تأليف الأب البير أبونا
أستاذ اللغة الآرامية وآدابها
في معهد مار يوحنا الحبيب.
الموصل
الطبعة الأولى – بيروت-1970
مضمون الكتاب
يؤلف الكتاب مجموعتين من الامثال الحكمية تتخللها قصة ملخصها ان احيقار كان
وزيراً أو كاتباً أو مستشارا لسنحاريب ملك آشور ونينوى (704 – 671ق.م) ثم
لابنه اسرحدون ( 680 – 668ق.م). وقد حباه الله حكمة مدهشة واكتسب ثروة
طائلة في البلاط الاشوري. ولكنه ظل بلا وريث رغم تعدد زوجاته، وقد بلغ
عددهن الستين، حسبما جاء في الكتاب (الفصل الاول، العدد الثاني). ويرى
البعض في قصاصاً لنبذه إله اسرائيل وارتداده الى الوثنية، ويرى الآخرون انه
كان وثنياً، ثم رجع إلى عبادة الإله الحق، كما يظهر ذلك من التعابير التي
وردت في القصة. وإذ ذاك
تبنى "نادان" ابن اخته، وهو بعهد رضيع، ليقيمه وريثاً وخلفاً له في وظيفته
لدى البلاط الاشوري. وأخذ يربيه تربيه حسنة ويبذل له النصح الثير الذي نجده
في الحلقة الاولى من نصائح الحكمية (من الفصل الثاني الى الفصل الثالث).
غير ان نادان لم يصغ الى نصائح خاله، بل ساءت سيرته، فاسترد احيقار الميراث
منه ومنحه لأخيه الأصغر "نبوزردان" (4 -5). فحقد عليه نادان وأراد الايقاع
به بمكيدة دبرها له، إذ كتب له رسائل باسم خاله موجهة الى الفرعون وإلى ملك
الفرس قصد التواطؤ معهما لقلب نظام الحكم في الامبراطورية الاشورية، ورتب
الأمور لكي تقع هذه الرسائل بيد الملك الاشوري (5 -9). وإذ ذاك حكم اسرحدون
بالموت على احيقار بتهمة الخيانة الكبرى (9 -41). غير ان احيقار نجا من
الموت، لأن الجلاد كان صديقاً له فلم يرد أن يضرب عنقه بل أوصاه بان يختبئ
في الحديقة بيته (12 -15).
وبعد زمان طلب ملك مصر الى الملك الاشوري أن يرسل له رجلاً حكيماً يستطيع
ان يجيب على اسئلته ويبني له بلاطاً في الجو. فاسقط في يد الملك الاشوري
واسف على احيقار وحكمته الخارقة. فظهر احيقار على المسرح ثانية وذهب إلى
مصر ليجب على أسئلة فرعون (16 -25). وإذ عرف سؤال فرعون، أعد نسرين وغلامين
وشريطين من القطن طول كل منهما الفا ذراع. وأخذ يدرب النسرين والغلامين،
فيربط النسرين بالشريطين ويمرن الغلامين على الركوب على ظهرهما ثما يطلقهما
فيطيران في الجو، وهناك يصيح الغلامان: "قدموا لنا الحجر والملاط". وجاء
اليوم المعين وطلب اليه فرعون ان يبني له بيتاً بين السماء والارض، فطلب
اليه احيقار ان يعد الحجر والملاط لهذا الغرض، ثم اطلق النسرين وعليهما
الغلامان، ولما استقرا بين السماء والارض، صرخ الغلامان: "ارسلوا الحجارة،
ارسلوا الملاط، فنحن على استعداد للعمل". وأخذ احيقار واتباعه يصرخون في
الفعلة وجند الملك لكي يقدموا للبناءين ما يريدان. وإذ رأى الملك استحالة
نقل شيء اليهما، اعترف لاحيقار بالنصر... وفي اليوم التالي قال فرعون
لاحيقار: "ان حصان سيدك إذا صهل في نينوى سمعته خيلنا هنا فطرحت". فلما سمع
احيقار ذلك احضر سنوراً وأخذ يجلده جلداً شديداً، فأخبروا الملك بذلك،
فاستدعاه وقال له: لم تجلد هذا الحيوان المسكين؟. فقال له احيقار: "ان سيدي
الملك كان قد أهدى لي ديكاً يعرف ساعات النهار والليل، وقد تركته في نينوى،
فقام عليه هذا النسور في هذه اللية وقطع رأسه، ولذلك فاني أجلده". فقال له
فرعون: "ان بين مصر ونينوى ثمانية وستين فرسحاً، فكيف يستطيع السنور الذهاب
الى نينوى والعودة منها في ليلة واحدة؟". فقال له احيقار. "إذا كانت بين
مصر ونينوى هذه المسافة فكيف تسمع خيلك صوت حصان سيدي؟".
واستمرت هذه الألغاز، فتارة يطلب منه الملك ان يفتل له حبلاً من رمل البحر،
وطوراً ان يخيط له حجر رحى قد انكسرت، ويجيب احيقار عن اسئلته أجوبة مفحمة،
حتى نال اعجاب فرعون وهداياه الكثيرة (26 -31).
ولدى عودته إلى البلاد الاشورية مثقلاً بالهدايا والاكرام، طلب إلى الملك
أسرحدون ان يسلم اليه نادان (32)، فربط احيقار يديه بسلاسل من حديد وألقاه
في مكان مظلم من بيته وجعل غذاءه الخبز والماء، وكان يجلده جلداً مبرحاً
قائلاً له: "قيل بالأمثال ان من لا يسمع من اذنيه اسمعوه من قفاه". وهنا
يبدأ الجزء الثاني من الحكم ( الفصل 23 وهو طويل جداً ويتكون من 142 حكمة).
وخوفاً من القصاص الصارم الذي توقعه من خاله، انتفخ نادان ثم انفجر ومات
(34). وتأتي الخاتمة في الفصل الخامس والثلاثين، وقد زادها على الكتاب أحد
المؤلفين المتأخرين قد يكون مسيحياً نظراً الى التعابير التي وردت فيها مثل
"الخطيئة الميتة" و "ملكوت السماء" و "السعادة الابدية". وفي هذه الخاتمة
يذكر ان احيقار كان وثنياً في البداية ثم آمن بالاله الواحد في نهاية
حياته.
من حكم احيقار
يابنيّ، عصفور حقير في يدك خير من الف في الهواء.
يابنيّ، نقل الحجارة مع رجل حكيم خير من شرب الخمر مع رجل لئيم.
يابنيّ، اذا أكل الغني الحية قالوا أكلها تطبباً وإذا أكلها الفقير قالوا
أكلها جوعاً.
يابنيّ، لا تحل بين ابنك وضرب السياط لأن الضرب للصبي كالزبل للبستان.
يابنيّ، إذا أرسلت الحكيم في حاجة فلا توصه كثيراً لأنه يقضي حاجتك كما
تريد، ولا ترسل الأحمق بل امض انت واقض حاجتك.
يابنيّ، إذا سمعت كلمة فدعها تموت في قلبك ولا تكشفها لغيرك لئلا تصبح جمرة
تحرق لسانك وتترك الألم في جسدك وتكسبك الخزي والعار عند الله والناس.
يابنيّ، انت صرت لي مثل قملة الحنطة لا تصلح لشيئ وانما تفسد الحنطة
وتنخرها.
يابنيّ، انت صرت لي مثل كلب ارغمه البرد على اللجوء الى محل الخبازين
وحينما دبت الحرارة في جسمه شرع ينبح عليهم ويعضهم وبدأوا هم بضربه. واذ لم
يكف عن النبح اضطروا إلى قتله خوفاً من عضاته.
أما عن شخصية أحيقار فيقال انه ابن عنائيل أخي طوبيا الذي ورد ذكره في
الكتاب المقدس ( فرنسيس نو، قصة احيقار ص 50 – 51)
خواص الأدب الآرامي
قلنا سابقاً ان الآدب الآرامي أدب مسيحي النشأة كنسي المصدر، لأن ما وصل
الينا منه هو نتاج عقول علماء وأدباء مسيحيين. وحين اعتنق جدودنا الذين
المسيحي، أحرقوا الكتب وابادوا الاثار التي لم يكن لها علاقة مع الدين
المسيحي، خشية أن توقع معالمها الوثنية أحفادهم في شركها. اما ما تناولته
أقلام الأدباء الآراميين منذ العصور المسيحية الأولى، فهو ترجمة الكتب
المقدسة وضبطها وتفسيرها. وثم صرفوا همهم الى علوم اللغة من صرف ونحو وبيان
وخطابة وشعر، وتطرقوا الى العلوم المنطق والفلسفة والعلوم الطبيعية
والرياضية والفلكية والمساحة والطب، وتبحروا في اللاهوت والفقه الكنسي
والمدني وعلم الاخلاق، وتبسطوا في التاريخ الديني والمدني والموسيقى
الكنسية، وتطرقوا أيضاً الى الجغرافية وفن القصص. فاذا كانت ثقافة اليونان
حكمية وثقافة الغرب بيانية، فثقافة الآراميين دينية.
وخواص الآدب الآرامي كتابية وطقسية وجدلية ولاهوتية وتاريخية ونقلية. فان
ما عني به الآراميون من ترجمة الاسفار الالهية وشروحها الضافية، وما الحق
بها من الكتب الموضوعة، ينطق بفضلهم في خدمة اسفار الوحي ونشرها. هذا عدا
كتب الفروض والأدعية التي أنتجها يراعهم. وكان لهم الحوار المذهبي الذي طال
أمده بين الفرق المسيحية خير حافز للتعمق في أسرار الدين المسيحي، فانتجوا
في تلك الحقبة مصنفات لاهوتية وجدلية برزت فيها مقدرتهم وتجلى أدبهم. وكان
للأدب الآرامي فائدة عظمى من الوجهة التاريخية لأنه يزخر بالمستندات عن
آسيا في عهد الرومان والفرس والعرب والمغول والاتراك. ومنذ بدء القرن
الخامس أحس الآراميون بحاجة الى معرفة اللغة اليونانية لتفهم ما جاء في هذه
اللغة من كتابات الاباء ومصنفات الفلاسفة، ولا سيما أرسطو العظيم. لذا عمدت
مدرسة الرها
(40)
الى تدريس اللغة اليونانية وترجمت الى الآرامية مؤلفات عديدة
كتفاسير تيودوروس المصيصي وقورلس الاسكندري وكتابات سويريوس الانطاكي ومنطق
أرسطو وغيرها.. أما كتب الفلاسفة اليونانية فقد نقلت بعد ذلك من الآرامية
الى العربية، ثم عادت فتغلغلت في العصور الوسطى في أوربا وتداولنها أيدي
العلماء.
الشعر الآرامي:
يقال للشعر عند الآراميين "محرا"
(ܡܚܪܐ)
وللشاعر "ماحورا" أو "ماشوحا" أو "فويطا"
(ܡܚܘܪܐ ،
ܡܫܘܚܐ
،
ܦܘܐܛܐ)
وللبيت "بيتا"
(ܒܝܬܐ)
وللبحر "مشوحتا" أو "نيشا" أو قرايتا".(ܡܫܘܚܬܐ
،
ܢܝܫܐ
،
ܩܪܝܬܐ)
خلق الشعر الآرامي ليصور التعاليم الدينية في عقل الشعب ولكى يخلع على فروض
العبادة حلة الابهة بلحنه. وحينما كتب الفوز للقديس أفرام بشعره، سلك أهل
العصور التالية على غراره. ويقول البعض ان للشعر الآرامي صلة متينة بالشعر
العبري. مما لا شك فيه ان هناك تشابهاً بين الشعرين، لا سيما فيما يخص
تقسيم الشعر الى مقاطع مؤلفة من بيتين. و قد يكون الآراميون حذوا حذو بعض
المزامير ومراثي ارميا في الترتيب الأبجدي في أشعارهم. غير ان البحور
والاوزان تختلف.
اقسام الشعر الآرامي:
يقسم الشعر الآرامي الى قسمين رئيسين هما:
1 – القصيدة
ܡܐܡܪܐ
وهو خطاب شعري بأسلوب قصصي حماسي يتألف من اشعار ذات وزن واحد. ويغلب على
القصائد ثلاثة بحور أو أوزان.
أ – الوزن السباعي أو الافرامي لكون القديس أفرام هو الذي استنبطه:
ܐܝܬ ܠܢ ܣܒܪܐ ܘܬܘܟܠܢܐ،
ܒܝܫܘܥ
ܡܫܝܚܐ ܡܚܝܢܐ7+7 = 14.
ب – الوزن الخماسي أو بحر بالاي نسبة الى ناظمه الشاعر بالاي
ܡܪܝ ܒܠܝ. ܡܢ ܪܘܡܐ ܟܝܢܗ ܘܡܢ ܥܘܡܩܐ ܠܒ̣ܘܫܗ
5+5=10.
ج – الوزن الاثنا عشري أو النرساوي أو السروجي نسبة الى
مار يعقوب
ܡܪܝ ܝܥܩܘܒ
اسقف بطنان
سروج:
ܐܒܐ ܕܩܘܫܬܐ ܗܐ ܒܪܟ ܕܒܚܐ ܕܡܪܥܐ ܠܟ
4 +4+4=12.
وقد استعمل نرساي تارة الوزن السباعي وغالباً الوزن الاثني عشري، لذا سمّي
هذا الأخير باسمه
ܩܪܝܬܐ ܢܪܣܝܬܐ ܡܫܛܘܫܛܢܝܬܐ
الطويلة.
ونظم الشعراء الآراميون على بحور أخرى متفاوتة الأوزان كالسادس عشر
(41).
ولكن هذه البحور لم يكتب لها الإنتشار الواسع. وكانت أكثر القصائد تنظيم أو
تنشد في الكنيسة اثناء القيام بفرض العبادة. ومنها ما كُتب لتعليم الشعب
واعطائه ثقافة دينية سهلة المأخذ ولحثّه على السيرة الفاضلة. وكانت القصائد
غالباً مسهبة فهناك شعر عن يوسف الصديق يقع في اثنتي عشرة قصيدة طويلة.
وهناك قصيدتان ليعقوب السروجي الواحدة في آلام المسيح والاخرى في الخاتمة.
كل منها تشمل على اكثر من ثلاثة آلاف بيت. ونظم اسحق الانطاكي قصيدة اشتملت
على 2136 بيتاً في ببغاء كانت ترتل " التريساجيون" أي التقاديس الثلاثة.
2-
الاغنية
ܥܘܢܝܬܐ
كانت الاغنية أو الانشودة مجهولة عند السريان. والاشعار التي يطلق عليها
هذا اللقب كانت تدعى قديماً "ارشادات"(ܡܪ̈ܬܝܢܘܬܐ)، وهي تراتيل تمثل النوع الغنائي،
ويختلف فيها البحر من اربعة مقاطع إلى عشرة. و عدّ بعضهم خمسة وسبعين ضرباً
من الالحان في الاناشيد الصحيحة أو المنحولة للقديس أفرام، ولبعض منها ردة
تكرر وينوه في اولها بلحنها بالكلمات الاولى من نشيد معروف.
ومن الاناشيد تلك التي تسمى السوغيث
(ܣܘܓܝ̣ܬܐ) وهي انشودة بشكل محاورة تنظم غالباً
حسب الترتيب الابجدي، او على حروف اسم من أسماء العلم، كالحوار بين العذراء
مريم والملاك جبرائيل في البشارة، وبينها وبين المجوس بعد الميلاد
(42).
فيكون مجموع الحوار اربعة واربعون بيتاً وغالباً ما تسبقه مقدمة قصيرة،
ويكون الكل عادة بالبحر السباعي...
كانت الاغنية أو الانشودة مجهولة عند السريان. والاشعار التي يطلق عليها
هذا اللقب كانت تدعى قديماً "ارشادات"، وهي تراتيل تمثل النوع الغنائي،
ويختلف فيها البحر من اربعة مقاطع إلى عشرة. و عدّ بعضهم خمسة وسبعين ضرباً
من الالحان في الاناشيد الصحيحة أو المنحولة للقديس أفرام، ولبعض منها ردة
تكرر وينوه في اولها بلحنها بالكلمات الاولى من نشيد معروف.
ومن الاناشيد تلك التي تسمى السوغيث وهي انشودة بشكل محاورة تنظم غالباً
حسب الترتيب الابجدي، او على حروف اسم من أسماء العلم، كالحوار بين العذراء
مريم والملاك جبرائيل في البشارة، وبينها وبين المجوس بعد الميلاد
(42).
فيكون مجموع الحوار اربعة واربعون بيتاً وغالباً ما تسبقه مقدمة قصيرة،
ويكون الكل عادة بالبحر السباعي...
وفي القرن التاسع، بينما كانت اللغة العربية تمارس ضغطاً شديداً على اللغة
الآرامية،
بداً الآراميون يدخلون القافية على أشعارهم اسوة بالشعر العربي الذي أصبح
كثيرون منهم يجيدونه. فأخذوا ينظمون القصيدة على قافية واحدة أو يلتزمونها
في كل بيتين أو اربعة ابيات، ثم استعملوا الاسجاع في نثرهم. واذا كان
الشعراء الاولون لم يستعملوا القافية قطعاً بل التزم بعضهم حرفا من حروف
الهجاء في اول بيت من منظوماتهم، كمار افرام في مداريشه ويعقوب السروجي في
ميامره وبعض الكتبة في نقلهم الأوزان اليونانية، فهناك شعراء كثيرون نبغوا
في القرون الوسطى التزموا القافية في بيتين او في اربعة أبيات أو في
القصيدة كلها، أشهرهم ابن العبري وعبد يشوع الصوباوي وكيوركيس وردا
وايشوعياب بر مقدم واسرائيل الالقوشي وآدم العقراوي وكيوركيس الالقوشي
وخاميس القرداحي، وغيرهم من المتأخرين. واستعمل الكتبة الآراميون السجع
خصوصاً في خطبهم وفي مقدمات كتبهم كابن العري والصوباوي... و أول من صنف
قواعد الشعر الآرامي واستعمل القافية هو القس انطون الراهب التكريتي
المعروف بانطون البليغ او الفصيح في عهد البطريرك ديونوسيوس التلمحري (
845). و قد قال عن نفسه: "لم يسبقنا أحد في وضع قواعد لصناعة الشعر". وقال
ايضاً انه لما حاول برديصان المانوي ان يغري المؤمنين بأشعاره الموبقة، نهض
مار افرام الملفان وانشأ الاغاني التقويّة وافحمه. وعندئذ رأت الكنيسة
المقدسة ان تستعمل الاغاني في طقوسها لكي تتغلب على الملحدين. فبينما صنف
اليونان القواعد للنحو والفصاحة والشعر، تعلم الآراميون كل ذلك من دون
قواعد وضوابط، إذ كان الشعر عندهم غريزياً كما كان عند العرب والعجم.
ولكي يبرهن الآراميون ان لغتهم لا تنقص جمالاً عن اللغة العربية، أخذوا
يبحثون منذ القرن الثالث عشر في اشعارهم عن مفردات نادرة، يحاولون بذلك
تقليد بدائع العربية اللفظية. ولكن محاولتهم هذه باءت بالفشل وجاء شعرهم
معقداً وانحدر إلى الركاكة والاسفاف. وخير ممثل لهذه الفترة هو عبد يشوع
الصوباوي في الكتاب الذي ألفه سنة 1290 وأسماه "فردوس عدن".
(ܦܪܕܝܣܐ
ܕܥܕܢ)
لا شك ان الشعراء الآراميين أجادوا في المحسنات المعنوية، فأنشأوا شيئاً
كثيرا في البديع المعنوي. أما المحسنات اللفظية، فقد شط فيها الشعراء، ولا
سيما النساطرة، كخاميس القرداحي وكيوركيس الالقوشي وغيرهما، حتى ان القارئ
يشمئز من الطريقة التي سلكوها، إذ أنهم اخترعوا صيغاً غريبة واشتقوا اسماء
جديدة واستحدثوا افعالاً لا أثر لها في مصنفات الفصحاء الأقدمين.
ومن هذه المحسنات اللفظية : التلاعب في الالفاظ
ܕܨܠܝ ܨܠܘܬܐ ܩܕܝܫܬܐ ܝܘܬܪ̈ܢܐ ܠܡ ܩܕܝܫܬܐ
أو ما يقرأ طرداً وعكساً:
ܐܬܪܒܝ ܣܒܐ ܒܣܝܒܪܬܐ
ܐܚܝܫܡܫ ܡܫܝܚܐ
(يتبع)
40-
انشئت
مدرسة الرها سنة 363 برئاسة افرام الملفان واغلقت سنة 489.
41
– القرداحي، كتاب الكنز الثمين، روما 1875 ص 2- 6.
42
– المروج النزهية 1 ص 210- 227.
|