الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 
الدكتور وديع بتي حنا

اقرأ المزيد...

 

 

الدكتور وديع بتي حنا

wadeebatti@hotmail.com


من النقل الى المهجَرين الى العلوم والتكنولوجيا— الكير على الباك

كان ذلك في السبعينات من القرن الماضي و كنت حينها في بدايات مرحلة الشباب- اتذكر انني قرات في يوم ما تحقيقا في احدى المجلات العربية وكان يتضمن لقاءا مع الممثل العربي والعالمي المشهور عمر الشريف- سئل حينئذ عمر الشريف عن تعريفه للفرصة او الحظ - سمه ماشئت - فكانت اجابته ان الانسان كل انسان يقف على قارعة الطريق ويمر الحظ او الفرصة من امامه فيلقي او تلقي التحية على من في الطريق وهنالك من يجيب باحسن منها ويدعو صاحب التحية اليه ولايقبل بغير ذالك كما ان هنالك من يجيب ببرود او لايجيب اساسا فيعرف الحظ او تعرف الفرصة ان! هما قد اخطئا في العنوان

يخبرنا التاريخ لا بل يرشدنا من خلال قرائتنا له عن حوادث كثيرة اخفق فيها القادة واولي الامر من استغلال الفرصة لصالح شعوبهم ومن كانوا في معيتهم فدخلوا وادخلوا من معهم في نفق مظلم وفي الجانب المقابل يحكي التاريخ ايضا عن اولئك الذين اقتنصوا الفرصة التي كانت احيانا فرصة الساعات او اللحظات الاخيرة فتمكنوا من خلال ذلك تجنيب انفسهم ومن معهم تضحيات غير ضرورية لابل استطاعوا من خلال تلك الفرص من الوصول الى اهداف كبيرة

ان قضية الصراع العربي الاسرائيلي تصلح كمثال باهر يؤكد ما نريد قوله - ان قراءة بسيطة لمجريات هذا الصراع تشير بوضوح الى ان قرار التقسيم الذي طرح عام 1948 كان فرصة تاريخية لم يحسن العرب استخدامها - ولان الفرصة قد لا تتكرر ثانية  فقد بقي العرب يحاربون لعشرات السنين ( يَقتلون ويُقتلون ) املا في الوصول الى الهدف ولكن دون جدوى ليقرروا اللجوء بعد ذلك الى طريق المفاوضات والذي من المتوقع ان ياخذ كما اخر من السنين لكنهم بالتاكيد ان نالوا شيئا منها فان ذلك سيكون اقل بكثير مما اعطاهم اياه بكبرياء قرار التقسيم

ظهرت قبل عدة اشهر دعوات لاقامة منطقة امنة للمسيحيين في العراق بعد التهديدات التي وجهت اليهم واعمال العنف والقتل والاختطاف والتفجيرات التي طالت قسما منهم وعددا من كنائسهم - و في رد فعل متسرع لتلك الدعوات بادر عدد من الشخصيات السياسية  المسيحية الى رفض الفكرة جملة وتفصيلا معللين موقفهم هذا على اساس رفض المسيحيين لتقسيم العراق وحرصهم على الوحدة الوطنية وايمانهم بانهم كانوا دائما مع اخوتهم في العراق يعيشون السراء و الضراء معا. وقبل فترة ظهرت اصوات جديدة اكثر تواضعا في اهدافها تدعو الى انشاء محافظة جديدة لسهل نينوى الذي يمثل شعبنا المسيحي كثافة سكانية فيه وهي فكرة تستحق ان تنال اهتماما وتمحيصا من قبل القيادات السياسية المسيحية دينية كانت ام سياسية

لا اظن ان احدا يعترض على كل هذه المشاعر الوطنية الصادقة كما ان المسيحيين العراقيين ليسوا بحاجة لمن يزكيهم وطنيا ثم من قال ان المنطقة او المحافظة الامنة  للمسيحيين ستكون سببا في تقسيم الع! راق - الم يتمتع الاكراد منذ  اربعة عشر عاما ولازالوا بمنطقة امنة ويشيد الجميع في الوقت نفسه بوطنيتهم واخلاصهم للعراق - ان الكثير من المؤشرات تشير الى ان تكوين منطقة امنة للمسيحيين سيكون عاملا ايجابيا يساعد في استقرار العراق اجمع لان تلك المنطقة يمكن ان تكون نواة للعراق الجديد المسالم المنفتح والمزدهر, بل اننا متاكدون ان الصبغة المسيحية لتلك المنطقة لن تكون عائقا لمئات الالاف من بقية ابناء شعبنا العراقي المسلم ممن يمقتون التطرف الديني الاعمى في ان يفضلوا العيش مع اخوتهم المسيحيين بحب ووئام ويكونوا جزءا مهما في خارطة تلك المنطقة الامنة او المحافظة الجديدة

اننا هنا لسنا في معرض الدعاية للمنطقة الامنة او للمحافظة الجديدة لغرض تسويقها لاننا نعتقد جازمين ان هنالك كثيرون يؤشرون عدة نقاط سلبية كعواقب لهذه الخطوة وهذا تحصيل حاصل كون اي مشروع او خطوة في الحياة لابد ان يظهر له وجهان احدهما ايجابي والاخر سلبي ومهمة كل من يعنيه الامر ان يكون قادرا على معرفة وتقييم الوجه الايجابي والى اي مدى يبدو مبشرا و ساطعا وكذلك السلبي والى اي درجة يبدو غامقا او داكنا لانه على تلك المقارنة البسيطة يمكن للانسان ان يُنزل حكما وقرارا عادلا بشان ذالك المشروع او تلك الخطوة

ومادام الامر لايخص انسانا معينا او شريحة بسيطة بل شعبا بكامله هو شعبنا المسيحي في العراق بمختلف طوائفه - الاشوري الكلداني السرياني - فانه لايحق لكائن من كان ان يصادر حقه في ان يبدي رايه بشان مصيره ولان المسيحيين الشرقيين هم اكثر الناس قدرة على التعامل بسلاسة مع الحضارة والتطور وافرازاتهما نرى ان القرار بشان المنطقة الامنة او المحافظة الجديدة يجب ان يمر عبر استفتاء عام يشمل جميع افراد شعبنا المسيحي وهي مهمة ليست صعبة على الكنائس والمنظمات الاجتماعية والسياسية المسيحية

لقد اتبعت بعض الدول الاوربية نظام الاستفتاء في قضايا داخلية وخارجية كثيرة كالمعاهدات الجديدة والعملة الاوربية الجديدة لابل حتى في تحديد مستقبل محطات توليد الطاقة الكهربائية باستخدام التقنية النووية وان تلك الحكومات بلجوئها الى الاستفتاء في البت بتلك القضايا قد اضافت الى شرعية وجودها شرعية اضافية لا بل القت بكاهل المسؤولية الى الشعب بكامله - ان القرار في الصورة المستقبلية لشعبنا المسيحي في العراق يرقى حتما في درجة اهميته لابناء شعبنا الى تلك الدرجة التي مثلتها تلك القضايا التي لجات الشعوب الاوربية الى الاستف! تاء بشانها

ان الاحزاب والكيانات السياسية المسيحية على اختلاف مسمياتها قد اثبتت فشلها جميعا خلال السنتين الاخيرتين في تمثيل شعبنا المسيحي في العراق بالشكل الذي يستحقه ورعاية مصالحه وحقوقه, لا بل ان كل الواقع يشير الى انحدار وتراجع في ثقل تمثيله وما انتقالنا من وزارة النقل في الحكومة الاولى الى وزارة المهجرين في الثانية ثم اخيرا الى العلوم والتكنولوجيا في الوزارة الجديدة إلا برهانا ساطعا على انحدار في نظرة الاخرين الى الدور المسيحي في العراق الجديد طبقا لتصنيفهم ( وليس تصنيفنا ) لدرجات الحقائب الوزارية بعد ان نشرنا غسيلنا كاملا على شمَاعاتهم. ان شعبنا المسيحي يدفع ثمنا باهضا في التناحرات والمهاترات السياسية التي يبدو ان البعض قد راى فيها لعبة ممتعة حتى ان بعض الكتَاب قد اصبح شغله الشاغل ان يغوص في اعماق الكتب المقدسة والغير المقدسة ليحصوا فيها عدد المرات التي ذكرت فيها ك! لمة ( الكلدانيين ) بينما يجوب اخرون الطرقات وفي جيوبهم قصاصة من ورق تشير ان بولس الرسول قد ذكر كلمة( الاشوريين ) في رسائله  فيرون فيها حجتهم الدامغة فيما يجلس الاخرون ( وفي بطنهم بطيخة صيفي ) لانهم يعتقدون ان غالبية الشعب العراقي يسميَ اللغة التي يتداولها المسيحيون فيما بينهم ( السريانية ) . اما قيادات الاحزاب فقد اصبح همها هو ان تشي وتشاغب احداها على الاخرى عند الاحزاب صاحبة النفوذ . لسنا هنا في موقف الضد من الرجوع الى تاريخنا المجيد وحضارتنا الخصبة ولكننا نظلم ذلك التاريخ ونحط من قيمة تلك الحضارة عندما نجعلهما منطلقا لتكريس ثقافة وسياسة الانقسام والتشرذم بين صفوف ابناء شعبنا

ان المراقب يصاب بخيبة الامل وهو يرى الكيانات السياسية المسيحية الصغيرة تمارس فيما بينها سياسة الاقصاء في ابهى صورها بينما تتعامل الاحزاب السياسية العراقية الكبيرة على اختلاف مسمياتها وخلفياتها بسلاسة مع بعضها البعض وتجهد نفسها من اجل الحفاظ على تحالفاتها حتى وان اضطرها ذلك الى تقديم تنازلات معينة طالما ان ذلك يساعد على تحقيق اهداف استراتيجية في وقت كان يأمل الجميع ان تُظهر الكيانات السياسية المسيحية اعلى درجات الرقي في ممارسة اللعبة السياسية وتسخيرها بافضل صورة لخدمة اهداف جماهيرها الاستراتيجية

ترى ألم يحن الوقت لتجلس قيادات الكيانات السياسية المسيحية وتراجع مع نفسها الانجازات التي حققتها لشعبنا المسيحي خلال السنتين الاخيرتين فتعرف من خلال ذلك ان ( الكير ) هو على الباك 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها