كتاب جديد الحضارة السريانية حضارة عالمية
نشر
الأستاذ موسى مخول
كتابا جديدا حول تاريخ السريان و حضارتهم
و دورهم في نقل الحضارة الى العرب في العصور الوسطى
.قامت
الجامعة الأنطونية في بعبدا - كلمة آرامية سريانية تعني بيت أي
مكان العباد - بالإشتراك مع الرابطة السريانية و مؤسسة عصام فارس
بالدعوة يوم الثلثاء في 28 نيسان الى ندوة حول الكتاب
.
وقد ألقى عدد كبير من المهتمين كلمات حول هذه المناسبة المهمة ، وكان
الأب بطرس عازار قد أدار الندوة و قد بدأ بالتعريف عن الأستاذ موسى
مخول ثم تبعه الأب أنطوان راجح رئيس الجامعة . أما معالي الدكتور
أسعد دياب فقد شكر الأستاذ مخول لأنه قد عرف بالدور الحضاري للسريان
ثم ألقى الأستاذ حبيب افرام كلمة مؤثرة ذكر فيها الغبن الذي
لحق بالسريان في لبنان فهم يصوتون و لكنهم مواطنين من الدرجة الثاية
و جاء في كلمة معالي وزير الثقافة الأستاذ تمام سلام بعض العبارات
المشجعة من تعددية قومية و ثقافية و دينية و قد أشاد بدور السريان
الحضاري . أخيرا لقد ألقى سيادة المطران ملكي كلمة نيابة عن غبطة
بطريرك السريان الكاثوليك أشار فيها هو أيضا عن دور السريان الشرقيين
و الغربيين الفعال و قد ذكر أن الموارنة و السريان الملكيين
أي إخوتنا الروم هم أيضا معنيون في الحضارة السريانية
.
أولا - هل يحق لنا نقد كتاب جديد ؟
للأسف الشديد لا يزال شرقنا بعيدا عن عمليات النقد العلمي . فكل
ناقد لكتاب معين يعني أنه يقلل من أهمية الكتاب العلمية و التاريخية
.
لقد درجت العادة في البلدان المتقدمة أن تصدر عدة مقالات حول كل
كتاب جديد . أرجو ألا يظن القارئ إن نقدي أو تعليقي هو لتقليل أهمية
الكاتب أو الكتاب بل إنني أشكر الأستاذ مخول على جهوده و محبته
و دفاعه عن دور السريان الحضاري و لكنني من باب النقد العلمي البناء
سوف أتطرق الى بعض المواضيع و المعلومات غير الدقيقة التي وردت
في الكتاب
.
إنني أتمنى أن يصدر نقاشات علمية حول بعض المفاهيم الخاطئة حول
تاريخنا السرياني/الآرامي كي يتوقف الباحثون بإعادة نشرها و ذلك خدمة
للمثقف السرياني و من باب الدفاع عن تاريخنا و تراثنا الصحيح
.
أخيرا ، لو صدر هذا الكتاب في فرنسا و في اللغة الفرنسية لكنا وجدنا
عدد كبير من الدراسات حول الكتاب أو حول بعض المواضيع الجديدة
التي يعالجها المؤلف ، البعض يؤيد و ربما البعض ينتقد مع شرح الأسباب
و البراهين التي تدفعه الى النقد . إن نقد الكتاب يعني إن الكتاب مهم
و إن الكاتب قد أوجد حلولا لبعض المشكلات التاريخية
.
ثانيا - هل يوجد مفاهيم خاطئة في كتاب الحضارة السريانية الجديد ؟
أ
- من يتابع الكتب و المقالات حول تاريخ و هوية السريان يجد بعض
الأخطاء المتوارثة مثل التسمية السريانية أطلقت على أجدادنا
الآراميين
اللذين قبلوا الديانة المسيحية أو أن أجدادنا الآراميين قد تخلوا عن
إسمهم
الآرامي لأنه يدل على وثنيهم . ثم هنالك خطأ في الجغرافية التاريخية
لبعض مواطن السريان مثل بيت نهرين أي بلاد ما بين النهرين
.
ب - بعض الأخطاء التاريخية في هذا الكتاب الجديد
.ذكر
الأستاذ مخول صفحة
14
ا
نقضى عهد السومريين و لكن حضارهم
لم يقض عليها... حيث أصبحت بابل و اشور و كلدو الورثة الشرعيين
لهذه الحضارة و هذا التراث لقد تطورت الحضارة في بلاد العراق
القديم و دخلته شعوب جديدة مثل الشعب الكوشي و أثروا في حضارته
التي لم تكن سومرية في الألف الثاني قبل الميلاد بل كانت
حضارة اكادية
سرعان ما تحولت الى حضارة آرامية في أواسط القرن الأول ق
.م
أي أن الحضارة السومرية قد إندثرت بدون أن تتفاعل مباشرة مع حضارتنا
الآرامية/السريانية
.
كتب الأستاذ مخول صفحة 48 و قد بلغ الآراميون أقصى أهميتهم
السياسية في القرنين الحادي عشر و العاشر قبل الميلاد، لإضمحلال
الآشورية خلال تلك الفترة = نحن نعتقد مثل العالم أندري لومير
الفرنسي
أن أقصى أهمية سياسية لعبها أجدادنا الآراميون كانت في عهد الملك
الآرامي
حزائيل في أواخر القرن التاسع .
راجع هذا الربط
http://www.aramaic-dem.org/Frensh/
و لكن الشيئ غير الصحيح هنا هو أن الدولة الاشورية لم تكن تلعب دورا
كبيرا في الشرق و طبعا إطلاق صفة الإمبراطورية على هذه الدولة هو
خطأ تاريخي في هذه الفترة . في الواقع إن الآراميين قد إستفادوا من
ضعف الوجود المصري في سوريا الجنوبية و الوجود الحثي في سوريا
الشمالية و الوجود الميتني في بيت نهرين أي الجزيرة السورية و ليس
العراق
.
كتب الأستاذ مخول أيضا و قد وطدت الآرامية اقدامها ايضا في
الإتصالات الدبلوماسية ، و حلت محل اللغة الأكادية لغة دولية.
هذا
غير صحيح تاريخيا لأن الإمبراطورية الاشورية و بالرغم من سبي
عدد كبير من القبائل الآرامية الثائرة و نقلها الى داخل بلاد اشور و
قد
فاق عددهم عدد الاشوريين أنفسهم فإن اللغة الأكادي ظلت اللغة الرسمية
حتى سقوط الإمبراطورية الاشورية سنة
612
ق.م
.
ثالثا - هل نقل الأستاذ مخول بعض الأخطاء المتوارثة ؟
أ - بيت نهرين التاريخية أي الجزيرة و بلاد ما بين النهرين المصطلح
.
للأسف الشديد أن الأستاذ مخول لم يفرق بين التعبيرين أو بالأحرى
هو يستخدم تعبير بلاد ما بين النهرين بمعنى العراق و ربما لا يعرف
أن بيت نهرين هي تسمية تاريخية جغرافية أطلقت على الجزيرة.
البراهين على الرابط التالي
http://www.annaqedcafe.com/
الأستاذ
مخول يستخدم تعبير بلاد ما بين النهرين أو الرافدين بمعنى
العراق في الصفحات التالية
-
صفحة 48
ففي
الشرق غزت القبائل الآرامية الجزء الشمالي من
أرض الرافدين ، و أسست هناك سلسلة من الدول الصغيرة، ...و في
الجزئين الأوسط و الجنوبي من أرض الرافدين = تسمية بيت نهرين
لم تطلق قطعيا على جنوب العراق
.
-
ص
فحة 28 و لما كان مجتمع بلاد ما بين النهرين ... و لا سيما
حضارة بلاد ما بين النهرين
.
أما في الصفحات التالية فإن الأستاذ مخول يستخدم تعبير ما بين
النهرين
و المفصود هو بيت نهرين
mesopotamia
التاريخية أي الجزيرة
السورية موطن أجدادنا السريان
الآراميين
.
النص الأول
الإنتشار
الواسع للثقافة السريانية مرتبط بتاريخ مدن
ما بين النهرين ، و التي تشغل مدينتا الرها و نصيبين المكانة الأكثر
ريادة
و طليعة بينها ، سواء كمواقع إقتصادية
...
صفحة 83 منقول عن نينا بيغو
ليفسكايا ؛ ثقافة السريان في القرون
الوسطى ص 89-90
.
النص الثاني السريانية الحديثة السوادية او الرها و هي اللهجة
الآرامية
وهي اللهجة الآرامية التي كان موطنها ما بين النهرين في الإقليم الذي
كانت عاصمته مدينة الرها و التي كان يحكمها الملوك الأباجرة
ص54 هذان النصان يتكلمان عن بيت نهرين التاريخية الجزيرة و ليس
المصطلح الحديث أي العراق . لقد وجد عقدين
DOCUMENTS
باللغة ألسريانية بالقرب من نهر ألفرات ، قام بنشرهما ألمؤرخ
JAVIER TEIXIDOR
ورد فيها " أورهاي ألمدينة ألكبيرة أم جميع ألمدن في بيت نهرين"
.
مدينة الرها كانت عاصمة بيت نهرين
الجزيرة و ليس
عاصمة بلاد ما بين النهرين
العراق
.
الثقافة و الحضارة السريانية و اللغة السريانية الحديثة قد نشأت و
إزدهرت في بيت نهرين التاريخية و ليس في بلاد ما بين النهرين العراق
الأمانة التاريخية تفرض علينا أن نشير الى دقة هذه التعابير
.
ب - هل كره السريان إسمهم الآرامي ؟
ذكر الأستاذ مخول في الصفحة 54 = فلما ظهرت المسيحية و إنتشرت
في هذا الإقليم إتخذت هذه اللهجة لغة أدبية لها وقد كره أصحابها أن
يطلق
عليهم اسم آراميين ، و رأووا في هذه التسمية مرادفا للوثنية و
الإلحاد،
فعدلوا عنها الى الإسم الذي أطلقه عليهم اليونان و هو السريان و سموا
لغتهم السريانية نقلا عن المطران لويس ساكو ؛ السريان الإطار
التاريخي و الجغرافي ، في سلسلة جذورنا ص
38 .
لقد نقل الأستاذ مخول هذه الفكرة الخاطئة المتوارثة و هي طبعا غير
صحيحة لأن أجدانا السريان لم يكرهوا إسمهم الآرامي و لم يتخلوا عنه
بل بالعكس فإنهم حافظوا عليه و هذا واضح من المصادر السريانية
العديدة
.
من المؤسف أننا لا نزال نرى هذه الفكرة الخاطئة في الكتب الجديدة
التي تدافع عن تاريخ السريان و حضارتهم
.
أخير بالرغم من ورد بعض الأخطاء غير المتعمدة أو بعض التعابير
غير الدقيقة أو نقل الأستاذ مخول لبعض المفاهيم الخاطئة فإن كتابه
الموجه الى القراء العرب يبقى كتابا علميا و مدافعا عن تاريخ و حضارة
هذا الباحث السرياني الماروني الغيور الذي تخطى الإنتماء الطائفي
و إعتبر نفسه فردا سريانيا آراميا من واجبه الدفاع عن حضارة و دور
أجداده السريان
.
نتمنى لهذا الكتاب الإنتشار لأنه يلقي نظرة جديدة
على حضارتنا
.
|