شجاعة و أمانة قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي الموقر
لم أتعجب أبدا لحديث قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي الذي
نشره موقع عنكاوا حيث قال" لكن أؤكد أننا الكلدان الآشوريين السريان
شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي." الرابط
www.ankawa.com
إنني أتعجب كثيرا لعدم وجود ردود و تعليقات على موقف هذا البطريرك
الشجاع و الأمين لهوية أجداده التاريخية . لقد شاهدنا في السابق بعض
العلمانيين - خاصة في لبنان - يدافعون عن هويتنا السريانية الآرامية
و لكنهم سرعان ما ينسونها بحجة " نحن بحاجة ماسة الى إسم موحد لكل
المسيحيين في الشرق".
أولا - موقع عنكاوا " المحايد"؟ و هويتنا الآرامية التاريخية .
من المؤسف أن المشرف في موقع عنكاوا الذي أجرى هذا الحديث
المهم مع قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي قد إختار هذا
العنوان
"أنني رجل دين ولا أتدخل في السياسة ونحن في الكنيسة لا نطالب بشيء
إلا ما يريده ويقرره شعبنا من الحقوق "
هذا العنوان و بالخط العريض و خاصة مضمونه لا يحمل فكرة جديدة
فموقف الكنيسة الكلدانية من العمل السياسي معروف وأن قداسته قد ردد
في عدة مناسابات أن الكنيسة الكلدانية لا تتدخل في الشؤون السياسية .
الجديد و المهم في حديث قداسته هو تأكيده على هويتنا الآرامية
التاريخية الموحدة . كنت أتمنى من المشرف في موقع عنكاوا أن يسلط
الضوء على موضوع هويتنا الآرامية و أهميته . لذلك أطرح هذا السؤال هل
موقع عنكاوا هو" محايدا " ؟ صحيح أن المشرف قد نشر حديث قداسته و لم
يبدل كلماته حول هويتنا الآرامية و لكنه لم يتوفق في إختيار العنوان
أو لم يقدر مدى " أهمية " موقف قداسته حول هويتنا !
ثانيا - مواقف بعض البطاركة من هويتنا الآرامية .
لا شك أن قداسة البطريرك أفرام برصوم هو من أكثر المدافعين
عن إسمنا و هويتنا الآرامية و ذلك واضح من كتابه اللؤلؤ المنثور و
خاصة في كتابه " في إسم الأمة السريانية " الذي صدر سنة 1952 . و كان
قد ذكر فيه " "ليس من سبيل بتبديل ما اصطلحت عليه الإفرنسية و
الإنكليزية في هذه اللفظة، وإنما يزول الإلتباس إذا ما أضيف إلى
اللغة لفظة Syriac Aramaic للغة و Syrian Aramean للملة، و Syrian
Aramean Church للكنيسة" . أرجو مراجعة بحثي حول كتابه "" في إسم
الأمة السريانية" بحث علميّ أَم وصية تاريخية؟ "
على هذا الرابط
www.ankawa.com
كنت متواجدا في كنيسة سيدة البشارة في بيروت في شتاء سنة2005 و
سمعت وعظة غبطة البطريرك السابق عبد الأحد للكنيسة السريانية
الكاثوليكية حيث تكلم عن مار أفرام السرياني و أجدادنا الآراميين .
قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي ليس هو بأول بطريرك يؤمن
بهويتنا و جذورنا و حضارتنا الآرامية ، و لكنه البطريرك الشجاع
الوحيد اليوم الذي يدافع عن هويتنا التاريخية و يدعو الجميع الى
العودة تاريخنا الأكاديمي الذي يوحدنا .
ثالثا - هل تأكيد قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي بأننا"
شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي" هو نظرية أم حقيقة تاريخية؟
لا شك أن ليس كل رجال الدين السورايي هم باحثين أو مؤرخين، و
لكن الكثيرون منهم متخصصون في التاريخ الكنسي و مطلعون على المصادر
السريانية . السورايي أي السريان المشارقة هم أراميون ليس بنظرية
جديدة و لكنها حقيقة تاريخية موجودة في المصادر السريانية من تواريخ
و رسائل و أشعار . قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي " لم يكتشف"
صدفة أن جذورنا و هويتنا هي آرامية و لكنه - بدون شك - إطلع على
المصادر السريانية و المراجع العلمية التي تؤكد إنتمائنا السرياني أي
الآرامي .
حسن بن بهلول السرياني النسطوري من القرن العاشر كتب في قاموسه
الشهير " منذ القديم كان السريان يعرفون بالآراميين " .
أما في تاريخ إيليا مطران نصيبين السرياني فهو يعدد الأمم المعاصرة
له و يذكر الشعب السرياني فقط .
هنالك مصادر سريانية شرقية عديدة تؤكد أن السورايي أي السريان
كانوا يؤمنون بجذورهم و هويتهم الآرامية . سوف أذكر نصا سريانيا( و
ليس أشوريا أو كلدانيا كما يحلو للبعض أن يسمي لغتنا ) من كتاب
النحلة و مؤلفه هو مار سليمان مطران الفراة و ميشان أي البصرة في
القرن الثالث عشر الميلادي . كتب عنه السمعاني (المكتبة الشرقية
العدد الثاني صفحة 453 ) " هو من أخلاط أو خلاط الواقعة في غرب
بحيرة فان ، أصبح مطرانا على ܦܪܬ ܡܢܫܢ أي مدينة البصرة ... لأنه كان
موجودا سنة 1222 في رسامة الكاثوليكوس صبري يشو "
ملاحظة صغيرة : إن إسم" صبري يشو" يعني بلغتنا المقدسة " أملي يسوع
" . إن إسم " صبري" منتشر خاصة في العراق ، السؤال كم من الناس
يعتقدون إن إسم صبري يعني " الصبر" و ليس " الأمل " ؟ النص السرياني
نشره و ترجمه إلى الإنكليزية
The Book of the Bee
Solomon of Akhlat
ED : E. A .W BUDGE
London 1886
"ܥܠ ܟܬܒܐ ܕܝܢ ܕܟܬܝܒ ܗܘܐ ܘܣܝܡ ܠܥܠ ܡܢ ܪܝܫܗ . ܝܘܢܐܝܬ ܘܥܒܪܐܝܬ
ܘܪܗܘܡܝܬ . ܘܠܐ ܐܬܟܬܒܬ ܒܗ ܒܠܘܚܐ ܐܪܡܐܝܬ . ܡܛܠ ܕܠܝܬ ܗܘܐ ܠܐܪܡܝܐ
ܐܘ ܟܝܬ ܣܘܪܝܝܐ ܫܘܬܦܬܐ ܒܕܡܗ ܕܡܫܝܚܐ ... ܒܕܓܘܢ ܟܕ ܫܡܥ ܐܒܓܪ
ܡܠܟܐ ܐܪܡܝܐ ܕܒܝܛ ܢܗܪܝܢ ܐܬܠܚܡ ܥܠ ܥܒܪܝܐ ܘ ܒܥܐ ܕܢܘܒܕ ܐܢܘܢ
."
الترجمة ( أعتذر سلفا عن النص السرياني لأنني لا أستطيع أن أضع بعض
الحركات مثل النقطتين علامة الجمع ).
" على الكتابة التي كانت مكتوبة و موضوعة فوق رأسه ( على الصليب ) و
هي باليونانية و العبرية و الرومية ( اللاتينية ) و لم
يكتب على اللوحة باللغة الآرامية لأنه لم يكن للآراميين أي السريان
ذنبا في دم المسيح ... و لما سمع أبجر الملك الآرامي لبيت نهرين(
الجزيرة و ليس العراق ) غضب على العبرانيين و أراد محاربتهم " هذا
النص يؤكد لنا أن السريان النساطرة كانوا يؤمنون بهويتهم الآرامية .
نحن نؤكد أن قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي الموقر لا
يطلق نظرية جديدة حول هويتنا التاريخية بل يؤكد ما توصل له العلماء
من المتخصصين في السريانيات حول هوية السريان . دراسات و كتب الأب
المؤرخ ألبير أبونا و سيادة المطران لويس ساكو الموقر تؤكد هي أيضا
أن السورايي ( السريان ) ينتمون إلى الآراميين .
رابعا - " أهمية " موقف قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي من
تأكيده على هويتنا الآرامية . نحن لا نشك أبدا في صدق قداسته عندما
يؤكد أن الكنيسة الكلدانية لا تتدخل في الأمور السياسية و لكن
تأكيده على " أننا الكلدان الآشوريين السريان شعب واحد يسمى بالشعب
الآرامي." لهو موقف شجاع سيكون نتائج " سياسية " على مختلف الأصعدة
. و هو رد غير مباشر على الطروحات التي تدعي أنها الوحيدة التي تعمل
من أجل وحدة السورايي و هي في الحقيقة تقسمهم لأنها غير مبنية
تاريخنا العلمي .
أ - على الصعيد الكلداني .
دعوة صريحة و مباشرة إلى أبناء الكنيسة الكلدانية على التمسك
بتاريخنا العلمي . تاريخ القبائل الكلدانية معروف و هم قبائل آرامية
لهم الفضل الكبير في تعميم إسم " بلاد الآراميين " على العراق . كما
أنه رد غير مباشر على بعض المتطرفين الذين يدعون أن تاريخ الكلدان
يعود الى 5300 سنة ق.م ؟؟؟ كذلك رد على بعض رجال الدين الكلدان
الذين يغامرون بالإدعاء أن التسمية السريانية لهي غريبة و تعني
السريان المغاربة فقط .
ب - على الصعيد المسيحي العراقي .
قال قداسته " وبالنسبة الى مطالب شعبنا فنحن في الكنيسة لا نطالب
بشيء إلا ما يريده ويقرره شعبنا من الحقوق، لكن أؤكد أننا الكلدان
الآشوريين السريان شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي." الكلدان يشكلون
الأكثرية بين مسيحيي العراق ، و قداسته يؤكد أننا جميعا ننتمي الى
الشعب الآرامي و أن الكنيسة ستدعم ما يقرره شعبنا . كلنا نعلم
أن هنالك صراع فكري و سياسي بين التسميتين " الأشورية" و " الكلدان
الآشوريين السريان" ( مع أو بدون واو العطف). موقف قداسته هو رد
مباشر و صريح يذكر الجميع أن الكنيسة الكلدانية تؤمن بتاريخنا
العلمي و نحن شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي ! كأن قداسته يريد أن
يفهم الجميع أن الكلدان يؤمنون بوحدة شعبنا التاريخية و أن الأموال
الطائلة من أجل تثبيت التسمية المركبة المصطنعة هي هدر للأموال و
الطاقات بدون فائدة .
ج - على الصعيد المسيحي في شرقنا الحبيب .
إن كلماته القليلة " شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي " لها معاني
قوية و هي إشارة صريحة الى تاريخ الآراميين في الشرق . إنها كلمات
مفعمة بالأمل و هو وحدة المسيحيين في الشرق قبل فوات الأوان . نعم
أنها بارقة أمل ليتها تصل الى مسامع بقية رجال الدين المسيحيين في
شرقنا الحبيب فيكف البعض عن الإعتقاد بطروحات سياسية مزورة لهويتنا
السريانية - الآرامية و يتوقف البعض الآخر عن الإدعاء بأنهم عرب قبل
العرب أنفسهم .
قد تكون كلمات قداسته مدخلا للحوار و النقاش بين رجال الدين
المسيحيين حول " هوية " المسيحيين في الشرق . صحيح أن بعض المتطرفين
يهجرون إخوتنا الآراميين في الموصل و لكن الصحيح أيضا أننا نعيش
أغلبيتنا في الشرق بين المسلمين العرب و هم بأغلبيتهم الساحقة
يؤمنون بالتعايش أو العيش مع المسيحيين .
كلمة أخيرة : كان بعض المفكرين المسيحيين يدعون بجذور فينيقية
وهمية للتهرب من القومية العربية و كان البعض الآخر ينادون بالهوية
الآرامية و لكنهم فشلوا في الحفاظ عليها . نحن لا نشك أبدا في صدق
قداسته عندما يؤكد أننا آراميون و لكن السؤال الذي يطرح هل تستطيع
كلماته الصادقة أن تصمد أمام الحملات الإعلامية التي تزور هويتنا
الآرامية في كل يوم ؟
شكرا لكم قداسة البطريرك مار عمانؤيل الثالث دلي على شجاعتكم
و أمانتكم لهويتكم التاريخية الآرامية و لتكن كلماتكم القليلة "
ܨܒܪܐ "
لكل الآراميين الذين يناضلون من أجل وحدتنا الحقيقية !
|