اقرأ
المزيد...
هنري بدروس
كيفا
باريس – فرنسا
الاختصاصي في تاريخ الآراميين
الألف و التاء : منذ
البداية ولدنا آراميين و سنبقى آراميين حتى النهاية.
نعيش معا و نموت معا و من الأفضل ألا نبقى مجرد متفرجين:
دافعوا
معا عن هويتكم و تراثكم من أجل الحفاظ على وجودكم!
060716
الخط السرياني في بحث فيليب دي طرازي
لقد انتشرت كتب و ابحاث العالم فيليب دي طرازي بين المثقفين السريان .
لقد اعيد طبع كتابه المشهور " عصر السريان الذهبي " ثلاث مرات و ذلك
لأهمية أبحاثه و ربما لعطش المثقفين السريان لمعرفة تواريخ أجدادهم . من
الملاحظ ان كتابات دي طرازي تعتمد على المصادر السريانية والمراجع
العلمية ، و كان يحاول توعية السريان و بث الروح القومية بين مثقفيهم
وكان من ضمن مجموعة من العلماء السريان مثل قداسة البطريرك افرام برصوم و
الأب اسحق ارملة،الذين تمسكوا بجذورهم الآرامية .
ذكر دي طرازي في مقدمته هذا التعبير " الأمة الآرامية السريانية " كما
ذكر ايضا " لعل ذلك الماضي المجيد يبعث في هذه الأمة روح اليقظة و النهضة
...
نشر موقع حضارتي السريانية النشيط فصلا من كتاب عصر السريان الذهبي
وعنوانه " الخط السرياني " نحب ان نعلق على بعض الافكار و شرح بعض
التعابير و تصحيح بعض المعلومات الخاطئة التي وردت في هذا البحث .
لقد دعت رابطة الاكادميين السريان الاراميين الى اعتماد النقد العلمي
البناء ،فأرجو ألاّ يستغرب القارئ من انتقادنا لبعض أخطاء دي طرازي مع
أننا من المعجبين بأعمال دي طرازي وأبحاثه . فنحن نبحث عن " الحقيقة
التاريخية " قبل كل شيء .
1 ـ لقد ذكر دي طرازي "لا شك أن الذي استنبط صناعة الكتابة أولى الجنس
البشري منة عظيم " دي طرازي يقصد بالكتابة الأحرف الأبجدية ، و هذا واضح
في الجملة التالية .
2 ـ يكتب دي طرازي" و الرأي السائد بين العلماء هو أن الكتابة استنبطتها
الأمة الفينيقية التي سكنت سواحل فينيق " هنا يتضح لنا ما هو المقصود
بالكتابة ؟
لا شك انه يقصد الأبجدية الفينيقية .
طبعا أول كتابة وصلت إلينا هي الكتابة المسمارية السومرية ثم
الهيروغليفية الفرعونية القديمة وهاتان الكتابتان أقدم من الأبجدية
الفينيقية بحوالي 2200 سنة .
3 ـ ينهي دي طرازي جملته " و هذا وحده كاف ليجعل للسريان حق الفخر
باستنباط الكتابة. لأن بلاد فينيقي كصور و صيدا و بيروت و جبيل الخ ليست
إلا بقعة صغيرة من بلاده".
للاسف دي طرزي يخطئ ،أجدادنا السريان ـ الآراميون لم يستنبطوا الأبجدية
فمن المعلوم أنهم اخذوا الأبجدية من الفينيقيين .
تذكير للقراء ، اليونانيون هم الذين أطلقوا التسمية " الفينيقية " على
الكنعانيين سكان الساحل .
المؤرخون المتخصصون في تاريخ الشرق القديم يميزون بين الشعب الكنعاني و
الشعب الآرامي، لم أجد أي مؤرخ يعتبر الكنعانيين أو الفينيقيين من الشعب
الآرامي
4 ـ نقل دي طرازي نصا عن البحاثة اللغوي المطران اقليميس يوسف داود ورد
فيه " جاء في صحف اليونانيين القدماء أنه في نحو السنة 1590 قبل المسيح
وصلت إلى أرض اليونانيين من بلاد الفينيق التي يقال لها فونيقي و هي أقصى
أرض السريان غرباً..... فئة من الشاميين في مقدامها رجل اسمه قدمو و جلبت
إلى هناك صناعة الكتابة، و صار اليونانيون منذ ذلك الزمان يكتبون بالحروف
السريانية إلى يومنا ".
المطران اقليمس داود هو عالم لغوي اكثر من ان يكون مؤرخا ، معلوماته عن
الفينيقيين هي من اواسط القرن الـ 19 عشر لذلك نجد فيها الكثير من
الأخطاء التاريخية . النص الذي ينقله عن قدمو هو حكاية اسطورية ـ اقدم نص
كنعاني او فينيقي يرجع الى حوالي 1100 ق.م. لقد وصلت الابجدية الفينيقية الى بلاد اليونان في حوالي القرن التاسع
أو الثامن ق.م. و ليس سنة 1590 ق.م. هذا رقم خيالي . حكاية قدموس تقول
انه قدم من جبيل و ليس من سوريا .
5 ـ نقل دي طرازي نصوصا يونانية جاء فيها " أثبت العلماء أن الأمم
العريقة في الحضارة اقتبست صناعة الخط عن السريان. وهاك ما يؤيد ذلك: قال
ديودورس الصقلي المؤرخ الشهير في القرن السابق لميلاد:\" إن استنباط
الكتابة يعود فضله إلى السريان\". و كتب اقليميس الإسكندري في القرن
الثاني للميلاد:\" ذهب كثيرون من القدماء إلى أن السريان هم الذين
استنبطوا الكتابة\".
ـ من المهم جدا معرفة مفهوم التسمية السريانية في المصادر اليونانية . في
حوالي 300 سنة ق.م. اعلن سلوقس قائد الاسكندر نفسه " ملك سوريا " و كانت
سوريا تضم كل المناطق في الشرق الخاضعة له و من ضمنها فييقيا . و قد قسم
الرومان سوريا الى ولايات عديدة من ضمنها فينيقيا الاؤلى اي الساحلية ثم
فينيقيا الثانية او الداخلية و عاصمتها دمشق ثم سوريا الاؤلى و سوريا
الثانية و غيرها و قد ظل هذا التنظيم معتمدا حتى دخول العرب الى سوريا .
و قد ظلت التسمية السريانية تطلق على جميع تلك الولايات ، و واضح من خلال
كتاب العالم لوسيان السمسياطي وعنوانه الآلهة السريانية وهو يتكلم عن
العادات الدينية و الاحتفالات في المدن السريانية، في البداية يتكلم عن
منبج قرب الفرات ثم القسم الأكبر من كتابه يتكلم عن صور و صيدا و بعلبك
،لذلك يجب التحقيق في ما كتبه ديودورس الصقلي و اقليمس الاسكندري عن
المقصود بالتسمية السريانية ؟
ملاحظة صغيرة .... ذكر دي طرازي في بحثه عن الخطاطين و النساخ السريان
لربان ربولا في القرن السادس و هو منمق الإنجيل المصور المحفوظ في مكتبة
فلورنسا .
الربان ربولا هو ربولا مطران الرها الشهير و عاش 365 ؟ ـ 435 م،اي في
القرن الخامس ، و هو ليس " منمق " الإنجيل المشهور المعروف بـ انجيل
ربولا المحفوظ في مكتبة فلورنسا.
اخيرا يختم دي طراي بحثه " تكفي إذاً الأمة السريانية هذه المزية الفريدة
ليسجل لها التاريخ ذكرى منزلتها المثلى في الحضارة و الثقافة. فقد أصبحت
باستنباطها صناعة الخط مرجعاً لكل الأمم المتحضرة حتى لقبت بجدارة (أميرة
الثقافة) و (أم الحضارة) ".
يوجد اليوم اقساما حول تاريخ و اللغة السريانية في أشهر جامعات العالم ،
اهتمام المؤرخين في دراسة الحضارة و الثقافة السريانية ليس لان السريان
استنبطوا الكتابة ( الابجدية ) ، كما ادعى دي طرازي ـ و هذا ادعاء خاطئ
كما برهنا ـ و لكن اهتمام المؤرخين اليوم هو بسبب الدور الكبير الذي لعبه
اجدادنا خاصة في ميادين الحضارة و الثقافة.
|
|
المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها
|
|