الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

 

 

الدكتور وديع بتي حنا

wadeebatti@hotmail.com


الانتخابات العراقية – عرس وإستفتاء وفضيحة

هكذا انتهت الانتخابات في العراق وكانت في نتائجها المعلنة لحد الان صدمة للكثيرين من المحللين والمراقبين والناخبين في الوقت الذي كانت ربما طبيعية لطباخيها الرئيسيين. لقد كان الكثير يتوخى من هذه الانتخابات ان تؤدي في نتائجها الى ايجاد نوع من الموازنة التي تتيح للعراق شكلا من الهدنة السياسية تكون عاملا في الانتباه قليلا الى مشاكل المواطن وهمومه ومعاناته والانطلاق في بناء البنية التحتية لدولة عصرية ديموقراطية حيث يكفًُ الجميع عن التناحر السياسي على الاقل لسنوات معدودة حتى يحين موعد انطلاق ! الحملة الانتخابية القادمة.

لقد درج العديد من العراقيين على وصف يوم الانتخابات على انه عرس عراقي وانه لجميل ومفرح حقا ان يشارك الانسان في العرس او يكون جزءا منه غير ان الاهم من ذلك ان يكون ذلك العرس هو حجر الزاوية والبداية الطيبة لبناء عائلة مستقرة وبيت مزدهر سعيد , لا ان يكون بضع ساعات من الاحتفال الذي يتخلله كلًُ ما لذًَ وطابْ ما يلبث ان ينتهي بعد وقت قصير بالدعوات الى الطلاق والانفصال. لقد سئمنا من وصف كل الفعاليات السياسية على انها عرس وطني طالما ان تلك الاعراس لم تؤدي الى نتائج ملموسة في بناء وطن مزدهر يتمتع ابنائه حالهم حال الكثيرين في هذا العالم بالرفاهية والسعادة والاستقرار بل الانكى من ذلك ان تلك الاعراس كانت سبب! ا رئيسيا في تدمير الوطن وضياع سيادته.

مرة اخرى تؤكد العملية السياسية في العراق ومن خلال نتائج الانتخابات على انها متناقضة مع احكام المنطق والحساب والتحليل, وان العادات والتقاليد المتجذرة واستخدام الرموز الدينية والقومية يمكن ان يجعل من الديموقراطية الوليدة مجرد إستفتاء رسمي يكتسب صفة الشرعية كونه نتيجة لها. وإلا كيف يستطيع المرء أن يُفسر حصول الائتلاف العراقي الموحد على عدد من المقاعد مساو تقريبا لما حصل عليه في الانتخابات السابقة في وقت شهدت فيه الفترة الواقعة بين الاقتراعين حيث تولت حكومة هذا الائتلاف ( مقاليد الامور) في البلاد فشلا ذريعا لهذه الحكومة في تقديم اية منجزات تدفع الناخب للتصويت لها يُضاف اليه خروج اطراف عديد! ة من هذا الائتلاف كانت في الانتخابات الاولى جزءا منه حيث دخلت الانتخابات الاخيرة بقوائم مستقلة.

ان النتائج التي أُعلن ان الائتلاف العراقي الموحد قد حصل عليها تُشير الى احد امرين لاثالث لهما . الاول يتلخص في إحتمال حدوث تزوير منظم او إكراه في عملية التصويت لانتخاب جهة ما والثاني يؤكد ان التعصب المذهبي والقومي سيكون عاملا يؤثر سلبا  بشكل فعال والى أمد غير قريب في العملية الديموقراطية في العراق ويقف عائقا امام ان تكون هذه العملية فرصة ذهبية لاختيار الافضل بغض النظر عن الجنس واللون والدين والمذهب والانحدارالقومي.

وفي الوقت الذي يضع الكثيرون علامة استفهام كبيرة امام الارقام المعلنة لبعض الكتل الكبيرة فان نتائج الانتخابات في جانب اخر قد مثًل انتكاسة كبيرة لاطراف سياسية اخرى جاهدت في ان تطرح نفسها كلاعب اساسي في العملية السياسية من خلال طرقها لابواب رخيصة , لم يكن خافيا على الكثيرين ان محاولة تلك الاطراف لطرق تلك الابواب هو لعبة انتخابية مكشوفة ومحاولة للاصطياد في المياة العكرة , تمثًل في اطلاق الوعود للمواطن البسيط باعطاء حصة نقدية له من عائدات النفط تُدفع له بشكل مباشراو بادعاء امتلاك صلة وثيقة بالمقاومة , وعلى هذا الاساس جاءت النتائج مثلا صفعة قوية للمؤتمر الوطني العراقي الذي يتزعمه الدكتور احمد الجلبي حيث لم تستطع قائمته ان تحصد عددا من الاصوات كافيا لضمان مقعد واحد في البرلمان. ان المرء ليصاب ! بالعجب والحيرة من رجل يحمل اعلى الدرجات الاكاديمية في الاقتصاد وقد اكتشف حلا شافيا لمشاكل الوطن وهمومه في بناء دولة الحاضر والمستقبل يتمثل في توزيع عائداته على المواطنين على شكل منح نقدية.

 ان المرء يحمد الله سبحانه وتعالى كثيرا لان شيخ السياسة العراقية الدكتور عدنان الباجةجي قد انتبه لنفسه في اللحظة الحاسمة وقرر الاحتماء بخيمة القائمة العراقية وبذلك جنًبَ نفسه ومحبيه عناء معرفة عدد الاصوات التي نالها شخصيا كما ان الرفيق سكرتيرالحزب الشيوعي قد لعبها بذكاء حين قرر الانضواء تحت لواء نفس القائمة ونأى بنفسه عن الوقوف في طابور المنتظرين لنتائج توزيع المقاعد التعويضية. بل ان النتائج المتواضعة التي حصلت عليها- وفقا للنتائج المعلنة لحد الان - القائمة العراقية رغم الحملة الدعائية الضخمة التي تم تسخيرها لهذه القائمة ورئيسها تشير بوضوح الى ان الكثير من العراقيين لازالوا ل! ايغفرون لبعض السياسيين من المعارضة العراقية السابقة خطيئتهم الكبرى عندما قرروا ان يكونوا جزءا من مخطط الترويج والتنفيذ لمشروع احتلال بلدهم على الرغم من ان البعض قد يتفق في ان قسما من هؤلاء السياسيين ربما يكونوا بشكل من الاشكال ( رجال المرحلة ورجال المستقبل ).

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها