مقالات سابقة للكاتب
طارق الحميد
tariq@asharqalawsat.com
أصدقاء سوريا
جزء من المشكلة؟
20120703
في مقاله يوم السبت الماضي في هذه
الصحيفة، كتب المعارض السوري السيد فايز سارة مقالا بعنوان «التدخلات
الخارجية في سوريا» تحدث فيه عمن يدعمون النظام، ومن يدعمون الثورة
السورية، وكان ملخص مقاله أن النظام هو من استفاد من تلك التدخلات
الخارجية، وليس الثورة.
وقد يكون المقال المشار إليه أعلاه مستفزا، وخصوصا عندما قال السيد
سارة في مقاله إن: «مواقف الكتلة المؤيدة للحراك الشعبي من القوى
الدولية والإقليمية، أقل تجانسا وضعيفة ومترددة، وتغلب عليها المواقف
الإعلامية والدعائية والمتناقضة في بعض الأحيان، وهي لم تقدم مساعدة
جدية وملموسة». وبالطبع، فإن السيد سارة كان يقارن بين من يدعمون
الثورة، ومن يدعمون النظام، حيث نجد أن إيران وروسيا تدعمان النظام
الأسدي فعليا بالأسلحة والأموال، والمواقف السياسية، بينما ليس
للمتعاطفين مع الثورة السورية مواقف ملموسة، ومؤثرة بشكل كبير.
والحقيقة أن ما ورد في مقال السيد سارة مهم جدا، ويتطلب كثيرا من
النقاش، وما يدفع لقول ذلك، مثلا، هو عندما تشاهد إحدى حلقات الحوار
السياسي التلفزيوني المهمة جدا للإعلامي الأميركي الشهير تشارلي روز
التي استضاف فيها مؤخرا كلا من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري
كلينتون، ووزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، حيث كانت المفاجأة
في تلك المقابلة قول السيد بيكر، وهو صديق كثير من الدول المتعاطفة مع
الثورة السورية، بأنه يجب ألا تتورط أميركا في تسليح المعارضة السورية،
وأنه قد يكون من المفيد أن يتم الدعوة لانتخابات مبكرة في سوريا،
ويشارك فيها الأسد، وتحت رقابة دولية صارمة لا تقبل التزوير، وفي حال
فاز الأسد فليكن، وإن خسر يخرج من الحكم، ويأت رئيس جديد!
تبسيط مرعب بالطبع، فماذا عن قرابة 14 ألف قتيل على يد الطاغية الأسد؟
وماذا عن القوانين الدولية؟ والمخيف أن السيدة كلينتون تقول إن مشكلة
توحيد المعارضة السورية ما زالت قائمة، ونقول «مخيف» لأننا نعرف كيف
وحدت أميركا، وحلفاؤها، المعارضة العراقية ضد صدام وفي لندن، وكيف وحدت
فرنسا وغيرها، وبعضهم عرب، المعارضة الليبية ضد القذافي، ونتذكر كيف
استقبلت فرنسا أحمد شاه مسعود ذات يوم استقبال الفاتحين في باريس! ومن
هنا، فإن ما قاله السيد سارة مهم ويتطلب التأمل، لأن الواضح هو أن
المتعاطفين مع المعارضة السورية، عربا وغربيين، لم يقوموا حتى بإقناع
حلفائهم القدامى، وأصدقائهم المؤثرين في دوائر صنع القرار الأميركية،
مثلا، بأهمية رحيل الأسد اليوم، ورفع المعاناة عن السوريين، وتجنيب
المنطقة كلها لخطر داهم، وإلا فكيف نجد سياسيا بحجم جيمس بيكر، صديق
الخليج، يرى أن التدخل في سوريا يجب ألا يكون بدعم الثوار، وإنما
بالدعوة لانتخابات مبكرة، رغم كل أكاذيب نظام الأسد المعروفة؟ وكيف
نسمع السيدة كلينتون، وإلى الآن، تتحدث عن توحيد المعارضة السورية؟
بالتأكيد أن هناك خطأ ما، وإذا كان من أحد يلام فهو المتعاطفون مع
الثورة السورية، لأن هناك خطأ في طريقة تعاملهم مع طاغية دمشق، وأبرز
خطأ هو غياب القيادة، وتحمل المسؤولية بشكل واضح، علما أن خطر بقاء
الأسد، أو انهيار الأوضاع في سوريا، سيطال الجميع دون استثناء. |