(بمناسبة عيد
مار افرام ننشر هذه المقالة والقصيدة)
لـواعِـج
الهـيـام بـِنَـبـي
بَـنـي آرام
للبطريرك
أفرام برصوم
(1887-1957)
في فاتحة المئة الرابعة ازهر
وجودك يا ملفاننا مار افرام معطراً أرجاء ما بين النهرين. وفي عقودها الوسطى
اثمرت دوحتك الباسقة من كل فضيلة وحسنة زوجين، وفي ديار نصيبين هبط عليك
إلهام الشعر الديني، وفي جبل الرها ظهرت معجزتك ففزت باسم النبي.
باسمك الجليل افتتح تاريخ
ائمة السريان، وكنتَ الفجر الذي منه بزغ نور العلم. حملت لوآء الورع ولقنت
اصوله في ميامرك الساحرة، وتناولتَ حقائق الدين القويم بتأويل رائدُه الكتاب
الكريم، وغرستها في افئدة الفتية والفتيات، وبما عوّدت السنتهم من النشائد
الدينية الشجية نقشتها في قلوبهم نقش الحجر الباقي ابد الدهر.
جئت مدينة الرها فأعجبتَ
باجتهاد نساكها وكنت لمدرستها عمادها وعضدها ومنارها الباهر، اذ فتحتَ لها
كنوز علمك ببلاغتك البالغة حدّ الاعجاز. احببت بديع السموات والارض من صميم
قلبك ونقشت على قلبك آيات كتابه وعشت عيش الملائك بطهر ينازع الثلج نقاؤه،
ونسك انتهى بك الى قمة القداسة. فمضيت الى ربك فقيراً إلاّ من الفضائل
السامية، خلياً إلا من مراضيه، غريباً إلا من حطام الدنيا وزخرفها. فوضعتك
بيعة الله الجامعة على منارة قديسيها واجلستك على منصة معلميها فكنتَ من
الخالدين.
فاشفع يا صفيَّ الله في شعب
لم يزل على رغم عضّات الدهر وزعازعه، لعهدك وفياً، ولربه باناشيد العِذاب
نجياً، لينسج على منوالك ويحتذي جميل مثالك.
وتقبّل منا ياكنارة الروح
القدس ونابغة
بني آرام
ازكى سلام ما تعاقبت الليالي والايام.
تخيّرتُ
من دُرِّ القريضِ الفرائدا لمن قلّد القومَ العريق القلائدا
حكـيــمٌ صفـي
اللـه ذيلهُ طاهــرٌ وبيضُ اياديه نشيدُ المحامدا
هوى قلبه في
زهرة العمر ربَّـه وفي مبتغاه كان صبَّا وواجِدا
وكـم باتَ في
لـيـلٍ طويـلٍ اديمه يقـطعـه حمـداً لـربـه عابــدا
وكم قام يدعو
الله دعـوةَ ناسـك تساهرُ عيناهُ النجوم السواهدا
لئن رسختْ في
خشية الله نفسُهُ فقد مدَّ للعلم النفيس السواعدا
جلى الادب
العالي باجـود سبكهِ حياكةَ مطبوعٍ يجيد القصائدا
وعلّم فتيان
الرهـا العـلم والتُقـى وكان لهم في ساحة الرشد قائدا
ولـقّـن ربات
الحـجـولِ نشائـداً بها سبَّحت ربَ السماء عوابدا
وكـم نهـجَ
النُساك نَهْج كـمـالـه فحازوا به بعد الجهاد المقاصدا
وارجع عن غيٍّ
جهولاً وغافلاً تقدّم في الدنيا الدنيّة زاهدا
هـو الـفـردُ
افـــرامٌ الـــذي بـــدا نبيَّ بني السريانِ لا شك واحدا
لك اللهُ
ياافـرامُ ياكعبةَ الـهُــدى تحج اليك الناس تبغي الفوائدا
وتُحرز من بحر
الحقيقة لؤلؤاً لتنظـمَ للتقـوى حُـلـى وقلائــدا
وتسبي معانيك
العقولَ بحسنها وتُذكي رجالاً عن حمانا مذاودا
تسرّد دمعي
حين زُرتُ ضريحــه ومن ذا الذي يسلو الجدودَ الاماجدا
لئن زينتْ
ذكراك عِقد نظيـمـنــا فجادَ ومن جدواك ضمّ الخرائدا
فابياتُـك
السحـرُ الحـلالُ فـرائــدٌ أقـمـنَ لنا بـيـن الاعاجـمِ حاسـدا
نقلنا هذا المقال والقصيدة من
كتاب قيثار القلوب،
للبطريرك أفرام الاول برصوم، ترجمه
للسريانية الاب سليمان الاركحي؛ وطبع في مدينة القامشلي عام 1969/ صفحة
26-27. |