عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

اقرأ المزيد...

الدكتور أسعد صوما أسعد
باحث متخصص في تاريخ السريان ولغتهم وحضارتهم

ستوكهولم / السويد


مُفَسِّر شهير من كنيسة المشرق

 ثيودور بَركوني وكتابه التفسيري الهام اسكوليون

اعداد الدكتور: اسعد صوما

مقدمة:

قبل حوالي عشرين سنة كنتُ قد اجريتُ دراسة شاملة عن معظم الكتب السريانية القديمة المتوفرة التي تعني بتفسير وشرح الكتاب المقدس، وبينها كتاب افرهاط المعروف باسم ܬܚܘ̈ܝܬܐ "البيّنات"، وتفاسير مار افرام المتنوعة (خاصة ܦܘܫܩܐ ܕܣܦܪܐ ܕܒܪܝܬܐ "تفسير سفر التكوين" و ܬܘܪܓܡܐ ܕܡܦܩܢܐ "شرح سفر الخروج" واشعاره التفسيرية وبينها مداريشه الشهيرة)، واشعار مار يعقوب السروجي ومار نرساي، وتفسير المزامير لدانيال الصلحي، وتفسير ايام الخليقة الستة ليعقوب الرهاوي ܫܬܬ ܝܘ̈ܡܐ، وتفسير ثيودور بركوني، وتفسير يشوع برنون، وتفسير ايشوعداد المروزي، وبعض تفاسير موشى بركيفو وابن الصليبي، وابن العبري. وقد قمتُ بتأليف عدة كتب ودراسات علمية حول التفاسير السريانية.

اليوم كتبتُ هذه المقالة المبسطة  للقارىء العام لأسلط فيها بعضاً من الضوء على اديب سرياني ألا وهو ܬܐܘܕܘܪܘܣ ܒܪܟܘܢܝ "ثيودور بركوني"  وكتابه الشهير في تفسير الكتاب المقدس والمسمى سريانياً ܐܣܟܘܠܝܘܢ اي التفسير (الكلمة مستعارة من اليونانية)، ويسمى باللاتينية Liber Scholariorum

الكاتب والكتاب:

ليس لدينا معلومات عن حياة كاتبنا الكبير ܬܐܘܕܘܪܘܣ ܒܪܟܘܢܝ "ثيودور بركوني" اكثر من الشذرات والاشارات والمعلومات القصيرة المشتتة عنه لدى بعض الكتبة القدماء. فقد ذكره الاديب السرياني عبديشوع الصوباوي ܥܒܕܝܫܘܥ ܕܨܘܒܐ (توفي 1318) في الجدول الذي صنفه عن المؤلفين السريان المشارقة حيث قال عنه:

ܬܐܘܕܘܪܘܣ ܒܲܪܟܘ̇ܢܝܼ                            ܥܒܲܕ ܟܬܒܐ ܕܐܣܟܘܠܝܼܘܢ

ܘܐܝܬ ܠܗ ܐܦ ܩܠܣܣܛܝܼܩܐ     ܘܡܠܦܢܘ̈ܬܐ ܘܒܘ̈ܝܐܐ

ومعناه "لقد وضع ثيودور بركوني كتاب التفسير، وله ايضا تاريخ كنسي ومباحث تعليمية وخطب تعازي". لقد عاش كاتبنا على الارجح في القرن الثامن الميلادي (اي بعد مجيء الاسلام بقرن) وكتابه الاسكليون ܐܣܟܘܠܝܘܢ هو شرح لآيات مختارة من الكتاب المقدس بعهديه انتقاها ربما بسبب غموضها واهميتها الفيلولوجية والمعرفية وربما لصعوبتها على طلاب الكليات السريانية.

كان ثيودور معلماً في كلية كشكر السريانية الشهيرة في اقليم ܒܝܬ ܐܪ̈ܡܝܐ "بيث آرامايى" (العراق). وقد الف كتابه بصيغة سؤال وجواب ليكون كتاباً مدرسياَ لمنفعة الطلاب في مادة التفسير. ويبدو ان المؤلف جمع كتابه من المادة التعليمية التي كان يقوم بتعليمها وكانت محط اهتمام الطلاب السريان واسئلتهم. كما انه يقوم في نهاية كل فصل بشرح الكلمات السريانية الصعبة ليسهّل على الطلاب فهم مضمونها اللغوي والثقافي. وسرعان ما انتشر الكتاب في الاوساط المهتمة وتحوّل الى كتاب مدرسي يُدرس في معظم الكليات السريانية التابعة للسريان المشارقة في مادة تفسير الكتاب المقدس، واصبح مع الزمن مصدراً للمفسرين السريان.

ان اسم الكتاب ܐܣܟܘܠܝܘܢ "اسكوليون" يوناني في صيغته ومعناه، حيث يعني "تفسير" خاصة تفسير الكتاب المقدس. والكلمة موجودة في اللغة الانكليزية ايضاً بصيغة scholion.

ناشر الكتاب وترجمته:

نطرا لاهمية الكتاب القصوى كان المطران الشهيد ادي شير (1867-1915) قد نشره في باريس في مجلدين طُبع الاول عام 1910 والثاني عام 1912، ويحمل المجلد الاول رقم 55 والثاني 69 من سلسلة المطبوعات المسيحية الشرقية التي تسمى باللاتينية:

 Corpus Scriptorum Christianorum Orientalium (Scriptores Syri)

ويحمل الكتابان الرقمين 19 و 26 بموجب التسلسل السرياني للسلسلة المذكورة، ورقمي 65-66 بموجب السلسلة الثانية.

وكان المطران الكلداني العلامة ادي شير على علاقة جيدة مع العلماء الاوروبيين المتخصصين باللغة والثقافة والتاريخ والتراث السرياني لانه كان عالماً مثلهم، لذلك حقق الكتاب ونشره في باريس مدينة العلم حينها وذلك قبل اندلاع الحرب العالمية الاولى التي دفع حياته ثمنها.

كان المطران ادي شير من اثقف رجالات عصره في تلك الفترة الحالكة من الجهل والظلم والتعصب الديني والمجازر والاضطهادات المستمرة بحق شعبنا في منطقة الشرق الاوسط، ولا ينتمي الى مجتمعه المتخلف وعصره المظلم لانه كان احد امراء الثقافة السريانية. إذ ألف ونشر العشرات من الكتب الهامة في العربية والتركية والفرنسية، وأحد الكتب السريانية الهامة التي نشرها كان كتاب سكوليون من تأليف ثيودور بركوني الذي نحن بصدده.

وكان المطران ادي شير يعشق المخطوطات السريانية فاشتغل في تجميعا وتنسيقها وتأليف عدة جداول (كاتالوكات) لهذه المخطوطات السريانية الموجودة في كل من سعرت (مركز ابرشيته) وفي البطريركية الكلدانية بالموصل والمطرانية الكلدانية في ماردين الخ. وكان شخصياً يملك في دار مطرانيته في سعرت عددا كبيرا جداً من المخطوطات السريانية الهامة التي اُتلِفت جميعا اثناء مجازر الابادة "سيفو" التي تعرض لها شعبنا بمختلف طوائفه على يد العثمانيين وحلفائهم من العشائر الكردية المتخلفة عام 1915، حيث سقط المطران ادي شير نفسه شهيداً للايمان على يد المجرمين عام 1915. (ملاحظة: قبل اكثر من عشرين سنة قمتُ بنشر قصة استشهاد المطران ادي شير كما رواها شهود عيان على قتله، ونشرناها بالعربية في مجلة آرام العدد السادس لعام 1993 في الصفحات 45-53. ثم قمتُ بنشرتُها بالانكليزية ايضاً في مجلة الدراسات السريانية The Harp في المجلد 8-9 لعام 1995- 1996 في الصفحات 209-220.

طبعات اخرى لنص كتاب اسكوليون مع ترجمته:

بعد مرور حوالي سبعين سنة على طبعة المطران ادي شير لكتاب سكوليون السرياني، قام الباحث "روبرت هسبل" بنشر كتاب الاسكليون مجددا وترجمته الى الفرنسية، فنشر النص السرياني والترجمة الفرنسية في مجلدين في لوفان عام 1981 وعام 1988 في نفس سلسلة الكتب المذكورة اعلاه

 Corpus Scriptorum Christianorum Orientalium (Scriptores Syri)

تحت رقم  431 و 432 (وحسب التسلسل السرياني رقم 187 و 188).

ثم عاد روبرت هسبل فنشر الكتاب ثانية في لوفان عام 1983 بالاستناد الى مخطوطة اورميا، وترجمها الى الفرنسية. وطبع النص والترجمة في السلسلة المذكورة اعلاه في العددين 447 و 448، (السلسلة السريانية رقم  193- 194).

ثم قام بنشر وترجمة الكتاب مجددا حسب نسخة اخرى عام 1984 ونشره في لوفان في نفس السلسلة بارقام 464-465.

وكان روبرت هسبل بالاشتراك مع العلامة "رينيه دراغيه" قد انجزا ترجمة الفصل الاول لغاية الفصل الخامس من الكتاب بالاعتماد على نسخة سعرت، وطُبعت الترجمة المذكورة عام 1981 تحت رقم 431 من نفس السلسلة. ثم ترجما معاً بقية الكتاب من نفس نسخة سعرت، وطُبعت الترجمة عام 1982 تحت رقم 432 من نفس السلسلة.

كما كان الباحث الامريكي سيدني غريفيث المتخصص في الجدال المسيحي الاسلامي قد ترجم الفصل العاشر من الكتاب الى الانكليزية ونشره عام 1981، وهو الفصل الذي  يتناول فيه المؤلف الدفاع عن المسيحية .

فصول الكتاب ومحتوياتها:

يقع كتاب الاسكليون في 11 فصلاً تسمى بالسريانية ܡܐܡܪ̈ܐ "ميمرِى" وهي مقسمة عل النحو التالي:

 يضم كل من الفصل الاول والثاني أسئلة حول مواضيع من التوراة (التوراة هي فقط اسفار موسى الخمسة أي اسفار التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، وتثنية الاشتراع، وقد اعتاد الناس ان يسموا العهد القديم كله بكتاب التوراة، وهذا خطأ).

ويضم الفصل الثالث شرحاً لبعض المواضيع من التوراة وكذلك اسفار: يشوع برنون، القضاة، صموئيل، والملوك.

ويضم الفصل الرابع مواضيع من الانبياء: اشعيا، الانبياء الاثني عشر، حزقيال، وإرميا.

ويضم الفصل الخامس مواضيع من كتاب الامثال وسفر ابن سيراخ (بالسريانية  ܒܪ ܐܣܝܪܐ)، وسفر الجامعة (بالسريانية ܩܘܗܠܬ)، ايوب، دانيال، المزامير، راعوث، يهوديث، واستير.

ويضم الفصل السادس لغاية التاسع بعض المواضيع من العهد الجديد.

ويضم العاشر موضوع الدفاع عن المسيحية موجه للمسلمين.

أما الفصل الحادي عشر والاخير فيضم وصفاً لبعض البدع والتعاليم الاخرى المتنوعة.

اسلوب الكاتب وطريقته الانطاكية في الشرح:

ان طريقة عمل كاتبنا ثيودور بركوني في كتابه تقوم على شرح آيات مختارة من الكتاب المقدس ثم يعقبها بشرح للالفاظ السريانية الصعبة التي تضمها. فمثلا ان الفصل الثالث يضم جدولاً يحتوي على شرح 85 كلمة سريانية "صعبة" من سفر الملوك.

 ويتبع في شرحه للكتاب المقدس اسلوب المدرسة الفلسفية الانطاكية التفسيرية القائمة على الشرح الواقعي والتاريخي لنص الكتاب المقدس والذي نسميه بالسريانية ܣܘܥܪܢܝܐ "سوعرانايا" وبالانكليزية Factual، وكذلك الشرح الحرفي ܓܘܫܡܢܝܐ "غوشمَنايا" literal and corporeal دون اعتبار المعنى الروحي ܪܘܚܢܝܐ  Spiritual والمجازي ܦܠܐܬܢܝܐ "فِلاثنايا" allegorical  الذي تخصصت به المدرسة الاسكندرانية في الشرح، لذلك نراه يرفض الشروحات المجازية والايحاءات الموجودة في العهد القديم التي قال عنها الاباء بانها تدل على احداث من العهد الجديد متبعاً خطى المفسر الشهير ثيودور المصيصي.

كان ثيودور المصيصي ܬܐܘܕܘܪܘܣ ܕܡܡܦܣܘܣܛܝܐ (392-428) أحد كبار المفسرين الانطاكيين، وقد اعتبرته الكنيسة السريانية الشرقية في سينودها المنعقد عام 544 في المدائن (المعروف بسينودس مار آبا الاول) مفسرها الاكبر ومعلمها الاول، وقد كررت هذا الموقف في مجمعيها لعام 576 و 585. ولهذا تبنت طريقته التفسيرية القائمة على رفض التفسير الروحي. كما ان اغلب المفسرين السريان المشارقة تأثروا به وبافكاره النسطورية الواضحة وبطريقة شرحه الكتاب المقدس القائمة على المعنى الحرفي والواقعي ورفض المنى الروحي.

لكن السينودس الكنسي الخامس المنعقد في القسطنطينية عام 553 م  رفض ونبذ مؤلفات ثيودور المصيصي وتقاليده التفسيرية التي كانت تدرس في جامعة الرها السريانية التي كانت حينها مركزا علميا قويا للفكر اللاهوتي والتفسيري للكنيسة السريانية الشرقية النسطورية، وبسبب الجدالات اللاهوتية العقيمة اضطر القيصر "زينو" ان يقوم باغلاق هذه الجامعة العريقة عام 489 ليكافح الفكر النسطوري، فهاجر معظم افراد السلك التعليمي من هذه الكلية الى جامعة نصيبين السريانية الواقعة ضمن الحدود الفارسية. لكن تقاليد ثيودر المصيصي التفسيرية عاشت في الكنيسة السريانية الشرقية في الدولة الفارسية واستمرت بعدها.

 وبالاضافة الى تأثره بطريقة ثيودور المصيصي في التفسير فقد تأثر كاتبنا بركوني بالمفسر السرياني حنانا الحديابي ܚܢܵܢܵܐ ܚܕܲܝܲܒܵܝܵܐ ايضاً (توفي حوالي 612) مدير كلية نصيبين السريانية بقبوله بعض التفاسير الروحية المحدودة التي لا تؤثر على اسلوب التفسير الانطاكي الرافض للتفاسير الروحية.

كان السريان المشارقة (اجداد الكلدان والاثوريين) يتبعون التفسير الانطاكي القائم على شرح النص الكتابي للعهد القديم كما هو دون الغوص الى ما بين السطور وتحت الكلمات او ربط آياته باحداث من العهد الجديد ألا نادراً جداَ. ولهذا اعطوا قيمة عالية للحدث ونص الرواية ولغتها مع تقديم بعض الشروحات اللغوية اثناء عملية التفسير. وكل هذا على خلاف التفسير الاسكندراني الذي كان يقول بانه يجب ان نغوص الى ما تحت الكلمات والاسطر لنرى الرسالة الروحية المخبأة بين كلمات وأسطر الايات وعلى المفسر التقاطها وتقديمها للناس.

وعلى خلاف السريان المشارقة فقد تبع السريان الارثوذكس المدرسة الاسكندرانية الفلسفية في شرح الكتاب المقدس رغم كونهم تابعين لانطاكية. كما ان هذا الاختلاف في اتباع  منهجين مختلفين في شرح الكتاب المقدس ساهم كثيرا في اختلافات السريان وانقسامهم الكنسي في القرنين الخامس والسادس.

ومع مرور الزمن تحول كتاب "الاسكوليون" لثيودور بركوني الى مصدرهام استفاد منه معظم المفسرين السريان الذين اتوا بعده وشرحوا الكتاب المقدس ومنهم على سبيل المثال المفسر الكبير ايشوعياب المروزي (القرن التاسع) بين السريان المشارقة والمفسر العملاق ابن العبري (توفي 1286) بين السريان المغاربة. حيث نرى بعض الجمل والشروحات التي اوردها بركوني في كتابه موجودة في تفاسير هذين الاديبين السريانيين الشهيرين.

وسأورد هنا مثالاً يظهر لنا كيف ان ابن العبري استعمل بركوني في مصادره. ففي سفر الملوك لوحده نرى ابن العبري في كتابه السرياني الضخم ܐܘܨܪ ܐܪ̈ܙܐ  "مخزن الاسرار" (وهو بمثابة قاموس الكتاب المقدس) يستعمل 22 آية شرحها بركوني واستعان بها ابن العبري منها على سيل المثال:

يقول بركوني في شرحه للفظة ܐܪ̈ܓܘܒܠܐ الواردة في سفر الملوك الثاني عدد 5:18 بقوله: ܐܪ̈ܓܘܒܠܐ ܡܬܪ̈ܨܝ ܦܣܝ̈ܠܬܐ اي "ارغوبلى تعني مقومي الحجارة الكبيرة المنحوتة.

ويشرح ابن العبري نفس اللفظة بطريقة مشابهة بقوله: ܐܪ̈ܓܘܒܠܐ ܗܢܘ ܒܢܝ̈ܝ ܦܣܝ̈ܠܬܐ

ونورد مثالاً اخراً يشرح فيه بركوني عبارة ܟܘ̈ܐ ܫܛܝ̈ܦܬܐ وهي وصف الشبابيك في هيكل سليمان حيث ان معنى كلمة  ܫܛܝ̈ܦܬܐ "شاطيفاثا" السريانية فيه التباس فيقوم بشرحها قائلاً: ܟܘ̈ܐ ܫܛܝ̈ܦܬܐ ܕܡܢ ܠܒܪ ܩܛܝ̈ܢܢ ܘܡܢ ܠܓܘ ܦܬܝ̈ܢ اي "انها الشبابيك الضيقة من الخارج والعريضة من الداخل". ويشرحها ابن العبري بطريقة مشابهة فيقول: ܟܘ̈ܐ ܫܛܝ̈ܦܬܐ ܗ̇ ܕܪ̈ܘܝܚܢ ܡܢ ܠܓܘ ܘܐܠܝܨ̈ܢ ܡܢ ܠܒܪ اي "انها الشبابيك الواسعة من الداخل والضيقة من الخارج"، اي ان الشرح نفسه لكنه يستعمل كلمات سريانية مرادفة تحمل نفس المعنى.

ومن يعرف السريانية يكتشف بسهولة العلاقة بين الكاتبين. والملفت للنظر ان كلمة ܐܪ̈ܓܘܒܠܐ "ارغوبلى Arguble" ليست كلمة سريانية اصيلة لانها مستعارة loan word  من اللغة الآكادية، ومعناها في النص الكتابي ليس واضحا تماماً لذلك ربما اعتبرت من الكلمات الصعبة ولزم شرحها.  ولا بد ان ننوه بان السريانية، وبمعنى اوسع الآرامية، تحتوي على بعض الكلمات المستعارة من اللغات السومرية والآكادية والفارسية واليونانية، لكن عدد الألفاظ اليونانية المستعارة يفوق جميعها معاً.

كلمة اخيرة:

ان كتُبنا السريانية القديمة هي تراثنا المدون ومبعث فخرنا، وهي كنز ثمين خلفه لنا اجدادنا السريان، اي اجداد الكلدان والسريان والاشوريين والموارنة والروم، الذين يُطلق عليهم في علم السيرولوجيا Syrology  اسم "الآباء السريان" ويُسمون كذلك آباء "الحضارة الآرامية المسيحية".  فهل نهتم بهذا التراث العظيم لنستمد منه قوة في مسيرة حياتنا الثقافية والقومية والكنسية أم نتركه في حالة الاهمال؟

لغتنا السريانية الفصحى هي احد العوامل الهامة جداً التي تجعلنا نشعر باننا شعب واحد رغم العوامل الكثيرة التي تفرقنا.

ان المفتاح الذهبي لكتب اجدادنا هو لغتنا السريانية الفصحى التي هي وعاء حضارتنا وعنوان مجدنا بين الامم ورمز هويتنا. لكن لغتنا تسير بخطى واثقة على طريق الزوال لاسباب كثيرة منها جهلنا وموقفنا الخائن تجاهها حيث اننا عملياً نفضل كل لغات العالم عليها.

ان كتاب اسكوليون هو احد كتبنا القديمة القيمة الذي اهتم بها اجدادنا فنقلوها جيلا بعد جيل واوصلوها لنا بامانة، فهل نستطيع ان نكمل مسيرتهم لننقلها الى ابنائنا واحفادنا؟ الجواب لديك ايها القارىء اللبيب.

واخيراً ارجو انني قد توفقت في القاء بعض الضوء على هذا الكتاب وعلى كاتبنا السرياني القدير ثيودور بركوني.

انتهى المقال

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها