اقرأ المزيد...
الدكتور وديع بتي
حنا
wadeebatti@hotmail.com
وحدويون مخلصون على انغام ما يطلبه المشاهدون
ربما
يرى البعض ان الاجتياح الامريكي للعراق وسقوط النظام السابق قد مثًل فرصة ذهبية
لانتعاش الحياة السياسية حيث اتاح المناخ الديموقراطي المجال لاظافة العشرات من
التشكيلات والكيانات السياسية الى قائمة التشكيلات والكيانات التي كانت تضم
اساسا عددا لايستهان به من الجماعات التي كانت تعرف بالمعارضة العراقية. وهكذا
اصبح مفقس الحياة السياسية العراقية يقدم لنا باستمرار وجبات جديدة من هذه
التشكيلات والكيانات التي يحاول بعضها جاهدا في البداية ان يترف! ;ع عن
السقوط في حبال المحاصصة والطائفية إلا انه يرى نفسه بعد فترة وجيزة وقد غاص في
وحل المحاصصة والطائفية حتى النخاع حاله في ذلك حال اقرانه السابقين.
قد يلقي
البعض اللوم على الامريكان كقوة احتلال في تكريس النفس الطائفي قوميا كان ام
مذهبيا ودينيا وان هذا البعض في فعله هذا اي في القاء اللو&! #1605; على
الامريكان لايجانب الحقيقة إلا اننا يجب ان لاننسى ان الامريكان لهم الحق في
اختيار الاساليب التي تساعدم على تنفيذ اجندتهم واهدافهم في هذه المنطقة ا ! 8;
تلك ولكن هل كان النفس الطائفي غريبا على عمل اطراف المعارضة العراقية السابقة
فكرا وسلوكا منذ بداياتها وفي مراحل عملها اللاحقة حتى سقوط النظام. لقد كانت
تلك الاطراف ولازالت ( لَملوما ) غريبا مبنيا على اسس طائفية تتفق على هدف واحد
هو اسقاط النظام وتختلف على كل ماياتي بعده بما فيه اولا شكل الحكم الذي يستحقه
راس ذلك النظام. من المؤكد ان الكثيرين سيردون بالقول بان اطراف فعالة في
المعارضة العراقية قد وجدت طريقها للحياة بقرار من الادارة الامريكية اي انها
صنيعة امريكية ولكننا نفترض هنا وجود بعض بقايا الغيرة الوطنية في اطراف
وشخصيات سياسية عراقية ينبغي ان تحترم ولو قليلا سمعة عوائلها العراقية العريقة
او خلفياتها العلمية المرموقة بل وحتى تاريخها الشخصي السياسي الطويل فتحاول
وضع نهاية تترك فيها اثرا طيبا ربما يساعد في ان يغفر زلات سابقة
لا احد
ينكر ان اللعبة القائمة على المحاصصة الطائفية قد حققت للبعض بعض المكاسب ولكن
كل المؤشرات تشير الى ان ( الانتصارات ) التي تحققت او التي ستتحقق كثمار من
هذه اللعبة ليست إلا ثمارا انية كبعض انواع فواكه الصيف ناهيكم عن ان المعارك
الداخلية على تقاسم تلك الثمار بين الاطراف المؤتلفة فيما بينها لتمثيل طائفة
او قومية معينة لم تتوقف لحظة واحدة وإن كانت تلك الاطراف تفعل كل ما بوسعها
لاسدال الستار على تلك المعارك.
وعلى
غير المتوقع اثبت المسيحيون العراقيون وبفضل مرجعياتهم الدينية والسياسية بانهم
الخاسر الاكبر من لعبة المحاصصة الطائفية حيث فعلت المحاصصة هذه فعلها التدميري
في تحليلهم الى عناصرهم الاولية وايقضت فيهم الرغبة في ممارسة سياسة الاقصاء
وكسر الخشم حتى ولو كان ثمن ذلك كل حقوق وتطلعات ابناء هذا الشعب العريق في
العراق. ففي الوقت الذي يتسابق الاخرون لاثبات وجودهم في العملية السياسية
العراقية تستمر المهاترات والعناد بين من اغتصبوا حق تمثيل شعبنا المسيحي في
معارك انطلقت لاسباب ودوافع شخصية ولبست زورا وبهتانا مسميات الدفاع عن
التسميات القومية. لقد اعتادت بعض الشخصيات الدينية والسياسية المسيحية الى ملأ
اذان سامعيها طنينا بالدعوات الى الوحدة و التكاتف في الوقت الذي لا تأل فيه
تلك الشخصيات جهدا عن ضرب ووأد كل محاولة في هذا الاتجاه. بالامس القريب ظهر من
يفتخر بانه قد بدأ الخطوة الاولى لترتي! 576; البيت الكلداني داعيا في الوقت
نفسه الى محاولات مماثلة لترتيب البيت الاشوري ونظيره السرياني لتبدأ بعد ذلك
خطوات ايجاد ارضية تتفق عليها البيوتات الثلاث , تذكرت فورا وانا اسمع هذا بيت
الشعر الشهير للشاعر الراحل نزار قباني الذي يقول
مازال
يكتب شعره العذري قيس
واليهود
دخلوا الى فراش ليلى العامرية
والمقصود هنا هو المعنى الرمزي لهذا البيت بعد ان دخل الصراع على التسمية مرحلة
خطرة قد تسبب عواقبها دقا للبسمار الاخير في نعش الدور الذي يستحق ان يلعبه
شعبنا المسيحي في العراق .
لقد كان
الامل كبيرا في ان يلعب السياسيون المسيحيون دور مركز التوازن او المهدأ في
الحياة السياسية العراقية فيظهر منهم من له القابلية والمواصفات ليمارس الدور
نفسه الذي مارسه الشاعر الافريقي المشهور ليوبولد سنغور في ارساء الديموقراطية
في بلده ( السنغال ) وهو ابن الاقلية المسيحية فيه فاذا بخيبة امل كبيرة تصيب
الجميع وهم يشاهدون الرموز السياسية المسيحية الحالية وقد تحولوا الى نسخ
مشابهة لامراء الحرب في الصومال يتراشقون فيما بينهم بالكلمات والاتهامات
كتمهيد ربما ( لاسمح الله ) للتراشق بالوسائل الاخرى.
ان
المتشبثين بعناد بالتسميات القومية الضيقة لا يحق لهم باي حال من الاحوال اطلاق
التصريحات والدعوات الى الوحدة والتضامن كما لايحق لهم اساسا ادعاء تمثيل
السيحيين في العراق بمختلف مذاهبهم وطوائفهم لان اي مسيحي غيور على وطنه ودينه
ودوره لايشرِفَه ان تُمَثِله شخصيات تحمل كما من روح التعصب كافية لكي يقرر اي
طبيب نفساني ارسالها فورا الى احدى المصحات النفسية.
لقد كان
بعض المسؤولون في النظام السابق يبدون حرصا شديدا على حضور إحتفالات النظام
بمناسباته في المناطق المسيحية حيث كانت تلك الاحتفالات تأخذ طابعا متميزا
يختلف عن مناطق العراق الاخرى استنادا الى العادات والتقاليد والارث الثقافي
والحضاري الذي يتميز به المجتمع المسيحي وكان اغلب اؤلئك المسؤولون وغير ! 7;م
من العامة ينعتون جموع الراقصين والدابكين بتسمية واحدة هو انهم ( مسيح ) دون
الانتباه الى خلفياتهم المذهبية والطائفية. وقد كان بعض المسيحيين الذين يعملون
او يتواجدون في مناطق ليست ذات اغلبية مسيحية يجدون حرجا كبيرا مع اقتراب عيد
القيامة المجيد حيث كان البعض منهم يتحجج بالمرض للحصول على اجازة العيد لكي لا
يدخل نفسه في ذلك الموقف المحرج فيقول بان عيد القيامة لدى طائفته يقع في هذا
التاريخ بينما احتفلت طائفة اخرى بنفس العيد قبله باسبوع او اسابيع وكان حقا
مخجلا عندما ينبري احدهم ممن يعرف هذه التفاصيل ليسأل - بخبث واضح – ( كم مرة
قام المسيح ) . اما الان وبفضل بعض اصحاب الغبطة والنيافة والقساوسة و (
السياسيين المحنكين ) و (الادباء والكتاب البارعين ) فقد اصبحنا كغسيل شهر
تموز منشورا فوق الاسطح والساحات العامة الى الحد الذي اصبح فيه الاخرون قادرين
على معرفة عدد شعرات رؤوسنا بل نرجو منهم خيرا في ان يختاروا التوقيت المناسب
لقرارهم الحزبي الى فراخهم من الكيانات السياسية المسيحية لانهاء هذا السجال
العقيم وهذه المعارك المخجلة حول التسمية.
ترى
ماذا كان سيحدث لو كانت مرجعياتنا الدينية منسجمة فيما بينها قلبا وقالبا
بالشكل الذي كانت تبدو وكانها مرجعية واحدة كما للاخرين كالمرجعية الشيعية او
هيئة علماء المسلمين مثلا ثم اتفقت تلك المرجعية المنسجمة على كيان سياسي يشمل
كافة اطياف شعبنا ومنحته بركاتها فيدخل العمل السياسي مع جميع المكونات الاخرى
الموجودة على الساحة حاليا. ألم يكن ذلك اوفر حظا واوجد حالة من الاتزان في
الساحة السياسية المسيحية ومنع او على الاقل اعاق كائنا من كان من ذوي النفوس
المتعصبة على اختلاف انتماءاتهم الطائفية من ان يجذفوا بالقارب السياسي المسيحي
ذات اليمين اوذات الشمال؟
|