بنغازي
السورية!
20120122
مثلت مدينة
بنغازي الليبية نقطة التحول الرئيسية في الانتفاضة الشعبية على
نظام العقيد القذافي، حيث أصبحت المدينة نفسها قاصمة الظهر
للقذافي، حين تحولت إلى منطقة عازلة، مما سهل التدخل الخارجي.
واليوم تشير مجريات الأحداث في سوريا إلى أن الثوار هناك باتوا
يبحثون عن أمر مشابه، وربما أكثر فعالية.
فالثوار
السوريون يقومون اليوم بانتهاج استراتيجية تبدو ذكية، وفعالة إلى
حد الآن، وهي البحث عن بنغازي سورية، أو كما قال لي مصدر مطلع على
ما يدور على الأرض في سوريا، إن الثوار هناك «يبحثون عن بنغازيات،
وليس بنغازي واحدة» فهناك حمص، والزبداني، وغيرهما، مما اعتبرها
الثوار السوريون مدنا محررة. وإن كانت هناك تساؤلات بالطبع حول
انسحاب الجيش الأسدي من بعض تلك المناطق، خصوصا أن الانسحاب جاء
نتاج تفاوض مع الجيش السوري الحر، والذي بات يحمي بعضا من
المظاهرات في مناطق حساسة بسوريا، وبعض منها في ريف دمشق، وهو أمر
بالغ الأهمية؛ حيث يفسر ضعف واهتزاز القوات الأسدية، وتضعضع
سيطرتها على بعض المناطق السورية.
وهناك تفسير
لسبب هذا الاهتزاز الأسدي، حيث تشير المصادر إلى أن النظام الأسدي
بات يعمد إلى تقليص تسليح أفراد الجيش السوري النظامي، وذلك خشية
انشقاق أفراده، وأخذ أسلحتهم معهم، وهذه نقطة مهمة جدا، حيث يقول
لي أحد المصادر إنه في البدء كان أفراد الجيش يقاتلون ثم تتم عملية
الاستسلام أو الانشقاق، أي بعد أن يحمى وطيس المعركة، لكن ما يحدث
اليوم مختلف تماما، حيث يقول المصدر إنه ما إن تحاصر فرق الجيش من
قبل الثوار والجيش الحر إلا وتسمع «البكاء والتوسل من قبل أفراد
الجيش التابع للأسد». فعملية التسليح الحقيقية تتم لأفراد الفرقة
الرابعة التابعة لماهر الأسد، وكذلك للحرس الجمهوري، اللذين باتا
منهكين، وليس بمقدورهما الوجود في جل المناطق السورية.
ولذا، فإن
الثوار باتوا يسعون إلى فرض واقع جديد بحثا عن «بنغازيات» سورية،
وحتى تحين لحظة الصفر لتوصيل تلك المناطق المفرقة في خط أو سياق
واحد، لتكون هناك منطقة عازلة فعليا، وقبل تدخل أي جهة خارجية،
وهذا ما قد يبرر المعلومات التي تتردد عن محاولة النظام الأسدي
لإشراك مجموعات من حزب الله للمساعدة على إفشال مشروع «بنغازيات»
سورية! كما أن هناك رواية تقول إن النظام الأسدي يعمد إلى انتظار
رحيل وفد المراقبين العرب ليقوم بتسديد الضربة الأخيرة للثوار.
عليه، هذه
قراءة للأوضاع السورية، نقلا عن مصادر قريبة من الثوار، تساعد على
ملاحظة أمر مهم وهو أن الوقائع على الأراضي السورية تسير بوتيرة
أسرع بكثير من وتيرة الدبلوماسية العربية والدولية، وتزيد أهميتها
في حال استحضار تصريحات الملك عبد الله الثاني التي قال فيها إن
الأسابيع القادمة حاسمة في سوريا، وهناك معلومات بنفس الاتجاه
يرددها الأتراك لزوارهم، وهو ما صرح به الإسرائيليون أيضا!
ولذا فالسؤال
هو: هل يتأمل المجتمعون في القاهرة اليوم هذه الوقائع، أم لا؟