عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

قاديشات آلوهو: لغة الموارنة الأم

بقلم جومانا نصر - مجلة النجوى

نرتدح كلماتها في القداس الماروني ولا نفهم. نعيش اجواء الاعياد التي تتبع الطقس الغربي على رنات الحانها، وترددها في لحظات الصفاء والزدهر الرباني. انها لغة الطقس السرياني الانطاكي الماروني التي خاطبت بها السيدة العذراء ابنها يسوع، واستعان بها القديس متى في كتابة اول اناجيله. واليوم يخاطب بها الكاهن ابناء رعيته فيكتفون بالايماء ورسم اشارة الصليب، لتجاوز العقدة، كان القرار باعادة احياء اللغة السريانية ونشرها ضمن جماعة "لا ننسى".

انطلقت الفكرة مع مجموعة من الطلاب العلمانيين في تشرين الاول 2005 مع الاخ جورج ابي سعيد، الذي اخذ على عاتقه مسؤولية اعادة احياء اللغة السريانية وتعليمها لاعتبارات عدة: عندما التقيتل في صللى متيسى سيدة المعونات، كان عددنا لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة، وكان الهدف في الاساس اعادة احياء اللغة السريانية، اي لغة الطقس السرياني الانطاكي الماروني، للحفاظ على جذورنا، وفهم معاني القداس الماروني الذي يعتمد هذه اللغة.

 فمَن لا تاريخ له لا مستقبل امامه. الخوف من ان تدفن اللغة التي نطق بها السيد المسيح، حمست المجموعة الصغيرة على نشر الرسالة، فكبرت العائلة ووصل عدد افرادها الى 40 شخصا، بينهم ثلاث عائلات مع اولادها الذين تراوح اعمارهم بين 9 سنوات و12 سنة. ولفت الاخ ابي سعد الى ان هذه الجماعة ستتولى خدمة القداس الإلهي الذي سيقام باللغة السريانية البحت مساء الاحد في 5 تشرين الثاني المقبل ويحييه المطران غي بولس نجيم، ولفيف من الكهنة.

وستثبت شاشة لنقل الترجمة الحرفية لكل رتبة القداس والتراتيل والقراءات التي سينشدها ويتلوها افراد الجماعة، وبينهم الاطفال الذين عادوا باكرا الى جذورهم. تتألف اللغة السريانية من 22 حرفا وتشكل في مجموعها الابجدية التي نرددها على مسامع الاطفال عبر الكلام او الاغاني وهي: ابجد، هوز، حطي، كلمن، صعفص، قرشت، ومن خمس حركات. وتتضمن الكثيبر من العبارات القريبة من اللغة العربية. اشارة الى ان عددا من اهالي بلدات بشري وحصرون وكفرصغاب وبقاعكفرا، الذين تجاوزوا الستين يتكلمون هذه اللغة، في حياتهم اليومية. اما الحركات الخمس فمأخوذة من الحركات اليونانية، وترمز الى شخصيات من الكتاب المقدس، العهد القديم وهي: أ، نسبة الى إ براهيم، و"اودوم" نسبة الى "آدم"، و"إسيعو" نسبة الى اشعيا النبي، و"إسهوق" نسبة الى إسحق، و"اوريا" نسبة الى اوريا.

في بداية الفتح الاسلامي تحولت اللغة السريانية الى ما يعرف بالكرشوني، اذ منع المسيحيون من التكلم بها واستبدالها باللغة العربية، وكل مَن يخالف الاوامر، كان

يعرّض نفسه للموت، ما اضطر الرهبان آنذاك الى كتابة الرسائل باللغة السريانية وقراءتها باللغة العربية، وهذا ما عرفبالكرشونية. وثمة مساعٍ جدية اليوم لإعادة احياء لغة الموارنة الام "التي تكلم بها قديسو لبنان، منهم القديسان شربل ونعمة الله الحرديني والقديسة رفقا، ولحنوا التراتيل" وادخالها في برامج المدارس الكاثوليكية. ويتولى الاب شربل شاهين من الرهبنة اللبنانية المارونية تلك المسؤولية. ورفع الاخ ابي سعد كتابا رسميا في هذا الشأن الى البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، اضافة الى الدورات التي ينظمها الاخير في كنيسة سيدة المعونات - زوق مكايل - ومدرسة القديس يوسف - عينطورة. وقد اشار الى وجود نحو 50 طلبا على لائحة الانتظار مما يؤكد نجاح الخطوة، ورغبة الموارنة اللبنانيين في التعرف الى لغتهم الام.ولفت الى انتشار هذه الظاهرة في اوساط الاغتراب اللبناني، حيث علم ان قرية في السويد لا يتكلم ابناؤها الا باللغة السريانية، وينتمون في غالبيتهم الى طائفة السريان الارثوذكس. وهناك محاولات لتطوير هذه اللغة، حتى تصبح متوازية مع متطلبات العصر من خلال اختراع كلمات جديدة خصوصا ان الحرف السرياني متوافر في ذاكرة اجهزة الكومبيوتر.. وتبقى ذاكرة الانسان وتحديدا مسيحيي لبنان والشرق عموما.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها