اقرأ المزيد...
الدكتور وديع بتي
حنا
wadeebatti@hotmail.com
الدكتور احمد الجلبي والصعود
الاخير
عادت الاضواء
لتُسلَط من جديد على رئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي الدكتور احمد الجلبي بعد
ان انتهت على مايبدو العقوبة المزعومة التي أُشيع ان الادارة الامريكية كانت قد
فرضتها عليه في الاشهر السابقة , وقد تجلى ذلك بوضوح في منح الجلبي موقعا
مرموقا في الحكومة الجعفرية والتهنئة الشخصية التي قدمتها له وزيرة الخارجية
الامريكية بهذه المناسبة ثم التغيرات الاخيرة في الموقف الاردني ازاء القضايا
العالقة مع الجلبي بخصوص بنك البتراء حيث تشير بعض الاشاعات ان الدكتور الجلبي
بات يتصرف وكأنه الطرف الاقوى في هذا الملف حيث اشار بعض الناطقين باسمه انه اي
الجلبي يرفض العرض الاردني باصدار عفو ملكي عنه .
حال الجلبي
لايختلف عن حال العشرات من السياسيين العرب الذين حالفهم الحظ حيث وجدوا انفسهم
بقدرة قادر داخل قارب العملية السياسية في بلاده&! #1605; بل وينتقلون او
بالاصح يُنقلون بعد حين الى ممارسة ادوار قيادية ومؤثرة في مسيرة ذلك القارب
بالرغم من امكاناتهم السياسية الضعيفة وقدراتهم المحدودة في الاقناع . اعتقد
وربما يوافقني الرأي كثيرون ان النظام السابق لم ير على الاطلاق في الدكتور
احمد الجلبي ندا قويا وخصما متكافئا ومعارضا محسوبا ولو كان الامر عكس ذلك لما
توانى النظام السابق عن التصميم في ترتيب عمل ما للتخلص منه فلا شئ كان يعلو
على امن النظام وبقائه لكنني اظن ان النظام السابق اعتقد ان الاذى الاعلامي
والدعائي الذي سيلحق بالنظام كمضاعفات لعملية التخلص من الجلبي هو اكثر بكثير
من الوزن السياسي الذي كان يمثله ولذلك لجأ النظام السابق الى إقصاء وانهاء
أسماء كثيرة لم يكن لها اي بريق اعلامي لكنه كان يرى فيها خطرا كبيرا وترك في
الوقت نفسه اسماء اخرى ظنا منه انها طنانة اعلاميا و محدودة سياسيا .
الفكر السياسي
لدى الدكتور الجلبي يقوم على اساس عدم ترك البيض حتى ولو لحظة واحدة خارج السلة
الامريكية ولذلك فان تحالفاته و مناوراته السياسية بل وحتى قراراته التنظيمية
داخل حزبه لاتحيد قيد شعرة عن حاجات ومتطلبات الاجندة الامريكية التي من حسن حظ
الجلبي لازالت ترى فيه ضرورة لها. ولان مصائب قوم عند قوم فوائد كما يقال فان
دخول الجلبي في قائمة الائتلاف الموحد لم يكن مبنيا على الحنكة السياسية التي
يتمتع بها الدكتور الجلبي فقط , بل مثًل ذلك حاجة ملحة للادراة الامريكية ال¯!
8;ي لايمكن لها ان تقبل بان لاتكون لها عين مخلصة صادقة داخل الائتلاف ويد
تحاول قدر الامكان تعيير الامور بما يتناسب ومصالحها فيه , ومن الناحية الاخرى
شكًل هذا التحالف سببا رئيسيا في عودة الدكتور الجلبي الى الحياة السياسية
الفاعلة حيث ظمنت له عباءة المرجع الديني اية الله السيستاني حضورا برلمانيا في
الجمعية الوطنية العراقية ما كان ليتحقق لو غامر الدكتور الجلبي ودخل
الانتخابات بقائمة مستقلة حيث ما كان في احسن الاحوال سيحصل على مقاعد اكثر من
التي حصلت عليها قائمة الشيخ غازي الياور, و في اسوأ الاحوال فما كان سيكون
اوفر حظا بكثير من غريمه الدكتور عدنان الباجه جي الذي لم يستطع الحصول على
مقعد واحد في الجمعية الوطنية. ان الملاحظ ان الدكتو! ر الجلبي وقياديي حزبه
والناطقون باسمه لايحسنون تقديم انفسهم ومواقفهم السياسية بالطريقة المثلى التي
تثير استجابة المتلقي بقدر ما يحسنون ارتداء ربطات العنق الشبابية الجذابة .
اما مناوراته السياسية مع اجهزة المخابرات الامريكية و وزارة الدفاع حول ما
أشيع في فترة سابقة باتهامه بالتجسس لصالح ايران فلم تنطلي على كثير من
المراقبين حيث شكك الكثيرون في ان ذلك لم يكن إلا مناورات مشتركة بين الدكتور
الجلبي والادارة الامريكية و مسرحية حُبكت بغباء من جانب الادراة الامريكية
لتحقيق اهداف محددة و محاولة لتحقيق خرق في الملف الايراني . على صعيد العمل
السياسي الحزبي فان الدكتور الجلبي ومنذ سقوط النظام السابق وتولي اطراف
المعارضة زمام الامور الشكلية في العراق يعالج الوض&! #1593; السياسي العراقي
بوجه عام ولحزبه بوجه خاص بنفس الطريقة التي عالج بها وادار امور بنوك ومؤسسات
مالية عمل بها سابقا حيث الغاية الربح الاني وتجنب الخسارة والتنصل ع! ;ن
العميل في الظرف الصعب , وفي هذا الاطار نفهم طروحات الدكتور الجلبي حول
فدرالية الجنوب واستغنائه ببرودة اعصاب ولضرورات المرحلة عن رفاقه وتلامذته من
امثال الدكتور مظر شوكت والسيد مثال الالوسي في الوقت الذي يرى الشارع العراقي
انه اي الجلبي لايظهر عليه انه يعارض مبدئيا مواقف اؤلئك الرفاق وارائهم .
ان المغزى
الاهم في التزام الادارة الامريكية في النهاية للدكتور احمد الجلبي في صراعه مع
الحكومة الاردنية يكمن في اعطاء اشارة واضحة لكل الاطراف في ان السياسيين
العراقيين المحسوبين على الادارة الامريكية يمثلون دور ( الابن المدلل ) لتلك
الادارة في المنطقة حاليا , ولاعجب في ذلك , فاقطاب المعارضة العراقية السابقة
هم ابناء للنظام السابق الذي يتهمه الكثيرون انه كان ابنا للادارة الامريكية
ويبدو ان هذه الادارة قد امنت بالقول العربي القائل – ابناء الضنا أعز من
الضنا نفسه - وعلى هذا الاساس أقصت الابن وجاءت بالحفيد , فلاغرابة ان يكون
الحفيد أعز من بقية الاعمام !. ان الاطراف الاخرى وخاصة الدول العربية المجاورة
للعراق مثل الكويت و سوريا يجب ان تستفيد جيدا من هذا الدرس حيث اذا كانت
الادارة الامريكية قد انتصرت لاحد احفادها في العراق في قضية شخصية بحتة فكيف
ستتصرف اذا تصدى الاحفاد الاخرون الى طرح ملفات وطنية وليست شخصية مع دول
الجوار كملف التعويضات والحدود؟
ان الدكتور
احمد الجلبي قد نفًذ وبنجاح الجزء الاهم والاكبر من المهمات التي أُنيطت به ولم
يبقى في قائمة الواجبات إلا ذيلها الذي يمكن ان تتساهل معه الادارة الامريكية
فيها في ان تعتبرها مهمات اختيارية ليس مجبرا على تنفيذها ولاتدخل في التقييم
العام النهائي اذا لن يرتكب خطأ استراتيجيا قاتلا خلال المرحل! 577; المقبلة .
ان الادارة الامريكية تدرك ان الفترة الانتقالية في العراق هي الفترة الذهبية
التي تستطيع من خلالها استهلاك اكبر قدر ممكن من اقطاب المعارضة السابقة ومن
المرجح ان الدكتور الجلبي يمثل اسما مرشحا بقوة للدخول في قائمة الاستهلاك تلك
في الفترة القصيرة المقبلة حيث تعلم الادارة الامريكية علم اليقين ان الشعب
العراقي
|