المسيحيون وسوريا
April 30,
2011
من حق المسيحيين
اللبنانيين ان يراقبوا ما يجري في سوريا بحذر شديد.
واستنكافهم عن الادلاء برأي في الموضوع لا يعني انهم
“غائبون عن السمع” كما يحلو لبعض السخفاء ان يكتبوا
وينظروا.
مبعث حذر المسيحيين اللبنانيين كما الدروز والشيعة، ليس
الخشية من تغيير النظام البعثي الذي لم يتورع عن القيام
بأي شيء من اجل تدمير الكيان اللبناني وزعزعة استقراره منذ
خمسينات القرن الماضي وحتى اليوم، بل لان هؤلاء اللبنانيين
واسوة بالرأي العام العربي والعالمي وصناع القرار يجهلون
تماماً من هم قادة الانتفاضة السورية على نظام البعث ؟ هل
هم “الاخوان المسلمون” ام السلفيون وتنظيم “القاعدة” كما
يردد اعلام النظام السوري، ام اليساريون من بقايا الحزب
الشيوعي والمفكرين اليساريين والقوميين العلمانيين
والعروبيين؟
سؤال كبير، يبرر حذر المسيحيين اللبنانيين ومعهم الدروز
والشيعة وكل الاقليات المنتشرة بين لبنان وسوريا وما
اكثرها، فجميعهم يراقبون الوضع ويتفهمون سبب نقمة
المتظاهرين وغضبهم، لكن هذه التحركات ومن يحركها ومن يقف
ورائها ويتحمل مسؤولية الشعارات التي تتردد في تظاهراتها،
تحمل الكثير من الغموض، ولا يكفي الصراخ ب “اسقاط النظام”
لان السؤال الدائم: “ما هو البديل ؟”.
اعترف الجميع، وكل على طريقته بأحقية مطالب الحراك الشعبي
في سوريا، والدليل الاعلان (ولو اعلامياً) عن جملة
التدابير التي قالت الادارة السورية انها ستنفذها مثل
الغاء حال الطوارئ واعداد قانون للاحزاب والاعلام. لكن
مسؤولية من يقودون الحراك الشعبي سواء اكانوا من
الاسلاميين ام العلمانيين في داخل سوريا وخارجها المبادرة
الى الاعلان عن توجهاتهم وخطهم السياسي ورؤيتهم كي لا
تنحدر الامور الى مستوى الصراع المذهبي والطائفي الذي يدمر
كل المطالب الشعبية المحقة وينحدر بها الى المستوى الذي
يؤدي الى تآكلها وانهيارها او على الاقل التحول الى
النموذج الليبي في الاقتتال والحرب الاهلية.
ان المسيحيين اللبنانيين لا يريدون الا الخير وكل الخير
للسوريين، وهم الذين نالهم الكثير من القصف والقتل والدمار
والاعتقالات من النظام البعثي نتيجة رغبته في قمع الحرية
والسيطرة على لبنان وتحويله الى محافظة سورية، وتالياً فأن
اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً لا يريدون التدخل في
الشأن السوري كما لا يريدونها ان تتدخل في شؤونهم مثل
“جمهورية موز”.
وما يجري في سوريا يؤكد مرة اخرى مدى اهمية احترام
التعددية وحقوق المواطنين في المجتمعات المتنوعة، وهذا ما
لم يدركه النظام السوري الذي عمل على تحصين نفسه بالتبعية
والذمية بديلاً من حماية التنوع الاجتماعي بالديموقراطية
وبناء السلطة القوية القادرة على حمايته بقوة القانون
ومنطق الدولة. والادهى من ذلك ان “الانتفاضة السورية”
الحديثة النشأة، لم تتعلم الدرس على ما يبدو، فإذا بها
تسير في مركب المذهبية القاتلة التي تلغي التعددية والتنوع
وتؤدي حتماً الى اجهاض المطالب المحقة وتلغيها.
وامام ذلك كله اليس من حق الاقليات ان تراقب ما يجري بحذر
؟ |