السريان واللغة السريانية
(هذه المقالة مستقطعة من مقدمة كتاب: "الفيلسوف السرياني ابن
العبري في كتابه الفلسفي حديث الحكمة"، تأليف الدكتور
اسعد صوما)
أولاً: لمحة عن أصل السريان
سريان اليوم جزء صغير من العائلة السريانية الكبيرة
التي تتكون من اتباع كل الطوائف المسيحية الموجودة في
بلاد الشام والعراق وما يجاورها
عدا الاقباط والارمن. وقد عاش السريان في مواطنهم
التقليدية في الشرق الاوسط منذ حوالى 3000 سنة دون
انقطاع، حيث طبعوا المنطقة بثقافتهم وحضارتهم ومآثر
لغتهم، وقدموا بعض الانجازات الهامة في مجرى التاريخ
شملت مساحة واسعة من العالم القديم وخاصة على المستوى
الثقافي واللغوي. وكانت قوافلهم التجارية ناشطة جداً
على طول مسالك طريق الحرير التجاري الشهير في عالم
الشرق القديم، فانتشرت معهم ثقافتهم ولغتهم وابجديتهم
بين شعوب عديدة.
ان لغتهم الآرامية السهلة النطق والكتابة كانت قد
انتشرت حينها انتشاراً واسعاً جداً بسبب سهولتها
ومرونتها، فغدت لغة الاتصالات والدبلوماسية والتجارة
في الشرق القديم، كما ان ابجديتهم الآرامية السهلة
والمكونة من 22 حرفاً كُتبت بها العديد من اللغات،
وأصبحت مصدراً لكثير من أبجديات لغات العالم ايضاً.
لكن منذ القرن الثالث الميلادي، خسر السريان دويلاتهم
العديدة ونفوذهم السياسي وأصبحوا تابعين للقوى
السياسية الغريبة التي تحكمهم.
ينقسم
سريان اليوم الى عدة مجموعات كنسيّة لا زال
بعضها
يحمل الاسم
السرياني مثل السريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك،
أما المجموعات السريانية الاخرى فقد خسرت اسمها
السرياني كلياَ أو جزئياً خلال معمعة التطور التاريخي
والانفلات الكنسي، ولها اليوم اسماء محلية كنسية خاصة
تُعرف بها، مثل الموارنة والروم والاشوريين والكلدان
وهذه المجموعات الكنسية كلها هي بكل حق ورثة اللغة
السريانية الآرامية، وورثة الحضارة السريانية والتراث
السرياني العريق الذي انتجه اجدادهم السريان على مر
العصور، ولا زال الاسم السرياني كامناً في الطبقة
السفلى من تفكيرهم.
يتحدر
السريان من الآراميين الذين كانوا يشكلون في القرون
الاولى قبل الميلاد وبعده، الغالبية العظمى لسكان
منطقة بلاد الشام، اي سوريا ولبنان والعراق والاردن
وفلسطين، حيث وحدوها بوجودهم البشري الكثيف وبلغتهم
الآرامية وبمختلف عوامل حضارتهم وثقافتهم. وقد اطلق
اليونانيون تسمية "سريان"
على الآراميين في القرون الاولى قبل الميلاد وخاصة منذ
القرن الثالث قبل الميلاد. لكن "السريان" استمروا
حينها يسمون أنفسهم بالآراميين
لغاية بداية القرن الخامس الميلادي؛ وبعد ذلك بدأ
الآراميون المسيحيون بدورهم يستعملون تسمية "سريان"
ܣܘܪ̈ܝܝܐ
الى
جانب أسمهم الآرامي
ܐܪ̈ܡܝܐ
فقالوا عن أنفسهم "سريان
آراميين"
ܣܘܪ̈ܝܝܐ
ܐܪ̈ܡܝܐ،
وعن لغتهم "اللغة
السريانية الآرامية"
ܠܫܢܐ
ܣܘܪܝܝܐ
ܐܪܡܝܐ.
واستمرت التسمية السريانية الجديدة في الانتشار أكثر
وأكثر، وعمت سائر المنطقة الآرامية، الى أن انفردت في
الاستعمال بعدما انزاحت التسمية الآرامية من الاستعمال
اليومي.
كان
الآراميون القدماء يتبعون في دولهم وكياناتهم السياسية
نظام المدينة الدولة، فكان لهم العديد من الدويلات
المنتشرة في منطقة الهلال الخصيب. وكان البعض من دولهم
يحمل اسم "آرام
" الى جانب اسمها المحلي مثل "آرام
دمشق"،
"آرام
صوبا"،
"آرام
معكة"،
الخ؛ كما ان بعضها حمل ايضاَ اسم "بيث"
الى جانب اسمها مثل "بيث
عديني"،
"بيث
حالوفي"،
"بيث
ياكين"،
الخ. وقد عاش الآراميون خلال تاريخهم الطويل قبل
الميلاد بجوار شعوب أخرى لها لغاتها وحضاراتها مثل
الاشوريين والكنعانيين والحثيين وغيرهم فتأثروا بهم
وأثروا عليهم، إلا ان تلك الشعوب القديمة اختفت لاحقاً
من مسرح التاريخ، واختفت معها لغاتها وحضاراتها، وزالت
كلياً من الوجود بعدما ان ذابت بقاياها ضمن الآراميين.
أما هم فقد استمروا في الحياة لغاية اليوم باسم سريان
وغيرها من الاسماء الكنسية محافظين على بقايا وجودهم
البشري وعلى شيء يسير من حضارتهم ولغتهم التي هي مبعث
فخرهم وقوتهم.
وفي القرنين الأولين بعد الميلاد كان للآراميين عدة
كيانات سياسية، قام البعض منها على الأثنية الآرامية
والبعض الآخر على اللغة الآرامية. وكانت معظم المدن
الكبيرة في منطقة الهلال الخصيب آنذاك تشكل كيانات
سياسية آرامية تعتمد نظام "المدينة الدولة" ، منها
بترا (في الاردن)؛ دمشق، وحمص، وحماة، وحلب، وتدمر
(كلها في سوريا)؛ حطرا، وحدياب، وسنجار، وميسان (كلها
في العراق)؛ الرها، وآمد (دياربكر)، ونصيبين، وماردين،
وطور عابدين (في تركيا)، الخ. وقد انتهى النفوذ
السياسي لمعظم هذه الممالك والامارات والاقطاعات
الآرامية في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد. وبعد
مجيء الاسلام الى المنطقة اندمج الكثير من الأراميين
(السريان) به وبالعرب، فاختفى منهم أصلهم وضاعت منهم
لغتهم بعد ان تركوا ثأثيرا كبيراً في اللغة والحضارة
العربية. لكن البقية الباقية من الشعب الآرامي استمرت
في الوجود على ارضها ومناطقها التقليدية باسم "سريان"
وغيرها من الاسماء الكنسية والطائفية لغاية اليوم، رغم
تقلص عدد هذا الشعب بشكل كبير جداً بسبب الاضطهادات
المتنوعة والمجازر التي تعرض لها.
الآراميون يتبنون التسمية السريانية:
كان
اليونانيون منذ القرن الثالث
قبل الميلاد قد أخذوا يطلقون تسمية "سريان"
على الآراميين، فاضطر الآراميون الى تبنيها تدريجياً
واستعمالها الى جانب اسمهم الآرامي. وهناك شواهد قديمة
كثيرة حول هذا الموضوع منها شهادة المؤرخ والفيلسوف
اليوناني بوسيدونيوس (135 ق.م. – 51 قبل الميلاد) الذي
كان من مدينة أفاميا على نهر العاصي في سوريا حيث كتب:
"يطلق
السريان على انفسهم اسم الآراميين".
وكذلك
المؤرخ اليوناني سترابو
(63 قبل
الميلاد- 24 ميلادي) بقوله:
"ان
الذين يطلق اليونانيون عليهم تسمية سريان فانهم يسمون
انفسهم بالآراميين".
وفي
النسخة/الترجمة السبعينية السريانية للعهد القديم
ܫܒܥܝܢܝܬܐ
والتي تُرجمت
من العبرية الى اليونانية في مصر في القرن الثالث قبل
الميلاد، ومن اليونانية الى السريانية في الاسكندرية
حوالى عام 615 ميلادي، نرى ان الاسم "السرياني" اصبح
في الترجمة السبعينية بديلاً عن اسم "الآرامي" الاقدم
منه ومرادفاً له. أي ان المترجمين
قاموا بترجمة تسمية "آرامي" من النص العبري للعهد
القديم الى لفظه "سرياني" في النص السبعيني اليوناني
وثم السرياني. فعلى سبيل المثال ان تعبير"ملك
آرام"
في التوراة العبرية قد تُرجم في النسخة السبعينية
السريانية الى صيغة
ܡܠܟܐ ܕܣܘܪ̈ܝܝܐ
"ملك
السريان"،
وعبارة
"رصين
ملك آرام"
ترجمت الى
ܪܨܢ
ܣܘܪܝܝܐ
"رَصين
السرياني".
وفي زمن
مار افرام السرياني (القرن الرابع الميلادي) لم يكُ
السريان يسمون انفسهم سرياناً بعد، بل آراميين، وهذا
واضح من الكتابات السريانية التي وصلتنا من ذلك العصر،
وبينها كتابات مار افرام الذي لا يستعمل تسمية سريان
ولغة سريانية، بل يستعمل تسمية "آراميين" و "لغة
آرامية".
وهناك العديد من الشواهد في كتاباته النثرية والشعرية،
منها قوله :
ܐܪ̈ܡܝܐ ܒܣܘܟܝ̈ܗܘܢ ܫܒܚܘܗܝ
اي "مجده
الآراميون باغصانهم"،
وقوله عن الفيلسوف "برديصان"
الرهاوي (توفي عام222م) بانه "فيلسوف
الآراميين"
كما في الشاهد التالي:
ܓܘܚܟܐ ܕܝܢ ܥܒܕ ܢܦܫܗ ܒܝܬ ܐܪ̈ܡܝܐ
ܘܝܘܢܝ̈ܐ: ܦܝܠܘܣܘܦܐ ܕܐܪ̈ܡܝܐ
"ان
فيلسوف الآراميين (برديصان) جعل نفسه اضحوكة في أعين
اليونانيين والآراميين"؛
كما ان مار أفرام يسمي اللغة السريانية بالآرامية كما
في قوله:
ܟܬܝܒ ܒܐܪܡܝܐ
"كُتب
بالآرامية".
وبعد وفاة مار أفرام بفترة قصيرة (توفي عام 373م) بدأت
التسمية السريانية تتغلغل بين الآراميين الذين راحوا
يستعملونها الى جانب التسمية الآرامية. ونرى ذلك لدى
الشاعر الكبير مار يعقوب السروجي الذي توفي عام 521م،
حيث وصف مار أفرام ملقباً أياه بـ "تاج
الأمة الآرامية وبليغ السريان"
بقوله
ܗܢܐ ܕܗܘܐ ܟܠܝܠܐ ܠܟܠܗ̇ ܐܪܡܝܘܬܐ: ܗܢܐ
ܕܗܘܐ ܪܗܛܪܐ ܪܒܐ ܒܝܬ ܣܘܪ̈ܝܝܐ
اي "ان
مار أفرام أصبح تاجاً للأمة الآرامية جمعاء، وبليغاً
عظيماً لدى السريان".
ان الشاعر استعمل هنا التسميتين الآرامية والسريانية
معاً في قصيدته كإسمين على المسمى نفسه. كما ان شاعرنا
المذكور يعقوب السروجي سمى فتيات مدينة الرها
بالآراميات، عندما تحدث عن تلميذات مار أفرام بقوله:
ܝܒܒܝ̈
ܗܘܝ̈
ܓܝܪ ܥܒܪ̈ܝܬܐ ܒܦܠܓܝ̈ܗܝܢ: ܘܗܪܟܐ ܡܫܒ̈ܚܢ ܐܪ̈ܡܝܬܐ
ܒܡܕܪ̈ܫܝܗܝܢ
اي "لقد
رَنّمت الفتيات العبرانيات بدفوفهن، أما الفتيات
الآراميات فتمجد (الرب) هنا بمداريشهن".
ومنذ حينها استعمل الكتّاب السريان على مر العصور
التسميتين السريانية والآرامية بشكل متلاحم ومترادف،
وأصبح هذا تقليداً دارجاً لدى الكتّاب، فكتبوا بانهم "سريان
آراميون"
وان لغتهم هي "السريانية
الآرامية".
وهذا واضح لكل من يطالع الكتب والنصوص السريانية
القديمة، فعلى سبيل المثال، نستشهد بأحد أكبر العلماء
والمؤرخين السريان القدماء، يعقوب الرهاوي (المتوفي
عام 708 ميلادي) بقوله:
ܚܢܢ ܐܪ̈ܐܡܝܐ
ܐܘܟܝܬ ܣܘܪ̈ܝܝܐ
"نحن
الآراميون اي السريان".
وكذلك بقوله:
ܠܘܬܢ ܐܪ̈ܡܝܐ
اي "عندنا
نحن
الآراميين"،
وكذلك ايضاً في حديثه عن اجداد السريان بقوله:
ܥܬܝ̈ܩܐ ܒܢ̈ܝ ܐܪܡ،
اي "أبناء
آرام القدماء".
أما كون
السريان يتحدرون من الآراميين، فهناك شواهد كثيرة على
ذلك من المؤرخين والكتاب السريان القدماء. مثلاً، يقول
العلامة اللغوي السرياني الشرقي (النسطوري) بربهلول
(من القرن العاشر) في قاموسه السرياني الموسوعي:
ܡܢ ܩܕܝܡ ܣܘܪ̈ܝܝܐ ܐܪ̈ܡܝܐ ܡܬܩܪܝܢ ܗܘܘ،
اي "كان
السريان قديماً يسمون آراميين".
وكذلك فعل المؤرخ والعلامة السرياني يعقوب ابن الصليبي
(توفي 1171) بقوله:
ܚܢܢ ܓܝܪ ܒܢ̈ܝ ܐܪܡ ܐܝܬܝܢ: ܘܥܠ ܫܡܗ
ܡܬܩܪܝܢ ܗܘܝܢ ܒܙܒܢ ܐܪ̈ܡܝܐ،
أي "نحن
أبناء آرام وعلى اسمه كنا نسمي سابقاً آراميين".
وكذلك ايضاً فعل العلامة السرياني النسطوري سليمان
مطران البصرة (توفي حوالي 1240) في كتابه السرياني
ܕܒܘܪܝܬܐ،
أي "النحلة" كما انه سمى الملك أبجر بالآرامي بقوله في
المصدر نفسه
ܟܕ ܫܡܥ ܐܒܓܪ ܡܠܟܐ ܐܪܡܝܐ ܕܒܝܬ ܢܗܪ̈ܝܢ:
ܐܬܠܚܡ ܥܠ ܥܒܪ̈ܝܐ ܘܒܥܐ ܕܢܘܒܕ
ܐܢܘܢ،
أي "عندما
سمع أبجر الآرامي ملك بيث نهرين غضب
وأراد
أن يبيد العبرانيين".
وهناك اثباتات كثيرة على ذلك، نكتفي منها يهذا القدر
من الشواهد السريانية القديمة.
وفي
القرون الاولى من الفترة المسيحية، اعتنقت غالبية
الآراميين الديانة المسيحية تدريجياً؛ ومنذ القرن
الخامس الميلادي، ثبتت عليهم التسمية السريانية التي
اطلقها عليهم اليونان. وحسب التقليد السرياني، هناك
"قصة" ممتعة تقول ان ابجر الخامس "أوكومو/ أوكاما"
ܐܒܓܪ ܐܘܟܡܐ
ملك
الرها الآرامي اصيب بمرض وعجز الاطباء عن معالجته،
فسمع عن يسوع الناصري بانه يشفي المرضى، فكتب اليه
ليأتي ويشفيه. فأجابه يسوع بانه سيرسل له احد اتباعه
ليشفيه. وفعلاً ارسل له "ادى الرسول" الذي نجح في شفاء
الملك ابجر وتنصيره. فاعتنقت مملكة الرها المسيحية
واصبحت المعقل الاول للمسيحية الناطقة بالآرامية،
مثلما كانت انطاكية معقل المسيحية الناطقة باليونانية.
وأصبحت لغة الرها الآرامية لغة الكنيسة السريانية
الرسمية، وانتشرت مع انتشار الكنيسة السريانية في كل
مكان. وكانت الرسائل المتبادلة بين ابجر الملك والسيد
المسيح والمحفوظة في ارشيف الرها، قد عظّمت قيمة الرها
ولغتها السريانية بين جميع الاوساط المسيحية في الشرق
والغرب، كما انها أعطت أهمية لشعبها الآرامي حينها.
كما ان التقليد التوراتي
ينص على آرامية الشخصيات التوراتية ابراهام وابنه اسحق
وحفيده يعقوب. ان هذه الشخصيات الدينية الهامة دخلت
الى مختلف الطقوس الكنسية السريانية وأصبحت محوراً
لكثير من الموضوعات الدينية والكنسية.
ولقد انطلق المبشرون السريان يبشرون بالمسيحية في
مختلف الاصقاع القريبة والبعيدة ناقلين معهم لغتهم
السريانية الآرامية والطقوس الكنسية، حيث بشروا هناك
في الهند والصين ومنغوليا، الخ، ولغاية اليوم يوجد عدة
ملايين
من السريان المسيحيين في جنوب الهند ينتمون الى مختلف
الكنائس السريانية والمذاهب المسيحية، ويستعملون اللغة
السريانية في طقوسهم الكنسية.
لكن في الفترة نفسها التي دخلت فيها التسمية السريانية
على الآراميين المسيحيين، دخلت ايضاً بعض التعاليم
والافكار الفلسفية والدينية الجديدة وتسربت الى
الكنيسة،
مما ادى الى انعقاد مجامع كنسية لتثبيت العقيدة
المسيحية، لكنها سبّبت ايضاً في انقسامات كنسية.
ولغاية القرن الثامن، كان الآراميون المسيحيون ينقسمون
الى اربع كنائس/مجموعات هي: السريان المشارقة
(النساطرة)، السريان الملكيين (الروم)، السريان
الارثوذكس (اليعاقبة)،
والسريان الموارنة؛ لكن منذ القرن السادس عشر ولاحقاً
خرجت مجموعات من تلك الكنائس وأسست لها فروعاً
كاثوليكية، وبعدها بروتستانتية، فتضاعف عدد الكنائس
السريانية في المنطقة، منها من حافظت على اللغة
السريانية في طقوسها الكنسية، ومنها من تبعت الطقس
البيزنطي اليوناني الكنسي وتخلت عن اللغة السريانية.
وفي فترة تاريخهم المسيحي تعرض السريان لاضطهادات
منوعة أدت الى تناقص اعدادهم بشكل مروع، كما ان
غالبيتهم اضطروا الى هجر لغتهم الآرامية، الا ان
مجموعات هامة منهم في العراق و سوريا وغيرها، لا زالت
تتحدث بلغتها الآرامية لغاية اليوم.
انقسام
السريان الى مشارقة ومغاربة
لقد انقسم
السريان مع مرور الزمن الى كتلتين بشريتين في منطقتين
جغرافيتين، فتسموا بالسريان المشارقة والسريان
المغاربة. وتشبه الحدود السورية العراقية اليوم، الى
حد ما الحدود التي كانت تفصل بين السريان المشارقة (في
العراق وايران)
والسريان المغاربة (في سوريا وتركيا ولبنان اليوم).
لقد صادف انقسام السريان في بداية القرن الخامس
الميلادي، وكانت القسمة على محاور عدة: سياسية
ولاهوتية وكنسية ولغوية ومناطقية؛ فسياسياً كان
السريان المشارقة يتبعون دولة الفرس، والسريان
المغارية بيزنطة؛ ولاهوتياً تبع السريان المشارقة
الفكر النسطوري في تحليل لاهوت المسيح وناسوته ورفضهم
لقب مريم "والدة الله"
ܝܠܕܬ ܐܠܗܐ؛
ولغوياً استعمل السريان المشارقة في الكتابة والادب
والطقوس الكنسية الفرع الشرقي من اللغة السريانية
الفصحى التي تسمى لديهم
ܠܫܢܐ ܥܬܝܩܐ
"لِشانا
عَتِّيقا" (أي اللغة القديمة) و
ܠܫܢܐ ܣܦܪܢܝܐ
"
لِشانا سِفرانايا" (أي اللغة الادبية)؛
و
ܠܫܢܐ ܐܪܡܝܐ
"لِشانا
آرامايا" (أي: اللغة الآرامية)، وتكلموا ولا زالوا
يتكلمون لغاية اليوم اللغة "الآرامية الشرقية الشمالية
الحديثة"
North
Eastern Neo- Aramaic
.
واستعمل السريان الغربيون اللغة السريانية الفصحى
بلهجتها الغربية حيث يسمونها
ܣܘܪܝܝܐ
ܟܬܒܢܝܐ
"سوريويو
كثوبونويو"
(أي، اللغة الكتابية، بمعنى اللغة الفصحى) وتكلموا
بفروع آرامية مختلفة، فمنهم من يتكلم اللغة "الآرامية
الغربية الحديثة"
Western
Neo-Aramaic
، ومنهم "الآرامية
المتوسطة الحديثة"
Central
Neo-Aramaic))
وكنسياً تأسس من السريان المشارقة الكنيسة السريانية
الشرقية
تحت سلطة اسقف المدائن والذي سُمي جاثليق/بطريرك،
بينما كان السريان المغارية تحت سلطة اسقف/بطريرك
كنيسة انطاكيا قبل انقسامها؛ ومناطقياً تمركز السريان
المشارقة حول "المدائن" عاصمة الفرس على نهر دجلة ضمن
حدود الدولة الفارسية، وأما السريان المغاربة فتمركزوا
حول عاصمتهم الروحية "انطاكيا" ضمن حدود الامبراطورية
البيزنطية. وبالرغم من ان السريان المغاربة انقسموا
بعد عام 451 لاهوتياً وكنسياً الى فرقتين، وفي القرن
السابع الى ثلاث فرق، فقد كانت غالبيتهم من رعايا
الدولة البيزنطية.
بعد سيطرة العرب المسلمين على منطقة الشرق الاوسط تحول
معظم السريان المشارقة والمغاربة الى رعايا في الدولة
العربية المسلمة الفتية، وزالت الحدود السياسية
القديمة من بينهم. الا ان القسمة الكنسية واللاهوتية
واللغوية استمرت بين السريان وما زالت ليومنا هذا.
ورغم ان غالبية السريان الآراميين
فقدوا لغتهم الآرامية الأم من التخاطب اليومي، الا انه
ما زال العديد منهم يتكلم الآرامية،
كل بحسب لهجة منطقته وخاصة في العراق وسوريا، ولا زالت
كنائسهم تستعمل السريانية الفصحى في عبادتها وطقوسها.
ثانياً:
اللغة السريانية
المقصود
بالسريانية هنا هو "السريانية الفصحى" التي يسميها
السريان المغاربة
ܣܘܪܝܝܐ ܟܬܒܢܝܐ
أي
"السريانية الكتابية".
وقد كانت هذه اللغة السريانية في الاساس، اللغة
الآرامية
المحكية في الرها ونصيبين والمناطق المجاورة في بيث
نهرين
ܒܝܬ
ܢܗܪܝܢ.
لكن
السريانية هي احدى فروع اللغة الآرامية، والآرامية
بحد ذاتها لغة قديمة وعريقة وسلسة وغنية، وتضم مجموعة
كبيرة من اللهجات المتشابهة والفروع المتقاربة، بعضها
دوِّنَ، والبعض الآخر لم يدوَّن. وان العديد من فروعها
ولهجاتها مات، لكن بعض لهجاتها الاخرى لا زال حياً
لغاية اليوم.
ومن اللهجات الآرامية المكتوبة والتي وصلتنا من القرون
المسيحية الاولى، نذكر مجموعتين، غربية وشرقية. تضم
المجموعة الغربية
الآرامية اليهودية الفلسطينية،
والآرامية السامرية،
والآرامية المسيحية الفلسطينية؛
أما المجموعة الشرقية
فتضم
الآرامية المندائية
وآرامية
التلمود البابلي،
والآرامية
السريانية.
كانت
الآرامية اللغة المحكية المسيطرة في منطقة الهلال
الخصيب في القرون الاولى قبل الميلاد وفي زمن المسيح
وبعده، لغاية القرن السابع الميلادي حيث جاءت العربية
فأخذت تنافسها وتزيحها من مواقعها تدريجياً. ان اللهجة
الآرامية التي كانت مستعملة في الرها تطورت هناك لغة
وكتابة بشكل مستقل عن الفروع الآرامية الاخرى وأصبحت
ما تعرف اليوم باللغة "السريانية الفصحى". وتميزت
"السريانية الفصحى" ببعض خصائصها مثل استعمالها حرف
النون في بداية الفعل المستبقل مع الضمير الغائب مثل
ܢܩܛܘܠ
(نقطول)
بدلاً من حرف
"الياء" الموجود في معظم الفروع الآرامية الاخرى،
واستعمالها الحالة التوكيدية في الاسماء والصفات أي
المنتهية بألف
مثل
ܡܠܟܐ ܫܦܝܪܐ
(مَلكو
شفيرو/ملكا شفيرا)
بدلاً من
الحالة المطلقة في الاستعمال العام والتي لا تنتهي
بألف، وعدم استعمالها اداة للتعريف، واستعمالها الخط
الآرامي السطرنجيلي الخاص بها، ثم الخطين الشرقي
والسرطو.
وقد نالت السريانية مكانة رفيعة، وتطورت، وانتشرت
بسرعة لظروف سياسية وتجارية ودينية خاصة بدولة الرها
السريانية ودور ملوكها الآراميين (السريان) في سياسة
المنطقة منذ القرن الثاني قبل الميلاد ولغاية القرن
الثالث الميلادي، وكذلك لتحوّل هذه السريانية الى لغة
رسمية للكنيسة المسيحية المحلية والمشرقية ولا زالت،
ولكون الرهبان والتجار السريان ايضاً و ايضاً حملوها
معهم في تبشيرهم وفي رحلاتهم، فاوصلوها الى الهند
والصين وآسيا الوسطى، ولا زالت السريانية مستعملة في
الكنائس السريانية في جنوبي الهند لغاية اليوم. ويبدو
ان اللغة السريانية الفصحى ظلت مستعملة في موطنها،
اعني الرها، كلغة أدبية ومحكية حتى نهاية القرن الثالث
عشر الى ان بطل استعمالها في الكلام، لكنها استمرت
كلغة ادبية في الكتابة والتأليف والتعليم وغيرها من
المجالات الادبية. كما انها لا زالت مستمرة لغاية
اليوم في مختلف كنائس الطوائف
السريانية في ممارسة طقوسها وتلاوة صلواتها في كل مكان
فيه سريان وكنائس سريانية، وبشكل يسير في التعليم
والتأليف ايضاً.
وبإمكاننا تقسيم اللغة السريانية الى ثلاث مراحل:
أولا، مرحلة اللغة السريانية الكلاسيكية:
وتبداً
منذ ظهور هذه اللهجة واستعمالها في القرن الثاني قبل
الميلاد وتنتهي في القرن الخامس او السادس الميلادي.
وهنا كانت السريانية في اوج قمتها، حيث كانت لغة دولة
الرها السريانية
ܐܘܪܗܝ
Edessa
ولغة ملوكها
وحكوماتها وموظفيها وجنودها وارشيفها وقضاتها
ومدارسها ومعاهدها العلمية؛ وكانت لغة شعبها السرياني
الأبي بمختلف فئاته المثقفة وغير المثقفة، بها كان
أبناؤها يخاطبون بعضهم البعض، بها كانت الام السريانية
تناجي طفلها ورضيعها، بها وضعت ترجمات الكتاب المقدس
المختلفة، وبها وضع الكتّاب والفلاسفة والادباء
السريان مؤلفاتهم وافكارهم، وبها كانت الفرق السريانية
الغنائية والفنية والتمثيلية تقدم عروضها وابداعاتها.
كما انها كانت لغة عمالقة الشعر والنثر السرياني مثل
مارا
برسرافيون
(المئة
الاولى بعد الميلاد). وبرديصان (145-222)، ومار أفرام
(306-373) وتلامذته، ومار يعقوب السروجي (توفي 521)،
وفيلوكسينوس المنبجي (توفي523)، و نرساي (توفي 502)
وغيرهم، حيث وضعوا فيها عصارة فكرهم ونبوغهم وخلاصة
شاعريتهم الملهمة. وكتابات هذه المرحلة كانت في الخط
السرياني السطرنجيلي الخاص يها دون استعمال حركات
تشكيل.
ثانياً، مرحلة اللغة السريانية المتوسطة:
وفيها
تكرس انقسام السريانية على مستوى المورفولوجيا الى
شرقية و غربية؛ وانقسم الخط السرياني وظهر الخط الشرقي
الخاص بالسريان المشارقة والخط المعروف بالـ "سرطو"
الخاص بالسريان المغارية، كما ظهر نظام التشكيل الذي
يعتمد النقاط في السريانية الشرقية ونظام حركات
التشكيل المعروف في السريانية الغربية؛ واصبحت نصيبين
ܢܨܝܒܝܢ
موطناً للفرع
السرياني الشرقي والرها
ܐܘܪܗܝ
موطناً للفرع الغربي. ان القسمة تطورت بشكل تدريجي،
فابتعدت السريانية الغربية عن الشرفية في طريقة اللفظ،
اذ تخلّت الغربية عن لفظ الشدة ( التشديد على لفظ
الحرف)،
واختلطت فيها الحركات الطويلة والقصيرة، وتساهلت
تدريجياً في قراءة الحروف اللينة (المركخة). وكانت
النتيجة ان ابتعدت السريانية الغربية عن السريانية
الكلاسيكية وعن السريانية الشرقية في اللفظ والكتابة
وبعض القواعد. واصبحت السريانية الغربية اداة للتعبير
عن فكر ولاهوت الكنائس السريانية الغربية من اهل
الطبيعة والطبيعتين، واصبحت السريانية الشرقية اداة
للتعبير عن فكر السريان المشارقة ولاهوتهم النسطوري.
وقد استمرت السريانية في هذه المرحلة كلغة محكية لغاية
القرن الثالث عشر، لكنها استمرت بعدئذ كأداة الكتابة
والتعبير لغالبية الكتاب والمؤلفين السريان ولغة
الكنائس السريانية المنتشرة من الهند الى مصر.
ثالثاً، مرحلة اللغة السريانية الحديثة:
وتبداً
منذ القرن التاسع عشر أو ربما قبله بقرنين ولغاية
اليوم. فبالإضافة الى التطور اللغوي الذي حصل في
المرحلة الثانية، طرأت في هذه المرحلة الثالثة تغييرات
على تركيب الجملة السريانية وموقع الفعل والفاعل فيها
واستعمال حرف الجر، وتطور استعمال الالفاظ بهدف
تحديثها خاصة في قرن العشرين، فابتعدت احياناً عن دقة
المعاني التي تتضمنها في مفرداتها وجسم مصطلحاتها كما
كانت في مرحلتها الكلاسيكية والنصف الاول من مرحلتها
الثانية.
وتأثرت السريانية في هذه المرحلة باللهجات الآرامية
المحكية، فتأثرت السريانية الشرقية بلهجة " السورث"
التي يتكلمها السريان المشارقة في العراق، وتأثرت
السريانية الغربية بآرامية طورعبدين التي يتكلمها قسم
من السريان المغاربة، كما انها تأثرت بغيرها من اللغات
في الاسلوب الكتابي والتعبيري. واصبح مثلاً الاستعمال
المتزايد لفعل الكون
ܐܝܬ
to be
من ابرز مزاياها، فبدلاً من ان يُقال
ܗܢܐ ܟܬܒܐ
"هذا
كتاب"
اصبح يُقال
ܗܢܐ ܐܝܬܘܗܝ ܟܬܒܐ
(هذا
هو كتاب)،
وكذلك نقص جداً استعمال حالة اضافة الاسماء لبعضها مثل
ܟܬܳܒ ܡܠܦܢܐ
اي "كتاب
المعلم"،
واستبدل بحالة الاضافة بواسطة حرف الدال، فيقال
ܟܬܳܒܐ ܕܡܠܦܢܐ
وكل هذا واضح
في اغلب الكتب السريانية التي تظهر اليوم. وبعد تأسيس
الدول الحديثة في الشرق الاوسط انخفض مستوى استعمال
السريانية في هذه المرحلة الثالثة الى حد كبير جداً،
وخاصة منذ النصف الثاني من القرن العشرين حيث شحت
الساحة السريانية من عارفي هذه اللغة والكتَّاب فيها،
وقلَّ استعمالها في الكنائس السريانية بشكل مرعب،
وهي تتقهقر الى الوراء بانحدار شديد نحو مصير اسود
ينتظرها إن لم يقم أبناؤها باتخاذ اجراءات جدية وعملية
لانقاذها.
لكن هذا لا يعني ان السريانية الفصحى اصبحت ثلاث لغات
بسب تقسيمها الى ثلاث مراحل، انما هي ذات اللغة
بمراحلها الثلاث. لكن في كل مرحلة ظهرت فيها بعض
المزايا اللغوية بسبب ما اصابها من تطور. وقد اجرينا
هذا التقسيم لكشف شخصية هذه اللغة السريانية والسمات
التي لوّنت كل مرحلة من حياتها الطويلة.
الدكتور
أسعد صوما
(انتهت هذه المقالة الموجزة عن السريان واللغة
السريانية)
(ملاحظة
هامة:
قمنا بنقل هذه المقالة
واستقطعناها من مقدمة كتاب
"الفيلسوف السرياني ابن العبري في كتابه الفلسفي حديث
الحكمة" من تأليف الدكتور اسعد صوما (صدر
الكتاب في السويد عام 2013)، رقم صفحات المقالة في
الكتاب هي (30 –51)، وقد نلنا موافقة رسمية من المؤلف
لنشرها في موقعنا.)
منذ
القرن الثالث قبل الميلاد درجت عادة عند
اليونانيين بان يطلقوا تسمية "سوريا" على بلاد
آرام، وتسمية "سريان" على الآراميين، و "لغة
سريانية" على اللغة الآرامية.
رغم ان التسمية الآرامية انزاحت من الاستعمال
اليومي، الا انها بقيت في الاستعمالين الكتابي
والادبي لدى مختلف الكتُّاب السريان على مر
العصور، فنرى مثلا الاديب السرياني "يشوع
بركيلو" (توفي عام 1309) يستعمل التسمية
الآرامية في كتابه عن فن تعليم كتابة الرسائل
بقوله، إن كتبتَ لكاهن فاكتب ما يلي
ܠܟܗܢܐ ܕܐܬܓܒܝ ܫܪܓܐ ܠܥܡܐ ܐܪܡܝܐ
."الى الكاهن الذي اختير سراجاً للشعب
الآرامي". (انظر كتاب رسائله طبعة اسحق ارملة
في بيروت 1928، الفصل الاول صفحة 22).
Strabo,
Geography
, book I, 34:
وكذلك فعل المؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس
الذي عاش مباشرة بعد المسيح ( ولد حوالى عام
37 ميلادي ومات حوالى سنة 100 للميلاد) بقوله:
"يطلق اليونانيون على الآراميين اسم السريان"
(انظر كتابه:Antiquities
of the Jews, Book 1, chapter 6).
انظر التوراة السبعينية السريانية، سفر الملوك
الثاني 12:17
انظر التوراة السبعينية السريانية، سفر الملوك
الثاني 15:37
أما لماذا لقب مار أفرام بالسرياني في ذلك
الوقت الذي لم تكن فيه تسمية سرياني موجودة
بعد بل كان يُسمى آرامياً، فنقول بان اليونان
هم الذين سموه بالسرياني، لانهم كانون يطلقون
على الآراميين تسمية "سريان"؛ ومن ثم دخل لقب
"أفرام السرياني" من اليونانية الى السريانية
بواسطة الترجمة لاحقاً، فأصبح مار أفرام يُعرف
في كل الاوساط
بـ
"أفرام السرياني".
Edmund Beck,
Des heiligen Ephraem des syrers Hymnen de
Virginitate (CSCO
Vol. 223/Syr 94), Louvain 1962, p. 70.
C.W. Mitchell, St Ephrem’s
Prose Refutations of Mani, Marcion and
Bardaisan, (2
vols: London
& Oxford 1912 and 1921,
Vol II. P. 7.
Paul Bedjan,
Acta Martyrum et Sanctorum
Syriacum,
Vol. III, Paris 1892, p. 677.
"المدراش"
ܡܕܪܫܐ
كلمة سريانية تدل على احد انوع الشعر
السرياني الذي يكون على شكل قصيدة جدلية
للغناء، وهو على نقيض "الميمر"
ܡܐܡܪܐ
الذي هو قصيدة محدودة الوزن للقراءة. تتميز
"المداريش" السريانية بتنوع اوزانها الشعرية
التي تبلغ اكثر من خمسين وزناً شعرياً.
لقد كتب العلامة يعقوب الرهاوي كلمة "آراميين"
بالسريانية بهذه الصيغة اعلاه، اي انه وضع
الألف بعد حرف الراء، كي يلفظها القارىء بصيغة
oromoye/aramaye
انظر كتاب العلامة يعقوب الرهاوي المسمى
ܫܬܬ ܝܘܡ̈ܐ
"الايام الستة"، طبعة المطران يوليوس جيجك في
هولندا 1985، صفحة 60.
انظر قاموس بربهلول السرياني طبعة روبنس دوفال
باريس 1888، عمود 1324.
انظر الفصل 14 من كتابه
ܐܪܘܥܘܬܐ
(الجدل).
Solomon of Basra,
The Book of the Bee, ed. E.A.W. Budge,
London 1886, page 99.
انظر سفر تثنية الاشتراع 26:5 حيث يقول: "آرامياً
تائها كان أبي".
نعتقد بان عدد
الهنود السريان
اكثر من عشرة ملايين؛ بعض الكنائس السريانية
الهندية تستعمل اللغة السريانية وبعضها الاخر
اهملتها كلياً. أما اللغة السريانية في الهند
فتستعمل بلهجتيها الشرقية والغربية حسب
الكنيسة والطائفة.
مثل تعاليم "مرقيون"
و"ماني"
و"برديصان"
و"قوق"
و"اريوس"
وغيرهم من اصحاب التعاليم الفلسفية والدينية
والغنوصية التي رفضتها الكنيسة ووسمتها
بالهرطوقية.
رفض اجداد السريان الارثوذكس مقررات مجمع
خلقيدونيا الذي عُقد عام 451 ونص على ان للسيد
المسيح " طبيعتين متحدتين" لاهوتية وبشرية.
وقد فضّل السريان الارثوذكس مع الاقباط حينها
صيغة " ان للمسيح طبيعة واحدة مكونة من
طبيعتين متحدتين". وقد جادل الفريقان بعضها
البعض ونعتوا بعضهم بالقاب سلبية بعدئذ، فأطلق
مناصرو مقررات خلقيدونيا على رافضيها تسمية "
اليعاقبة"، وهؤلاء بدورهم اطلقوا تسمية
"ملكيين" على الذين قبلوها. أما كلمة "يعاقبة"
فهي النسبة من اسم يعقوب البرادعي الذي جدد
الاعتقاد بالطبيعة الواحدة بعد ان اوشك على
الاندثار على يد ملوك بيزنطا. أما استعمال
اللفظة اليونانية "اورثوذكس" على الكنيسة
السريانية فهي ترجمة حرفية للعبارة السريانية
ܬܪܝܨܬ ܫܘܒܚܐ
اي "صاحبة الأعتقاد القويم"، الموجودة في اسم
هذه الكنيسة بالسريانية
ܥܕܬܐ ܣܘܪܝܝܬܐ
ܬܪܝܨܬ ܫܘܒܚܐ
"الكنيسة السريانية ذات الاعتقاد القويم".
يوجد في العراق لغاية اليوم عدد هام من
"السريان المغاربة"، ويشكلون هناك الطائفة
المسيحية الثانية من حيث الحجم بعد الكلدان.
وهؤلاء السريان المغاربة هم من آراميي العراق
الاصليين منذ القديم، ويتحدثون بالآرامية
الشرقية الحديثة لكنهم يستعملون السريانية
الفصحى الغربية في طقوسهم الكنيسة.
وهي غير الآرامية التي يتحدثون بها ويسمونها
"سورث".
تمثلها اليوم آرامية معلولا وجبعدين وبخعا قرب
دمشق.
تمثلها آرامية طور عبدين وآرامية ملحثو بجوار
دياربكر.
رغم ان السريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك
في العراق هم السريان المغاربة، ويستعملون
"السريانية الفصحى الغربية" في كنائسهم
وطقوسهم، الا ان لغتهم الآرامية المحكية هي
"الآرامية الشرقية الشمالية الحديثة"North-Eastern
Neo-Aramaic
مثل بقية اخوتهم السريان المشارقة.
منذ القرن السادس عشر واستمراراً لغاية التاسع
عشر بدأت غالبية ابناء هذه الكنيسة السريانية
تلتحق بالكنيسة الكاثوليكية فتأست منهم
"الكنيسة الكلدانية". أما البقية الباقية من
السريان من ابناء الكنيسة السريانية الشرقية
(النسطورية) فتسموا منذ نهاية القرن التاسع
عشر باسم "الآشوريين". ولا زال السريان
المشارقة من الفريقين الكلداني والاشوري يسمون
انفسهم بلغتهم "سوراية"
suraye
اي سريان، لكنهم عندما
يتحدثون لغات اخرى فيسمون انفسهم "كلداناً" و
"آشوريين" رغم كونهم آراميين مثل بقية
السريان.
خاصة الموارنة وغالبية الروم.
خاصة السريان النساطرة والكثير من الكلدان
والسريان الكاثوليك والأرثوذكس.
اما اللغة/اللهجة الآرامية التي يتكلمها
السريان المشارقة في العراق وأيران فتصنيفها
العلمي هو "آرامية
حديثة"
Neo-Aramaic،
ولا يحق تسميتها بالسريانية
Syriac
رغم انهم في حديثهم اليومي يسمونها سريانية،
لأن
السريانية في العرف العلمي لدى أهل الاختصاص
هي فقط السريانية الفصحى اي الكتابية.
كان التعبير السرياني
ܒܝܬ ܢܗܪ̈ܝܢ
"بيث
نهرين"
أو "بين
النهرين"
يشمل في الاساس المنطقة الآرامية الواقعة
حوالى الروافد العليا لنهر الفرات؛ وكانت
الرها وحران من مدنها الهامة. وفي الكتاب
المقدس ترد الصيغة اولاً بشكل "آرام
نهرين"
(سفر التكوين 24:10) قبل ان تتطور الى "بيث
نهرين".
وحينما ترجم العهد القديم الى اليونانية ترجمت
تسمية "آرام
نهرين"
الى اليونانية فأصبحت
Mesopotamia
(بين
النهرين أو بين الأنهر). والتسمية مذكورة في
اماكن عديدة من الكتاب المقدس، انظر
سفر يهوديت
5:7 "وكانوا سابقاً يقيمون بين النهرين...."،
وايضاً يهوديث 8:26 "تذكروا كيف امتحن ابراهام
واسحق، وما جرى ليعقوب بين النهرين من سوريا
حين كان يرعى غنم خاله لابان". ثم شمل تعبير
"بيث نهرين" بالإضافة الى الرها وحران كل من
أمد (دياربكر) وطور عابدين و نصيبن ودارا
والرقة والجزيرة السورية؛ ان عراق اليوم من
شماله الى جنوبه لم يكن يقع في "بيث نهرين"
حينها.
ان أقدم نقش آرامي وصلنا من الآرامية يعود الى
القرن التاسع قبل الميلاد.
ومن اللهجات الآرامية الحية التي لا زالت
محكية في عدة مناطق من الشرق الاوسط نذكر:
الآرامية الحديثة الشرقية
(منها "السورث" في العراق)،
والآرامية الحديثة المتوسطة
(آرامية طورعبدين في تركيا وسوريا)،
والآرامية الحديثة الغربية
(آرامية معلولا بجوار دمشق).
نعني بالغربية المنطقة الواقعة الى غرب نهر
الفرات وخاصة اللهجات الآرامية في فلسطين.
وتشمل هذه
الآرامية اليهودية الفلسطينية
ثلاثة فروع صغيرة وهي:
آرامية الجليل وآرامية اليهودية،
وآرامية شرقي الاردن.
إذا بعد طرد اليهود من اورشليم وشمال اليهودية
اثر تمردهم عام 135 ميلادية، انتقل الكتاب
اليهود الى جنوب الجليل وانتقل مركز مجمعهم من
جبل الكرمل الى طبرية وانتجوا هناك شيئاً من
الادب. ان أقدم الكتابات الجليلية تعود الى
عام 200 لغاية 700 ميلادي وهي نقوش على
القبور، وتعرف هذه اللهجة كونها لغة السيد
المسيح؛ واقدم كتابات
لهجة اليهودية
تعود الى القرن الثالث الميلادي لغاية القرن
السابع، وهي من منطقة جنوب اليهودية بين حبرون
وبيرشبا بعد فرار قسم من اليهود اليها؛ اما
لهجة شرقي نهر الاردن
فوصلتنا منها بعض النقوش من منطقة اعالي نهر
الاردن تعود الى القرن الثالث الميلادي لغاية
السادس. والفرق بين الفروع الثلاثة لهذه
اللهجة بسيط جداً. أما كتابات هذه اللهجة
فكانت
بالأبجدية الآرامية المربعة.
ازدهرت هذه اللهجة الآرامية في القرن الرابع
الميلادي في فلسطين وتلاشت من الكلام في القرن
الثامن حيث تحولت الى لغة كنسية طقسية فقط.
وقد وصلتنا منها بعض النقوش من منطقة عمان
والقدس تتراوح بين القرنين السادس الميلادي
والحادي عشر الميلادي، ورسالة من القرن
الثامن، وبعض المخطوطات الطقسية من القرنين
العاشر والحادي عشر اغلبها مترجمة من
اليونانية، حيث ترد فيها تسمية يسوع بالصيغة
اليونانية "يسوس". كتبت هذه اللهجة بالخط
السرياني.
نعني بالشرقية المنطقة الواقعة شرقي نهر
الفرات، اي الجزيرة وبلاد الرافدين (العراق).
هي اللهجة الآرامية التي يستعملها المندائيون
( أو أصح "المندعيون"، اي المعرفيون) المقيمون
في جنوب العراق وخوزستان في ايران في أدبهم
وكتبهم الدينية والطقسية العديدة. وتكتب هذه
اللهجة بأبجدية آرامية متطورة حيث
حولوا الحركات الى حروف تكتب في جسم الكلمات.
واقدم كتاباتهم تعود الى القرن الثالث
الميلادي. لا زال المندائيون في ايران بعددهم
القليل يتحدثون بالمندائية الحديثة.
كانت هذه اللهجة الآرامية لغة يهود بابل
المحكية في الالف الاولى بعد الميلاد؛ وتسمى
"آرامية التلمود البابلي" لكتابة هذا التلمود
الذي استعمله يهود بابل بهذه اللهجة الآرامية
في مدارسهم الشهيرة في البلدات
"سورا"، و "بومبديثا" و"نهردعا"
الواقعة في بلاد بابل؛ وقد تم جمع نصوص
التلمود البابلي في المئة الخامسة الميلادية
وطبع اول مرة في البندقية في ايطاليا
1520-1523؛ ان ادب هذه اللهجة الآرامية مدون
بالخط الآرامي المربع
الذي يستعمله اليهود.
هي اللغة التي يدور حولها محور هذه المقالة.
ان اكثر طائفة سريانية تستعمل السريانية
الفصحى في حياتها وكنائسها وطقوسها الدينية هي
طائفة السريان الارثوذكس، لذلك تستحق الثناء
في هذا الموضوع.
جلس على عرش مملكة الرها السريانية الشهيرة
قرابة ثلاثين ملكاً سريانياً حكموا حوالي 375
سنة. كان اول ملك فيها يسمى
ܐܪܝܐ
"أريو"
(الأسد)، حيث حكم من عام 132 ق.م لغاية 127ق.م
. وجلس على عرش الرها عشرة ملوك سريان يحملون
اسم
ܐܒܓܪ
"أبجر"
Abgar
من ابجر الاول لغاية ابجر العاشر، والاخير
حكم من 243 لغاية 249 ميلادي. وكان "ابجر
الخامس"
المعروف بـ
ܐܒܓܪ ܐܘܟܡܐ
"ابجر
الاسود"
معاصراً للمسيح. كما جلس على عرشها تسعة ملوك
باسم "معنو".
ان الكاتب السرياني الكبير يعقوب السروجي
(توفي عام 521) يسمي ملكها
ܐܒܓܪ ܐܪܡܝܐ
"ابجر
الآرامي"،
وكذلك فعل الكاتب السرياني الشرقي (النسطوري)
سليمان مطران البصرة (المتوفي عام 1240).
تلفظ السريانية الغربية الاسماء والصفات في
الحالة التوكيدية بالضم، او بشكل ادق مثل صوت
حرف
O
الانكليزي كقولنا
ܡܠܟܐ
Malko
."ملك"،
بينما الشرقية تلفظها مثل الصوت
A
فتصبح الكلمة
Malka.
ودمجت الغربية صوتي حرف الواو فتحول لفظ
الاثنين الى
U،
بينما حافظت الشرقية على الصوتين
O وU
في لفظ حرف الواو كما في الكلمةܓܡܘܕܘܬܐ
حيث يلفظها السريان المغاربة
gomudutho
بينما يلفظها السريان المشارقة
gaamodutha
كما في كلمة
ܩܒܠ
قبل" حيث تلفظها الشرقية بشكل
qabbel
مشددة
على حرف الباء، بينما تلفظها الغربية
qabel
بدون شدة.
لا نقصد هنا بعبارة "اللغة
السريانية الحديثة"
اللغات التي يتكلمها السريان اليوم في سوريا
ولبنان وتركيا والعراق وغيرها من البلدان، لان
هذه اللغات المحكية اليوم تُسمى "آرامية
حديثة"
Neo-Aramaic
وليست سريانية حديثة.
|