اجتماع
بكركي... ماذا عن بيع الأراضي؟
20110525
عندما يجتمع
الزعماء والنواب والسياسيون الموارنة في الصرح البطريركي في بكركي
الاسبوع المقبل ستكون مزيد من الاراضي التي يملكها مواطنون
لبنانيون من المسيحيين قد انتقلت الى ملكية اخرى، والى حين تقرر
الكنيسة والزعماء والسياسيون والاثرياء من اصحاب السلطة والمال،
آلية التعامل مع مشكلة الهجمة على شراء العقارات من المسيحيين فإن
مساحات اكبر ستكون قد انتقلت الى ملكية طوائف اخرى و "اجانب" اذا
صح التعبير.
ليس
المسيحيون وحدهم من يعاني مآزق خسارة الارض التي يتبعها مباشرة
التغيير الديموغرافي والثقافي والسياسي للخريطة اللبنانية، بل
الدروز كذلك يعانون مآزق بيع الاراضي ولعنة الديموغرافيا المتبدلة،
لكن مشكلة الطائفة الدرزية تبقى محدودة بالنظر الى وجود الموحدين
الدروز في اقضية معينة وفي قطاعات متماسكة الى حد ما، في حين ان
المسيحيين يتوزّعون على كل التراب اللبناني من اقصى الشمال الى
اقصى الجنوب، وتالياً فإن الخسارة تكاد تكون شاملة في ظل تردي
الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانعدام اي رؤية لحل متكامل يعالج
جذور هذه المعضلة من خلال تحصين الحضور المسيحي وتعزيز مقومات ثبات
المجتمع الثقافية الاجتماعية والاقتصادية بما يؤدي الى منع البيع
نهائياً. ومن المفيد في هذا الاطار التذكير بمشروع الوزير بطرس حرب
لمنع بيع الاراضي والتصدي للفرز الديموغرافي والتقسيمي في لبنان،
والذي قامت عليه الدنيا ولم تقعد، لكن احداً لم يكلف نفسه عناء
النقاش في اسباب هذا المشروع والهواجس من مغبة الهجمة الكبيرة
بملايين الدولارات على شراء الاراضي من المسيحيين والدروز.
ليست
هناك اي منطقة لبنانية في منأى عن هجمة شراء الاراضي. في عكار
الكلام على كل شفة ولسان عن السماسرة الذين يصولون ويجولون، وفي
الكورة الخضراء لم يبقَ سوى القليل من البيوت وبساتين الزيتون
والاديرة العتيقة. اما في البترون فالهجمة العقارية على شراء
الاراضي من مواطنين آتين من خارج القضاء اخذت تلوح بشائرها في قرى
وبلدات عدة. وفي جبيل حدث ولا حرج عن شراء الاراضي من جرود لاسا
وأفقا الى الساحل حيث ارتسمت منذ مدة طويلة ملامح شريط طائفي خالص
اللون. وفي كسروان الصورة لا تبشر بالخير، وينسحب هذا الوضع على
المتن وبعبدا وعاليه والشوف وجزين وصولاً الى حاصبيا ومرجعيون
والنبطية والزهراني والبقاع بكل مناطقه وطوائفه، وهناك من لا يخفي
نيته شراء اراضي المسيحيين والدروز علناً وجهاراً.
المشكلة
ليست جديدة، لكن الفرق ان رجالاً كانوا من يتصدون لهذه المسألة دون
ان يخشوا لومة لائم، ومنهم البطريرك الكاردينال بولس بطرس المعوشي
الذي وجّه رسالة الى رئيس الجمهورية شارل حلو في 8 تموز 1966 عن
الموضوع، ابرز ما فيها: "اود ان اذكر فخامتكم بأن موجة التساهل في
اباحة انتقال الاراضي ظهرت بعد حوادث 1860، ولفتت الانظار الى ما
يهدد مصير لبنان فجاء البروتوكول العام 1864 بين الدول الاوروبية
والحكومة العثمانية يعالج هذا الموضوع، لا من ناحية انتقال الاراضي
الى الاجانب بل من ناحية انتقالها بين العناصر اللبنانية نفسها.
وضماناً للحالة في ذلك الوقت نصت المادة 12 من هذا البروتوكول على
حماية الاراضي من الانتقال من طائفة الى اخرى وجاء في اسبابها: "ان
لبنان الذي تسكنه طوائف مذهبية مختلفة تستوجب اوضاعه ايجاد توازن
دقيق بين هذه الطوائف، وهذا التوازن يختل اذا تمكنت احدى الطوائف
من مشترى اراضي الطائفة الاخرى، اذ ان انتقال الملكية من الطائفة
البائعة يجعلها في حال استبعاد او يضطرها الى الهجرة". |