من
يتأمل المواقف والتصريحات الرسمية الصادرة عن المجتمع
الدولي والعربي، تجاه الأزمة السورية، ويقارنها بما تقوم
به قوات الأسد على الأرض من قتل وتنكيل، ومواقف كل من
روسيا والصين، تحديدا، الداعمتين لطاغية دمشق، فإنه سيلمس
مدى الفشل الدبلوماسي في معالجة الأزمة السورية.
وأبرز
مثال هنا هو الموقف الصيني المعطل لأي جهد في مجلس الأمن،
وصحيح أن الصينيين لا يقدمون للأسد دعما موازيا لما يقدمه
الروس، لكن موقف الصين يعزز الموقف الروسي، ويشكل غطاء
لموسكو وهي تتصرف بتعنت من أجل حماية مجرم دمشق، رغم كل ما
يرتكبه من جرائم بحق السوريين. فمن المفهوم أن لا تصدر عن
لقاء وزيرة الخارجية الأميركية ونظيرها الصيني أي انفراجة
تجاه الموقف في سوريا، وذلك نتيجة تعقيد العلاقات
الأميركية الصينية نفسها. بل إن البعض يرى أن الصين تقف
خلف روسيا في مجلس الأمن فقط من أجل مناكفة الأميركيين،
وإنه في حال غيرت موسكو موقفها فإن بكين لن تتعنت. وهذا
حديث كان من الممكن قبوله قبل عام من الآن، لكن من غير
المفهوم أن لا يكون هناك جهد عربي لثني الصين عن موقفها
هذا في مجلس الأمن، خصوصا مع ما يفعله الأسد اليوم في
سوريا من كوارث.
ولذا،
فإن الغريب هو الموقف العربي العاجز عن إقناع الصين بضرورة
أن تنأى بنفسها عن دعم الأسد، وذلك حماية لمصالحها في
المنطقة ككل، خصوصا أن لبكين مصالح كبيرة مع المنطقة تفوق
مصالحها مع النظام الأسدي. وبالطبع فإنه ليس مطلوبا من
الصين تأييد قرار أممي ضد الأسد، أو تسليح وتمويل
المعارضة، بل إن كل المطلوب هو أن تمتنع بكين عن اتخاذ أي
قرار في مجلس الأمن من شأنه تعطيل اتخاذ مواقف دولية حاسمة
ضد الأسد. المطلوب اليوم إقناع الصين بضرورة عدم دعم
الأسد، وإن لم يغير الروس موقفهم، فالأهم عربيا، وبالطبع
دوليا، فضح الموقف الروسي، وجعل موسكو تقف وحيدة مع الأسد،
لا أن تكون الصين شريكة لروسيا مما يخفف الضغوط على موسكو
وهي تدعم الأسد وهو يقوم بارتكاب جرائمه ضد السوريين.
إقناع
الصين ليس بالأمر الصعب، خصوصا أن وزير خارجيتها يقول -
وبعد محادثاته مع السيدة كلينتون - إن بلاده تؤيد التحول
السياسي في سوريا، مما يشير إلى أن الموقف الصيني ليس
بالمتشدد كالموقف الروسي المبني على دوافع دينية طائفية،
وليس مصالح عسكرية، أو اقتصادية كما يقال. ولا أعتقد أن
القضية أيضا هي قضية منع أميركا من التدخل في الشؤون
الداخلية لروسيا، وإلا فكيف نفهم أن الرئيس الأميركي
أوباما كان من أوائل المهنئين للرئيس بوتين بعد فوزه في
الانتخابات الأخيرة، ونسمع السيدة هيلاري وهي تقول لنظيرها
الصيني إنها «فخورة بقوة وصمود ما بنيناه معا في علاقتنا»!
وعليه،
فإن المطلوب اليوم - ومن العرب تحديدا - هو إيصال رسالة
واضحة للصينيين مفادها أنه لا مبرر للإطالة بالمتاجرة
السياسية بدماء السوريين، وأن على بكين أن تقف مع الشعب
السوري، وحفاظا على مصالحها في سوريا والمنطقة. على العرب
فعل ذلك وعدم الاكتفاء بما يمكن أن تفعله واشنطن لنا.