الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 
الدكتور وديع بتي حنا

اقرأ المزيد...

 

 

الدكتور وديع بتي حنا

wadeebatti@hotmail.com


لاتشمتوا بالعراق , إنْ سقط يقوم

أن يستهزئ كائن من كان بلحظات حزنك , تلك وقاحة يسجلها التاريخ بتقزز وتبقى بصمة في الحياة. أن يرمقك كائن من كان بنظرة استخفاف متوهما انه يقتنص فرصة ضعفك , تلك جسارة الجبناء و ( شجاعتهم ). أن يدير لك ظهره عندما يقسو الزمن مَن لم تفعل معه شرا فيرمي نفسه في احظان مَن اصبح يرقص فصل الحياة فتلك سمات الانتهازيين و المومسات وبائعات الهوى الذين يؤمنون ( ان الدنيا لمن غلب ) فيربحون فتات الموائد ويفوزون باحتقار الكثيرين. أن يتخلى عنك مَن كنت تحسبه صديقا , بل ينقلب الى ألد أعدائك وصاحب الضربة الاولى ,فتلك انتكاسة مروعة للحياة وكل قيم الجمال فيها. كان شكسبير مواضبا فيغذي بالنار قِدْر المشاهد في مسرحيته القيمة الجميلة ( يوليوس قيصر ) الى ان تصل الحرارة اقصاها في ذلك المشهد الرهيب , فيجد القيصر نفسه مطروحا حيث كلُ يتهيأ للطعن, ويلمح من بينهم صديقه ( بروتس ) جاثما على صدره شاهرا سلاحه , فيستسلم القيصر لانتحار القيم ويهتف بتلك العبارة الشهيرة ( حتى انت يا بروتس , اذن فليمت القيصر). والقيصر بالنسبة لي هو العراق وطنا  وشعبا وتاريخا وحاضرا ومستقبل وليس كائنا من كان.  

يعيش العراق فترة مظلمة مريرة يدفع فيها ثمنا باهظا لا لذنب اقترفه شعبه , بل غرامة ظالمة عن اخطاء ارتكبها من تسلط عليه, ونتائج فعل خائب لنفر من السياسيين السطحيين او اصحاب النية السيئة فخانوا الوطن وباعوه مقابل صك بدون رصيد, وعربون تسلية لمعتوه جبار احمق قرر ان يكون العالم وشعوبه وحياتها ومصيرها لعبته المسلية. وفي بحر الالم والدم الذي يعيشه العراق يوميا, وشعبه في فرط حساسيته , يخرج علينا  بين الفينة والاخرى ,وخاصة من الاشقاء العرب , من يحاول عن قصد او بدون قصد ان يرسل  لنا اشارات الاستهزاء او الشماتة او الاستخفاف او التجاهل وكأن الدنيا باجمعها, بصغارها وكبارها , برؤوسها واقدامها, قد اجتمعت لتتأمرعلى العراق واهله. أليس من حق العراقي ابن الحسب والنسب , ابن التاريخ والنخيل والخير والكرم, ان يرفع رأسه الى السماء ليس رفضا او احتجاجا لانه يعلم ويؤمن ان لا يسأل رد القضاء وان الرب يؤدب من يحبه , ولكن عتبا كما فعل ايوب حين شكا ( تركت صغارهم يهزأون بي ). قبل ايام شاهدت على احدى الفضائيات مشهدا يظهر فيه الممثل الكويتي المعروف (حسين عبد الرضا ) وهو يحاول كعادته ومن خلال الكوميديا ( البائخة )ان يتاجر بألام العراقيين ومعاناتهم في الوقت الذي قامت الدنيا ولم تقعد في الكويت على مقال كتبه احدهم في النظرة الى العراق أُعتبر خدشا للمشاعر ووجريمة يعاقب عليها القانون. ربما يقول قائل ان الفنان المذكور غالبا ماينتقد الحالات السلبية في بلده وهو صحيح والعراقيون ايضا يتابعون بشغف البرامج الكوميدية التي يؤديها الفنانون العراقيون وينتقدون فيها باسلوب ساخر تفاصيل العملية السياسية والظواهر السلبية في المجتمع العراقي , لكن هل يهظم الاخوان الكويتيون مشهدا كوميديا عراقيا ينقد الحالة السياسية في الكويت ووهم المعروفون بحساسيتهم المفرطة تجاه كل ماهو عراقي فحاربوه في كل مجالات الحياة ابتداء بالسياسة والاقتصاد وانتهاء بالفن والرياضة ؟. انه مرض ( عقدة العراق ) الذي يعاني منه البعض فتجعله يحاول متشبثا استغلال اية فرصة ممكنة بخبث من اجل توجيه سمومه الى العراق وطنا وشعب وليس الى حالات محددة كما يدعي . من جانب اخر ومن خلال متابعة  برنامج ( التحدي ) الذي يقدمه الوجه التلفزيوني المشهور جورج قرداحي على قناة الام بي سي , ويزعم مقدمه انه برنامج للمسابقات يجمع كل العرب في  منافسة شريفة, ولكنني – وربما من  فرط حساسيتي كعراقي – لاحظت  اهتماما  وتشجيعا من  قبل مقدم البرنامج لجميع الفرق باستثناء فريق العراق, حيث يتجه السيد قرداحي الى تلك الفرق ليقف امامها ويحييها بكل كلمات الاطراء عندما تحصل على نتائج جيدة كما يفعل الشئ ذاته فيذهب اليها ليشد من ازرها ويناشدها لبذل المزيد عندما تحصل تلك الفرق على نتائج بائسة. ربما يتفهم المشاهد حماس السيد قرداحي وانحيازه لفريق لبنان باعتباره فريقه الوطني , ولفريق السعودية وفاءً لاولياء النعمة , ولفريق مصر تزلفا ,و ولفرق الامارات والكويت اجادة لفن مسح الاكتاف , ولفرق سوريا والاردن والجزائر والمغرب وغيرها من اجل ذر الرماد في العيون, ولكن يبقى السؤال مشروعا في حق فريق العراق ان ينال ايضا جزءا من ذلك الحماس من باب الاعتراف بالجميل على الاقل, ناهيكم عن شعور نبيل ينبغي ان يتصف به الشقيق ويبديه تجاه شقيقه عندما تغدر الدنيا به كتعبير عن المواساة. أم ان دور السمك المأكول والمذموم يبقى قدر العراقيين الى الابد. ألا يوجد في العراق بلد الحضارات والانسان المبدع المتجذر في الارض تجذِر النخيل شخصية ثقافية او فنية يستضيفها جورج قرداحي في برنامجه حالها حال من يستضيف من الشخصيات والفروع التي يعاني بعضها من فقر الجذور؟. متى كان العراق مقصرا مع اشقائه متملصا عن اداء مسؤولياته تجاه اي منهم مهما كان الظرف الذي يعيشه ؟. يكفي ان يذكِر المرء - ليس من باب الدعاية ولكن يبدو ان الانسان في تعامله مع البعض يجب عليه ان يذكِر عسى ان تنفع الذكرى – ان العراق بظرفه الراهن حيث شعبه يعيش الموت والعنف والملايين منه تسكن الخيم  إثر عمليات التهجير القسري او النزوح بحثا عن الامان , لم يبخل او يتملص عن اداء واجبه تجاه لبنان فبادر الى تقديم المساعدات لهذا البلد الشقيق فور خروجه من الحرب الاخيرة . أليست قمة السمو والكرم ان تقاسم الخبز مع شقيقك فتعرض عليه بقلب صاف جزءا من حاجتك قبل ان يكون الكرم في ان ترمي له  بعضا مما هو فائض لديك ؟.

بعد كل هذه التجارب المريرة حيث وصلنا الى هذا الحال المتخم بالحزن والجراح فاصبحنا عرضة لشماتة و استصغار مَن هبَ ودبْ , ألا يجدر بنا نحن العراقيون وفي المقدمة امراء السياسة والعنف ان نجلس في مراجعة مع النفس قبل النوم فنحتكم الى ضميرنا الوطني ونبدأ الخطوة الاولى في انقاذ الوطن, في ان نكون عراقيين اولاوقبل كل شئ,, قبل ان نكون امريكيين او ايرانيين او فرنسيين او اتراك , بل وحتى ايضا ان نكون عربا بتعقل , فيتعلم من يأتي في ضيافتنا ان يأكل بهناء سمكنا المسكوف ويفكر طويلا قبل ان يتجرأ على ذمِه. اما فريق العراق في برنامج التحدي فسيكون الله معه وسيعرف الفريق كيف يُرغم جورج قرداحي للتوجه اليه وتحيته لان العراقي عراقي عندما تدق الساعة وهو إن سقط يقوم وإن جلس في الظلمة يكون الله نورا له.

تباً للزمن البائس الذي جعل ملف العراق يجاور ملف الصومال في الجامعة العربية وملف افغانستان في الامم المتحدة, ليس انتقاصا من الصومال وافغانستان, بل إنصافا لعراق المجد والخيرات والكبرياء.

لقد أنهك الالم بغدادنا الحبيبة فلتنتفض فينا الغيرة الى اقصاها لان بغداد لن تبتسم قبل ان ترى كل اعدائها موطئا لقدميها. ليس هذا دعوة لاعلان الحرب او خنوعا و قبولا للاحتلال بل املا في ان نشد الايادي بقلب نقي ونترفع عن الصغائر والاهداف الانانية المشبوهة لبناء عراق حر مزدهر متماسك مبني على الحب والوئام والسلام , يرفع فيه المواطن انى ذهب رأسه عاليا فخورا, فيشبع في نفسه ولو قليلا غريزة الانتقام لظلم وقهر الزمن اللعين.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها