مع
المعارضة السورية كل الحق عندما تقول إن توقيع النظام الأسدي
على اتفاقية بروتوكول إرسال المراقبين ما هي إلا مراوغة. وهذا
صحيح تماما، فالنظام الأسدي لا يجيد إلا الحيل، والمماطلة.
فإذا كان التوقيع على البروتوكول استغرق قرابة الشهر، من حيل
ومراوغات كان يسقط فيها يوميا قرابة الخمسين سوريا على يد آلة
قتل النظام الأسدي طوال شهر التفاوض، أو التحايل، فكيف سيكون
الحال بإنجاز ما اتفق عليه، خصوصا إذا كان وليد المعلم مشغولا
بإقناع مريدي النظام الأسدي، من الدوائر الضيقة، بأن الاتفاق
الذي وقع عليه النظام الأسدي قد تم بعد إجراء تعديلات عليه
اشترطها النظام الأسدي؟ فما يريد المعلم إيصاله لتلك الدوائر
هو أن النظام الأسدي قوي، ومتماسك، وتوقيع النظام على الاتفاق
ليس من باب ضعف. فالنظام الأسدي غير معني بسلامة السوريين بقدر
ما يريد حماية صورته المهتزة داخليا، وفي الدوائر الضيقة. كما
أن تصريحات المعلم تظهر أن النظام الأسدي لا يزال هو نفسه ذلك
النظام المشغول دائما بصغائر الأمور، ويفكر بعقلية المغتر،
وليس المضطر!
والقول
بأن توقيع النظام الأسدي على البروتوكول حيلة جديدة ستثبته
الأيام القليلة القادمة، وأن النظام الأسدي سوف يماطل بتنفيذ
الاتفاق المبرم، أيضا صحيح. فمثلما ماطل النظام لمدة شهر في
التفاوض، فسيماطل قرابة شهرين آخرين في التنفيذ. ولن يتطلب
الأمر كثيرا من الانتظار، فالمتوقع أن تخرج المظاهرات في سوريا
بشكل أكبر الآن، خصوصا أن الاتفاق البروتوكولي معني أيضا بضمان
حرية المظاهرات. وهنا سنرى ما إذا كان النظام الأسدي سيلتزم
بالاتفاق أم لا. وكما أسلفنا، فإن المؤشرات كلها تقول أن لا
أمل في هذا النظام، خصوصا أن آلة القتل الأسدي حصدت أكثر من
100 سوري يوم إعلان النظام الأسدي عن توقيعه على البروتوكول
العربي!
وعليه،
فعلى العرب أن يستعدوا لجولة جديدة من المراوغة، والمماطلة،
والتسويف، التي سيقوم بها النظام الأسدي في قادم الأيام، حيث
سيذيق المراقبين العرب المر في التعامل معهم، وحيث سيغرق
النظام الأسدي المراقبين بتفاصيل لها أول، وليس لها آخر.
إلا أن
ما سيختصر الأمور كثيرا، رغم المعاناة التي ستطال السوريين
العزل، هو الشعب السوري نفسه؛ فكما هو متوقع، ستكون المظاهرات
في سوريا أكبر، وستشمل مناطق سورية كثيرة، حيث بات من الملاحظ
اليوم أن دمشق وحلب قررتا كسر الصمت، والمشاركة في المظاهرات
الشعبية ضد النظام الأسدي. ومما سيضمن إفشال حيل النظام أن
المبادرة العربية تشترط سحب القوات، والشبيحة، مما سيضع النظام
الأسدي على المحك، فإن سحب قواته فستكون مظاهرات حاشدة، وإن
صدق النظام ولو مرة، وسمح فعليا لمراقبين عرب بالدخول إلى
سوريا، فإن وجودهم سيعزز الحركات الاحتجاجية بكل تأكيد. فما لم
يعه النظام الأسدي هو أن القصة ليست في ما يريده الغرب، أو
العرب، بل في ما فعله، ويفعله السوريين، وهذا ما سيفسد على
النظام الأسدي كل حيلة من حيله التي لا تنتهي.