المطران المخطوف وشعبه المنكوب
20130514
قبل حوالي اسبوعين خُطف سيادة المطران مار غريغوريوس يوحنا ابراهام رئيس
كنيسة السريان الارثوذكس في حلب ومعه سيادة المطران بولس يازجي رئيس كنيسة
الروم الارثوذكس في حلب ايضاَ. وقد سمع عن خطفهما القاصي والداني نظراً
لمكانة هذين الكاهنين الجليلين ولدورهما الرائد في الحياة الكنسية
والثقافية والاجتماعية والتعايشية والوطنية في سوريا. ويعتبر خطف المطرانين
حلقة في سلسلة طويلة من عمليات الخطف التي طالت مؤخراً بعض الاشخاص من كل
القوميات والطوائف وشرائح المجتمع السوري التعددي.
لكن الغريب في عملية خطف المطرانين المذكورين انها لا تشابه حالات الخطف
الاخرى التي حدثت وتحدث منذ سنوات في العراق ومصر، وحديثاً في سوريا. وقد
علمتنا احداث الشغب والعنف والخطف والقتل في الشرق الاوسط، بان الخاطف
اينما كان موقعه، فهو ينتمي الى واحدة من ثلاث مجموعات: اما سياسية، او
اسلامية متطرفة، او عصابة اجرامية. والدارج في عمليات الخطف ان الخاطف يقوم
بالاعلان عن نفسه بعد الخطف بفترة قصيرة ليفصح عن هدفه من عملية الخطف وثم
يحدد مطالبه ومواقفه.
لكن الاكثر غرابة في الموضوع ان مَن خطفَ المطرانين المذكورين لم يعلن عن
نفسه حتى الان، ولم يكشف عن هدفه وغايته من الخطف، ولم يحدد مطالبه مقابل
اطلاق سراحهما. وهذا بالفعل أمر غير طبيعي يفسح المجال امام العديد من
التساؤلات التي لا جواب لها.
فاذا كان الخاطف من اهل السياسة فانه والحالة هذه يستعمل ضحيته المخطوفة
للضغط على الحكومة او على جهة سياسية ما للحصول على مكاسب سياسية، او ربما
مقايضة المخطوف بأسير او سجين من حزبه او حركته؛ وان كان الخاطف من حركة
اسلامية متطرفة فانه يعادي اصحاب الديانات والطوائف الاخرى وربما يمارس
القتل بحقهم، فيخطف منهم ويفتخر بقتل المخطوفين وربما ينشر عملية القتل في
الانترنت لترعيب الاخرين؛ وان كان الخاطف مجرماً هدفه الابتزاز فانه يتصل
لاحقا باهل المخطوف ويطلب فدية مالية مقابل فك اسر المخطوف.
لكن في حالة خطف المطرانين فانه حتى زمن كتابة هذه السطور لم يعلن الخاطف
عن نفسه ويحدد اهدافه ومطالبه. فالخاطف هنا ربما ينتمي الى مجموعة جديدة
غير المجموعات الثلاث المذكورة اعلاه، وربما له اهداف غير الاهداف المذكورة
اعلاه؟ من يدري؟
لقد
تدخل بقضية الخطف الكثير من رجال السياسة والدين والفكر من اعلى المستويات
شرقا وغرباً، ووجه النداء تلو النداء الى الخاطفين لفك اسر المطرانين
لانهما رسل محبة وسلام، لكن لم يصدر اي جواب ولا اية اشارة من الخاطفين
لغاية هذه الساعة. وقد قامت معظم القيادات المسيحية في العالم بالصلاة لاجل
الافراج عنهما وعودتهما سالمين، وبينهم بابا الفاتيكان، لكن دون جدوى، يبدو
ان الرب لم يستجب لصلاتهم ودعواتهم.
وكان بطريرك السريان الارثوذكس زكا الاول في كلمته بمناسبة عيد الفصح قد
صرح بعض الكلام الهام جدا في تعليقه على حادثة الخطف، حيث
دعا "مسيحيي الشرق وخاصة في سوريا الى التشبث بتراب الوطن"، قائلاً: "انه
ميراثنا الشرعي من أجدادنا وابائنا الذي ليس لاحد غيرنا أي حق فيه"، واضاف
قائلاً: "هذا وطننا ونحن فيه قبل مجيء المسيح وبعد مجيئه، وجذورنا فيه
عميقة لا يمكن اقتلاعها، وسنظل راسخين فيه الى نهاية العالم".
انظر الرابط
http://www.aljoumhouria.com/news/index/70609
ومن بين
الاشخاص المسلمين المهمين في العالم ممن وجهوا نداء الى الخاطفين للافراج
عن المطرانين، السيد احسان اوغلو الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي في
العالم، ففي بادرة جميلة منه اصدر بيانا بتاريخ
27 نيسان دعا فيه إلى ضرورة الإفراج الفوري عن المطرانين دون أية شروط،
قائلا: "أن هذا التصرّف يتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي والمكانة التي
يوليها الإسلام لرجال الدين المسيحي". انظر الرابط:
http://arabic.rt.com/news/614155/
:
وكذلك
وجه الامير الاردني حسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي نداء قال فيه:
"ان اختطاف صديقي العزيزين مطران السريان الارثوذكس يوحنا ابراهيم ومطران
الروم الارثوذكس بولس اليازجي، لدليل اخر على انحدار خطير نحو تدمير للذات
في انحاء البلاد والمجتمعات التي طالما عاش فيها اتباع الديانات
الابراهيمية معاً". ودعا الامير الى اخلاء سبيل المطرانين، وختم قائلاً
"اطلب منكم اليوم الانضمام الينا للعمل من اجل اطلاق سراح المطرانين،
وللحوار كوسيلة لحل الاختلاف ووقف العنف بين الاخوة." انظر الرابط:
http://jordanzad.com/index.php?page=article&id=120258
لكن كل هذه النداءات والدعوات لاجل اطلاق سراح المطرانين من هؤلاء الاشخاص
المهمين أكانوا مسلمين او مسيحيين، لم تنفع بل ذهبت ادراج الرياح.
ان
المطران يوحنا ابراهام علم من اعلام الدين المسيحي في الشرق الاوسط الذين
يعملون مع المفكرين المسلمين من اجل التعايش بين الاديان ولخلق ارضية
مشتركة للسلم الاهلي لكل المواطنين. وقد اشترك في الكثير من المؤتمرات حول
الحوار الاسلامي المسيحي والعيش المشترك وقدم فيها محاضرات ومداخلات. ومنها
اشتراكاته ومساهماته في المؤتمرات التي نظمها الامير الحسن بن طلال المهتم
بالثقافة والفكر والعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، واشترك معه في
عدة ندوات عالمية
هامة حول الحوار الاسلامي المسيحي. اقرا عنها في الرابط:
http://new.alepposuryoye.com/topic/3225
ومنها مؤتمر
مؤتمر صيانة العيش المشترك في العالم العربي: انظر الرابط
http://www.youtube.com/watch?v=8ZmrJlkFeBE
واللقاء الحواري مع الامير
حسن انظر:
http://new.alepposuryoye.com/topic/3209
وكذلك
http://new.alepposuryoye.com/topic/3209
وكذلك مؤتمر أهميّة استمراريّة الوجود المسيحي في الشرق
http://new.alepposuryoye.com/topic/3216
لكن
للاسف ان حضوره ومشاركاته مع القيادات العربية والاسلامية في هذه المؤتمرات
الودية لم تنفعه لأن يد الغدر طالته دون وازع اخلاقي، ودون اي تقدير لدوره
في ارساء التعايش بين الطوائف في المنطقة. واختطف مع صديقه المطران يازجي
دون اي اعتبار كما يختطف اي شخص عادي.
المطران
يوحنا ابراهام والمطران بولس يازجي وكنيستهم الانطاكية:
المطران
يوحنا ابراهام كاهن في كنيسة السريان الارثوذكس والمطران بولس يازجي كاهن
في كنيسة الروم الارثوذكس. وان هاتين الكنيستين: كنيسة السريان الارثوذكس
وكنسية الروم الارثوذكس، انفصلتا عن بعضهما البعض عام 451 ميلادي. وكانت
الغالبية الساحقة لشعب الكنيستين المذكورتين في الشرق قبل انفصالهما وبعده
تتكون من الاراميين ولغتهم الارامية. لكن على اثر انعقاد المجمع الكنسي في
خلقيدونية عام 451 م والاختلاف على تحديد طبيعة المسيح، ادى الى انقسام
كنسي كبير بين المؤيدين للقول بان للسيد المسيح طبيعتين متحدتين وبين
المؤيدين للقول بان للسيد المسيح طبيعة واحدة متحدة من طبيعتين. وقد تأسس
من القائلين بالطبيعتين كنيسة الروم الارثوذكس ومن القائلين بالطبيعة
الواحدة كنيسة السريان الارثوذكس. وكان قياصرة الروم يساندون الكنيسة
القائلة بالطبيعتين ويضطهدون الكنيسة القائلة بالطبيعة الواحدة. ان كنيسة
الروم المذكورة قد اهملت استعمال اللغة السريانية تدريجيا لتستبدلها اخيرا
بالعربية التي وفدت مع المسلمين الذين احتلوا سوريا والعراق في القرن
السابع الميلادي، بينما حافظت الكنيسة السريانية على اللغة السريانية في
طقوسها وهويتها لغاية اليوم.
لذا
فالمطران ابراهام والمطران يازجي هم في الاساس كهنة في كنيسة واحدة انقسمت
الى اثنتين قبل حوالي 1500 سنة، ثم ومع مرور الزمن انقسمت كل واحدة بدورها
الى فرع اخرى.
المطران
المخطوف:
والمطران
يوحنا ابراهام رجل عالم وعامل، وهو مطران منذ حوالي 35 سنة. ولد في
القامشلي ودرس في مدارسها السريانية المراحل الابتدائية والاعدادية، ثم
انتسب الى كلية مار افرام اللاهوتية في زحلة، ثم انخرط منذ صباه في سلك
الرهبنة، وفي عام 1973 درس في المعهد الشرقي في جامعة روما وحاز على ليسانس
في الدراسات الشرقية عام 1976، وبكالوريس في الحق الكنسي الشرقي، ثم انتسب
الى جامعة لوفان لنيل الدكتورا (وهو اول اكليركي سرياني ارثوذكسي يدرس في
معهد كاثوليكي في روما، لذلك كان يقول عنه الاصدقاء مازحين بانه سفير
الكنيسة السريانية الارثوذكسية لدى الفاتيكان وممثل الفاتيكان في الكنيسة
السريانية الارثوذكسية). وقد خدم اثناء رهبنته في سوريا والعراق ولبنان
واوروبا، لذلك اكتسب خبرة كبيرة وتجربة جيدة في العمل الكنسي، وتعرف على
السريان من ابناء الابرشيات التي خدم فيها كراهب كاهن.
وقد اكتشف
بطريرك كنيسته حينها، البطريرك العلامة المرحوم يعقوب الثالث، امكانياته
الجيدة فتوسم به خيراً؛ فاستدعاه ورشحه لابرشية حلب. وبعد موافقة الابرشية
قام البطريرك برسامته مطرانا في مدينة حلب وتوابعها في بداية آذار من عام
1979 وعمره حوالي الثلاثين سنة فقط، خلفاً لمطران حلب المستقيل القديس
المرحوم جرجس القس بهنام. وكان يوم رسامة المطران يوحنا بهجه عارمة لكل
السريان الارثوذكس لان الجميع كانوا يعرفونه ويعرفون دماثة اخلاقه وسمعته
العاطرة. وتقديرا لابرشية حلب ومكانتها توجه البطريرك يعقوب بنفسه الى حلب
ورسمه هناك. وبين المطارنة السريان الذين شاركوا في مراسيم رسامته ولا
زالوا على قيد الحياة المطرانان مارغريغوريوس صليبا شمعون (مطران الموصل
سابقا) ومار سويريوس حاوا (مطران بغداد والبصرة) وكلاهما من وفي العراق
(امد الله في عمرهما). وكان المطران المرتسم قد القى ايضا كلمة
بالايطالية، اللغة التي درس فيها في روما، موجهة الى السفير الفاتيكاني
والمطارنة والاشخاص الموفدين القادمين من روما ومن حاضرة الفاتيكان.
ومع مرور
الزمن، وخاصة في الفترة الاخيرة، اصبح المطران يوحنا ابراهام اهم كاهن في
كنيسة السريان الارثوذكس، وأهم مطران مسيحي في سوريا، ومن اهم رجال الدين
بين كل الطوائف والاديان في سوريا. ومن مزاياه انه يعرف جميع ابناء طائفة
السريان الارثوذكس فردا فردا، كما انه له صداقات مع جميع رجال الدين
المسيحي في الشرق الاوسط، ومع الكثيرين من رجال الدين الاسلامي وقياداتهم.
لقد نجح في حياته الكنسية بشكل جيد فاصبحت حلب أول ابرشية سريانية
ارثوذكسية في العالم.
كما ان
محبته للتراث السرياني حملته على الاشتغال بهذا التراث الغني فعمل على
طباعة عشرات الكتب حول هذا الموضوع، كما انه شارك في الكثير من المؤتمرات
حول هذا التراث، ويمثل كنيسته منذ سنوات في مؤتمرات عالمية مختلفة.
وفي حمأة
الحرب القذرة في سوريا، نجد المطران يوحنا على علاقة طيبة مع الحكومة
السورية ومع كل اطراف النزاع وهو يتنقل بين مناطقهم مؤدياً خدمات انسانية
للفقراء والمحتاجين والمرضى عندما يتطلب منه العمل الانساني ذلك؛ انه يسخّر
شبكة علاقاته الطيبة لخدمة كل المحتاجين من مسلمين ومسيحيين وغيرهم، وكم من
مرة اقتحم جبهات القتال بحثاً عن مخطوف ما
لاقناع الخاطفين باطلاق سراحه، أو لنقل قتيل من الخطوط القتالية لتسليمه
لاهله لدفنه.
نعم، ان كل
اطراف النزاع في سوريا يعرفون المطران يوحنا ويقدرون دوره الانساني الذي
اشتهر به بين كل الكهنة المسيحيين في سوريا. كما ان نجاحه عدة مرات في
البحث عن مخطوفين واقناع الخاطفين لاطلاق سراحهم، ضاعف في رصيد محبة الناس
له وتقديرهم لاعماله الانسانية الهامة. لكن ان يحصل ما حصل له، لم يكن يخطر
في بال انسان على الاطلاق.
ان
كنيسة السريان الارثوذكس في حلب وبعض المؤسسات الكنسية تعرضت بدورها للقصف
عدة مرات كانت اخرها قبل اربعة ايام فقط بينما رئيس الابرشية مخطوف واسير.
فقد
سقطت ليلة الثلاثاء 7/ 5/ 2013 قذيفة هاون على سطح دار
مطرانية السريان الارثوذكس الجديدة بالسليمانية في حلب، وقد أدت إلى حدوث
أضرار مادية في الطابق السادس منها، كما سقطت قذائف أخرى بمحيطها. وهذه هي
المرة الثانية التي تسقط فيها قذائف في أيام مختلفة منها أمام باب
كاتدرائية مار أفرام يوم الثلاثاء 23/ 4/ 2013، وأدت
أيضاً إلى حدوث أضرار مادية في الباب الخارجي، وتكسير في زجاج النوافذ في
الطوابق. وكأن هذه الهجمات رسالة من خاطفي المطران يوحنا ابراهام.
http://new.alepposuryoye.com/topic/3784
http://new.alepposuryoye.com/topic/3279
وفي اذار 2012
حصل انفجار ارهابي هائل في احد الاحياء المسيحية في حلب بقرب مطرانية
السريان الارثوذكس، وكان المطران يوحنا في نفس اللحظة مستقلا سيارته في
الطريق بجوار مكان الانفجار، لكن العناية الربانية احاطت به ونجا من
التفجير دون اذى.
http://new.alepposuryoye.com/topic/3089
كنتُ
اعتقدُ شخصياً، ان كان هناك شخصية واحدة في سوريا لن يصيبها اي مكروه من
مقاتلي الحكومة او المعارضة فهو المطران يوحنا ابراهام. لكن تناقاضات
الحياة والزمن السيء كثيرة ولا تطاق، حيث يقع فاعل السلام ومحامي الانسانية
المنكوبة ضحية لعمله الانساني الكبير فيصبح رهينة بيد من اراد لهم الخير
والسلام، فيربطون يديه بالسلاسل عوضاً عن تقليده سلسلة ذهبية على صدره،
ويرموه اسيراً في غرفة تعيسة مظلمة بدلاً من تقديره وتكريمه.
انني
منذ سماعي خبر اختطاف المطران يوحنا ولغاية اليوم، احاول الدخول الى الموقع
الالكتروني لكنيسة السريان الارثوذكس في حلب عدة مرات يومياً، متمنياً
ومتأملاً في كل مرة ان اقرأ خبراً مفرحاً باطلاق سراح صديقنا وحبيبنا
المطران يوحنا ابراهام. وسأظل ازاول هذا الاجراء الى ان اقرأ خبر اطلاق
سراحه لتتم الفرحة بعودته وعودة المطران بولس الى كنائسهم سالمين.
وتعاطفاً مع
المطرانين المخطوفين كنت قد احجمتُ عن الاحتفال بعيد الفصح كما يجب، ولم
ارسل عبارت المعايدة للاهل والاصدقاء تضامناً معهما الى ان يطلق سراحهما.
الكنيسة
وموقفها السلبي:
ان للسريان
الارثوذكس ثقل كبير في اوروبا في جميع المجالات ومنها السياسية، فمثلا يوجد
في السويد ستة اشخاص سريان ارثوذكس هم اعضاء في البرلمان السويدي يمثلون
مختلف الاحزاب السويدية، بالاضافة الى عشرات السياسيين السريان الذين هم في
مجالس المحافظات والبلديات، لكن للاسف الشديد لم يستغل هذا الثقل كما ينبغي
في قضية المطران يوحنا ابراهام. كما يوجد ثمانية مطارنة للسريان الارثوذكس
في اوروبا يرأسون ابرشيات سريانية في مختلف الدول الاوروبية، ولم نجد هولاء
المطارنة يعملون ما ينبغي عمله لاجل المطران المخطوف بالرغم من كونهم
معنيين مباشرة للدفاع عن اخيهم الكاهن. ان تقصيرهم بالعمل المطلوب في قضية
المطران يوحنا كانهم يشمتون به وبخطفه، فاذا كان هذا صحيحاً فتعساً لهم.
كان ينبغي ان تتوقف كل المراسيم والطقوس في الكنائس السريانية، وان تتخصص
جميع الصلوات يوميا لاجل المطران المخطوف، وان تكون جميع المواعظ في كل
الكنائس حول هذه المناسبة فقط الى ان يطلق سراح المطرانين المخطوفين.
كما كان يجب
على التلفزيونات السريانية في اوروبا ان تخصص كل برامجها خدمة لهذه القضية
المأساوية. لان ما حصل ليس حالة افرادية بل له قيمة معنوية ورمزية عالية،
لانه يمس الوجود المسيحي برمته في سوريا ويزعزع مستقبل المسيحيين فيها،
خاصة عند خطف رموز مسيحية بثقل المطران يوحنا وصديقه المطران بولس. فتباً
لجميع المؤسسات الكنسية والمدنية المقصرة على لا مبالاتها.
ان المطران
يوحنا والمطران بولس يازجي هما في الاساس راهبان وهبا زهرة حياتهما لعبادة
الله ومحبته، وكرسا وجودهما لخدمة الرب والانسان كائناً من كان. ان الراهب
قطع نفسه عن مباهج الحياة وملذات العالم، وليس لديه عائلة وابناء، لكن كل
البشرية هي عائلته وكل الناس ابناء له بالروح، فهو يصلي لخير البشرية جمعاء
لتنعم بالسلام والامان.
ايها الكاهن
المحترم انت دائماً في عقولنا وقلوبنا، ولا نستطيع ان ننساك وننسى ما
اصابك، "طوبى لك لأنك من صانعي السلام، وطوبى لك اذا عيروك وقالوا لك اية
كلمة سوء لاجل ما تمثله". |