الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

طارق الحميدمقالات سابقة للكاتب

 

 

tariq@asharqalawsat.com


روسيا والأسد.. قبلة الوداع!

20120208

ما أشبه الليلة بالبارحة، لكن الأمس هنا ليس قريبا، ولا بعيدا أيضا، وإنما نحن نستحضر اليوم أحداثا دارت في عام 1990، لفهم ما يحدث اليوم في عام 2012، وتحديدا في سوريا، وإثر زيارة كل من وزير خارجية موسكو ورئيس استخباراتها لدمشق والتقاء بشار الأسد.

في عام 1990 أرسل الاتحاد السوفياتي، وقتها، وزير خارجيته السياسي المخضرم يفغيني بريماكوف، لمقابلة صدام حسين، في ما كان يعرف بدبلوماسية اللحظات الأخيرة، على أن تقوم موسكو وقتها بممارسة محاولة أخرى لإقناع صدام بالانسحاب من الكويت، اليوم تقوم موسكو بالمهمة نفسها، مهمة اللحظات الأخيرة، والفارق هنا هو ليس إقناع الأسد بسحب قواته من دولة أخرى، وإنما ليوقف قتل شعبه، ويشرع بإصلاحات حقيقية، بحسب ما يقوله الروس. وأيًّا كان ما دار في لقاء أمس بدمشق، فإن أفضل طريقة لمحاولة فهمه هنا هي استحضار قصة ذات مغزى كبير من لقاء بريماكوف بصدام حسين في عام 1990؛ فتفكير روسيا اليوم هو تفكير الاتحاد السوفياتي نفسه بالأمس، كما أن بشار الأسد اليوم مثل صدام حسين بالأمس، بل أسوأ.

يقول السيد بريماكوف في كتاب «سنوات السياسة الكبرى» إنه التقى صدام حسين أثناء زيارته بغداد، وكان صدام وقتها محاطا بكل أعضاء مجلس قيادة الثورة العراقي، وحينها قال صدام لبريماكوف: «أريدك أن ترى بنفسك أنه في القيادة العراقية لا يوجد الصقور فقط، بل يوجد الحمائم أيضا». فردَّ بريماكوف على صدام معلقا بالقول إن عمله ومهمته سيكونان «مع الحمائم فقط»، فانبرى له على الفور نائب الرئيس، وقتها، طه ياسين رمضان، قائلا: «معنى هذا أننا سنخرج جميعا من هنا، ونتركك وحدك مع قائدنا الحبيب»!

حسنا، طبق هذه القصة الآن على لقاء وزير خارجية روسيا ورئيس استخباراتها مع بشار الأسد، وتساءل في نفسك ما الذي سيقوله طاغية دمشق لضيفيه الروسيين؟ بكل تأكيد سيقول الأسد إنه هو من يريد القيام بالإصلاح، وإنه يعمل على ذلك، وإنه لم يأمر بقتل شعبه، كما قالها من قبلُ بالمحطة التلفزيونية الأميركية، التي قال فيها أيضا إن من يقتل شعبه مجنون! كما سيقول الأسد ما كان يقوله نفسه منذ وصوله للحكم في سوريا عام 2000، وكل ما قاله في خطبه الأربع الأخيرة، وسينتهي الأسد في الأخير إلى أنه هو المحسوب على «الحمائم» في سوريا، وليس مثل الصقور الآخرين، مثل وليد المعلم، الذي يقول إن الشعب السوري يريد الحل الأمني، أو وزير الداخلية الأسدي الذي تعهد بتطهير سوريا! وكما بدأنا بقصة عن لقاء بريماكوف - صدام لنفهم لقاء الأسد بالروس، فلا بد أن نختم بقصة أيضا من كتاب بريماكوف نفسه؛ حيث يقول في كتابه إن لقاءاته بصدام وقت الأزمة لم تكن كلها «خائبة تماما؛ فقد تمكنَّا في المقام الأول من ترحيل 5 آلاف خبير سوفياتي مع عائلاتهم»!

وعليه، فهل تنتهي مقابلة الروس بالأسد نهاية مقابلة بريماكوف بصدام نفسها؟ أغلب الظن أنها كذلك، وستكون بمثابة قبلة الوداع، خصوصا أن التاريخ في منطقتنا دائما يعيد نفسه.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها