمح لبعض المتطرفين ان يسموها " اللغة الأشورية" مما يلقي الريبة
و الحذر من موقف الأحزاب التي تعترف علنيا بإسم اللغة السريانية و
لكنها لا تهتم في الدفاع عن إسم لغتنا العلمي
!
لقد لاحظنا في العقدين الأخيرين تحولا في مفهوم الهوية التاريخية و
التسمية : شعار " كلنا أشوريون" تحول الى " كلنا ننتمي الى شعب
واحد" ! المشكلة إن اصحاب هذه الشعارات لا تبني طروحاتها على
دراسات تاريخية علمية و تعمل الى تفريغ التسمية السريانية من
مدلولاتها التاريخية و القومية
:
*التسمية
"سورايا"
هي مرادفة للأراميين و موحدة لكل مسيحي
الشرق
و هي تسمية علمية موجودة في مصادرنا السريانية
.
*الفكر
الأشوري يقبل بالتسمية " سورايا" شرط ان تفسر عشوائيا "
أسورايا " و لكنهم يرفوضونها اذا كانت مرادفة للآراميين
.
*رغم
تطور الدراسات التاريخية حول السريان الآراميين و لغتهم السريانية
الآرامية ، الفكر الأشوري يفضل التسمية المركبة المطاطية و أخر
تعبير مطاطي هو " لغة الشعب الكلداني السرياني الأشوري
"!
ب - نشر موقع عنكاوا ترجمة لمقال حول
تدريس اللغة الآرامية في جامعة أكسفورد . الرابط
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,470857.msg5005775.html#msg5005775
المقال واضح جدا في تعابيره و هو يتكلم عن اللغة الآرامية و
الدكتور دايفيد تايلر عالم مشهور متخصص في تاريخ الشعب السرياني و
يجيد اللغة السريانية و لكننا رأينا بعض التعليقات المتهورة التي
ترفض إسم لغتنا العلمي لانها تؤمن بهوية أشورية مزيفة لهويتنا
التاريخية و لإسم لغتنا العلمي
.
ج - الفكر الأشوري يحرف المصادر
التاريخية و يزيف هويتنا السريانية : بعض المفكرين الذين يدعون
بهوية أشورية يدعون ان اللغة الاشورية قد أثرت على اللغة العربية
او ان أطباء الخلفاء العباسيين كانوا من الشعب الأشوري ! علما أن
المصادر العربية القديمة كانت تطلق على سريان العراق تسمية "
النبط" او " نبيط"
و فيما بعد تسمية " السريان"
في مقال سياسي مشوه لهويتنا التاريخية كتب السيد وليم أشعيا
"
دراسة حول الأقليات القومية والدينية في الواقع العربي
والاسلامي(الآشوريين نموذجاً) " ذكر فيه
:
"
وكان العلماء الآشوريون قد لعبوا دوراً كبيراً في نقل الثقافة
الآشورية واليونانية والفارسية إلى العرب بحكم معرفتهم بلغات تلك
الحضارات".
كتبت تعليقا حول " هل كان يوجد ثقافة " أشورية
" في ألعصر ألعباسي ؟ موجود على الرابط
http://www.nesrosuryoyo.com/forums/viewtopic.php?f=182&t=5696
طالبت
فيه السيد وليم أشعيا بأي حق يحرف المصادر العربية التي تذكر "
أطباء سريان " و هو يحولهم الى " أطباء أشوريين " ؟
الخاتمة
أ - السريان المشارقة لا ينتمون الى
الشعوب القديمة المنقرضة و الغائبة عن مسرح التاريخ
:
السريان الشرقيون هم آراميون بهويتهم و لغتهم و حضارتهم
!
ب - لقد انحرف الفكر الأشوري
بطروحاته التاريخية : اذا كان فعليا يطمح الى توحيد شعبنا عليه ان
يعمد الى النقد الذاتي و منع المتطرفيين في الإسائة الى هذا الفكر
السباق في العمل من اجل وحدة قومية و الإبتعاد عن الإنتماء الطائفي
المقسم
.
ج - لقد مارس بعض السريان الغربيين
من شخصيات و رجال دين و إعلاميين و مسؤولي مواقع سياسة " النعامة"
التي لا ترى الصياد لأنها وضعت رأسها داخل التراب . الفكر الأشوري
يزيف تاريخنا و هويتنا و إسم لغتنا ، على هؤلاء السريان ان يدافعوا
عن تاريخنا العلمي كي نتوحد . إن سكوتهم يشجع الطروحات المتطرفة :
اي سرياني مثقف لا يعرف أن إسمنا في اللغة السريانية لا يكتب بحرف
الألف " أسوريويو/ أسورايا " أو اي مطران جليل لا يعرف ان إسم
لغتنا هو " السريانية الآرامية
"
!
د - إذا كان " بعض" السريان لأسباب
غير علمية يؤمنون اليوم بأننا جميعا ننتمي الى شعب واحد متحدر من
الأشوريين القدامى فقد آن الوقت كي يتأكدوا بأنفسهم بالعودة الى
مصادر أمينة و مراجع علمية ! نعم نحن شعب واحد و لكننا سريان
آراميون
!
ه - بعض طروحات الفكر الأشوري (
أسورايا - اللغة الأشورية
-
أطباء أشوريون في العصر العباسي .... ) تفضح
مواقف " بعض"
السريان الذين يضعون رؤوسهم تحت التراب و لكنها
توقظ الأكثرية من السريان
!
كلمة أخيرة : نحن نعلم جيدا الأخطار
التي نتعرض لها في أوطاننا و لكن " إغلاق" موضوع الهوية و التسمية
لحجج واهية هو أمر غير مقبول . نحن نؤمن أن الدراسات التاريخية
العلمية توحدنا و سياسة"
المجاملة" هي التي تبقي الإنقسامات و الطروحات المزيفة عائقا لوحدة
تاريخية حقيقية
! |