مسيحيو سوريا بين الحكم الكردي
ورحى المعارك
حرب طويلة الأمد... والأرمن
يعودون إلى أرمينيا
20120811
استناداً الى رئيس "اتحاد الرابطات المسيحية" حبيب افرام، فإن
مواطني الاقليات المسيحية السورية مثل الارمن والسريان والاشوريين
يواجهون خيارات ثلاثة: النزوح الى مناطق وادي النصارى في شمال
سوريا للاقامة موقتاً، او التوجه الى لبنان لاستئجار منزل وتسجيل
الاولاد في المدارس في انتظار جلاء صورة الوضع في سوريا، او العمل
للحصول على سمات هجرة، وعدد طالبي هذا الخيار حتى الساعة ليس
كبيراً ولا يذكر، ذلك انهم اسوة بغالبية السوريين ينتظرون انتهاء
اعمال العنف وعودة الامور الى نصابها.
ويشرح افرام الذي يقيم على تواصل شبه يومي مع ابناء ملته السريان
والاشوريين والكلدان في سوريا، وخصوصاً في شمال شرق سوريا وتحديداً
في القامشلي وانحائها حيث الغالبية الساحقة من السكان الاكراد، ان
ثمة امراً واقعاً جديداً في تلك المناطق حسم لمصلحة قيام منطقة حكم
ذاتي كردي مستقلة عن الدولة السورية. ويشير الى وجود نحو 24 حزباً
كردياً تتوزع الولاء بين تأييد رئيس اقليم كردستان العراق مسعود
البارزاني، والجناح الآخر المؤيد لـ"حزب العمال الكردستاني"،
وتالياً ثمة مليونا كردي، يقيم بينهم نحو 150 الف مسيحي من السريان
والاشوريين والكلدان الذين يرجح افرام ان يصبح وضعهم شبيهاً بوضع
مسيحيي العراق المقيمين في كردستان بعد جلاء صورة الوضع في سوريا.
الطرف الاضعف
وفي رأيه ان جميع اطراف الصراع في سوريا يحاولون الافادة من عامل
الوقت بطريقة او أخرى، بدءاً من السلطة التي اصبحت على اقتناع
بأنها لم تعد قادرة على السيطرة على الجغرافيا السورية كاملة، لذلك
تسعى جاهدة الى تعزيز حضورها في العاصمة السورية والخط الممتد من
دمشق شمالاً في اتجاه حمص والمناطق الشمالية الساحلية في سوريا. في
حين تعمل المعارضة المسلحة على استنزاف قوات السلطة في حرب عصابات
طويلة الامد، ووسط هذا الصراع العنيف يبقى المسيحيون الطرف الاضعف
الذي لا يمكنه خوض غمار هذا الصراع العنيف لاسباب كثيرة.
اما عن حلب، فيشرح ان ثمة 150 الف الى 200 الف مسيحي في المدينة،
لا يزال قسم كبير منهم مقيماً ويسعى الى ابعاد كأس الصراع العسكري
بوسائله الخاصة ومن خلال التواصل مع القوى المنتشرة على الارض،
سواء اكانت قوات النظام ام "الجيش السوري الحر". والثقل المسيحي
الاكبر في حلب هو للطائفة الارمنية التي يقدر عديدها بنحو 60
الفاً، ولدى هؤلاء احياؤهم الموسومة بثقافتهم الارمنية مثل
السليمانية، العزيزية، الميدان وغيرها، ولهم حضور في الأحياء
المسيحية القديمة مثل الجديدة. ورغم ان وسائل الاعلام لم تورد
تفاصيل عن حوادث امنية في هذه الاحياء، أشارت اوساط متابعة للموضوع
الى تحرك عدد لا بأس به من العائلات الأرمينية الى خارج حلب خشية
وصول القتال الى احيائها ومنازلها، وذلك اسوة بما جرى في الاحياء
الاخرى.
ويقول افرام إن المسيحيين لا يحملون السلاح، لكنهم يريدون ابعاد
كأس الصراع المرّة عن احيائهم ومناطقهم، وان الحضور المسيحي في
تأييد الثورة السورية هو على مستوى القيادة والكوادر الوسطية، في
حين ان لا مقاتلين مسيحيين بين صفوف الثوار. اما على مقلب النظام،
فيسقط الجنود والضباط المسيحيون ضحايا اسوة بالعسكريين الآخرين في
جيش النظام.
هجرة معاكسة
المثير في أمر مسيحيي سوريا هو ما يتناقله الارمن في لبنان عن هجرة
معاكسة يقوم بها بعض من ارمن حلب في اتجاه دولة ارمينيا. وذكرت
تقارير اعلامية نقلاً عن السلطات في يريفان ان عدد الأرمن السوريين
ممن تقدموا بطلبات الحصول على الجنسية الأرمينية بلغ 3248 طلبا
خلال الأشهر الـ 6 الأولى من العام الجاري، إذ تقدم 2957 منهم عبر
السفارات الأرمينية في الخارج، والباقون عبر الهجرة والجوازات في
أرمينيا. واستناداً الى التقارير، فإن الحكومة الارمينية وافقت على
تسهيل إجراءات الحصول على الجنسية الأرمينية للارمن المقيمين في
الخارج. ويمكّن هذا الإجراء أرمن الشتات وخصوصاً في سوريا ولبنان
من تقديم طلبات للحصول على الجنسية الأرمينية من سفارات البلاد في
الخارج وتسلّمها من بلدانهم دون الحاجة الى زيارة أرمينيا لمن يرغب
في الحصول عليها. وبررت حكومة يريفان الامر بأن حصول الشتات
الارمني على جنسية موطنهم الام يتيح للدولة الارمينية المطالبة في
أي وقت بعودتهم فورا في حال تدهور الأوضاع في سوريا ولبنان. واشار
التقرير الى تقدم 18 عائلة سورية ارمنية بطلبات لجوء إلى أرمينيا
بسبب الأوضاع في سوريا، علماً ان الحكومة الارمينية في اطار تشجيع
"العودة"، على ما يبدو، تتعهد توفير منازل للسكن إضافة إلى رواتب
شهرية وتوفير جزء من الحاجات الأساسية لتلك العائلات، وجعل الغاز
والكهرباء والمياه مجانا لهم طيلة فترة إقامتهم في أرمينيا. |