يفخر الناشطون اللبنانيون والسوريون المعارضون
للنظام السوري بتهريب الادوية والامصال
والمعدات الطبية البسيطة الى الداخل السوري،
ويعتبرون ذلك شرفاً لهم وليس جريمة يعاقب
عليها القانون، ويقولون إن جرحى التظاهرات
وعمليات القمع في الداخل السوري يتحولون ضحايا
و"شهداء" في حال نقلهم الى المستشفيات الخاضعة
لسيطرة القوات الحكومية. وفي رأي هؤلاء ان ما
يفعلونه هو اقصى ما يمكنهم القيام به وابسط
واجباتهم حيال الشعب السوري.
موقف الناشطين واضح وحاسم، ويقول المدير
التنفيذي لـ"المؤسسة اللبنانية للديموقراطية
وحقوق الانسان" نبيل الحلبي وهو ايضا مسؤول
"تنسيقية لبنان" الداعمة للثورة السورية، ان
تهريب السلاح والكلام عن "القاعدة" هما من
"نسج الخيال منذ البداية بدليل مواقف
المسؤولين اللبنانيين". اما ما ليس من الخيال
برأيه، فهو مأساة 5500 لاجئ سوري مسجّلة
غالبيتهم الساحقة من النساء والاطفال الذين
يتكومون بعضهم فوق البعض ويرتجفون من البرد
والصقيع والجوع. وبالمقارنة مع ايام النزوح
الاولى فقد تحسنت ظروف اللاجئين عن السابق،
واستنادا الى الحلبي فإن المساعدات تصل الى
اللاجئين المعلنين من الهيئة العليا للاغاثة
وبعض الجمعيات والهيئات الداعمة. لكن المفارقة
ان ثمة بضع مئات من اللاجئين يخشون تسجيل
اسمائهم لدى الهئية العليا للاغاثة او
الجمعيات الانسانية الاخرى خوفا من تسربها الى
الاجهزة الامنية السورية المنتشرة في لبنان.
ويقول: "يعتبر قسم كبير من اللاجئين ان
الحكومة اللبنانية حليفة للنظام السوري، لذلك
يتردد بعضهم في تسجيل اسمائهم مما يمنع وصول
المساعدات الى الجميع".
ميقاتي يساعد شخصياً
والى الوقائع السابقة، يقر الحلبي بفضل الرئيس
نجيب ميقاتي على اللاجئين ومساعدته لهم في
امور صحية وانسانية بتوجيه شخصي منه، وابرزها
تسهيل نقل الجرحى والمرضى ومعالجتهم. لكنه
يشدد على الفصل بين الحكومة ورئيسها: "تحرك
الرئيس ميقاتي الانساني لا يعني الحكومة التي
تتصرف في غالبيتها كجهاز معاد لحاجات اللاجئين
الانسانية والاتفاقات الدولية التي وقعها
لبنان وخصوصاً وزراء "حزب الله" والحزب السوري
القومي والوزراء العونيين الذين يتحركون
بسلبية كبيرة ضد اللاجئين ويسعون الى محاصرتهم
وقمعهم، كما جرى اخيراً مع وزير الدفاع فايز
غصن دون اي اعتبار لمبادئ حقوق الانسان
والكرامة البشرية". ويسأل الحلبي: "من يتابع
جنائياً موضوع قتل ثلاثة لبنانيين في البقيعة
(وادي خالد)، ومن سيدفع التعويضات لعائلاتهم؟
النظام السوري لن يدفع والدولة (اللبنانية)
ملزمة استناداً الى القانون اللبناني
والدولي". ويضيف ان التوغلات السورية واعمال
القتل "تحتاج الى التصدي لها ولو بالقوة لان
الشأن السيادي لا يتجزأ وما ينطبق على الحدود
مع اسرائيل يجب ان يطبق في الشمال وكل لبنان".
ويلفت الى انه "لو قتل ثلاثة لبنانيين في
الجنوب لكانت معادلة الجيش والشعب والمقاومة
اخذت البلد الى حرب مدمرة".
استعراض واجبات الدولة اللبنانية ومستلزمات
القانون والمعاهدات يقود الى شكر "تنسيقية
لبنان" للجهود التي تبذلها قوى الامن الداخلي
في التحرك بشكل فاعل لحماية المتظاهرين
المعارضين للنظام السوري من اعتداءات
المؤيدين. وكذلك شكر جهاز الامن العام
اللبناني على تسهيل امور الناشطين السوريين
الذين يودون مغادرة لبنان، او لجهة مواكبة
الجرحى والمرضى لدى نقلهم الى المستشفيات.
ويقول الحلبي "ان هذه مواقف اخلاقية ووطنية
تسجل في خانة الامن العام الذي يتعاون مع
الصليب الاحمر ضمن اطر القانون اللبناني
والدولي بكل احتراف(...)”.
فبركات اعلامية
عن عرسال والبلدات الحدودية الاخرى المتهمة
بـ"تعكير علاقات لبنان مع دولة شقيقة"، يرد
اعضاء التنسيقية ان اتهامها يدخل في اطار
اتهام صيدا والضنية وطرابلس ذات اللون الطائفي
والسياسي المعين وبهدف زج الجيش والقوى
الامنية في مواجهة هذه المناطق. ويعتبر الحلبي
"ان الارهابيين هم اولئك المسلحون الذين
ينتشرون في شوارع العاصمة واحيائها ويفتعلون
الاشتباكات والعراضات المسلحة ويدمرون وجه
العاصمة واقتصادها".
اما التحقيقات التي نشرت عن مجموعات وقواعد
مسلحة في عكار، فيقول "انها فبركات اعلامية
اصبح معروفاً من يقف وراءها، وان لا قواعد
للجيش السوري الحر في الشمال او البقاع، بل
مجرد ناشطين سياسيين وجنود منشقين لجأوا الى
لبنان طلباً للامان". ويشرح ان هناك مجموعات
تضم خليطاً من المعارضين والجنود المنشقين
الذين يقومون بنقل الجرحى والمرضى من الداخل
السوري الى الحدود اللبنانية حيث يتم تسليمهم
الى الصليب الاحمر لينتهي دور هذه المجموعات
هناك وتعود الى الاراضي السورية. ويؤكد ان
الاجهزة الامنية واهالي القرى والبلدات
الحدودية يعرفون كل هذه الامور. ويشير الى
عمليات خطف نفذتها الاستخبارات الجوية السورية
في بلدة شتورة ومن داخل محطة شارل حلو للنقل
البري في بيروت "وكان الاولى بمن يتحدثون عن
"القاعدة" الاشارة اليها وما تمثله من انتهاك
للسيادة اللبنانية".
عن الوضع في سوريا، يؤكد الحلبي ان "الحراك
الشعبي مدني وان المسلحين هم آلاف من المنشقين
عن الجيش الذين يدافعون عن الاهالي بأسلحة
متواضعة، اما عمل المراقبين العرب فيرى انه
يحتاج الى ان يكون اكثر مهنية، والتصريحات
التي تصدر عن رئيس بعثة المراقبين غير مطمئنة،
والمقارنة بين حمص ودارفور لا تجوز".