"
مفاهيم السريان لهويتنا و أرصفة القامشلي!"
سريان
القامشلي في مواجهة التحديات!
إنني لا زلت أتذكر مدى إفتخار و تعلق أصدقائي القدم بمدينتهم
القامشلي و هندستها الفرنسية . كانت زيارتي الأولى لمدينة القامشلي
سنة 1984 و كانت أغلب أبنيتها تتألف من طابق واحد و هو كناية
عن عدة غرف تحيط حوش من كل الجهات . و لكنني في خلال هذه
الزيارة لاحظت نهضة عمرانية كبيرة خاصة في حي الوسطى : عمار
حديث ، ثلاث طوابق كل بناية مع شرفات كبيرة و هندسة داخلية
جميلة . و لكن الشيئ الذي لم يعجبني في النهضة العمرانية هو أرصفة
شوارع مدينة القامشلي
!
أولا
-
أرصفة شوارع القامشلي
.
أ - أرصفة الشوارع بشكل عام
.
كل مدينة متطورة لها سياسة أو إدارة مدنية لإعطاء رخص البناء
و تنظيم عمليات البناء داخل المدينة . إن الرصيف
TROTOIR
في
مدينة باريس هو ملك المدينة و الإدارة المدنية في باريس هي التي
تتكفل
ببناء الأرصفة وصيانتها . و أغلب أرصفة المدن المتطورة هي موحدة
في الشكل و مواد البناء و اللون . بعض أرصفة المدن المحيطة في
باريس تختلف باللون و مواد البناء عن أرصفة باريس
.
لاحظوا في هذه الصورة كيف أن الرصيف هو موحد و متساوي بينعدة بنايات
مختلفة.
http://www.prodefi.com/galeries/paris/page_17.html
ب - أرصفة القامشلي
!
من المؤسف أن الإدارة المدنية في مدينة القامشلي لم تعمد الى سياسة
توحيد بناء الأرصفة . إن بناء الرصيف هو على عاتق صاحب البناء
مما سمح لكل مهندس أن يبني الرصيف حسب رؤيته الخاصة : هذا
يبني الرصيف من الباطون و ذاك من البلاط و حتى البلاط يختلف
في الشكل و اللون من رصيف الى آخر . الشيئ المزعج هو أن
الأرصفة غير متساوية ، فتارة تصعد درجة و طورا تنزل درجة!
لا شك إن بناء الرصيف هو أفضل من عدم وجوده و لكن عدم تنظيمه
خاصة في حي الوسطى يدل على عدم إنتباه الإدارية المدنية في
مدينة القامشلي الى أهمية توحيد الأرصفة و منافعها . الأم التي تدفع
بعربة طفلها تلاقي صعوبة كبيرة في السير على أرصفة القامشلي
.
إن أهالي القامشلي قد
يعتبرون أرصفة شوارعهم أمرا طبيعيا لأنهم
تعودوا على هذه الأرصفة أو لا يعرفون كيف تبنى أرصفة المدن
المتطورة و لكنهم لا يستطيعون أن يقنعوا أحدا أن أرصفتهم أفضل
من أرصفة باريس!
ثانيا - مفاهيم السريان لهويتنا التاريخية
.
أ - كل الشعوب القديمة تفتخر بجذورها
القديمة و تعمل كي تتعمق
في تاريخها القديم . الشعب الأرمني ليس بأقدم من الشعب الآرامي أو
السرياني و هو ينتمي بشكل رئيسي الى شعب الأورارتو مع بقايا الشعب
الحوري و شعب أرمينيا القديم . الشعب الأرمني لا يعتبر نفسه خليطا
من شعوب قديمة بل
شعبا واحدا يناضل من أجل قضية عادلة
.
ب - الشعب السرياني بدون شك ينتمي
الى الآراميين الذين لعبوا دورا
كبيرا في تاريخ شرقنا الحبيب. لقد إنتشرت القبائل الآرامية في كل
الشرق و أسست عدة ممالك و دويلات آرامية عاشت مستقلة عدة
مئات من السنين من 1200 ق.م الى حوالي 700 سنة ق.م . إن عدم
تأليف أجدادنا
إمبراطورية
واسعة موحدة لا يعني بالضرورة
أن أجدادنا
لم يلعبوا " دورا " مهما في تاريخ الشرق
.
ج - لا يوجد مشكلة علمية حول إنتماء
السريان ( كل مسيحي الشرق
ما عدا الشعبالأرمني) الى الآراميين لأن المصادر السريانية و المراجع
العلمية ( اللؤلؤة المخفية - دراسات سبستيان بروك...) تثبت هويتنا
الآرامية
.
د
-مشكلة
السريان و هويتهم التاريخية هي مشكلة مصطنعة لأن رواد
النهضة القومية السريانية في القرن الماضي - و منهم نعوم فائق – قد
خلطوا بين السريان و الأشوريين و وجود أحزاب اليوم تدعي السريانية
و لكنها تؤمن بهوية أشورية مزيفة لهويتنا الآرامية الحقيقية
!
ه - المضحك المبكي أن دعوة بعض
المؤسسات الثقافية السريانية مثل
"رابطة
الآكادميين الآراميين " الى تصحيح الأخطاء التاريخية المنتشرة
بين السريان تلاقي بعض الرفض من بعض المهندسين و الشعراء
و بعض منتحلي الأسماء و الهويات المستعارة و يرددون إن " دعوتنا
"هي
دعوة تقسيمية و تخريبية
!
و - لا أحد يستطيع أن ينكر أن الفكر
الاشوري قد إنتشر بين المثقفين
السريان ظنا منهم أنه فكر قومي موحد و لكن طروحات هذا الفكر تحمل
في طياتها الكثير من الأفكار التاريخية و الجغرافية الخاطئة
.
ز - يردد بعض إخوتنا من السريان الذين
يؤمنون بالتسمية الأشورية
المزورة أن التسمية السريانية هي تسمية مرادفة للتسمية الاشورية
بحجة
أن التسمية السريانية مشتقة من إسم اسورستان و يدعون أن
اليونانيين قد أطلقوا التسمية السريانية على الاشوريين لأنهم كانوا
متواجدين في الشرق . بعض المتطرفين يكتب عن نفسه سرياني من
سوريا و لكنه بالإنكليزية تصبح سوريا
ASSYRIA .
كما نشر أحدهم
مقالا حول" الصحافة السريانية" في موقع القامشلي الرابط
http://www.kamishli.com/phpbb/viewtopic.php?f=5&t=15681
ورد في المقال " الاحداث التى اودت بالشعب الاشورى في نيسان/1915
والتى راح ضحيتها مليون
من الارمن وأكثر من نصف مليون من الاشوريين
."
ثالثا - هل يتألف الشعب السرياني من عدة قوميات ؟
أ - يحاول بعض إخوتنا الذين يؤمنون
بالتسميات المزورة من اشورية
و اثورية الإدعاء ( بدون براهين
علمية(
أن
السريان ينتمون الى عدة
شعوب قديمة
.
ب - بعض المثقفين السريان يرددون هذه
الطروحات بدون أن يدققوا
في صدقها و لا ينتبهون الى خطورتها .
بعضهم يدعي أننا نعود الى
جذور حثية ( وهمية
(
بدون أن يقدم براهين
.
ج - من العار الإدعاء في بداية القرن
الواحد و العشرين أن السريان
يتحدرون من الأكاديين و الاشوريين و السومريين و الحثيين و الآراميين
بشكل عشوائي . الأكاديون و الأشوريون و السومريون و الحثيون لم
يستوطنوا بيت نهرين أي الجزيرة ( آرام نهرين) و لم يستوطنوا سوريا
القديمة أي بلاد آرام . الآراميون هم الذين إستوطنوا الجزيرة بيت
نهرين
و سوريا بلاد آرام فهم سكانها الأصيلون
!
د - بعض سكان صيدا و صور و جبيل يدعون
بجذور فينيقية لأن
الشعب الكنعاني قد إستوطن الساحل اللبناني السوري . ربما يحق
لسكان الجزيرة السريان أن يدعوا أنهم من جذور ميتنية لأن شعب الميتني
قد سكن و إستوطن الجزيرة بين 1600 و 1200 ق.م
.
الخاتمة
-إذا
كانت الإدارة المدنية في مدينة القامشلي لا تفرض على المهندسين
شروط معينة حول بناء الأرصفة و تسمح لكل مهندس أن يختار المواد
و الألوان فإن هويتنا التاريخية " تفرض" علينا الدقة ، فالشعب
السرياني
هو شعب واحد و هوية واحدة هي الهوية الآرامية
.
-لا
يحق للأحزاب السريانية أن "تحدد"
هويتنا التاريخية بدون الإستناد
على مصادرنا السريانية الواضحة و المراجع العلمية الموثوقة.
-الأحزاب
الارمنية المختلفة تناضل من أجل القضية الأرمنية أما
الأحزاب
السريانية التي تدعي بجذور حثية أو
ميتنية أو أشورية فهي
تعمل لتقسيم و إضعاف شعبنا السرياني الآرامي.
-الغيرة
و النضال الحقيقي للشباب السريان هي في نشر مقالات تاريخية
علمية تفيد شبابنا و تدفعه الى العمل الشريف من أجل نهضة أمتنا و ليس
نشر مقالات مسيسة تفوح منها رائحة العفونة
.
-لقد
تعرض شعبنا السرياني الآرامي لأخطر عملية إبادة جماعية و هي
فعليا
ARAMEAN GENOCIDE
إستشهد فيها حوالي 200 ألف
سرياني و ليس 500 ألف اشوري
.
-إذا
كنا فعليا نناضل من أجل قضيتنا المقدسة ، علينا أن نوحد مفاهيمنا
لهويتنا السريانية الحقيقية، كي لا يتحجج
السريان غير المبالين و يبتعدون
عن النضال الشريف من أجل قضيتهم المقدسة
!
يتبع
|