الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

طارق الحميداقرأ المزيد...

 

 

tariq@asharqal

 

 


أنظمة احترفت الكذب

20111102

تقول وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إنه عند التحرك للتعامل مع أحداث ليبيا، وقت انطلاق الثورة، «كان يتعين علينا معرفة مدى استعداد جامعة الدول العربية، والدول العربية، للتحول من الأقوال إلى الأفعال»، وهذه هي إشكالية منطقتنا، حيث إن بعض الأنظمة لدينا احترفت الكذب.

فمثلا، يقول السيد راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة التونسي، ومن الدوحة، إنه «لا يمكن تصور تناقض بين الإسلام ومصلحة الإنسان، فكل ما فيه مصلحة للإنسان ويحقق العدل فهو من الإسلام، وإن لم يأخذ اسم الإسلام»، وذلك في معرض شرحه لمستقبل تونس مع الديمقراطية. وهذا كلام جميل لا اعتراض عليه، لكن ماذا عن التنفيذ على أرض الواقع؟ هذا هو السؤال! فمن يقرأ، مثلا، خطب الراحل جمال عبد الناصر حول العروبة، والتحرر، والكرامة، سيجد أنها خطب جيدة، لكن الواقع عكس ذلك، فالنتائج كانت هزائم متتالية، وخروج أنظمة عسكرية فاشلة حكمت بعض دولنا، وها هي شعوبها تثور عليها بعد عقود من التخلف والقمع.

المراد قوله أن بعض الساسة يتحايلون، أو يكذبون، لبعض الوقت، أو قل تحت ضغط، لكن ما يحدث في منطقتنا، هو أنه بات لدينا بعض من الأنظمة المحترفة للكذب. صدام حسين، مثلا، كان ضحية كذبة ساعد هو على ترويجها، وهي أسلحة الدمار الشامل، التي أدت إلى سقوطه، ونهايته، وفي التحقيق معه قال صدام للأميركيين إنه كان يستفيد من فكرة امتلاكه لتلك الأسلحة لردع إيران، أي أنه كان يستخدم الكذب للردع! وعلى النقيض من صدام وكيف أنهته كذبة، ها هي ليبيا تعلن اليوم عن اكتشاف أسلحة محظورة على أراضيها، على الرغم من أن القذافي أعلن تعاونه التام وقتها مع أميركا، فترة جورج بوش الابن، لكن بعد مقتل القذافي اتضح أنه كان يكذب في عملية التخلص من الأسلحة! وبالطبع، يكفي اليوم مراقبة ما يفعله النظام اليمني حيال الأزمة ببلاده، وكم مرة أعلن عن تنحي الرئيس!

وللأسف، فإن احتراف الكذب بمنطقتنا ليس فقط على مستوى بعض الأنظمة، بل وحتى المثقفين، وبعض وسائل الإعلام. ففي أواخر 1998 كان بعض الإعلام، ومنه حكومي، يقول «الشيخ» أسامة بن لادن، لأن كروت اللعبة يومها كانت الأصولية، ثم بعد موجة إرهاب 2001 وما تلاها، تحول المطبلون للأصولية إلى لعبة أخرى وهي لعبة، بل كذبة، «الممانعة»، وأمهر أنظمة التحايل واللف والدوران، بحسب تعبير رئيس وزراء قطر، هو النظام في سوريا، ومعهم طبعا النظام الإيراني. وعلى من يشكك في ذلك أن يستمتع الآن بلعبة المبادرة العربية تجاه سوريا، وكيف يتعامل معها النظام الأسدي.. المهم بعد الأصولية والممانعة وصلنا اليوم إلى لعبة الديمقراطية في المنطقة، فتحول البعض من «الأصولية»، مرورا بـ«الممانعة» إلى «الديمقراطية».

ففي ظرف 10 أعوام تقلبت منطقتنا، وبعض الأنظمة فيها، والمثقفون، والإعلام، فجاءة وبلا مقدمات، من النقيض إلى النقيض، وأبرز أدوات تلك التقلبات الكذب، ومن خلال نفس الشخوص، أو التيارات، أو الوسائل الإعلامية، وخلافه! وهذا هو الأمر المخيف للأسف لأن بات لدينا أنظمة، وتيارات، ومثقفون، وإعلام محترف للكذب!

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها