من يقرأ
بتمعن، وأقول «يقرأ» ولا أقول «يشاهد»، مقابلة حسن نصر الله مع
قناة «الميادين»، المدافعة عن بشار الأسد وإيران في المنطقة،
يدرك من قراءة نص المقابلة الذي نشرته مواقع حزب الله أن نصر
الله قد بات مقتنعا أكثر من أي وقت مضى بأن نظام طاغية دمشق
إلى نهاية قريبة.
فرغم طول
مقابلة نصر الله، وكثرة ما طرح فيها من قضايا، وتضليل، دفاعا
عن مصالح إيران في المنطقة، حيث قدم زعيم حزب الله قراءته
لأحداث المنطقة، ورؤيته تجاه بعض الدول العربية وفق منظور
إيران وحزبه، فإن المتأمل لذلك الحوار سيلفته أمر مهم جدا، وهو
إجابته على السؤال التالي الخاص بسوريا، إذ سأله المذيع قائلا:
«إذا حصل تدخل عسكري في سوريا بهدف إسقاط النظام وإنقاذ الشعب
السوري كما تقول المعارضة، ما الذي يمكن أن تفعله إيران في هذه
الحالة؟». وهنا كانت إجابة نصر الله نصا: «لا أعرف»! نعم، قال
نصر الله: «لا أعرف»، بينما عندما سئل نصر الله عما سيكون
الوضع عليه في حال هاجمت إسرائيل إيران، استهل إجابته بنقل ما
سمعه مباشرة من المسؤولين الإيرانيين، ولم يكتفِ بذلك، بل هدد
إسرائيل، وتوعدها!
لكن لم يكن
نصر الله في حديثه هذا، وخصوصا في الشق المتعلق بالأوضاع
السورية، منفعلا كعادته، أو متشددا، بل كانت إجاباته تدل على
أنه بات مدركا بأن الأوضاع في سوريا لا تسير على هوى حليف
إيران وحليفه الأسد، خصوصا حين قال نصر الله: «لأكون منصفا وفي
النصف، لا تستطيع أن تطلب من النظام أن يستسلم وهو نظام وليس
شخص، ولا تستطيع أن تطلب من المعارضة أيضا أن تستسلم»، وهذا
ليس الاقتباس الوحيد من الحوار الذي يظهر أن نصر الله بات أكثر
واقعية تجاه سوريا، وحتى أكثر من وزير الخارجية الروسي سيرغي
لافروف. فنصر الله يقول على خلفية أزمة المختطفين اللبنانيين
في سوريا: «إذا أراد أحد إقناعنا في الموقف مما يجري في سوريا،
نحن حاضرون للنقاش، نحن لا نغلق مع أحد ولا نقفل الباب بوجه
أحد»! كما قال مخاطبا من يختطفون اللبنانيين في سوريا، وهذا
الأهم: «ليس هذه هي الصورة التي تستطيعون أن تقنعوا بها عن
المستقبل الآتي إلى سوريا»، مما يعني أن نصر الله ليس مقتنعا
بسقوط الأسد وحسب، بل إنه بات يتحدث حتى عن شكل سوريا
المستقبل!
ولذا نقول
إن نصر الله بات أكثر واقعية من الوزير لافروف بالنسبة إلى
سوريا، رغم أنه من اللافت أيضا دعوة روسيا مواطنيها لعدم السفر
إلى سوريا، ومغادرتها عبر مخارج آمنة، مما يعني أن البعض في
روسيا قد أدرك بأن ساعة الأسد تقترب، ولم يعد يتحكم لا في
المنافذ، ولا الأرض.
ومن
الطبيعي هنا أن يتساءل القارئ قائلا: ومن علم نصر الله الحكمة
في سوريا؟ والإجابة بسيطة جدا: رأس الأسد المترنح في دمشق!