إلى الكتاب المتصارعين من الكلدان والأشوريين:
كفاكم هذرا وعبثا بحق السماء كفاكم
20111002
يتعرض شبعنا إلى هجمة شرسة ومنظمة من قبل بعض الكتاب لا سيما من المكون
الكلداني والأشوري منه. هذه الهجمة تتمثل بالحرب الكلامية الطاحنة
الجارية على صفحات المواقع الإلكتروينة منذ زمن طويل ولكنها صارت أكثر
شراسة في المدة الأخيرة.
ورحى هذه الحرب – التي جلها مهاترات وهذر وعبث – يديرها كتاب قد لا
يزيد عددهم أصابع اليد الواحدة من كل طرف. وهذه الحرب تزيد من جرح
شعبنا إيلاما وتزيده فرقة وتشرذما ونحن أحوج ما نكون إلى وحدة الكلمة
ورص الصفوف لأننا جميعا بإختلاف أسمائنا ومذاهبنا نواجه مسألة مصيرية
تتعلق بوجودنا من عدمه.
الصراحة مطلوبة
وبالصراحة والجراءة التي عاهدت القراء من أبناء شعبنا الواحد عليها
سأخاطب هولاء الكتاب ومن خلالهم قرائي الكرام. وكما عهدتموني في كل
كتاباتي بالعربية المتعلقة بشؤون شعبنا الواحد او المتعلقة بحوار
الحضارت والأديان، فإنني أقول ما أراه صحيحا إنطلاقا من العلم
والتجربة وتراكم الخبرة التي أحملها ولا أخشى إلا الله.
الحذر واجب
ومن هذا المنطلق أود تحذير أبناء شعبنا الواحد مقدما أن هؤلاء الكتاب
لا يستندون إلى أي علم أو معرفة، ولا إختصاص لهم في ما يكتبون
ومقالاتهم مجرد إنشاء وأقلامهم – ومع الأسف الشديد – تظهر عقلا مرتبكا
لا بل مريضا في كثير من الأحيان.
إخوتي وأخواتي
إننا شعب واحد لنا تاريخ مشترك وإرث كتابي واحد يمتد إلى أكثر من 2500
سنة. لنا لغة واحدة هي السريانية وفي هذه اللغة وجودنا وحياتنا
وثقافتنا وموسيقانا وأعلامنا وتاريخنا وفلاسفتنا وقديسيينا وقديساتنا
وفي هذه اللغة ترعرعت مسيحيتنا وكنائسنا وبطاركتنا وطقسنا المشرقي الذي
هو الطقس المشترك للكنيستين الكلدانية والأشورية وهو طقس واحد لا يختلف
حتى بالنقطة والفارزة والحرف والصفحة واللون والتقسيم وغيره.
ومع أشقائنا السريان يجمعنا إرث كتابي واحد ونحن وأياهم واحد في كل ما
يتعلق بالتاريخ واللغة والتراث والثقافة والعلم والشعر والأدب والعلوم
والفسلفة وغيرها من الأمور التي تصهرنا جميعا في بوتقة واحدة. أغلب
المداريش والصلوات وغيرها متشابه بين السريان المغاربة وبين السريان
المشارقة وهم الكلدان والأشوريين.
إخفاء الشمس بالغربال
بالطبع هذه الحقيقة لا يستطيع هؤلاء الكتاب المتعصبون هضمها ومعهم من
يساندهم من رجال الدين وغيرهم. السبب، يا إخوتي واخواتي، واضح وجلي.
هؤلاء الكتاب لا علم ولا معرفة لهم بتاريخنا منذ سقوط الإمبراطوريات
التي يحنون ويتخاصمون ويتعاركون ويتصارعون من أجلها وهي منهم براء.
وهكذا بدلا من التشبث بكل هذا التراث الهائل الذي خلفته لنا هذه اللغة
الجميلة التي كان شأنها يوما شأن الإنكيزية اليوم، تراهم يقفزون عليها
وفوقها لجهلهم وليس لعلمهم.
فهذا الطرف يأخذكم إلى نبوخذنصر وأسد بابل والأخر يأخذكم إلى أشور
بانيبال والثور المجنح ويشحذ كل طرف قلمه من أجل المهاترات والهذر
والعبث وليس الفائدة. وفي كل هذا يستندون إلى مصادر هامشية مثل التوراة
(العهد القديم) التي لا يعتد بها علميا وبعض المصادر الحديثة والثانوية
لا سيما الكنسية منها التي تغلب صفتها المذهبية والعنصرية على صفتها
العلمية.
لا إختصاص ولا علم لهم
وكل هؤلاء الكتاب من الكلدان والأشوريين لا إختصاص لهم في ما يكتبون
ولهذا لا يجوز أخذ ما يكتبونه على محمل الجد لأنه أساسا مبني على باطل
ولأنه يهجر ويهمش كل ما أنجزه شعبنا الواحد على مدى 2500 سنة من تاريخه
الطويل في شتى مناح العلوم والمعرفة.
هذه الإنجازات التي لا زالت تدرس في الجامعات وتعقد المؤتمرات والحلقات
الدراسية العالمية من أجلها لا زالت موجودة بصورة مادية في الألاف
المؤلفة من المخطوطات في المتاحف العالمية.
هؤلاء الكتاب من الطرفين لأنهم يجهلون هذا التاريخ الطويل يقفزون فوقه
وعليه ويجلبون لشعبهم مزيد من الفرقة والتشتت ونحن على شفا الإنقراض
وسننقرض فعلا إن لم نداوي أنفسنا بالعلم والمعرفة كما كان يفعل
أجدادنا.
إخوتي وأخواتي
هؤلاء الكتاب يريدون بكم شرا وأنهم على إستعداد لعرقلة لا بل تخريب أي
جهد يقربنا ويوحدنا ويمنح لغتنا المكانة التي تستحقها.
ومن هذا المنبر أقول لكم متى يجب علينا أن نصدق ما نقراءه بخصوص العلم
والمعرفة والتاريخ واللغة والتراث الثقافة والقومية وغيرها من الأمور
المتعلقة بشعبنا. ما عليكم إلا إتباع الأسلوب العلمي التجريبي. كيف
يكون ذلك. هاكم الدليل.
أين العلم والمعرفة من هؤلاء
عندما يكتب عالم او مختص بحثا عليه اولا مناقشتة ضمن المؤسسة العلمية–
القسم العلمي – الذي يعمل فيه. يقراؤه العلماء المختصون في قسمه
وجامعته وإن إقتنعوا بطروحاته أوصوا قبوله بشروط قاسية منها اولا أن
يتم نشره في مجلة او دورية علمية رصينة وإلا لن يعتد به.
والمجلة العلمية تتبع شروطا قاسية جدا للنشر. يقوم محررو المجلة – وهم
عادة عباقرة في الموضوع الذي تختص المجلة فيه – بقراءة البحث. إن
إقتنعوا به يمر البحث العلمي في حلقة إختبار أخرى وإن لم يقتنعوا
أعادوه إلى صاحبه.
وإن قبله المحررون لا ينشر فورا بل يرسل إلى عالمين أخرين في أقل تقدير
لإمتحان البحث. والتقيم هذا شرط أساسي لتقبل الفكرة العلمية مهما كانت.
ويجري التقيم بطريقة سرية للغاية، أي لا المقيمون يعرفون شيئا عن
المؤلف ولا المؤلف يعرف شيئا عن المقيمين.
والمقيمون عادة يصدرون واحدا من القرارات الثلاثة التالية: اولا، رفض
البحث، وهذا معناه أن الفكرة غير مستساغة علميا. ثانيا، قبول البحث بعد
إجراء تعديدلات عليه، وهذا أقص ما يتمناه أي عالم مهما ملك من العلم
والمعرفة. ثالثا، قبول البحث كما هو، وهذا نادر الحصول وربما لم يحصل
عليه حتى نيوتن وأنشتاين.
لنكن من أتباع العلم وليس الجهل
عندما تقراؤن بحثا في دورية علمية رصينة يقول فيه كاتبه أننا أحفاد
أشور والثور المجنح او نبوخذنصر وأسد بابل وأننا شعبين او قوميتين
مختلفتين كل له تاريخه ولغته وتراثه الخاص به عندها صدقوا هؤلاء
الكتاب.
ولكنني أقول لكم، وأضع مكانتي العلمية والأكاديمية على المحك، لا بل
أقسم لكم، ليس هناك عالم في كل معاهد وجامعات الدنيا وليس هناك مجلة
علمية مرموقة تقبل بالمهاترات والخزعبلات والهذيان الذي يأتي به هؤلاء
الكتاب ولن يكون.
وحتى أن يظهر عالم يفند في بحث منشور في دورية علمية رصينة على أننا
لسنا شعبا واحدا وقومية واحدة ولنا لغة واحدة وتاريخ مشترك وثقافة
واحدة وطقس واحد – أي نحن بوتقة – يبقى كل ما تقراؤنه لهؤلاء الكتاب
باطلا ... باطلا ... باطلا، وسيبقى كذلك مدى الدهر لأن لن يظهر عالم
يحترم نفسه وقلمه وعلمه ويقبل على نفسه إجترار مهاتراتهم وخزعبلاتهم.
لا تدعوهم يخطفونكم
أنظروا إذا كيف يحاول هؤلاء الكتاب خطف شعبنا المسكين وتقسيمه وطرحه
وهم لا علم لهم ولا إختصاص لهم ولا يعرفون كيف تبنى المعرفة الصحيحة في
عالم اليوم المبني أساسا على العلم والمعرفة.
أتركوهم وشأنهم. إتركوهم ولملموا شملكم ووحدوا صفوفكم وحافظوا على
القليل الذي بقي لنا لاسيما لغتنا السريانية الجميلة. |