كيف
إنزلق إقليم كردستان وحكومته في مستنقع الفساد
مقدمة
لم يكن خافيا على أي مراقب يتتبع مسيرة حكومة إقليم كردستان نتانة
وعمق مستنقع الفساد الذي هي فيه. ولم يكن يخفي هذا الفساد إلا القائمون
والمستفيدون منه لا سيما العوائل البارزة وأركانها الحاكمة من
البارزانيين والطلبانيين.
وكان موقع صحيفة الزمان الغراء بالإنكليزية سباقا في تسليط الضوء على
شبكة الفساد الهائلة في كردستان التي لم تكن تصل إلى ما وصلت إليه دون
مباركة ومشاركة أصحاب القرار.
وبينما كان وما زال الإعلام المحلي والدولي يركز على فساد الحكومة
المركزية في بغداد، نبه موقع الزمان بالإنكليزية متابعي الشأن العراقي
أن حالة أخرى من الفساد يشهدها إقليم كردستان تفوق أضعاف المرات ما
يحدث في باقي انحاء العراق.
الإعتراف
المتأخر
وأخيرا أضطرت حكومة الأقليم بزعامتها على الإعتراف العلني أنها قد
غطست في مستنقع الفساد الذي كان السبب الرئسي وراء ثورة الكرد على
زعامتهم في مظاهرات سلمية حاولت مليشيات (بيشمركة) السلطة الكردية
قمعها. ولكن لحسن حظ المتظاهرين ولسوء حظ الزعامة الكردية أتى هذا
الربيع الكردي والشرق الأوسط برمته يشهد تحولات جذرية جعلت من القمع
الوحشي مسألة لها ألف حساب.
والإعتراف بأن كردستان أصبحت مستنقعا للفساد جاء على لسان أقرب
المقربين من مسعود بارزاني الا وهو رئس ديوانه الدكتور فؤاد حسين في
تصريحات صحفية نقلتها اولا جريدة الشرق الأوسط. ولكن السؤال المهم هو:
هل بإستطاعة إدارة فاسدة أشرفت على ترعرع هذا المستنقع الهائل من
الفساد إجراء إصلاحات جذرية لمحاربة الفساد؟
الفساد
يبدأ من الرأس
يخطىء من يقول، كما يردد الدكتور حسين : "أن حكمة رئس الأقليم مسعود
بارزاني" قادرة على إجراء الإصلاحات ومحاربة الفساد. وتحضرني هنا أية
من القرأن أتأمل فيها كثيرا عند تحليلي لخطاب كتاب المسلمين تنطبق على
وضع الأقليم: "إن
الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
إي إصلاح او محاربة للفساد يجب أن يبدأ بعائلة البارزاني وعائلة
الطلباني. الدكتور حسين ينقل للأكراد ولا سيما الإعلام العالمي ما يراه
من وجهة نظره محاولة جريئة لمحاربة الفساد مفادها أن رئس الأقليم صادر
عقارا من نجله وخصصه للنفع العام.
لا هكذا تورد إبل محاربة الفساد يا دكتور حسين. يجب أن تقول لنا كيف
حصل نجل الرئس على هذا العقار؟ وهل سيحاكم ام لا لأنه إستولى، كما
يبدو، على عقار بطريقة غير شرعية وقانونية، وإلا لماذا تتم مصادرته؟
يجب أن توضح للكرد وللإعلام ما كان يملكه الرئس واولاده وبناته
وأقربائه وعشيرته قبل إستلامهم لمراكزهم السلطوية. وهكذا الحال بالنسبة
للعائلة الكردية الحاكمة في سوران، السليمانية وما حولها.
أين
ذهبت الأموال الهائلة؟
ميزانية الأقليم تصل لا بل تزيد أحيانا على ميزانية دول مثل سوريا
ولبنان. إستلم الأقليم منذ عام 2003 مئات المليارات من الدولارت ولم
يشهد الأقليم أي نهضة صناعية او زراعية غير ما يلاحظه المرء من قصور
رئاسية وعائلية وقبلية شاهقة وأسواق وعمارات. كل هذه المليارات ولا
ينعم الأقليم حتى الأن بكهرباء مستقرة. كل هذه المليارات ولا يصدر
الأقليم سلعة واحدة، صناعية كانت او زراعية، رغم الأمان النسبي الذي
يتمتع به مقارنة بباقي أنحاء العراق.
إن مستنقع الفساد في كردستان لا نهاية له. إنه إقليم المكرمات والمكان
الذي قد لا يستطيع المرء فيه وضع خط شفاف بين ملك العائلة والقبيلة
والملك العام. إن أردتم محاربة الفساد، كما تقول يا دكتور حسين، إكشفوا
كل الأوراق وضعوها على الشبكة العنقودية (الإنترنت) كي يطلع عليها
الشعب العراقي برمته، كرده وعربه وأقلياته. وهذا يعني أن تضع الرؤوس
الكبيرة، كل الرؤوس، كشفا مستقلا بما تملكه وكيف حصلت عليه قبل 2003
وبعده. عندها سنثق بكم وبأقولاكم. وعداها سيكون قولك أن رئس الأقليم
صادر عقارا من نجله مثل ذر الرماد في العيون. |