مقالات سابقة للكاتب
طارق الحميد
tariq@asharqalawsat.com
هل يتنحى الأسد؟
20120724
هل يعتقد الوزراء العرب أن تجد دعوتهم لتنحي بشار الأسد، وتحويل مهمة
أنان إلى مهمة «نقل السلطة» أذنا صاغية، سواء لدى الأسد، أو لدى موسكو؟
أم أن العرب قرروا فعل ذلك بناء على بعض الإشارات الروسية، وأهمها
تصريحات السفير الروسي في باريس عن أن الأسد يريد رحيلا بـ«طريقة
حضارية»؟
أيا تكن الإجابة، فإن على العرب تذكر أن موسكو قد «لعبت» بالمجتمع
الدولي منذ اندلاع الثورة السورية، مثلما نكلت بالسوريين عندما وقفت مع
طاغية دمشق طوال 17 شهرا بالسلاح، والغطاء الدبلوماسي. وعليه، فلا يمكن
تصديق حيل روسيا اليوم، وإشاراتها، كما لا يمكن التعويل على الأسد من
أجل القيام بـ«خطوة شجاعة» كما طالب الوزراء العرب في الدوحة، ولا يمكن
أيضا تصديق أن الأسد «يستطيع أن يوقف التدمير والقتل بخطوة شجاعة، هي
خطوة شجاعة وليست هروبا»، كما يقول رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن
جاسم، ففي الوقت الذي كان الوزراء العرب يقرأون فيه بيانهم المتضمن
دعوة الأسد للتنحي كانت فرقة شقيقه ماهر تعربد في دمشق، وتقوم بإعدام
الشباب في الشوارع!
الحقيقة أنه إذا كان من أمر جيد في البيان العربي فهو تكليف وزراء
الخارجية العرب سفراءهم في نيويورك بالدعوة لاجتماع طارئ للجمعية
العامة للأمم المتحدة لإصدار توصيات باتخاذ إجراءات منها «إنشاء مناطق
آمنة في سوريا لتوفير الحماية للمواطنين السوريين، وتمكين موظفي
الإغاثة من أداء أعمالهم»، وإن كانت الملاحظة الأساسية على ذلك هي
ضرورة الإسراع بهذه الخطوة، وعدم انتظار الأمم المتحدة لفعل ذلك، فعدد
اللاجئين السوريين في ازدياد كبير، وحجم القتل والدمار الذي تقوم به
قوات الأسد بات أفظع، حيث صار من الواضح أن الأسد يريد الانتقام بقتل
أكبر عدد من السوريين الثائرين بعد أن تأكد من أنه لا أمل له بالسيطرة
على الأوضاع، وهو نفس ما فعله القذافي من قبل.
وحماية السوريين لا تحتاج إلى مماطلة أو تسويف في مجلس الأمن، بل إن من
شأن إقامة المناطق الآمنة التعجيل بانكسار قوات الأسد، خصوصا مع ازدياد
عدد الانشقاقات، وكم كان محقا المجلس الوطني السوري المعارض في بيانه
الذي أصدره عشية الاجتماع العربي في الدوحة، والذي جاء فيه أن «أصدقاء
النظام (الأسدي) يحمونه سياسيا، ويزودونه بأسلحة القتل، وكل أسباب
الدعم للاستمرار.. فأين أصدقاء الشعب السوري الكثر؟ وهل يقومون بموجبات
هذه الصداقة؟».
وأقل موجبات هذه الصداقة، بل المصلحة، هو إنشاء المناطق الآمنة، وخصوصا
بعد سيطرة الجيش الحر على كثير من المعابر الحدودية، ناهيك عن خوضهم
لمعارك ضارية في دمشق وحلب، من دون مساعدة من المجتمع الدولي الذي
يكتفي بالفرجة، والإدانة، عن بُعد، بينما الأسد يحرق سوريا والسوريين
انتقاما، فما يجب أن يدركه العرب هو أن الأسد قد انتهى، وتعزيز قدرات
الجيش الحر، وإنشاء المناطق الآمنة، هو الأهم، وهو ما سيجعل الروس
يسعون وراء العرب، والمجتمع الدولي، وليس العكس، كما يجب على العرب ألا
ينتظروا «خطوة شجاعة» من قاتل الأطفال والنساء. |