النكران لا يفيد في قضايا إنتهاكات حقوق الإنسان يا حكومة
كردستان
الذي
يقرأ رد حكومة كردستان العراق على التقرير الجديد لمنظمة حقوق الإنسان
المستقلة – هيومان رايتس ووتش – يخرج بإستنتاجين لا ثالث لهما (ربط 1).
الأول أننا أمام حكومة لا تختلف كثيرا عن أي سلطة تقودها العشيرة او
العائلة وما تفرزه هذه من محسوبية وفساد وإضطهاد لمن يخالفها الرأي.
والإستنتاج الثاني أن هذه الحكومة تتعامل مع منظمات محترمة وسامية، مثل
هيومان رايتس ووتش، التي ترفع لها القبعة دول متحضرة مثل السويد،
بأسلوب يقارب ما لدى حكومات همهما ظلم شعبها وإخفاء هذا الظلم بأي
وسيلة ممكنة منها الكذب من خلال إعلام مبرمج ومنسق ومرتب لمديح الحاكم
وإدارته وكرسيه ومكافاءة مداحيه والبطش بمنتقديه.
لنركز على أبرز النقاط التي أتى بها التقرير الأخير الصادر في نهاية
الشهر الماضي (أيار). يمتاز هذا التقرير، كما هو شأن كل التقارير
الصادرة عن هذه المنظمة الدولية المستقلة التي تعني بحقوق
الإنسان، بذكر أمور محددة وموثقة عن إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في
إقليم كردستان متمثلة هذه المرة في القمع المتزايد من أجل إسكات وسائل
الإعلام التي تعارض حكومة الأقليم.
فعلى سبيل المثال لا الحصرر يذكر التقرير محاولة إسكات مجلة ليفين، حيث
رفع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده رئس الأقليم مسعود
البارزاني، دعوى تشهير بحق رئس تحرير المجلة أحمد ميرا. وقبله
كان هناك دعوى تشهير أخرى تقدم بها حزب الإتحاد الوطني الكردستاني الذي
يتزعمه الرئس العراقي جلال الطالباني.
وقصة أحمد ميرا وسجنه وملاحقته والتهديد بالقتل الذي تعرض له من
قبل وزير البشمركة (الميليشيات والأمن الكردية) موثقة أيضا وغايتها،
كما يقول التقرير "خنق وتخويف الصحافة النقدية."
وبعد سرد أسماء الصحفيين الذين جرى سجنهم وضربهم من قبل
البيشمركة، تذكر المنظمة قتل الصحفي سوران مامه حمه بعد كتابته تقريرا
عن تورط مسؤولين أكراد في شبكات الدعارة.
وتذكر المنظمة كيف أن قوات البشمركة كسرت يد الصحفي بريار نامق وتذكر
معلومات رهيبة عن تعقب وأختفاء صحفيين أخرين عن الأنظار – دون ذكر إسمء
كثير منهم خشية على حياتهم. ومن الذين تذكرهم علانية صحفيان بارزان
وهما سوران عمر وزمانكو إسماعيل إضافة إلى زانا علي غازي.
وتستشهد المنظمة بما يحدث على صفحات التواصل الإجتماعي
الإلكترونية حيث يجبر الأصدقاء على نبذ صديق صحفي لهم وإخراجه من
التواصل خوفا من بطش قوات الأمن الكردية.
وتقول المنظمة ان لديها أكثر من 200 حالة موثقة من الإعتداءات
والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيين الأكراد في الأقليم و44 حالة من
الإعتداءات البدنية.
وهذا هو التقرير الثاني في أقل من عامين تصدره المنظمة عن إنتهاكات
حقوق الإنسان في كردستان العراق. التقرير الأول كان بمثابة قنبلة حيث
برهن على أن الميليشيات الكردية وقوات أمنها وأستخباراتها تضطهد
الأقليات غير الكردية في سهل نينوى منها أبناء شعبنا من الكلدان
الأشوريين السريان.
والتقرير الحالي يدين حكومة الأقليم أيضا لأنها "لم تجر تحقيقا مستقلا
وشفافا لتحديد ومحاكمة المسؤولين" عن مقتل شهيد الصحافة العراقية،
الصحفي الكردي العراقي ساردشت عثمان، رغم مضي أكثر من سنة على مقتله
الذي جرى بعد كتابته مقالا يتخيل فيه حلما رأه في المنام كان قد صار
فيه صهرا لرئس الأقليم.
هذا بإختصار شديد ما ورد في التقرير الأخير.
ماذا كان رد حكومة الأقليم؟ في بيانها الذي أصدرته في الثاني من
حزيران الحالي، أي بعد حوالي أسبوع من صدور تقرير المنظمة، قالت:
"التقرير لا يخلو من التشهير الفاضح وموقفها (المنظمة) من الديمقاطية
وحرية الصحافة. المنظمة كانت مجحفة في تقريرها وأعتمدت الإنتقائية
والمزاجية في إعداد التقرير."
بدلا من أن تناقش النقاط الأساسية في التقرير، يتخذ رد حكومة الأقليم
ذات المنحى الذي كان يرد فيه نظام صدام حسين على تقارير المنظمة
ذاتها التي كانت تحذره وتذكره بإظطهاده للأكراد.
سبحان مغير الأحوال. أقليم كردستان اليوم يذكرنا بالنظام البائد وقواته
الأمنية والإستخباراتية. اليوم الحديث في كردستان يدور حول دور أجهزة
أمنية قاسية لا يحكمها منطق وقانون. هل أتاكم حديث البارستن والتابيت
والبهركي والأسايويش! مجرد ذكر إسمها تقشعر له الأبدان.
وصدق قول هيومان رايتس ووتش في تحليلها لما تقوم به هذه القوى الأمنية
في إقليم كردستان حيث أكدت "أنها لا تحترم حقوق الأكراد في حرية
التعبير بصورة أفضل من الحكومة التي سبقتها."
وعن ما يسمى بالمجتمع الدولي، قالت المنظمة: "بعد ثماني سنوات من إطاحة
الويلايات المتحدة بصدام حسين في سبيل حماية حقوق الأكراد، فإنها تقف
بصمت بينما الحكومة (الكردية) تساعد في تثبيت الإنتهاكات في كردستنان
وتقمع السكان ... الحقيقة هي أن الخوف ترعاه الحكومة والقمع مستمر في
التفاقم."
رابط 1
http://www.hrw.org/ar/news/2011/05/24-1 |