بعيدا
عن ما سيسفر عنه اجتماع مجلس الأمن تجاه الثورة السورية، هناك
تقارير وشواهد كثيرة على سقوط حكم بشار الأسد، حيث اعتبره
البعض أمرا حتميا. وآخر من صرح بذلك الأميركيون، وعلى أكثر من
مستوى، فالبيت الأبيض يرى أن سقوط الأسد أمر لا مفر منه، وأن
قواته باتت تفقد السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد.
وربما
تفاجأ المتابعون بحجم المعلومات التي توافرت مؤخرا عن مواقع
الاشتباكات بين الجيش الحر والقوات الأسدية حول العاصمة دمشق،
ومنها ما هو قريب حتى من القصر الرئاسي. وكم كان مفاجئا للبعض
البث المباشر لقناة «العربية» أمس لتفجير أنبوب النفط في حمص،
بل والبث المطول لعمليات إطلاق النار في بابا عمرو، ومن خلال
كاميرات تلفزيونية احترافية، مما يوحي فعلا بأن النظام الأسدي
بات فاقدا للسيطرة على أجزاء كبيرة من سوريا. ولا بد من التنبه
هنا إلى أنه مع دخول حلب إلى معترك الثورة يبدو نصف سوريا،
تقريبا، خارج نطاق سيطرة الأسد.
وما
يدعم تلك المعلومات أيضا ما قاله قائد الجيش الحر العقيد رياض
الأسعد في تصريحاته أمس التي نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية،
إذ يقول إن «الروح المعنوية للجيش الأسدي هي تحت الصفر، وهو
بدأ يفقد أعصابه في موازاة فقدان سيطرته على الأرض، فيعمد إلى
الهجوم على المدنيين من دون أن يفرق بين رجل وامرأة وطفل ويقصف
المنازل عشوائيا»، مؤكدا أن «خمسين في المائة من الأراضي
السورية لم تعد تحت سيطرة النظام».
ويضاف
إلى ذلك أيضا التصريحات الصادرة عن مدير المخابرات الوطنية
الأميركية جيمس كلابر، أمس الثلاثاء، في جلسة للجنة المخابرات
بمجلس الشيوخ الأميركي، حيث يقول: «أعتقد أن سقوط الأسد سيكون
آجلا أو عاجلا»، مضيفا «لا أتصور كيف يمكنه الإبقاء على حكمه».
وعليه،
فإن تلك المعلومات، والتصريحات أعلاه، مضافا إليها التحرك
الكردي الأخير المطالب بتدخل قوات دولية لوضع حد للمجازر
والعنف من قبل النظام الأسدي، وكذلك التحذير الإيراني الأخير
على لسان صالحي من «فراغ مفاجئ في سوريا»، مضافا إليه التصعيد
الواضح في وتيرة العنف من قبل النظام الأسدي، على خطى القذافي
حين هاجم بنغازي قبل اجتماع مجلس الأمن وقتها، كل ذلك يقول لنا
إن نظام الأسد يحتضر، وإن سقوطه بات أمرا متوقعا، لكن السؤال
الذي طالما طرح وكرر هو: ما ثمن سقوط الأسد؟
الإجابة، للأسف، هي أن ثمن سقوط الأسد سيكون كبيرا، وسيدفعه
السوريون العزل، طالما أنه لا يوجد تحرك إقليمي ودولي يصب في
اتجاه فرض منطقة عازلة، وحظر للطيران، واعتراف واضح بالمجلس
الوطني السوري، فحينها ستهيأ ظروف إسدال الستار على نظام
الأسد، وبشكل سريع. فالمهم اليوم هو تقليل حجم الخسائر في صفوف
السوريين.
وقد
يقول قائل: هل المطلوب تدخل عسكري؟ والإجابة هي: لم لا! فقد
فعلها المجتمع الدولي ليس في ليبيا وحسب، وإنما في يوغسلافيا،
وفي قلب أوروبا!