اقرأ
المزيد...
هنري بدروس
كيفا
باريس – فرنسا
الاختصاصي في تاريخ الآراميين
الألف و التاء : منذ
البداية ولدنا آراميين و سنبقى آراميين حتى النهاية.
نعيش معا و نموت معا و من الأفضل ألا نبقى مجرد متفرجين:
دافعوا
معا عن هويتكم و تراثكم من أجل الحفاظ على وجودكم!
تعليقات
على " الإعلام المسيحي المشرقي عام 2010 "
نشر الأخ بيير حنا
إيواز هذا المقال في عدة مواقع سريانية و هدف هذا الباحث المعلن هو
تقوية الإعلام المسيحي المشرقي لأنه يسأل"أين الإعلام المسيحي
المشرقي ... ولماذا هذا الصمت المريب واللامبالاة وحتى التهرب
والانتهازية من مواجهة حقائق الارض الواقعية والتحديات المعاصرة .."
لقد أحببت أن أعلق على هذا المقال لأن كاتبه يؤمن بالحقائق و لكنه
للأسف يستخدم تسمية مزورة بحق سريان العراق الذين يسميهم " آشوريي
العراق ". و هذه تسمية غير مقبولة من سرياني يطمح الى أن يكون
الإعلام المسيحي المشرقي "إيجابيا "!
المقال موجود على هذا الرابط
http://suryoyehnan.com/modules.php?name=News&file=article&sid=2697
أولا - ما معنى تسمية الشرق ؟
لم يتوفق الباحث ايواز في التعريف التاريخي بالمسيحيين المشارقة و
للأسف مر مرورالكرام على السريان بقوله " ومرورا بسريان الشام بمن
فيهم الموارنة ". كل الشرق كان سريانيا آراميا و ليس في سوريا فقط .
أ - جغرافية الشرق التاريخية :
لن نغوص في الأسماء القديمة التي أطلقت على سوريا القديمة عبر
تاريخها الطويل . سوريا التاريخية تحتل مركزا جغرافيا مهما جدا في
التاريخ القديم إذ كانت تتوسط العالم القديم و كانت معبرا لجيوش
الفاتحين.
إستوطنت القبائل الآرامية بلاد سوريا القديمة و كانت تسميها بلاد
آرام حسب نصوص سفيرة من القرن الثامن ق.م و قد حفظت لنا أسفار
التوراة هذه التسمية .
بعد موت الإسكندر المقدوني و إنقسام إمبراطورته بين قواده ، كان
الشرق القديم من نصيب سلوقس الذي طرد البطالسة من جنوب سوريا و أطلق
على نفسه " ملك سوريا " في حوالي سنة 304 ق.م. و كانت سوريا في عهد
السلوقيين واسعة في بداية حكمهم و سرعان ما تتقلص الى حجم سوريا
الآرامية .
عندما طلب بطليموس من اليهود في الإسكندرية أن يترجموا أسفار التوراة
من العبرية و الآرامية الى اليونانية ، عمد هؤلاء المترجمون الى
ترجمة كل التسميات الآرامية في التوراة الى " السريانية " و هكذا
بلاد آرام تتحول الى بلاد سوريا و الشعب الآرامي الى الشعب السرياني.
ب - بطريق الشرق
إن الرومان هم أول من إستخدم تعبير " الشرق" و هو الإسم الذي حل بدل
التسمية السلوقية سوريا . و كان بطريق الشرق يحتل مركزا عاليا جدا
خاصة في الإمبراطورية الرومانية الشرقية لأنه كان يقع على عاتقه
الدفاع عن حدود الإمبراطورية من هجمات الفرس . و كانت إنطاكيا
العاصمة و مركز بطريق الشرق .
بعض الملاحظات المهمة
* إن لقب " بطرك" يأتي من لقب " بطريق" الروماني .
* إن البيزنطيين كانوا يطلقون تسمية " المشارقة" على كل السريان و
سكان الشرق من مسيحيين و وثنيين .
* إن البيزنطيين كانوا يسمون إخوتنا السريان المشارقة ابناء " كنيسة
فارس" أما السريان فإنهم كانوا منقسمين الى مشارقة و مغاربة نسبة الى
نهر الفرات أو لتواجدهم ضمن الإمبراطورية الفارسية أو البيزنطية.
ج - تطورات حديثة لجغرافية الشرق .
من يتابع كتابات الرومان في القرون الأولى يجد أن الشرق هو بلاد
سوريا و ليس سوريا و مصر أو أرمينيا ، و لكنه في القرون الحديثة فقدت
تسمية الشرق معناها الجغرافي المحدد و أصبح تعبيرا واسعا يضم اليوم
بلادا عديدة .
ثانيا - من هم المسيحيون المشارقة ؟
أ - بطركية إنطاكيا أو الشرق
لقد إنتشرت الديانة المسيحية بين اليهود أولا ثم إنتشرت بين السريان
الآراميين بحكم جوارهم الجغرافي للشعب اليهودي كما إن عامل اللغة
الآرامية التي كان يتكلمها تلاميذ و رسل المسيح قد ساعد في إنتشار
المسيحية بين الآراميين . و قد حافظ الآراميون على إسمهم الآرامي و
لم يتخلوا عنه بمجرد قبولهم الديانة المسيحية . لقد ظل عدد المسيحيين
قليلا بالنسبة الى عدد الوثنيين حتى أواخر القرن الثالث الميلادي .
بعد وصول الإمبراطور قسطنطين الى السلطة و سماحه لممارسة الديانة
المسيحية بعد " إعلان ميلان" الشهير 313 . بدأ عدد المسيحيين يتكاثر
وفي نهاية القرن الرابع صاروا يشكلون أكثرية بين السكان .لا شك إن
الملك ابجر الثامن 177-212 م هو أول ملك مسيحي و قد ساعد على إنتشار
الديانة المسيحية في مملكته و منها الى المناطق المجاورة و البعيدة .
لقد عمد قسطنطين الى تنظيم الكنيسة إداريا على حسب تقسيمات
الإمبراطورية الإدارية . فعين في كل مدينة كبيرة " متروبوليت" ( ومن
هنا تأتي تسمية مطران) الذي كان يرسم الكهنة للضيع و المدن الصغيرة
التابعة لإدارته .
إن الآراميين كانوا يشكلون أكثرية ساحقة في بطريكية إنطاكيا و كان
عدد اليونانيين قليلا جدا بالنسبة الى الآراميين و كانوا يسكنون خاصة
المدن. أما عدد المسيحيين العرب في هذه الفترة ( القرن الخامس و
السادس ) فقد كان هزيلا جدا في بلاد سوريا و يقتصر على بعض أفراد
القبائل المتنقلة بين الصحراء العربية و البادية السورية . القبائل
العربية المسيحية كانت تعيش في شبه الجزيرة العربية و ليس في بلاد
سوريا . كان السريان المشارقة خاضعين لسلطة بطريرك إنطاكيا الدينية
مما دفع الفرس الى إضطهادهم و توجيه تهمة التجسس و التعامل مع
الإمبراطورية الرومانية المعادية .
ب - توسع مفهوم المسيحي الشرقي
بعد إستقلال و إنفصال الكنائس الشرقية عن الكنيسة الجامعة بسبب سياسة
تدخل الأباطرة البيزنطيين في الصراعات العقائدية و التي أدت الى
إضطهاد رجال الدين السريان و الأقباط مما دفع هذه الشعوب الى
الإبتعاد عن الإمبراطورية البزنطية . و قد إنضم الشعب الأرمني الى
مناهضي مجمع خلقيدونيا و هذا مما أدى الى عداوة بين اليونانيين و
المسيحيين المشارقة.
ثالثا - هل الموارنة هم سريان وهل سريان
العراق هم أشوريون ؟
ذكر الباحث ايواز " لا بد من تحديد من هم مسيحية المشرق الاساسيون ..
من آشوريي العراق إلى أقباط مصر مرورا بسريان الشام بمن فيهم
الموارنة ". من يطلع على تاريخ السريان الموارنة القديم أي بين القرن
الخامس والقرن الثاني عشر يلاحظ ندرة المصادر التي تتكلم عن الكنيسة
السريانية المارونية . و لكن من يطلع على تاريخ الكنيسة السريانية
الشرقية يجد عشرات المصادر و الكتب التاريخية حول تاريخ و تراث و لغة
هذه الكنيسة النسطورية . نحن نتعجب كيف يتسرع الأستاذ ايواز بإعتبار
الموارنة هم سريان و لا يشاهد البراهين العلمية التي تثبت إن السريان
المشارقة كانوا يؤمنون بأنهم سريان آراميين !
هل هذا هو الإعلام الناجح عند باحث سرياني وريث مدرسة الرها ؟
رابعا - بعض التعابير غير الدقيقة
أ - كتب السيد ايواز " وتلك المصائب التي ألمت بالمسيحية المشرقية
عموما في هجرات ( السفر – برلك )" . إن الشعب الآرامي السرياني هو
ثاني شعب في التاريخ الحديث يتعرض لحرب إبادة شعواء لم يتعرض لها إلا
الشعب الأرمني الشقيق. إن تعبير " مصائب" هو غير دقيق و تعبير" هجرات"
هو غير صحيح لأن السريان الآراميين أجبروا على الرحيل تاركين كنائسهم
و أملاكهم و أراضيم التاريخية .
ب - أمر عجيب ألا يذكر الشعب الأرمني الذي يناضل من أجل قضيته
العادلة . ما هذا الإعلام المسيحي الذي يتجاهل الشعب الأرمني ويتبنى
طروحات مزورة لهوية أجدادنا ؟
ج - كتب السيد ايواز " وإذا أخذنا ( بالصدفة ) مجلة مشرقية مسيحية
لطائفة معينة منذ مئة عام وما قبل ، فإننا لن نجد ( فرقا جوهريا أو
بالمضامين ) ما بين محتويات تلك المجلة وأي موقع إلكتروني مسيحي
مشرقي " هذه فكرة غير صحيحة أبدا لأن المجلات المسيحية التي كانت
تصدر منذ مئة عام كانت موجهة الى طائفة معينة و تدغدغ و تنمي الشعور
الطائفي فهذا سرياني أرثودكسي و ذلك سرياني إنجيلي . بينما أغلب
المواقع السريانية قد تخطت الشعور الطائفي فهنالك مواقع سريانية
أرثودكسية تنشر أخبار الكنيسة السريانية الكاثوليكية و هذا إنفتاح
إيجابي لمن يكن موجودا في المجلات المسيحية المشرقية .
الخاتمة
إن التحدي الكبير الذي يواجه الإعلام المسيحي المشرقي في السنين
القادمة هو :
أ - نشر دراسات تاريخية علمية حول تاريخنا السرياني .
ب - التصدي لعمليات التزوير لهويتنا و إسمنا و إسم لغتنا المقدسة .
ج - الحذر من بعض رجال الدين في الأردن الذين يدعون أنهم أحفاد
القبائل العربية المسيحية .
د - الرد على العروبيين الذين يدعون أن كل الشعوب القديمة قد قدمت
من الجزيرة العربية و هذه النظريات هي غير علمية هدف المبطن
تحويلنا الى " غرباء" في أوطاننا .
|
|
المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها
|
|