عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

اقرأ المزيد...

الدكتور أسعد صوما أسعد
باحث متخصص في تاريخ السريان ولغتهم وحضارتهم

ستوكهولم / السويد


بحث في قمة الروعة عن كلمة  "ماراناثا" نجد فيه تحليلا لغويا وثقافيا وتاريخيا لهذه العبارة

بقلم الملفونو الدكتور اسعد صوما Assad Sauma

يستحق القراءة والمتابعة

وله جزيل الشكر والامتنان

عبارة "ماراناثا" Maranatha الآرامية في الكتاب المقدس

1.  مقدمة عامة:

يتناول هذا المقال العبارة الآرامية "ماراناثا" (Maranatha) الموجودة في الكتاب المقدس والمذكورة في رسالة بولس الرسول الاولى الى اهل كورنثوس (16:22).

وقد ذكرها بولس الرسول بين التحيات الختامية في نهاية رسالته المذكورة.

والعبارة هي بالآرامية بصيغة מרנאתא، وقد استُعملت كتحية ورمز من قبل المسيحيين الأوائل في فلسطين بلغتهم الآرامية الوطنية التي كانت لغة السيد المسيح ايضا، ولا زالت اللغة الرسمية للسريان.

ان معظم ترجمات الكتاب المقدس معتادة على ترك هذه العبارة كما هي بالآرامية دون ترجمتها، ومنها من تستعملها بالآرامية مع ترجمتها.

ولأهمية هذه اللفظة سنتحدث عنها بشيء من التفصيل في هذا المقال الموجز ليفهما القارئ اللبيب.

كنا قبل أسبوع قد كتبنا مقالا بسيطاً باللغة السويدية عن هذه العبارة الآرامية Maranatha ، فجائتنا رسالة من قارئ في سوريا يتمنى علينا ان نترجم له المقال السويدي للعربية ليفهم الموضع بدقة كما كتب لنا، لان الترجمة التي تقدمها الانترنت لا تعطي الدقة المطلوبة. واستجابة لطلب هذا القارئ الكريم كتبنا هذا المقال بالعربية ليفهمه الأخوة من الناطقين بالعربية أينما كانوا.

 2. الآرامية لغة المسيح وتلاميذه:

ولأن العبارة Maranatha هي بالآرامية فلا بد من أن نبدأ المقال بلمحة موجزة عن هذه اللغة الآرامية ليفهم القارئ خلفية الموضوع.

كانت اللغة الآرامية لغة السيد المسيح وعائلته وتلامذته، بها وعظوا وعلّموا ونشروا البشارة شفهيا قبل تدوين الأناجيل. وأثناء حياة المسيح كانت الآرامية اللغة الأولى الدارجة في معظم منطقة الشرق.

 وكانت في الأساس لغة الأراميين لكن بسبب قوتها وسهولتها ومرونتها اضطرت بعض الشعوب الأخرى الى استعمالها ايضا وخاصة في المجال الكتابي.

وأما الآراميون أصحابها فكانوا يستعملونها كلاماً وكتابة لكونها لغتهم الأم، لكن بعض الشعوب الأخرى استعملوها لأهميتها ولضعف لغاتهم وحاجتهم الى لغة قوية ومعبرة يفهمونها هم ويفهما غيرهم.

كما أن حروف اللغة الآرامية أصبحت مصدراً للغات عديدة كُتبت بهذه الحروف، ومنها اللغة العبرية نفسها والتي لا زالت لغاية اليوم تستعمل الحروف الآرامية في الكتابة وتسمى "الحروف الآرامية المربعة".

وكانت اللغة الآرامية أثناء حياة السيد المسيح، تُقسم الى عدة فروع ولهجات يصعب حصرها لان كل مدينة، لا بل كل حي في المدينة، كانت له لهجته الآرامية.

واللهجات الآرامية التي كتبها متحدثوها أصبحت محفوظة، وعُرفت ولا زالت معروفة.

 لكن الفروع الآرامية المحكية التي لم تدون زالت غالبيتها دون أن نعرف شيئا عنها.

 وكانت منطقة فلسطين التي تمثل جنوب سوريا تضم عدة لهجات آرامية، أما لهجة السيد المسيح فكانت آرامية منطقة الجليل. ونعلم من مجرى الأحداث في الكتاب المقدس عندما قُبض على المسيح لمحاكمته في بيت رنيس الكهنة اليهود، ووجود بطرس الرسول هناك بين الناس متخفيا ليعرف مصير سيده ومعلمه، وكيف تعرف عليه البعض بانه جليلي من اتباع المسيح بسبب بعض خصائص كلامه الآرامي الذي كان يتحدث به، فعرفه البعض بانه من اتباع المسيح واكدوا معرفتهم بانه يتحدث نفس لهجة السيد المسيح، فانكر بطرس بانه لا يعرف المسيح وذلك خوفا من القبض عليه والحكم عليه بالتعذيب. لكن لهجته الآرامية أثناء حديثه كشفت أوراقه بانه من اتباع المسيح رغم انكاره. وقصة المحاكمة وانكار المسيح مذكورة في الأناجيل الأربعة (انظر إنجيل متى 26: 69-71)، وإنجيل مرقص (14: 66-69)، وإنجيل لوقا (22: 56-59)، وإنجيل يوحنا (18: 16-27).

3. لماذا كُتبت الأناجيل باليونانية؟

أن تلاميذ ورسل المسيح الذين كتبوا الأناجيل والرسائل لم يكتبوها للأسف بلغتهم الأم أي بالآرامية الفلسطينية، لكنهم كتبوها باليونانية. وهذه قضية ليست سهلة ابدأ بان يؤلف شخص ما كتابا بلغة أخرى يعرفها لكنها ليست لغته التي يتقنها بشكل جيد، أنما يعرفها لكن ليس بمستوى لغته الأم.

وأثناء كتابة الأناجيل كان التلاميذ الذين كتبوها يفكرون بلغتهم الآرامية الأم، وثم يقومون بترجمة أفكارهم الى اللغة اليونانية، ويدونون أفكارهم الآرامية باللغة اليونانية وبصياغة يونانية.

لذلك هناك تأثير كبير من الآرامية على اليونانية التي كُتبت بها الأناجيل لأن صياغة الكلام في ذهن التلاميذ كانت أولا باللغة الآرامية قبل تدوينها باليونانية.

لقد كتبوا الأناجيل باليونانية لان اليونانية كانت اللغة العالمية في ذلك الوقت، ولأنهم أرادوا من كل المثقفين في الشرق والغرب أن يقرأوا الأناجيل فيتعرفوا على السيد المسيح وتعاليمه.

لكن لغة التلاميذ الآرامية كانت ايضا لغة عالمية في الشرق الأوسط والمناطق المحيطة به، وكان الجميع هناك يستعملونها كلغة الثقافة والتجارة والعلاقات في تلك المنطقة في ذلك العصر. لكن اليونانية هي التي فازت في كتابة الأناجيل وخسرت الآرامية مكانتها أمام اليونانية لاعتبارات سياسية واجتماعية وإدارية وثقافية وغيرها.

4.  تعابير آرامية في الكتاب المقدس:

وأثناء عملية تدوين الأناجيل باليونانية، حافظ تلاميذ المسيح على بعض الكلمات والأسماء والألفاظ والعبارات باللغة الآرامية ودونوها في الأناجيل اليونانية كما هي دون أن يترجموها الى اليونانية، وذلك لأهميتها القصوى كمفتاح لغوي وثقافي وديني واجتماعي للحدث المذكور ولسياق الموضوع.

أي أن كل كلمة تركوها بالآرامية كانت مشحونة بالمعاني القوية والمعبرة، وتدل على حالة سائدة ووضع ثقافي وديني لا يمكن التعبير عنه في الفاظ أخرى من بقية لغات العالم وخاصة اليونانية التي دونوا الأناجيل بها.

لذلك ترك كُتّاب الأناجيل هذه الألفاظ الآرامية بلغتها الآرامية كما هي وكما كانوا يستعملونها شفهيا، لأنه لا يمكن التعبير عن معناها بألفاظ يونانية من جهة، ولا يمكن أن تؤدي رسالتها ومضمونها أن ترجموها الى اليونانية.

لذلك اختاروا دون أي قرار جماعي أن يتركوها بلغتها الآرامية لتعمل فعلها القوي في النفوس، وتؤدي وظيفتها النادرة، وتحمل رسالتها المعبرة والمطلوبة منها الى المجتمعات المسيحية الأولى التي كان معظم أفرادها يعرفون هذه الألفاظ الآرامية ويفهمون مغزاها والمطلوب منها.

شكرا للتلاميذ الذين كتبوا الأناجيل لإبقائهم بعض العبارات بالآرامية ضمن النص اليوناني للكتاب المقدس، وبذلك عوّضوا شيئا يسيراً عن التقصير الكبير الذي اقترفوه بحق لغتهم الآرامية عندما فضّلوا اللغة اليونانية عليها في تدوين الأناجيل. وشكرا لبعض تراجمة الكتاب المقدس المعاصرين لعدم ترجمتهم هذه العبارت الى اللغات الحديثة، بل تركها بالآرامية كما جاءت من العهود القديمة.

5. عبارة "ماراناثا" Maranatha  الآرامية/السريانية:

ومن الأمثلة الحية عن العبارات والألفاظ الآرامية المستعملة في الكتاب المقدس، والمتروكة كما هي بالآرامية دون ترجمتها، نذكر التعبيرين "طاليتا قومي" (يافتاة انهضي)، و"ماراناثا" (ربنا اتى، سيأتي، آتٍ، تعال).

أن عبارة "ماراناتا" كانت قد أصبحت حينها شعاراً هاماً ورمزاً مسيحياً قوياً، وتحية مسيحية خاصة بين اتباع السيد المسيح، لذلك استعملها بولس الرسول كتحية وكلمة مفتاحية مشحونة بين التحيات في خاتمة رسالته الأولى الى أهل كورنثوس.

6. عدم الاتفاق على المعنى الدقيق لعبارة "ماراناثا":

أن تراجمة الكتاب المقدس عبر العصور ورجال اللاهوت المسيحي كانوا مختلفين حول عبارة "ماراناثا". والاختلاف هو حول كيفية قراءة العبارة الآرامية وأين تنتهي الكلمة الأولى وأين تبدأ الكلمة الثانية. فهل الكلمة الأولى هي "ماران" أم "مارانا"؟ وهل الكلمة الثانية هي "اثا" أم "تا". وفي اختيار أية قراءة منهما يتبدل المعنى قليلا.

 ففي القراءة الأولى "ماران آثا" او "إثا" يصبح معنى العبارة "ربنا قد جاء"، وفي القراءة الثانية "مارانا تا" يصبح المعنى "تعالَ ياربنا".

وفي الحالتين تصح العبارة لغويا وقواعديا حسب حال اللغة الآرامية الفلسطينية.

 أن الكتاب المقدس اليوناني استعمل العبارة الآرامية "ماراناثا" بالحروف اليونانية بصيغة Μαρανάθα، ( تلفظ Maranatha) اي انه دمج  الكلمتين معا دون فاصل فراغي بينهما وكأنهما كلمة واحدة.

وقد ورت هذه العبارة في النص السرياني للكتاب المقدس حسب النسخة المعروفة باسم الترجمة "البسيطة" Peshitta بصيغة ܡܪܢ ܐܬܐ "ماران إثا"، وبالسريانية الغربية بصيغة "موران إثو" أي "ربنا قد جاء".

 لكن ماذا قصد بولس الرسول بعبارة "ماراناثا" التي استعملها في نهاية رسالته الأولى الى أهل كورونثوس؟ هل قصد "لقد جاء ربنا" ام قصد "تعال ياربنا"؟ وكيف ينبغي لنا أن نفصل كلمتي العبارة عن بعضهما؟

هل نفصلها بصيغة " ماران آثا" أم بصيغة "مارانا تا"؟ المعروف عن الآرامية بمختلف فروعها أن حرف التاء يلفظ ايضا "ثاء" حسب موقعه في الكلمة ووفقا لقواعد دقيقة نسميها "روكوخو وقوشويو" (قواعد لفظ الحروف القاسية واللينة). ولا زالت هذه القواعد متبعة لغاية اليوم في الكتابة السريانية والقراءة السريانية، أي أن حرفاً واحداً يُلفظ على شكلين، وفي هذه الحالة التاء والثاء.

 لكن صيغة كلمة "مارانا" هي من سمات آرامية فلسطين، وهي مثلا غير موجودة في السريانية الكلاسيكية (كثوبونويو)، لكنها موجودة مثلا في آرامية طور عابدين كما يستعملونها في الفاظ "ابونا" اي (ابانا)، و "بابينا" (اي والدنا) و "امينا" (اي امنا) الخ.

لذلك نوجه السؤال التالي:

 "ماذا قصد بولس الرسول في استعماله عبارة "ماراناثا" الآرامية؟

هل قصد (تعال يارب) أم (ربنا قد اتى)؟

ولأن الموضوع لغوي بحت وخلفيته ثقافية وتاريخية قائمة على اللغة الآرامية الفلسطينية في أيام المسيح، لذلك أُفضِّل المعنى الأول، فتكون حينها العبارة "مارانا تا" (تعالَ يارب) حسب الآرامية الفلسطينية، وليس "ماران اثا" (ربنا قد جاء) كما هي مدونة في السريانية الفصحى في الكتاب المقدس.

ان دمج الكلمتين في كلمة واحدة بصيغة "ماراناتا"،  وعدم المعرفة أين تنتهي الكلمة الأولى وأين تبدأ الثانية، خلَّق مشكلة ليس فقط للناس العاديين انما للباحثين ايضا أثناء محاولتهم قراءة العبارة بشكل صحيح ليفهموها ويترجموها بشكل صحيح ايضا.

لقد وصلتنا هذه المشكلة من نص الإنجيل باللغة اليونانية في مخطوطاته القديمة، لان ناسخي المخطوطات القديمة دمجوا الكلمتين الآراميتين بسبب عدم معرفتهم باللغة الآرامية وعدم معرفتهم على تفريق الكلمتين.

وبمشكلتهم هذه خلقوا مشكلة لغوية للأجيال القادمة ليفهوا العبارة بشكل صحيح، لان هؤلاء النساخ لم يعرفوا أين تنتهي الكلمة الأولى وهل هي "ماران" أم "مارانا"، وهل الكلمة الثانية هي "اتا" أم "تا".

وقد استمرت هذه المشكلة ليس فقط في نص الإنجيل اليوناني بل شقت طريقها الى الترجمات اللاحقة للكتاب المقدس في اللغات الأخرى، حيث احتار المترجمون كيف يفهموها وكيف يكتبوها. كما شقت العبارة طريقها الى النصوص الكنسية والطقسية اللاحقة.

7. بعض المعاني الأخرى الجديدة لعبارة "ماراناثا":

أن قراءة عميقة لعبارة "ماراناثا"، وفهم عميق للوضع اللغوي الآرامي في عصر المسيح، وفهم خواص الفروع/اللهجات الآرامية المتعددة، وفهم الخلفية الثقافية لدى الآراميين (السريان) الذين كانوا يشكلون غالبية شعب منطقة الشرق، يساعدنا عل فهم المعنى وعلى اختيار القراءة الصحيحة، وكيفية تقطيع العبارة الى كلمتين.

نعم أن تغيير موقع النقاط وحركات التشكيل في عبارتنا هذه، يغيّر معناها، لذلك اذا افترضنا أن حرف الألف الأول في الكلمة الثانية هو مكسور بصيغة "إثا" فتتحول الكلمة الى فعل في الزمن الماضي او الزمن التام، ويصبح معنى الفعل "اتى" او "قد اتى"، وبهذا المعنى وبهذه الصيغة يرد هذه الفعل في نص الإنجيل السرياني. (لدي ملاحظات وتعليقات عديدة على لغة نص الكتاب المقدس السرياني المطبوع والمتداول بين السريان بمختلف طوائفهم وكنائسهم).

لا شك أن عبارتنا الآرامية هذه التي جائتنا من الإنجيل باللغة اليونانية مكتوبة بالحروف اليونانية بصيغة Μαρανάθα على طريقة السرياني الكرشوني، تتكون من كلمتين. فلو دوَّنا هذه العبارة بالحروف الآرامية بدون حركات تشكيل מרנאתא، فبالإمكان فصل كلمتي العبارة عن بعضهما بطرق مختلفة، وحينها سنحصل على معان أخرى جديدة في كل تقطيع مختلف للكلمتين.

هنا نقطع الكلمتين عن بعضهما بطرق مختلفة لنرى كيف ستعطينا معنى ومضموناً جديداً حسب كل تقطيع:

1. "  ماران آثا"، اي "ربنا هو الرمز والعلامة". وهذا المعنى بهذه الصيغة يوافق حال اللغة السريانية الكلاسيكية تماما عندما نكتبها بالحروف السريانية مع التشكيل ܡܳܪܰܢ ܐܳܬ̥ܳܐ (تلفظ بالسريانية الشرقية "مارَن آثا" وبالسريانية الغربية "مورَن أوثو") والمعنى هو نفسه بالحالتين اي "ربنا هو الرمز".

2. " مارانا تا"، اي "ربنا هو البداية والنهاية". وفي تقطيع العبارة هنا بهذه الصيغة تتحول الكلمة الثانية الى لفظة مكونة من حرفين يمثلان الحرف الأول والأخير من الأبجدية الآرامية أي "الِف" و "تاو". واستعمل السريان قديما، ولا زالوا يستعملون، الحرف الأول والأخير من الأبجدية السريانية الآرامية بمعنى "البداية والنهاية".

3. " ماران آثِا" (athe)، أي "ربنا قادم". والكلمة الثانية هنا هي فعل بصيغة اسم الفاعل الذي يُستعمل في الآرامية كفعل في الزمن الحاضر، ويستعمل أحيانا  كفعل في الزمن المستقبل ايضا. فيصبح معنى العبارة هنا "ان ربنا قادم" وكذلك "ان ربنا سيأتي".

4.  وبالإمكان تقطيع العبارة الى الكلمتين "مَر أنتا" فيصبح معناها "أنت هو الرب".

5.   وكذلك يمكننا تقطيعها الى "مر" "انتا" وتصبح "محرم أنت". كعبارة لتحذير الأشخاص وتحريمهم أن قاموا بفعل كذا وكذا.

وهذه المعاني الخمسة الجديدة التي استنبطناها من استنطاق العبارة الآرامية "ماراناتا" تناسب هذه العبارة وتوافق سياقها واستعمالها اللغوي والثقافي والديني كما هي مذكورة في الإنجيل استنادا الى رؤية المسيحيين للمسيح.

 6. " " لقب آرامي ملوكي:

فلو سلمنا أن الكلمة الآرامية الأولى في العبارة هي "مارانا" اي "ربنا" و "سيدنا"، فان هذا الاستعمال معقول ويصح لغوياً وتاريخياً وثقافياً، لأن كلمة "مارانا" هي لقب آرامي يدل على السيادة والسلطة والمجد استعمله الآراميون القدماء كلقب لملوكهم أثناء مخاطبتهم وذكر أسمائهم والتحدث معهم أو الكتابة عنهم بمعنى "سيدنا"، خاصة لدى الأنباط الآراميين في مخاطبتهم لملوكهم في منطقة نفوذ حكم ملوكهم الأنباط الآراميين التي كانت تشمل مساحة في فلسطين و الاردن ، وهي المنطقة التي ظهرت فيها عبارة "ماراناثا". وهنا يعادل لقب "مارانا" الآرامي لقب "صاحب الجلالة" المستعمل اليوم للملوك.

 7.  النتيجة:

ان عبارة ماراناثا Maranatha عبارة آرامية موجودة في الإنجيل في رسالة بولس الرسول الأولى الى أهل كورنثوس. وهي عبارة مكونة من كلمتين آراميتين دُمجتا معا في الإنجيل اليوناني وباللغة اليونانية فأصبحتا وكأنها كلمة واحدة. ووصلتنا العبارة بهذه الصيغة Maranatha من الإنجيل اليوناني ولا يوجد اتفاق على الكلمتين، وهل الكلمة الأولى هي "ماران" أم "مارانا" وهل الكلمة الثانية هي "اثا" أم "تا". اذاً الاختلاف هو في تقسيم الكلمة وتقطيعها الى كلمتين آراميتين.

 لذلك يضطر علماء النص الكتابي وتراجمة الكتاب المقدس بترك العبارة كما هي في ترجماتهم.

وقد حللنا العبارة تحليلا لغويا وثقافيا وتاريخيا فاكتشفنا بانها غنية جدة بالمعاني وذلك حسب اللغة الآرامية الفلسطينية وفروع اللغة الآرامية الأخرى، فذكرنا خمسة معان أخرى بالإضافة الى معنيها المتداولين.

الدكتور اسعد صوما

ستوكهولم

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها