الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد يسمى بالشعب الآرامي
اقرأ المزيد...
الدكتور وديع بتي حنا
wadeebatti@hotmail.com
مفاقس الاحزاب وفراخها المنغولية
كانت الحركات السياسية العربية بوجه عام والعراقية على وجه الخصوص ولازالت لاتتدخر جهدا في ابتكار طرق ووسائل جديدة تضمن لها التسلق على الاكتاف او اختزال واقصاء الراي الاخر او توفير بيئة ملائمة ومياه عكرة تصلح لاصطياد اهدافها الملتوية . ومن بين هذه الوسائل والطرق ان يلجأ حزب السلطة او الحزب ذات النفوذ القوي الى انشاء مفقس داخلي فيه يسمح بتفريخ عدد يتطلبه الظرف المرحلي من الدكاكين الصغيرة ظنا من هذه الاحزاب النافذة انها بهذه الدكاكين البائسة قادرة عل! ى خداع جماعيرها ومجتمعاتها بتقديم تلك الدكاكين كلاعب مشارك معها في موقع المعارضة او الائتلاف الجبهوي في لعبة هزيلة تطلق عليها تلك الاحزاب جزافا اسم الديموقراطية والتعددية . كما تلجأ بعض الاحزاب الى تفريخ هذه الدكاكين بين صفوف الاقليات القومية المنتشرة في اجزاء من الوطن العربي بهدف زرع الفرقة والتشتت بين صفوف تلك الاقليات تمهيدا للسيطرة عليها فكريا وسياسيا.
لقد استطاع البعث في سورية مثلا من تفريخ كمِ من هذه الدكاكين وجعلها جميعا تنضوي معه تحت لواء ( سوبر ماركت ) كبير سماه الجبهة الوطنية التقدمية ولاتملك هذه الدكاكين فيه إلا حق تصريف البضاعة التي ينتجها الحزب الحاكم . حتى ان المرء يرى ان بعضا من هذه الدكاكين محدودة في دائرة نفوذها فتكاد تقتصر على منطقة او مدينة بعينها وعندما تسنح الفرصة لبعض من اصحاب هذه الدكاكين , الذين يتولون منصب الامين العام فيها , للخروج على الفضائيات العربية والمشاركة في مناقشة بعض القضايا السياسية فانهم يعتبرون ذلك فرصة تاريخية لتاكيد الولاء المطلق للسلطة وحزبها واذا صادف واعترف احد المسؤولين في حزب السلطة بوجود بعض الاخطاء والسلبيات فان اصحاب هذه الدكاكين يحاولون بشتى السبل التقليل من شأنها ان لم يكن نكرانها اصلا . المشهد نفسه يتكرر في مصر حيث فرًخ الحزب الحاكم احزابا للمعارضة مهمتها ترشيح رئيس الحزب الحاكم لمنصب الرئاس! ;ة قبل ان يرشح نفسه شخصيا لذلك او يعلن حزبه ترشيحه لهذا المنصب !.
في العراق وبعد التوقيع على اتفاقية الجزائر عام 1975 وانهيار التمرد الكردي فرًخت السلطة حزبين ذات صبغة كردية هما الحزب الديموقراطي الكردستاني والحزب الثوري الكردستاني واصبحا انذاك ضمن ما سمي في حينه بالجبهة الوطنية والقومية القدمية التي كانت تضم ايضا البعثيون والشيوعيون . اتذكر جيدا كيف كان الشيوعيون وقتها يتندرون وهم يتنزهون في شوارع اربيل ويمرون بالقرب من مقرات احد هذين الحزبين فيقرئون اللافتة بالشكل التالي ( مقر الحزب الثوري الكردستاني لصاحبه حزب البعث العربي الاشتراكي ) . لقد عانى قيادة وكوادر هذين الحزبين في السنوات العشر الاخيرة قبل سقوط النظام من بطالة سياسية رهيبة حيث كانت ايام السنة جميعها تقريبا عطلة لهم فاقتصر عملهم على رفع البرقيات في المناسبات وكانوا ينتظرون يوم الحادي عشر من اذار ليجتمعوا فيه ويحتفلوا في احدى القاعات ببغداد بذكرى بيان الحكم الذاتي .
ان القيادات السياسية الكردية الحالية تتمتع بقدر كاف من الفطنة والذكاء يجعلها تعتقد ان من الخطأ رفض النظام السابق جملة وتفصيلا في نظرة عصبية متشنجة , بل كانت على الدوام ولازالت تحاول الاستفادة من الكثير من السياسات والبرامج والقرارات التي كان يتبعها ذلك النظام والتي تراها مناسبة للمرحلة واهدافها. عل&! #1609; هذا الاساس نفهم قرار القيادة الكردية تفريخ عدد من الدكاكين السياسية الصغيرة لشعبنا المسيحي في العراق حيث حصد هذا الاسلوب نتائج باهرة من خلال الانتخابات الاخيرة في السيطرة على القرار المسيحي واضافة الثقل المسيحي الذي يمثل تقريبا خمسة في المئة من الثقل العراقي الى الثقل الكردي كورقة مساعدة في المساومات السياسية .
لايوجد من يملك حق الاعتراض على التعاون المسيحي – الكردي او مع اي من الاطراف القومية والسياسية الاخرى المكونة للطيف القومي والسياسي العراقي باتجاه تحقيق الاهداف والمصالح المشتركة والمساهمة معا في بناء العراق الجديد ولكن مايؤسف له ان هذه الدكاكين السياسية قد اصبحت خطرا يهدد وحدة الصف لشعبنا المسيحي وتنذر باشارات الفرقة والتشتت التي ستؤدي الى خسائر اضافية في وقت يحاول فيه الجميع رص الصف والتكاتف والوحدة ليستطيعوا ان يتركوا بصمات واضحة على الخارطة السياسية العراقية التي يجري رسمها ووضع معالمها في هذه المرحلة . ان المشاجرات والمهاترات السياسية وعبارات التهديد والوعيد ( بقص الذيل ) وشن حملات التهميش والتهميش المضاد التي يطلقها بعض من اصحاب الدكاكين السياسية المسيحية في الوسائل الاعلامية لاتخدم بالتاكيد ,وكما اثبتت تجربة السنتين الماضيتين , اهداف ابناء شعبنا المسيحي في العراق بل هي تنفيذ حرفي لاجندة الاطراف التي توفر لتلك الدكاكين بضاعتها. لا اعتراض على حكمة الخالق وقدرته وارادته ولكن المعطيات العلمية تشير الى ان هذه الفراخ السياسي&! #1577; المنغولية شأنها شأن الولادات المنغولية الحقيقية محدودة في القدرة و زمن البقاء.
انها دعوة خالصة لنقد الذات وتقييم المرحلة والتصدي لتحديات المستقبل فليس تكرار الاخطاء شطارة .