ضجت الأوساط
السياسية، والإعلامية، اللبنانية بتصريحات الأمين العام لحزب الله
حسن نصر الله الأخيرة التي قال فيها بأن الله أغناه بالمال
الإيراني، حيث رفع الكثير هناك من عقيرة الصوت قائلين بأن حسن نصر
الله يعترف لأول مرة بأنه تابع لإيران، ويدار، ويمول من قبلها،
والحقيقة أن لا جديد في ذلك.
وعندما
نقول: إنه لا جديد في ذلك، فلسبب بسيط؛ فما قاله نصر الله عن علاقة
حزبه بإيران أمر تثبته أفعال الحزب، طوال السنوات الماضية، ولم يكن
لينطلي على لبيب، أو قارئ للتاريخ، أو للأحداث، ومنذ عام 2000. ومن
دون مسحة آيديولوجية، ومن لم يكن قادرا على قراءة كل ذلك، وكل
المؤشرات أيضا في سلوك حزب الله، أو نصر الله نفسه، فكان بإمكانه
التأكد من تبعية حزب الله، وقائده، لإيران فقط من خلال مشاهدة شريط
الفيديو الذي تسرب على الـ«يوتيوب»، وبثته بعض الفضائيات العربية،
لحسن نصر الله وهو يعلن أنه ينفذ الأجندة الإيرانية بلبنان، أجندة
الخميني.
وعليه، فإن
حديث نصر الله الأخير الذي قال فيه: «إننا في حزب الله نتلقى الدعم
المعنوي والسياسي والمادي بكل أشكاله الممكنة والمتاحة من
الجمهورية الإسلامية في إيران منذ عام 1982» لم يكن القصد منه نفي
التهمة القائلة بأن حزب الله يقوم بالمتاجرة بالمخدرات وغسل
الأموال لتمويل أنشطته، فتلك ليست بالتهمة الجديدة حتى يتصدى لها
حسن نصر الله، ويقول: إن «الله أغنانا بدولته الإسلامية في إيران
عن أي فلس في العالم حلال أو حرام». بل إن ما أراد قوله حسن نصر
الله، وتحديدا لجمهوره اللبناني، أمر مختلف تماما، وهنا القصة.
ففي خطابه
الأخير أراد حسن نصر الله طمأنة أتباعه، ومريديه، بالقول: إن مصير
حزب الله مرتبط بإيران، وليس النظام الأسدي، وإن دعم حزب الله وسر
بقائه هو إيران، وليس الأسد، فإيران هي التي تقدم «الدعم المعنوي
والسياسي والمادي بكل أشكاله الممكنة والمتاحة» لحزب الله، وليس
النظام الأسدي، ومعنى ذلك أن حسن نصر الله يريد القول لأتباعه بأن
لا تقلقوا في حال سقط بشار الأسد، فقوتنا لا تستمد من نظامه، بل من
نظام الولي الفقيه بإيران. هذه هي رسالة حسن نصر الله لمريديه،
وهذا ما أراد قوله بكل تحديد، ولذا فإن المعلومات تشير إلى أن هناك
«نقمة» حادة داخل الأوساط الأسدية بعد خطاب نصر الله الأخير،
وبالطبع فإن بوسع البعض في لبنان التأكد من ذلك، خصوصا عملاء
النظام الأسدي، فحينها سيعرفون أن النظام الأسدي قرأ خطاب نصر الله
بذلك الشكل، وليس بأي شكل آخر.
وبالطبع فإن
هذه هي القراءة الصحيحة لخطاب زعيم حزب الله، فنصر الله لم يكن
يعترف بتبعيته لإيران، فهي أمر ثابت منذ زمن، وإنما كان يخاطب
مريديه في لبنان ويقول لهم بأن لا خوف على حزبه في حال سقط الأسد،
لأن من يدعمهم بكل الأشكال «الممكنة والمتاحة» هو إيران، وليس
الأسد.