"
سيفو" و رسائل أجدادنا التي لم تصل!
أقامت دول أوروبا حفلات عديدة بمناسة ذكرى إنتهاء الحرب الكونية
)الأولى)
. جرت العادة أن يشارك قدامى المحاربين الذين خاضوا تلك
الحرب التي كانت من أشرس و أضر الحروب في بداية القرن العشرين
.
هذه السنة شارك ثلاث من قدامى الجنود الإنكليز و جندي أميركي هم
آخر أربع جنود لا يزالون على قيد الحياة و أعمارهم اليوم بين 108 و112سنة.
أولا
- رسائل من الجبهة
إن الدول المتمدنة تكرم هؤلاء المحاربين القدامى و من خلالهم كل
الشهداء و ضحايا تلك الحرب . لقد خسرت إنكلترا أكثر من
400
ألف
جندي في فرنسا كما خسر الفرنسين ملايين القتلى . و تكاد لا تخلو
كل عائلة فرنسية من شهيد أو جريح . لا شك لقد إشتهرت هذه الحرب
بسبب الحقد الفرنسي ضد الألمان بسبب ضم مقاطعات الألزاس و اللورين
إلى
الإمبراطورية الألمانية سنة 1871 م
لقد لاحظنا في السنوات الأخيرة قيام عدة دور للنشر في البحث
و تشجيع أحفاد هؤلاء الشهداء على نشر الرسائل التي كان قد كتبها
هؤلاء الجنود لزوجاتهم أو لأهاليهم . هذه الرسائل تعتبر من أهم
الوثائق
لمعرفة معنويات الجنود و آرائهم حول الحرب . يمكن مشاهدة بعض
الأفلام الوثائقية التي يبثها قنال
France2
على هذا الرابط
http://programmes.france2.fr/14-18/index.php?page=article&numsite=2180&id_article=5030&id_rubrique=2189
أم قنال
TF1
الفرنسي فقد عرض سلسلة من التحقيقات حول رسائل
قدامى الجنود المنشورة و غير المنشورة . لقد أعجبتني رسائل الجندي
Emile SAUVAGE
، فقد كتب في إحدى رسائله لزوجته الحبلى "
يجب أن تفكري بطفلنا و أن تفكري فيني لأنني أحبك ، أغرفي من
هذين الحبين قوة الأمل ، وداعا وإلى اللقاء إذا إستطعت ". هذا
الجندي
سوف يستشهد بعد أشهر عديدة . و لكنه ترك لزوجته و لأهله أكثر من100
رسالة مفعمة بالحب . أرجو من القارئ الذي يجيد اللغة الفرنسية
أن يشاهد هذا الفيلم على هذا الرابط
http://tf1.lci.fr/infos/jt/0,,4150676,00-14-18-les-lettres-d-amour-du-front-.html
ثانيا - وضع المسيحيين في الجيش العثماني
بعدما إستولت الجيوش العربية على مناطق أجدادنا التاريخية عمدت
إلى منع المسيحيين إلى الإنضمام الى الجيش المسلم مما أجبر القبائل
العربية المسيحية الى دخول الإسلام و الإستفادة من الفتوحات التي
وصلت الى الهند شرقا و أبواب أوروبا غربا
.
لقد ظل المسيحيون من يونانيين و أرمن و أقباط و سريان آراميين
لا يخدمون في الجيش الإسلامي إلى سنة 1908 حيث نجح حزب الإتحاد
و الترقي من إستلام السلطة و سعى إلى سياسة " تتريك " المسيحيين
و الأكراد و أصبح على المسيحي أن يخدم في الجيش العثماني . من
المؤسف نحن لا نملك وثا ئق كتابية عن المعاملات السيئة التي كان
يتلقاها المسيحيون من العثمانيين المسلمين . كان العثمانيون ينتقمون
من المسيحيين معتبرينهم السبب الرئيسي لتدخلات الدول الأوروبية
في السلطنة العثمانية . قبل الخدمة العسكرية كان العثمانيون يطلقون
تسمية " غاور " أي كافر على كل مسيحي و لكن بعد الخدمة العسكرية
و خاصة بعد خسارة السلطنة العثمانية لحرب البلقان سنة 1912 ،
صار العثمانيون يعتبرون المسيحيين " خائنيين" للسلطنة
و عملاء
للدول الأوربية
.
ملاحظة صغيرة : لقد كانت معاملة العثمانيين سيئة جدا للمسيحيين
و لكن أجدادنا كانوا " بعيدين" عن مراكز السلطة خاصة الذين كانوا
يعيشون في مناطق مسيحية . قبل الخدمة كان الشاب السرياني الآرامي
يعيش في ضيعته و لا يتعرض مباشرة للإهانات أو لسوء المعاملة و لكن
مع الخدمة العسكرية فإنه أصبح عرضة لكل أنواع المعاملات السيئة ،
لأن المسيحي كان كالخروف بين الذئاب!
ثالثا - هل ترك لنا أجدادنا السريان رسائل تخبرنا عن أحوالهم ؟
هنالك دراسات عديدة حول حرب الإبادة الجماعية
GENOCIDE
التي إرتكبتها الحكومة العثمانية بحق الشعب الأرمني و الشعب
السريناني
الآرامي . و لكننا نفتقر الى المصادر و المراجع العلمية حول عدد
الشباب السرياني الآرامي الذي إلتحق بالجيش العثماني ، كذلك لا نملك
إحصائيات دقيقة حول " عدد " الشباب السريان الذين رجعوا من
الخدمة العسكرية ( الذين نجوا من موت محتم(.
نلاحظ من خلال كتاب القصارى في نكبات النصارى لصاحبه
الأب إسحق أرملة أن العثمانيين قد عمدوا الى تشكيل فرق من المسيحيين
الأرمن أو من السريان و كانت و ظيفتهم فتح الطرقات أو حفر الخنادق
و كانت فرق المسيحيين معزولة من السلاح.
السؤال الذي يطرح
:
لما لم يترك لنا أجدادنا بعضا من الرسائل
التي تخبرنا عن معاناتهم ؟ ما هي الأسباب الحقيقية التي منعتهم من
الكتابة ؟
-
هل كان أجدادنا أميين لا يجيدون الكتابة ؟
-
هل كان أجدادنا " يتخوفون " من التعبير في رسائلهم عن المعاملة
السيئة التي
يتعرضون لها يوميا ؟
-
هل كان العثمانيون يمنعون أجدادنا من الكتابة ؟
-
أو هل كان العثمانيون يراقبون رسائل أجدادنا خوفا من نقل المعلومات؟
-
هل كانت خدمة أجدادنا السريان الآراميين في الجيش العثماني قصيرة
جدا ؟
لأن العثمانيون قتلوهم مثلما قضوا على فرق المجندين الأرمن ؟
ما
هي الأسباب الحقيقية التي أدت الى عدم وجود رسائل من المجندين
المسيحييين إلى ذويهم ؟
هل يستطيع إخوتنا السريان الذين يجيدون اللغة
التركية في البحث في الأرشيف التركي ؟
لا يحق لنا اليوم أن ننسى أو لا سمح الله أن نساوم على دماء شهدائنا
الأبرار . لا يحق لأي سرياني أن يسامح جرائم العثمانيين قبل الكشف
عن كيفية إبادة الشعب الأرمني
و شعبنا السرياني الآرامي.
هنري بدروس كيفا |