شهوة
السيطرة على أراضي المسيحيين لاسا "غيض من
فيض" وعنوان صغير في ملف كبير ومشبوه
2011/07/28
ما جرى في بلدة لاسا في قضاء
جبيل ليس سوى "غيض من فيض" ملف كبير عنوانه "السيطرة على اراضي
المسيحيين"، يتم تناوله بتعابير ملطفة مثل "بيع الاراضي" او
"المحافظة على الارض" وما الى ذلك حرصاً على الوحدة الوطنية والعيش
المشترك. وعلى رغم ادراج بند "بيع الاراضي" في جدول اعمال "القمة
المارونية" في بكركي، والمساعي الحثيثة التي تقوم بها نخبة من
المسيحيين من كل المذاهب من اجل التصدي لعمليات البيع والتعامل
معها، فإن الشهوة الى استملاك اراضي المسيحيين تظل لا تعرف حدوداً.
المفارقة ان المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً، الذين اتهموا
زوراً خلال سني الحرب على لبنان بأنهم "تقسيميون" و"انعزاليون"،
انما هم الاكثر مقاومة لمشاريع الفرز الديموغرافي من خلال انتشارهم
على كل الجغرافيا اللبنانية. ويشير مصدر متابع للوضع في الرابطة
المارونية التي شكلت "لجنة طوارئ" لمتابعة عمليات بيع الاراضي
المشبوهة، خصوصاً العقارات الكبيرة والتي تستشف منها رائحة الفرز
الديموغرافي والكانتونات التقسيمية، بهدف مواجهتها وافشالها، الى
ان الهيئة تحار من اين تبدأ عملها في ظل الهجمة على عقارات
المسيحيين وموجة الاغراءات والاغراق بالعملات الصعبة التي يتعرضون
لها. ويضيف ان اكبر العمليات العقارية التي رصدتها الهيئة تمت في
منطقة الحدت – بعبدا، تليها منطقة جزين، وبدرجات اقل مناطق اخرى.
ويشرح المصدر ان ثمة جهداً كبيراً تبذله بلديات منطقة بعبدا
وفاعلياتها وقواها السياسية والاجتماعية المتعددة من اجل الحفاظ
على هوية المنطقة والعيش المشترك والتصدي للهجمة العقارية، لكن حجم
الاغراءات والضغوط ليس بالسهل اطلاقاً، فالاموال التي تتدفق من اجل
العمليات العقارية تقدر بمئات ملايين الدولارات، وكل ذلك دون ان
تكلف الدولة اللبنانية نفسها عناء البحث والتحري عن مصدر هذه
الاموال الضخمة.
وفي جزين وانحائها تستهدف المنطقة الممتدة بين نيحا ومغدوشة بهجمة
اغراءات مالية هائلة لشراء كل ما توافر من اراضي المسيحيين والدروز
من ثلاثة محاور، الاول من صيدا صعوداً في اتجاه كفرفالوس وجزين حيث
يتولى متمولون سنّة شراء الاراضي وبناء المجمعات السكنية ودور
العبادة، بحيث تحوّلت قرى مسيحية مجرد ضواحي بسيطة معزولة مقارنة
بالمجمعات السكنية الضخمة التي شيّدت. والثاني من البقاع الغربي في
اتجاه جزين، والثالث من اقليم التفاح في اتجاهها ايضاً ويتولاهما
متمولون شيعة يقومون بدورهم ببناء مجمعات سكنية تتمتع بما يشبه
الاكتفاء الذاتي التجاري والتربوي، حتى اصبح ممكناً الكلام على ربط
محكم بين منطقتي البقاع الغربي والجنوب من خلال هذه المجمعات
السكنية الضخمة. ويشرح المصدر ان "الهيئة الايرانية" شقت طرقاً في
اراض يملكها آل اندراوس وغيرها من العائلات في جزين دون ان يستطيع
احد التصدي لها او وقفها، سواء من الهيئات المدنية ام الرسمية.
وما يصح في الجنوب وبعبدا ينطبق ايضاً على ساحل اقليم الخروب ومحيط
زحلة في البقاع ومنطقة ساحل المتن امتداداً الى ساحل جبيل ووسطه،
التي تتعرض بدورها لهجمة عقارية واسعة يتولاها سماسرة مسيحيون
يقومون بالاتصال بمالكي العقارات وتقديم عروض مغرية جداً لهم
لدفعهم الى القبول ببيع الاراضي، وايضاً دون ان تحرّك الدولة
اللبنانية ساكناً في مواجهة هذا "الاعتداء على العيش المشترك".
|